+ A
A -
كتب - أنس عبدالرحمنأكدت السيدة كومبو بالي، المقرر الخاص المعنية بالتعليم في منظمة الأمم المتحدة، أنها تلقت دعوات لدراسة الانتهاكات التي طالت مئات الطلبة القطريين الذين حرموا من حقهم في التعليم بسبب الحصار الجائر، ويتحتم عليها دراسة تلك الانتهاكات من منطلق ولايتها، بوصفها مقرراً خاصاً معنياً بالتعليم؛ لافتةً في الوقت ذاته إلى أن قطر تحظى بالأمن والسلام وتوفر فضاء رائعاً جداً للانتقال بالتعليم والارتقاء به.
بدوره، ثمّن كريم خزراوي، رئيس قسم المشاركات المواضيعية والإجراءات الخاصة والحق في التنمية بمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، حرص دولة قطر على تطوير حقوق الإنسان والتنسيق مع الآليات الخاصة، لافتاً إلى أن «دولة قطر عملت بجدية على تنفيذ توصيات المقرر الخاص بشؤون العمال المهاجرين، وبدأنا نشهد إجراءات إيجابية جدا. والكثير من الأمور تحققت مثل إلغاء نظام الكفالة ومأذونية الخروج».
جاءت تلك التصريحات خلال الندوة الأكاديمية التي استضافتها جامعة قطر ونظمتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بعنوان «دور المقررين الخواص بالأمم المتحدة في حماية وتعزيز حقوق الإنسان».
وتناولت الندوة التي أدارها الدكتور محمد سيف الكواري، عضو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، تعريفاً بعمل واختصاصات المقررين الخواص للأمم المتحدة، والتعريف بولايتهما لدى منظمات المجتمع المدني؛ وسط حضور لافت لأكاديميين وطلاب جامعة قطر، وإقبال مميّز لسفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في قطر.
ونظمت الندوة على هامش الزيارة التي قامت بها السيدة كومبو بالي، وكريم خزراوي للدوحة، بدعوة من اللّجنة الوطنية لحقوق الإنسان؛ في إطار التعريف بولاية المقررين الخواص.
أهمية التعليم
قالت السيدة كومبو بالي، المقرر الخاص المعنية بالتعليم بالأمم المتحدة خلال مداخلتها، إنها جاءت إلى قطر تحمل رسالتين للقيادة والشعب القطري، أولهما هي «الاعتراف والتقدير والامتنان لدولة قطر التي أزروها للمرة الثانية، بعدما زرتها وأنا وزيرة للتربية والتعليم في بوركينافاسو، لحضور مؤتمر في قطر رفيع المستوى بشأن التعليم».
وأضافت: «أعتقد أن هذا البلد يحظى بالأمن والسلام، ويوفر فضاء رائعاً جداً للانتقال بالتعليم، والارتقاء به. ولما تتمكن دولة من اطلاع دول أخرى بأنها تعنى بالتعليم وتوفر لهم فرص التعليم، فهذا يعكس التقدير والاحترام الذي توليه قطر للتعليم، وهذه رسالتي الأولى لقيادة قطر قيادة وشعبا».
مهام المقرر الخاص
في رسالتها الثانية، تحدثت كومبو بالي عن ولايتها بصفتها المقرر الخاص بالتعليم في الأمم المتحدة، لافتةً إلى أنها تملك ولاية الحق في التعليم، كمقرر خاص في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وهي الولاية التي تمنحها الأمم المتحدة.
ونوّهت إلى أن «مهام المقررين الخواص أكاديمية، ويقدمون خلالها خلاصة معارفهم وخبراتهم ودرايتهم مجاناً، على خلاف ما يعتقد كثيرون؛ لإيمان المقررين الخوص أننا كبشر علينا أن نمتلك المعرفة الاحترافية ونتطوع لتقديم ما نعرفه للناس».
وأضافت: «ولايتي تشمل كل دول العالم، وأتعاون مع عدد من الشبكات في جامعات عالمية، وأطلب منهم معلومات يزودونني بها. كما أنني أعمل مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وأرسل لهم رسائل إلكترونية لطلب الدعم ومعلومات، وأتعاون مع اليونسكو وباقي منظمات الأمم المتحدة».
وأوضحت أن هناك ثلاث أدوات وآليات يستخدمها المقرر الخاص، أولها زياراته للدول التي يختارها، حيث يعمل على تقييم منظومة التعليم فيها، ويعدّ تقريراً مفصّلاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان في جنيف.
والآلية الثانية هي التركيز على موضوع محدّد، مثل دعم الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، أو برامج محو الأمية، مشيرة إلى أنها تركّز على مواضيع محددة، مثل جوانب تمويل التعليم. وتعدّ تقريراً تقدمه لكافة الجهات المسؤولة في البلد الذي زارته، وتخبر كافة الجهات أنه يمكنها الاستفادة من التوصيات التي يعرضها المقرر الخاص في تقريره.
والأداة الثالثة، تتعلق بالنظر في الخروقات والانتهاكات الخاصة بالتعليم، بعد أن تتلقى المقرر الخاص رسالة بذلك. وعلقت قائلة: مسؤوليتي دراسة تلك المعلومات، وإجراء تقييم للشكوى والمسألة، وأبحثها بشكل مفصّل، وأطلب من الحكومة توضيحات بشأن وجود تلك الانتهاكات التي تستهدف فئة أو منطقة معينة.
انتهاكات الحصار
توقّفت المقرر الخاص المعني بالتعليم عند زيارتها للدوحة، ولقائها بضحايا انتهاكات الحصار، قائلة: «في قطر، درسنا انتهاك الحق في التعليم الذي يمسّ مئات الطلبة الذين حرموا من التمتع بحقهم في التعليم، بسبب الحصار الجائر، وتلقينا دعوات حول خرق هذا الحق، وهذا يتحتم علينا دراسة الوضع».
واستطردت تقول: الحق في التعليم يعني أيضا أن نقول إن كافة الدول وقعت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية، وهذه الآلية التي صودق عليها قبل 70 عاما تعزّز الحريات وكرامة الناس في العالم، ولم تصادق عليها سوى دولة واحدة فقط. وواجبي أن أطلب من كل تلك الدول التي صادقت على العهد الدولي وأسألها لماذا لم تحترم مضامينه، مادمت صادقت عليه؟ ولماذا لم تف التعليم حقه.
وأضافت: هناك حوالي مليار شخص لم يتمتعوا بالحق في التعليم عبر العالم، وهنا أشيد بحرص قطر لتوفير التعليم الأساسي، لأن كل الأطفال في سن التعليم حصلوا على حقهم في التعليم الأساسي بهذا البلد، فتستحق قطر التقدير والاحترام. وما يحدث في قطر هو بارقة أمل للعالم. وهناك قصص نجاح أيضاً في دول الجنوب مثل بوركينافاسو والنيجر وساحل العاج، حيث استطاعت هذه الدول خلال عقد كامل، تحقيق ما لا تحققه الدول خلال 60 عاما، وهذه إنجازات عظيمة. لقد حققنا تقدما ملحوظا في تحقيق المساواة في التعليم بين الجنسين، ومساعدة الأسرة على تعليم أبنائها، ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتضاعفت ميزانية التعليم.. هناك بالفعل قصص نجاح تتحقق والأمور تسير بشكل مميّز.
تطوير حقوق الإنسان
استهل كريم خزراوي، رئيس قسم المشاركات المواضيعية والإجراءات الخاصة والحق في التنمية بمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حديثه قائلاً: «باسم المكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان والمكتب الإقليمي بمنطقة جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، أتقدم بالشكر للجنة الوطنية لحقوق الإنسان على المبادرة، ولجامعة قطر لاستضافة هذه الندوة».
وأضاف: «زيارتنا جزء من الحوار المستمر مع المفوضية السامية، وحرص دولة قطر على تطوير حقوق الإنسان والتنسيق مع الآليات الخاصة».
واستطرد قائلاً: «نحن نقدر تعاون دولة قطر مع آليات الإجراءات الخاصة والمقررين الخواص. لقد زار المقرر الخاص بشؤون العمال المهاجرين قطر ورفع تقريرا إيجابيا جدا، ونحن نرى أن دولة قطر عملت بجدية على تنفيذ التوصيات خلال ست سنوات، وبدأنا نشهد إجراءات إيجابية جدا. والكثير من الأمور تحققت مثل إلغاء نظام الكفالة ومأذونية الخروج».
تطور آلية الإجراءات الخاصة
قدّم كريم خزراوي سرداً تاريخياً لتطور آلية الإجراءات الخاصة، قائلاً: «أنا مقتنع اليوم، بالدور المحوري لآلية الإجراءات الخاصة، من خلال الأخذ بأفكار تتعلق بتحديات حقوق الإنسان، والصعوبات التي يواجهها الأفراد، ويمكن أن يواجهوها مستقبلا. فلما أنشئت الآلية الخاصة، لم تكن هناك فكرة واضحة عنها، ولم تكن نية لجعلها منظومة متكاملة. ولم تكن للأمم المتحدة أي سلطة للنظر في الانتهاكات، ولم تكن هناك آلية لإرسال الدول للشكاوى، والرد عليها من قبل الأمم المتحدة».
وأضاف: بدأ مسؤولون في الأمم المتحدة التفكير في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في إفريقيا سنوات الستينيات، فشكّل فريق من الخبراء من القارة الأربع، وطلب منهم دراسة الوضع حول إجراءات التمييز العنصري، ومن هنا انطلقت آلية الإجراءات الخاصة، ورفع تقرير سنوي للأمين العام، واليوم هناك 55 ولاية. وتابع قائلاً: «بعض الدول الأعضاء تزورنا لتسألنا عمّا ورد في تقارير المقررين الخواص، ونحن نستطيع التحاور معهم دون إلزامهم بشيء. والمقررون الخواص مستقلون عن دولهم، وتعيّنهم منظمات المجتمع المدني، وممكن أن يرشحوا أنفسهم، وتقوم بعض الدول الأعضاء بالتوصية بهم. ويبقى من صلاحية المقررين الخواص أن يحددوا آلية عملهم، وطبيعة تنفيذ مهماتهم». وأوضح أن «لكل مقرر خاص الحرية في أن يحدد طبيعة تعامله مع عمله، وطريقة تنفيذ ولايته. وكل مقرر خاص خبير في مجال عمله، فمثلا المقرر الخاص المعني بمنع التعذيب مهامه تختلف عن المقرر الخاص المعني بالتعليم».
وشدّد خزراوي على أنه «من المهم جدا الإشارة أن المقرر الخاص مستقل ويعمل بمفرده، وله شبكة من العلاقات مع منظمات وجهات مختلفة يعمل معها وتساعده في إجراءات التحقيق والعمل التي يقوم بها. والعديد من المقررين الخواص يتعرضون لضغوطات من دولهم، وحتى من دول أعضاء بالأمم المتحدة أحياناً، بسبب رفض طرح المقرر الخاص وجهة نظره الخاصة في تقرير ولايته».
دول ترفض زيارة المقررين
أشار كريم خزراوي إلى أن المقررين الخواص يتسمون بالنجاح لمرونتهم وسهولة تواصلهم، ويقومون بزيارات عملية للدول الأعضاء مرتين أو ثلاث مرات، لكن بدعوة من الدولة المزمع زيارتها، وأحيانا هذا الأمر يصعب تحقيقه، فمثلا المقرر الخاص المعني بالتعذيب قد يرسل رسالة لدولة حول خروقات حدثت، ويطلب زيارتها، لكن بعض الدول تستجيب، وأخرى قد ترفض، وهو لا يستطيع زيارة البلد ما لم توافق الدولة المعنية. ولفت إلى أنه دوما ما يطلب المقررون الخواص من الدول الأعضاء قبول الدعوات لزيارتها، وهم بالفعل، قد زاروا معظم دول العالم، ما يجعل منظومة المقررين الخواص عالمية. كما أن بعض الدول قدمت 9 طلبات لزيارتها، الأمر الذي يحتاج إمكانيات للقيام بزيارتها. كما أن بعض الدول تقوم بإرسال دعوات بمحض إرادتها، ولكن لا يمكن زيارة كل دول العالم بشكل مستمر، وهذه أحد التحديات التي تواجه المقررين الخواص.
ونوّه إلى أنه يمكن للمقرر الخاص دراسة قضايا فردية لأشخاص يرسلون شكوى للمقررين الخواص، وطلب وجهة نظر الدولة حول الموضوع. فإن كانت هناك حالة اشتكت من تعرضها للتعذيب مثلا، يكلف المقرر الخاص بالتواصل مع السلطات لوقف التعذيب.
استقلالية المقررين
شدّد رئيس قسم المشاركات المواضيعية والإجراءات الخاصة والحق في التنمية بمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على أن المقررين الخواص هم فقط من يقررون ما يرد في التقارير التي يعدونها، بناء على أبحاثهم وطبيعة الأوضاع السائدة في تلك الدولة. ويلتقي المقررون الخواص المسؤولين الحكوميين والمنظمات غير الحكومية، والأفراد الذين يرون ضرورة لقائهم. وبيّن أن بعض الدول أحياناً تريد تحديد طبيعة الزيارة ومن يلتقي بهم المقررون الخواص. كما أن بعض المقررين الخواص يرفضون البقاء في مدينة واحدة مثلا، وهذا يتطلب التفاوض مع الدولة من خلال مكتب المفوض السامي والمنسقين من المجموعات. ونوّه إلى أن الزيارة تمتد أسبوعين إلى 10 أيام، ويرسل المقرر الخاص خلاصة عمله وتقريره للبلد المعني لمعرفة آرائهم. وقد تبدي الدول تحفظات خطية، لكن المقرر الخاص له أن يأخذ بتلك الملاحظات أو يرفضها.
أهمية التعاون
مع المؤسسات
الوطنية لحقوق الإنسان
شهدت الندوة نقاشات وأسئلة كثيرة حول مهام المقررين الخواص، ومدى استقلاليتهم وموضوعية التقارير التي ينشرونها. إلى جانب التحديات التي يواجهونها في التعامل مع الدول والحكومات.
وبيّن المتحدثان أن مهام المقرر الخاص هي إرسال التقارير التي تتضمن توصيات ترفع لتلك الدول، مؤكدين في الوقت ذاته ضرورة التنسيق الجيد مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، لأنها توفر آلية جيدة للتنسيق. وشدّدا على أنه يفضل حلّ المشاكل داخل الدولة بالتعاون مع كافة منظمات المجتمع المدني، والتنسيق مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان للتصدي للخروقات، لأن ذلك يساعد على حل كل الانتهاكات داخل البلد، دون الحاجة للجوء إلى الأمم المتحدة. لكن حينما تخرج الأمور عن قدرات الجهات المحلية، فترفع طلبها إلى المقررين الخواص والأمم المتحدة. ونوّها إلى أنه يحق لأي دولة أن تتحفظ إن رأت انحيازاً لولاية المقرر الخاص أو تضارباً للمصالح لديه.الدوحة توفر فضاء رائعاً للارتقاء بالتعليمهـــذا البلـــد يحـــظـى بالأمـــن والســــلامأعترف بالتقدير والامتنان لدولة قطر التي أزورها للمرة الثانيةتلقينا دعوات حول خرق الحق في التعليم وهذا يحتم علينا دراسة الوضعخزراوي :
قطر عملت بجدية على تنفيذ توصيات المقرر الخاصالدوحة
حريصة
على تطوير حقوق
الإنسان
copy short url   نسخ
20/01/2019
1373