+ A
A -
ها أنا بين يديك الدافئتين..
وتحت أنظار عينيك الواسعتين..
كلام على الورق
فلطفا.. ورأفة به
لا تلقي به من على شرفة الغياب في الليل الموحش إلى رياح شارع الغياب البارد
فلطفا.. ورأفة بي
دثريني بشالك..
فالكلام بارد وقديم..
ثم أعيديني إليّ..
فلم يبق لي من أحد سواي
ها أنا بين يديك الآن..
بين يديك الآن زغاليل الكلام التي لم تتقن الطيران بعد إلا على سماء الورق
ها أنا بين يديك الآن: كلام خجول..
لكن المعاني لا تصطفي سوى الذي يستطيع أن يعلن بقوة عن وجوده
ها أنا بين يديك الآن: كلام قصير..
لكن الفكرة أعمق من لغتها
ها أنا بين يديك الآن: كلام مزخرف..
لكن العبارة أجمل من قمصانها
ها أنا بين يديك الآن: رسالة لم تصل..
لكن اللغة صليب لذاتها
لا بد من نهاية لرسالتي:
ليصرخ:
الصدى في ضمير الفراغ.. والغياب.. والهباء
وهواء أيلول في الجوف العميق لهزيع الفراغ
لتصرخ أشباح ليل الشتاء القادم بخطى متثاقلة على الورق المتساقط من على شجر الرسائل المريضة
لتصرخ سنونوة الربيع التي ستطير من سقوف البيوت القديمة
وأنت أيتها الليالي اليابسة لأحلام نيسان
أيها القمر الذي سيكتمل تحت عباءة الليل بينما الفَراش سيكون نائما في النوم
وأنتم أيها الباعة المتجولون في شوارع المدن التي لا تعرف كيف تربي الحمام
ليصرخ الكلام المريض الذي يئن على فراش الصمت وحيدا
وأنت أيتها الكلمات المسافرة في عتمة المعنى دون منارات على شواطئ الليل المهجور
أيتها الأسئلة التي لم تجد امرأة في جزر اللغة العذراء..
ولم تجد غرابا..
ولم تجد حماما
أيتها الجهات التي انكمشت كنقطة في فراغ المسافر
يا جثث الأحلام التي ستدول عليك الأيام
أيتها الحجارة السوداء المتناثرة الباردة في شارع الزلزال بالقرب من فوهة بركان أرمل
يا نوافذ الفكرة المغلقة على بيوضها المهجورة
يا قهوة الصباح التي نسيت تقاليدها في افتتاح النهارات الجديدة
يا زيتون حديقتي الذي نضبت ضروعه
يا سنابل القمح المحنطة في أصيص منزلي
وأنت يا شجيرات ثوب أمي الشاحبة
يا مقابر الذين سيموتون بدون وصايا
ويا أنت..
ويا كل من غافلهم النسيان
اصرخوا جميعا في وجدان الوجود
واعذروني..
اعذروني.. واغفروا لي:
بنيت بيت القصب على جبل الريح.
copy short url   نسخ
30/07/2016
1843