+ A
A -
فلسطين - الوطن- أمين بركة
يتعرض المسيحيون بفلسطين لحملة مسعورة من قبل المؤسسة الإسرائيلية التي باتت تستهدف أمنهم وحضورهم وعقاراتهم ومقدساتهم وكنائسهم.
ويتعرض المسيحيون لأشكال من الاضطهاد الديني والظلم الاجتماعي، والاستهداف المتعمد والتهجير المقصود من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وذلك كله بهدف تجريد الأراضي الفلسطينية من أهلها مسيحيين كانوا أو مسلمين.
وتدعي إسرائيل أنها تعامل المسيحيين بـ«ألفة واحترام»، وهذا ما تدحضه كافة الحقائق على الأرض، حيث تطال الانتهاكات الإسرائيلية أساقفة وبطاركة الكنائس العرب، فإسرائيل تتعرض لمن يرأس الكنيسة من العرب بالمضايقات، منها على سبيل المثال مصادرة الهوية المقدسية كما حدث مع المطران سهيل دواني. وتشير معطيات فلسطينية إلى تزايد هجرة المسيحيين من الأراضي المحتلة إلى الخارج بشكل لافت خلال العقد الأخير والعقود التي سبقته، مما يهدد الوجود المسيحي في الأراضي المحتلة.
كما تتعمد العصابات اليهودية تحت غطاء ما يسمى بـ«دفع الثمن» لممارسة إرهابها وعنفها ضد المقدسات ورجال الدين المسيحيين، وذلك بعد أن ركزت جل نشاطها على استهداف وإحراق المساجد والكنائس.
وشكل المسيحيون حتى النكبة عام 1948 قرابة 20 % من الشعب الفلسطيني، وتراجعت نسبتهم لتصل اليوم إلى 2 % من سكان فلسطين التاريخية.
ويتركز المسيحيون الفلسطينيون في مدينتي القدس ورام الله وبيت لحم في الضفة الغربية، إضافة إلى تجمعات أخرى في الأراضي المحتلة عام 1948، وتعتبر أوروبا والولايات المتحدة الوجهة الرئيسية للمهاجرين والباحثين عن عمل.وباتت الكنائس أكثر تمسكا بالعقارات والأراضي وتتصدى لأي محاولة إسرائيلية ويهودية لاستهدافها، وهذا يعود لنضوج الحركة الوطنية حيث يتم رفض التعامل والتعاون مع المؤسسة الإسرائيلية، وهذا ما جعل الكنيسة ومقدساتها وأملاكها بدائرة الاستهداف من قبل الاحتلال.
ويؤكد متابعون أن المسيحيين الفلسطينيين يعانون من ضغوط متزايدة ومنظمة على أيدي الاحتلال لدفعهم إلى الهجرة بشكل غير مسبوق في كل مناطق وجودهم بالضفة الغربية خاصة في مدينة القدس.
حملة ممنهجة
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى بأن الاعتداءات والانتهاكات من قبل الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين لم تقتصر على المقدسات الإسلامية فقط، بل شملت أيضا الرموز والمقدسات المسيحية، وذلك كإقدام مستوطنين على كتابة شعارات عنصرية وأخرى مسيئة للمسيحية على جدران كنيسة في القدس المحتلة.
وقال: «إن الإسرائيليين يحضرون لحرب دينية، من أجل تحويل الصراع إلى صراع ديني بالإضافة لكونه صراعا حضاريا تاريخيا جغرافيا».
وذكر أن عدة اعتداءات سجلت ضد الكنائس والأديرة والمقابر في القدس، وذلك في الوقت الذي تدعو فيه جمعيات يهودية استيطانية إلى طرد المسيحيين من القدس، وحرق الكنائس.
وقال عيسى «إن الهجرة المسيحية من فلسطين تعود لإجراءات حكومة الاحتلال الإسرائيلي بأساليب الترهيب والترغيب لفرض أمر واقع جديد وخاصة في مدينة القدس المحتلة».
وأشار إلى أن هذا الاستهداف في اشارة واضحة إلى حسم مسألة التوازن الديمغرافي لصالح تهويد المدينة المقدسة وطمس معالمها المسيحية والإسلامية، منوها إلى أن الكثير من مسيحيي فلسطين هاجروا إلى الدول الغربية بشكل خاص والعربية بشكل عام، والسبب الرئيسي لهجرتهم أكثر إلى الدول الغربية هو الحروب والنزاع الطائفي الذي تشهده الدول العربية التي ازدادت حدتها في السنين القليلة الأخيرة، الأمر الذي دفع بهم للهجرة إلى الدول الغربية من جهة، ناهيكم عن عوامل الجذب التي تبثها الدول الأوروبية والتي من شأنها تشجيع المسيحي الفلسطيني للهجرة بعيدا عن الظروف التي يعيشها بفلسطين».
ونبه عيسى إلى أن كيان الاحتلال يقوم بإجراءات طاردة ضد المواطن المسيحي في أراضينا من خلال منع اعطاء لم الشمل للمواطنين، وذلك جزء من سياسة تهدف لحسم مسألة السيادة على المدينة المقدسة.
ولفت إلى أن معاناة المواطن المسيحي من إجراءات الاحتلال التعسفية سوف تنشئ جيلا مسيحيا بعيدا عن كنائسه، منوها إلى أنه على الرغم من عدم شرعية ما تقوم به إسرائيل إلا انها ماضية في تحقيق أهدافها في ظل غياب حضور رسمي عربي عن ساحة الفعل اليومي في مواجهة أي إجراء من شأنه حسم مسألة الوجود على الأرض.
وأوضح عيسى أن المسيحيين يعتبرون جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وقدموا تضحيات جساماً في سبيل الدفاع عن فلسطين وأرضها وإحقاق حقوق شعبها، كما أن أسماءهم خطت في قوائم الشهداء والأسرى، وكانوا وما زالوا يتبوؤون المناصب السياسية والاجتماعية ليرفعوا فلسطين ويعلو شأنها.
وأشار إلى أن المسيحي كأي فلسطيني يعيش على أرض فلسطين مهد الديانات ومهبط الأنبياء، هدم منزله، وشرد ابناؤه، إضافة للكثير من المعيقات من بطالة وسوء للأحوال الاقتصادية، واعتداء على المقدسات ودور العبادة من كنائس وأديرة ورجال دين، ليسطر بصموده ورباطه قصة التحدي والآباء.
وبين أنه لا بد من التعزيز والحفاظ على الإرث المسيحي بتنظيم الزيارات الدورية للمقدسات المسيحية، وتوجيه دعوة لكافة الطوائف المسيحية في البلاد العربية بتكثيف زيارتهم إلى المقدسات المسيحية في فلسطين، والعمل على دعم الدور الثقافي والصحفي والفكري للمسيحيين وخاصة أنهم أول من بادر إلى تأسيس الصحف والمطابع، وكان لهم دور تاريخي في بلورة الفكر القومي العربي.
واستطرد، «يتوجب تعزيز تواجد المواطنين الفلسطينيين المسيحيين في أراضيهم وتدعيم صمودهم وبقائهم ماديا ومعنويا، ذلك لأننا ندرك تماما بأن التنوع والتعددية أهم مقومات المجتمع الفلسطيني، كما يتوجب الأنصاف في المناهج التعليمية وكل مكونات المجتمع نظرا لما قدمه المسيحيون على الصعيد الوطني والثقافي والفكري والاقتصادي في فلسطين».
ولفت إلى أن الإحصائيات الأخيرة تشير إلى أن عدد المسيحيين 40.000 شخص في الضفة الغربية، وأقل من 5000 في القدس، و1000 في قطاع غزة.
وذكر أنه ومنذ بدء الاحتلال سنة 1967 وحتى نهاية سنة 1993 كان معدل هجرة المسيحيين الفلسطينيين من الضفة وقطاع غزة ما يقارب 13000 مهاجر مسيحي منهم (8000 في الضفة و5000 من غزة).
ونوه إلى أن العامل السياسي والذي مثله الاحتلال الإسرائيلي مع ما واكب من ظروف اقتصادية سيئة ومناخ اجتماعي صعب دوره الأساسي في دفع الناس إلى ترك الأراضي الفلسطينية المحتلة.
صراع ديني بدروه، يؤكد الرئيس السابق لجمعية الشبان المسيحية بفلسطين أنطون شحيبر أن أعداد المسيحيين بفلسطين تأثرت بسبب الأوضاع، بحيث قل عددهم بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال: «الاحتلال أمعن بممارسات الوحشية ضد المسيحيين»، لافتا إلى أنه لا يستطيع أن «يتحمل أن يقف جندي إسرائيلي يأمره بأن يخلع ثيابه ليفتشه، وأن يعاملنه كأنه إرهابي».. ولفت إلى أن الاحتلال يريد تحويل الصراع إلى ديني بين اليهود والمسلمين، ويحاول كذلك القضاء على التعايش والتسامح الديني بين المسيحيين والمسلمين، إضافة للهدف الأساسي وهو تفريغ المدن من سكانها الأصليين من الفلسطينيين.
وختم حديثه قائلا: «شيء غريب جدا أن المساجد والكنائس تطالها اعتداءات الصهاينة، فهذه أعمال شاذة تدل على الحقد والتعصب الرهيب ضد العرب والأماكن المقدسة».
copy short url   نسخ
23/01/2019
1757