+ A
A -
طاهر شلتوت
يعتبر مرض الاكتئاب النفسي من أشيع الأمراض النفسية انتشارا في العالم بل أنه سوف يحتل المرتبة الأولى في أهميته في التأثير على الصحة النفسية والبدنية في العالم كله خلال السنوات القليلة القادمة حيث اتضح أن مرض الاكتئاب يؤثر تأثيرات سلبية على كافة أعضاء الجسد مثل القلب والشرايين وغيرها. ومرض الاكتئاب يقع على متصل كبير يبدأ من اضطراب عدم التوافق المصاحب بأعراض اكتئابية وينتهي هذا المتصل بوجود أعراض الاكتئاب الشديدة المصاحبة بأعراض ذهانية مختلفة. ومن المعلوم أن مرض الاكتئاب يكثر في النساء عن الرجال بنسبة الضعف تقريبا، وقد يكون مرجع ذلك إلى تعرض النساء إلى تغييرات هرمونية وجسدية مختلفة طوال حياتهم أكثر من الرجال، ولكننا لا نستطيع أن نقول إنه بالرغم من وجود متصل كبير تتراوح عليه أعراض الاكتئاب إلا أن هناك أعراضا وعلامات مشتركة تميز مريض الاكتئاب عن غيره من الأمراض ومن أهم هذه الأعراض الأساسية للتشخيص هي وجود المزاج الاكتئابي المصاحب بالحزن والضيق والملل وعدم الاستمتاع بالحياة بشكل يزعج الإنسان ويجعله يؤثر فيمن حوله بمعنى أن الإنسان يقل تفاعله مع الغير وتنخفض درجة أدائه لواجباته ومسؤولياته ويشعر بالخمول والتعب على غير عادته ويشعر بالانطواء والانعزال وعدم الرغبة في الحديث وعادة ما تقل شهيته للطعام ويعاني من صعوبات مختلفة بالنوم تتراوح بين صعوبة بدء النوم أو الاستيقاظ مبكرا قرب ساعات الفجر على غير عادته ولا يستطيع النوم بعد ذلك كما تنتابه أحلام كثيرة ومزعجة في الليل. ويلاحظ عادة في مرضى الاكتئاب أن حالتهم تكون أسوأ في الصباح عنها في المساء حيث قد يشعر البعض بدرجة ما من التحسن في نهاية اليوم. وقد يصل الحال في بعض المرضى أن يشعر بالملل من وجوده في هذه الحياة المتعبة من وجهة نظره لدرجة قد تدفعه إلى تمني الموت أو التفكير في محاولة الانتحار. لذا فأنه من المفيد دائما أن نأخذ كلام مرضى الاكتئاب في هذه النقطة دائما على محمل الجد، ويجب في حالة أن أفصح عن نيته أو رغبته في التخلص من نفسه أن يتم استشارة الطبيب النفسي في ذلك لعمل الاحتياطات اللازمة. وقد يشعر مريض الاكتئاب أيضا بأعراض جسدية مختلفة لا يجد لها الطبيب المتخصص سببا عضويا يفسرها. وغالبا ما تتحسن هذه الأعراض بعد علاج الحالة الاكتئابية بشكل جيد. ويصل الاكتئاب ذروته أحيانا إذا كان مصاحبا بأعراض ذهانية مثل الهلاوس أو الضلالات أو التصرفات الغريبة والتي قد تدفع المريض أحيانا إلى سلوكيات تكون متوافقة مع يعتقد في ذلك الوقت من أفكار خاطئة مثل أنه سبب شقاء الأسرة أو يصبح لديه إحساس شديد بالذنب أو يستمع إلى هلاوس سمعية تخيفه أو تدعوه لمحاولة الانتحار أو غير ذلك.
لذا نستخلص من ذلك أن كثيرا من مرضى الاكتئاب يعيشون بيننا وهم يعانون ويتألمون ولكننا لا نسمع صوت آلامهم وأحيانا ما ننصحهم من باب الحب بضرورة بذل مزيد من الجهد والمحاولة لإسعاد من حولهم بينما لا نعلم أن مثل هذه النصائح قد تزيد من الأعراض الاكتئابية لديهم. ولذلك فأننا ننصح عند ملاحظة أي من الأعراض السابقة بضرورة مراجعة الطبيب النفسي لأن الاكتئاب مرض له علاج ونتائجه الإيجابية تغير من حياة الإنسان ومن حوله.
copy short url   نسخ
16/02/2019
993