+ A
A -
ترجمة- هشام عبدالرؤوف
«الصين تعطس.. فهل تصاب ألمانيا بالبرد؟»، كانت تلك العبارة الطريفة عنواناً لدراسة مهمة لإذاعة دويتشه فيله الألمانية، نشرتها على موقعها الإلكتروني، عن ارتباط الاقتصاد الألماني بنظيره الصيني بشكل وثيق، وهذه العبارة ليست من ابتكار القناة بل وردت على لسان أحد المحللين ليقرر حقيقة واقعة ليس إلى إنكارها من سبيل.
وتؤكد هذا الارتباط أمثلة متعددة، حيث نجد ألمانيا مثلاً كدولة منتجة لسيارات فاخرة ومعدات رأسمالية ذات جودة عالية، تتطلع إلى الصين كسوق رئيسي لصادراتها. وفي الوقت نفسه، استطاعت الصين إنشاء بنية تحتية متميزة وقاعدة تصديرية واسعة جعلتها صاحبة ثاني اقتصاد على مستوى العالم، بفضل المعدات الرأسمالية المستوردة من ألمانيا. وتوفر الصادرات الألمانية للصين 900 ألف فرصة عمل للألمان.
ويحفل الطريق إلى اقتحام هذه السوق بالعديد من العقبات منها المديونية العالية للشركات الصينية المملوكة للدولة ومديونية الدولة نفسها، التي تصل إلى ثلاثة أضعاف الناتج القومى. وهناك غموض الموقف بالنسبة للحرب التجارية، التي تدور رحاها حالياً بين الولايات المتحدة والصين وأدت إلى تباطؤ في الاقتصاد الصيني، وتراجع نموه، بسبب التعريفات الجمركية الإضافية، التي فرضتها واشنطن على وارداتها من الصين. وحاولت الصين إنعاش اقتصادها، فبدأت في تطبيق سياسات التسهيل النقدي (زيادة كمية أوراق النقد المتداولة) وخفضت الضرائب على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بلا جدوى حتى الآن.
وتعد الصين أهم سوق بالنسبة لألمانيا خارج الاتحاد الأوروبي. وبلغ حجم التجارة بين البلدين 205 مليارات دولار في 2017، كان معظمها لصالح ألمانيا. وفي 2018 انخفض حجم الصادرات الألمانية للصين، بمقدار 37 %. وعلى ذلك، فلابد أن تثير أي مشكلة تواجه الاقتصاد الصيني القلق في ألمانيا، لأنه يمكن أن يلقي بظلاله على الاقتصاد الألماني.
وليس من السهل على ألمانيا إيجاد أسواق بديلة للصين، مهما حرصت على التنويع الجغرافي لصادراتها. ويدعو البعض ألمانيا إلى تبني نظرة واقعية للأمور، والاقتناع بأن صادراتها إلى الصين لن تعود كما كانت، حتى لو انتهت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. فالصين بدأت في تصنيع بعض المعدات الرأسمالية والسيارات، التي اعتادت استيرادها من ألمانيا. ويتم جزء من ذلك بواسطة الشركات الألمانية نفسها، حيث تمتلك أربعة مصانع في الصين. وربما تنافس السيارات الألمانية داخل ألمانيا ذاتها. ويكفي أن نعلم أن شركات السيارات العالمية تنوي ضخ استثمارات قدرها 150 مليار دولار في الصين هذا العام.
copy short url   نسخ
16/02/2019
2057