+ A
A -
أحمد أبو رتيمة كاتب فلسطيني
هذه الملاحظة التي ينبه إليها المؤرخ الإسرائيلي الشجاع إيلان بابيه؛ نبهني إليها أيضاً الأسبوع الفائت صديق كندي متضامن مع حق العودة، في أعقاب نشر صحيفة نيويورك تايمز تقريراً يثبت إدانة الاحتلال في قتل المسعفة الشهيدة رزان النجار.. قال لي إن التيار الأوسع من الصهيونية الليبرالية في أميركا الشمالية قد لا يتفقون مع سياسات حكومة الاحتلال، وقد يدينون إفراطها في استعمال العنف أو في حصار غزة، لكنهم يتفقون على ضرورة دعم دولة إسرائيل وطناً قومياً لليهود، ومدى تعاطفهم مع الشعب الفلسطيني يقع في حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، لكن لا إلى قضية اللاجئين وحق العودة، إنما يركز على الاحتلال الواقع منذ عام 1967، فلا أحد يذكر حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. ويواصل الصديق الكندي أنه حتى خطاب السلطة الفلسطينية ذاتها لا يتطرق إلى قضية اللاجئين.
هذا ينبهنا إلى ضرورة إعادة الاعتبار في تصدير روايتنا إلى العالم، فالأسس التي قام عليها المشروع الصهيوني منذ أول يوم مثلت جريمةً بحق ملايين الفلسطينيين الذين لايزالون يدفعون ثمن جريمة الطرد والتهجير وسلب ممتلكاتهم إلى اليوم؛ في مخيمات البؤس والشتات.
من المفيد في الخطاب الإعلامي الفلسطيني الفصل بين اليهودية والصهيونية، فالخوف اليهودي من تكرار رعب الهولوكوست هو خوف حقيقي، ويمثل عاملاً رئيساً من عوامل رفض حق العودة، حتى من قبل الذين يصنفون بأنهم حمائم سلام، مثل عاموس عوز، أحد أهم رموز اليسار الإسرائيلي؛ الذي توفي الأسبوع الماضي. إذ كان هذا الرجل قد كتب في حياته: «اليهود والعرب يستطيعون، بل يجب أن يعيشوا معاً، لكن من غير المقبول مطلقاً أن يتحول اليهود إلى أقلية تحت حكم العرب؛ لأن معظم الأنظمة العربية في الشرق الأوسط تضطهد الأقليات وتذلهم. والأهم من ذلك: لأني أصر على حق الشعب اليهودي مثل أي شعب أن يكونوا أغلبية ولو في قطاع صغير من الأرض».
هذا الرفض العميق لحق العودة من الغالبية العظمى من مختلف أطياف المجتمع الإسرائيلي، بدافع الخوف الدفين من الغرق في بحر من الأعداء، ينبغي أن يواجه بخطاب فلسطيني لا ينكر حق اليهود في العيش بأمان وسلام، ولكن يرفض أن يكون تحقيق الأمن لليهود على حساب شعب آخر، سواء الشعب الفلسطيني أو غيره. إن من المشروع أن يشعر اليهودي بالقلق من المستقبل، وأن يساعده العالم بتقديم ضمانات لتوفير الأمن والحماية له، لكن ليس من المشروع مطلقاً أن يكون ذلك على حساب ملايين اللاجئين المشردين، وسرقة الأرض واستمرار سياسات التهجير والاستيطان والعدوان.
إذا كانت دولة «إسرائيل» قد غدت أمراً واقعاً يجب الاعتراف به، فإن معاناة "7"ملايين لاجئ فلسطيني عبر "70"عاماً والذين لايزالون ينتظرون عودتهم إلى أراضيهم وممتلكاتهم التي هُجروا منها قسراً ولم يقبلوا بالتوطين في الغربة، هو واقع أيضاً يجب تقديم حلول عادلة لإنهائه.
كان يمكن القبول بفكرة «يهودية إسرائيل» لو لم تكن على حساب مأساة شعب آخر، أما وأن هذه الدولة أسست على أنقاض القرى والممتلكات ، فإن الحديث عن اليهودية هو تكريس لواقع التطهير العرقي والتمييز العنصري وجرائم الحرب.
{ عن (عربي 21)
copy short url   نسخ
12/01/2019
2094