+ A
A -
قال الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية والأسواق المالية كالوم باروفز في تقرير نشره موقع «بيزنس إنسايدر» الأميركي، إن النظام السعودي يتباهى بشكل غير مباشر بأن جريمة اغتيال خاشقجي التي يلقي مسؤوليتها على عدد ممن يصفهم بالمارقين لم تؤثر على صورته ولا على سمعته في الخارج. والدليل على ذلك كما يزعم أنصار هذا النظام أن السعودية باعت في يوم واحد فقط سندات بقيمة 7,5 مليار دولار. وهذه السندات جزء من طلبات لشراء سندات بقيمة 27 مليار دولار تلقتها المملكة لشراء سندات منذ الكشف عن جريمة خاشقجي وفي سبيلها للاستجابة لها.
هذا كما قلنا في رأي انصار النظام السعودي دليل لا يقبل الشك على أن سمعة المملكة لم تتأثر بالجريمة رغم الغضب الدولي الذي وصفه أنصار النظام السعودي بالمصطنع لابتزاز السعودية. كما أنه دليل في رأيهم على متانة الاقتصاد السعودي إلى الحد الذي يجعل المستثمرين الأجانب يقبلون على الاستثمار في الديون السعودية. ومن هؤلاء عدد من مجموعة من البنوك الاجنبية الكبرى التي لا يمكن ان تقدم على خطوة من هذا القبيل دون دراسات جدوى كافية.
ولو تحلينا بحسن النية وأخذنا بهذه الحجج التي يطلقها النظام السعودي وأنصاره سيظل هناك تساؤل مهم يبحث عن اجابة، أين ذهبت أموال الشعب السعودي وثرواته الطائلة وعوائد تصدير نحو عشرة ملايين برميل من البترول يوميا؟.. قد يقول أنصار النظام إن السعودية تعاني من آثار انخفاض أسعار البترول في الأسواق العالمية مما سبب لها عجز الميزانية واضطرها إلى اللجوء للاقتراض عن طريق السندات الحكومية.
هذا في الحقيقة عذر غير مقنع على الإطلاق لسبب مهم. إن عدد سكان المملكة ليس كبيرا بالقياس إلى صادراتها البترولية. وكان يمكن لعوائد الصادرات أن تكفي احتياجات الشعب السعودي وتزيد. لكن المشكلة تكمن في أن النظام السعودي يبدد ثروات شعبه في مغامرات خارجية لا تفيده شيئا كما هو الحال في اليمن.
ويكفي ان نعلم أن هذا النظام انفق في عام 2017 وحده نحو 70 مليار دولار في شراء أسلحة. فضلا عن حياة الترف التي يعيشها النظام والتي تتخذ اشكالا متعددة منها مخصصات كبيرة للأسرة المالكة التي يزيد عدد أمرائها حاليا عن 30 ألف أمير. وتزيد حياة الترف بالنسبة للجناح الحاكم من هذه الأسرة بينما يلجأ النظام إلى فرض الضرائب على أفراد الشعب بحجة عجز الميزانية. كما ينفق عشرات الملايين أو قل مئات الملايين على حملات علاقات عامة لتجميل صورته.
وربما كانت البنوك العالمية التي يتباهى أنصار النظام بأنها اكتتبت في سندات الدين السعودية تطمئن إلى السندات مضمونة بالبترول السعودي. كما أنها يمكن بمرور الوقت أن تشكل تحالفا يضغط على السعودية وليس على نظام الحكم بها فقط.
ومن المفارقات المضحكة والمبكية في آن واحد أن بعض البنوك المشاركة في شراء السندات بنوك أميركية، وربما دفعت هذه البنوك ثمن السندات من الودائع السعودية التي لا تستطيع سحبها. وتقول إحصائيات لا تخلو من دلالة ان السعودية تراكمت عليها حاليا سندات بنحو 60 مليار دولار في عامين ونصف فقط. وهذا يجعلنا نتساءل مرة أخرى: أين تذهب ثروات الشعب السعودي؟.
copy short url   نسخ
23/01/2019
1540