+ A
A -
عواصم- وكالات- علقت صحيفة «لوتون» السويسرية التي تصدر بالفرنسية على زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس، الأخيرة للإمارات في إطار مؤتمر «الأخوّة الإنسانية».
وبحسب ما نشرت هيئة الإذاعة والتليفزيون السويسرية فقد أشارت الصحيفة إلى أن الإمارات أرادت من الزيارة إظهار تمسكها بالإسلام المعتدل.
وتابعت بأن الإمارات ترفع شعار التسامح، وتخصص له وزارة، وميثاقاً وطنياً، ومهرجاناً، وجسراً، وفيها عشرات الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية.
واستدركت الصحيفة بالقول إن كل هذا «للاستهلاك الإعلامي والدعاية الخارجية ولمخاطبة النخب الغربية وصناع القرار، أما في الداخل فالواقع مختلف».
وأضافت: «على المستوى السياسي يُعتبر قادة الإمارات ألدّ الأعداء للتعددية السياسية، وكل معارضي النظام يقبعون في السجون والمعتقلات، سواء من الإسلاميين أو الليبراليين، وآخر ضحية لهذه القبضة الاستبدادية الحديدية المدافعون عن حقوق الإنسان وفي مقدمتهم المواطن أحمد منصور الذي حكم عليه في شهر مايو 2018 بعشر سنوات سجنا».
وعن تهم المعتقلين في الإمارات، قالت الصحيفة إنها تتراوح بين «التآمر، والتخريب، وتهديد الوحدة الوطنية، وإشاعة الأخبار الكاذبة»، ما وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش بـ«المحاكمات الصورية المفتقرة لأدنى ضمانات العدالة».
وأكدت وجود تعذيب في «السجون العلنية والسرية»، إلى جانب حالات «الاختفاء القسري».
وختمت الصحيفة بأنه «منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في عام 2011، فقد بدأت بعض بلدان الخليج ترى الخطر يتهددها من كل مكان، فضاعفت من عمليات الاضطهاد، وقد شمل ذلك حتى الرعايا الأجانب، وكمثال على ذلك، تذكر الصحيفة حالة الشاب البريطاني ماثيو هيدج، الباحث في مجال السياسات الأمنية، والذي حكم عليه بالسجن المؤبّد بتهمة التخابر، قبل أن يتم العفو عنه، وكذلك تطوير الإمارات لأنظمة رقمية متطوّرة في مجال التجسس والقرصنة المعلوماتية، وفقاً للتقارير الموثّقة التي نشرتها رويترز مؤخراً».
وكمثال حي على الواقع غير المتسامح، نجد أن مرض السرطان الخبيث غرز مخالبه في جسد المعتقلة الإماراتية في سجون بلادها علياء عبدالنور، لتكون بذلك رهينة محبسين من سجن ومرض فتاك.
علياء عبدالنور قصة مؤلمة لواحدة من فتيات الإمارات تعيش من نحو أربع سنوات رهينة اعتقال مرير، فقد تعرضت للاعتقال بتاريخ 29 يوليو 2015، ثم تعرضت للإخفاء القسري في مكان مجهول لمدة أربعة أشهر دون السماح لها بالتواصل مع أسرتها، ودون الإفصاح عن أي معلومة تخص مصيرها لأي جهة، ثم تم عرضها فيما بعد على الجهات القضائية، ومحاكمتها بتهمة تمويل الإرهاب والتعامل مع إرهابيين خارج البلاد، قبل أن يحكم عليها بالسجن عشر سنوات.
تتحدث مواقع إعلامية ومؤسسات حقوقية عن مأساة علياء، وتبقى المفارقة أن للمأساة وجهاً آخر بالغ التناقض يتعلق بالإمارات بلد «التسامح» و«الأخوة الإنسانية» وفق ما يقدمها به المسؤولون السياسيون في البلاد، فيما يتولى المسؤولون الأمنيون والقضاء السياسي ترجمة ذلك التسامح في أعمال وممارسات كتبت بالسياط والتعذيب على أجساد متعددة من بينها جسد علياء.
بدأت مأساة علياء عبدالنور ذات صباح في منزل أسرتها بإمارة عجمان، حين اقتحمت وحدة أمنية المنزل واعتقلتها بعد ضربها وركلها وتكبيلها ومنعها من ارتداء حجابها، وهي تغادر بيت الوالد رفقة سرية أمنية مدججة بالسلاح والكلاب البوليسية وفق مصادر حقوقية.
وطوال الأشهر الأربعة الأولى من الاعتقال، عاشت علياء رهينة إخفاء قسري في زنزانة انفرادية دون فراش أو غطاء سوى الضوء القوي للمصباح المركز على جسدها، ضمن مسار تعذيب كانت تلك أبسط فقراته، مضاف إليه المنع من زيارة الأسرة لها أو معرفة مكان اعتقالها أصلاً، وذلك ضمن حالة من «التسامح» على الطريقة الإماراتية.
ويقبع في سجون الإمارات مئات المواطنين والمقيمين ممن اقتضت عدالة الإمارات وتسامحها الزج بهم في غيابات سجون باتت من أفظع السجون في العالم، وفق تقارير متنوعة المصادر والجهات يوحد بينها تشديد النكير على الممارسات الإماراتية ضد مواطنيها وسجنائها.
ورأت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في «تمادي السلطات الإماراتية في تحطيم منظومة القيم والعادات والتقاليد للمجتمع القبلي في الإمارات؛ بتعذيب النساء والتهديد باغتصابهنّ، أمراً غير مسبوق في دول الخليج، ويؤكّد أن الأجهزة الأمنية لم تعد تعبأ بأي احتجاج شعبي أو دولي».
وتمثل السجون المنتشرة بشكل علني وسري في مختلف أرجاء الإمارات جزرا خارجة عن «التسامح والأخوة» الإنسانية، لتنضاف بذلك إلى «الجزيرتين» الأخريين الخارجتين عن سيطرة الإمارات (تحت السيطرة الإيرانية).
وفيما يكتب المرض سطوره المؤلمة بحروف السرطان البشعة على جسد علياء عبدالنور، يكتب الخوف والتعذيب صفحات سوداء من التاريخ السياسي والأمني في إمارات التسامح.
copy short url   نسخ
11/02/2019
2626