+ A
A -
فلسطين-الوطن-أمين بركةتؤكد معظم التقارير والتسريبات القادمة من تل أبيب تورط الرياض والقاهرة وأبوظبي في العمل على تمرير ما يسمى «صفقة القرن» الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية. والمطلع على تسريبات الإعلام العبري مؤخرا، يرى كماً كبيراً من المعلومات التي تشير في مجملها إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تعمل بمعاونة أبوظبي والقاهرة والرياض من أجل محاولة تمرير الصفقة بعد تأهيل الحالة الفلسطينية والعربية لقبولها والتسليم بها.
ويشدد سياسيون ومتابعون لـ الوطن، على أن التسريبات الخاصة بالصفقة تحمل مضامين خطيرة جدا؛ كونها ترتكز إلى «تصفية» القضية الفلسطينية بما يخدم المصالح الإسرائيلية حيث سيتم إنهاء الثوابت والحقوق الفلسطينية التي كفلتها القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة وذلك من خلال فرض الحقائق على الأرض، وخصوصا في ما يتعلق بملفات القدس واللاجئين والمستوطنات؛ وأيضا لا ينبغي أن يتم التقليل من خطورة تشكيل تحالف عربي- إسرائيلي بقيادة الولايات المتحدة.
وأشاروا إلى أن محاولات طرح الصفقة والعمل على تمريرها بقوة مرده تسليم بعض الأنظمة العربية بالصفقة وقيامها بالتطبيع مع إسرائيل، وأن الأنظمة المتورطة في ذلك هي الدول الأربع التي تحاصر دولة قطر... متطرقين إلى حديث السيسي الأخير الذي تحدث فيه عن قوة العلاقات مع إسرائيل وأيضا قيامه بتهجير سكان سيناء.
وفي هذا الصدد، يشير المحلل السياسي مصطفى الصواف إلى «أن الرياض وأبوظبي والقاهرة متورطة في العمل على تمرير صفقة القرن، فما قامت به الحكومة المصرية من تهجير سكان مدينة رفح مع تدمير منازلها يأتي تمهيدا لصفقة لقرن وإيجاد مساحة من الأرض قد تمتد حتى مدينة العريش ليسهل نقل الفلسطينيين من فلسطين المحتلة عام 48 وتخفيف الازدحام في قطاع غزة بنقل اللاجئين إلى سيناء، وهذا الأمر يتم بتنسيق كامل مع الاحتلال وبأموال إماراتية وسعودية، ظانين أن الأمر سيتم حتى لو رفض الفلسطينيون ويعتقدون أن التضييق والحصار سيدفعان الفلسطينيين مع إمكانية قيام الاحتلال بحرب مدمرة تدفع الفلسطينيين للهروب نحو سيناء».
ونبه إلى أن تصريحات عبدالفتاح السيسي الأخيرة أكدت وجود تعاون كبير بين الاحتلال وبين الجانب المصري لاسيما في التعاون العسكري في سيناء وخاصة قيام طائرات صهيونية بقصف مواقع وأماكن يعتقد أنها تابعة لتنظيم الدولة ولعل القصف الأخير والذي اعترف الاحتلال أن المستهدف منه حماس وشحنات الأسلحة المارة عبر سيناء وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها الطيران بالتنسيق مع الجيش المصري لضرب أهداف محددة لا يريد الجانب المصري التورط فيها فيطلق يد الاحتلال وهو دليل واضح للتواطؤ الكامل بل التنسيق الكامل.
ونوه إلى أن التطبيع مع الاحتلال هو دليل دامغ على تورط هذه الأنظمة مع الاحتلال؛ «فالرياض وأبوظبي والقاهرة ليست بحاجة إلى هرولة جديدة فهذه الدول مطبعة وتشجع على التطبيع وتدفع دولا أخرى إلى التطبيق، وأن الإمارات تطبع منذ زمن ليس بالقصير ولكن بشكل غير معلن ولكنه مكشوف ولم يبق منه إلا الإعلان الرسمي عن إقامة علاقات علنية وتبادل سفراء، وكذلك الرياض تعمل على الهرولة نحو إسرائيل وإقامة علاقات معها وإن كان في السر وهي تسعى للتواصل السري مع الجميع وتلتقي بهم». ومضى يقول: «يعتقد أصحاب الصفقة أن بقاء ملف القدس وملف وكالة الغوث يعني بقاء القضية الفلسطينية وهم يريدون التخلص من القضية ويرون أن التخلص من الوكالة هي الخطوة الأولى في إنهاء قضية اللاجئين ولذلك تم رفع الدعم عن الوكالة والمقدر بـ360 مليون دولار، الأمر الذي أدى إلى تقليص الخدمات وأن السياسة الأميركية تعمل على تجفيف المنابع وحجب الأموال عن الأونروا تمهيدا لتصفية الوكالة ومن ثم تصفية قضية اللاجئين وبذلك يتم إنهاء القضية الفلسطينية مما يمهد لصفقة القرن حيث يرون أن عدد اللاجئين لا يزيد على 450 ألفا فقط وهم بذلك يريدون أن نشطب ستة ملايين لاجئ تمهيدا للتوطين».
من جهته، يؤكد مدير مركز لندن للدراسات السياسية أن قيام الرياض والقاهرة وأبوظبي بالعمل على تمرير صفقة القرن أمر خطير للغاية، مشيرا إلى أن هناك مؤشرات كثيرة تدلل على حجم التعاون بين هذه الدول وإسرائيل.
ونوه العطفي إلى «أن هناك أدلة دامغة على تورط هذه الأنظمة في العمل على تصفية قضية فلسطين ويتبين ذلك من خلال هرولة السيسي وبن سلمان وبن زايد إلى التعاون مع الكيان الصهيوني؛ وهذا جزء من أهداف هذه الأنظمة التي تريد كسب رضا الرضا، وإن هذه الأنظمة تآمرت على الأمة العربية والإسلامية وظهرت خياناتهم عندما حاصروا قطر ودمروا اليمن وأسقطوا ثورات الربيع العربي وأعلنوا حماس منظمة إرهابية وسعوا إلى شطب القضية الفلسطينية، كما عمل السيسي على تهجير أهالي سيناء، وأصبحت الوفود من هذه الدول تحج إلى تل أبيب، بالإضافة إلى قوة التعاون الأمني والعسكري والمخابراتي بينهم».
من جهته، أكد القيادي بالحزب الإسلامي العراقي خالد العلواني أن القضية الفلسطينية تمر في هذه الفترة التاريخية الفاصلة بمنعطف خطير جدا، والمتمثل بمحاولة عدة أطراف عربية ودولية بتمرير صفقة القرن، بالإضافة إلى قيام بعض الأنظمة بالتنسيق مع الاحتلال وهذا الأمر بدا واضحا مؤخرا حيث إن السيسي ذكر أن العلاقات مع إسرائيل في أفضل مراحلها.
وشدد على أن المخجل في هذه الصفقة أن هناك تسارعاً محموماً من حكومات عربية كانت تدعي دفاعها عن قضية فلسطين العادلة طيلة سنوات عدة، لكن هذا الزيف انكشف تماما، وأصبح التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب مسألة وقت.
ونوه إلى أن الثوابت الفلسطينية التي لا يمكن المساومة عليها والمتمثلة بأن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين، وحق العودة، وإلغاء المستوطنات الصهيونية على حدود 67 أمر مفروغ منه ولا ينبغي المساومة عليه مهما غلت التضحيات وازدادت المعاناة، لكن هذه الدول فرطت فيها وتخلت عن معاناة الفلسطينيين.
وتابع: «أن مسيرة الشعب الفلسطيني لأكثر من نصف قرن وتضحياته الجسام، لا يمكن أن تنساها الصفقات المشبوهة والأجندة الخفية التي ارتضت لنفسها الذل والعار والخيانة، بالإضافة إلى أن ثوابتنا الفلسطينية هي قضية ما يزيد على مليار ونصف المليار مسلم في معظم بقاع الأرض، وهم يقفون صفاً وطوداً شامخاً ضد صفقة القرن، وضد كل من تسول له نفسه المساس بقضية فلسطين».
copy short url   نسخ
20/01/2019
2556