+ A
A -
جمال الهواري كاتب وصحفي مصري
حاول النظام الانقلابي منع بث المقابلة وجاءت الرياح بما لا تشتهي سفن السيسي وساعده الأيمن عباس كامل فلم تكتف القناة بالتأكيد على بث المقابلة في موعدها وروج لها عبر برومو أقل ما يوصف به أنه كان كالقنبلة، بل أجرت لقاء مع منتجة البرنامج ومقدمه أكدوا فيه حرص السيسي على إجراء المقابلة ظنًا منه أنها تظهره في مصاف القادة المؤثرين في المنطقة وعن محاولة الجانب المصري الحصول على الأسئلة مكتوبة مسبقًا قبل التسجيل وهو ما تم رفضه ومن ثم وافق الجنرال والذي ربما غاب عنه الفارق الشاسع بين الإعلام الخاضع لسلطته ورهن إشارته داخل مصر والإعلام المتسم بقدر من المهنية الذي يحترم مشاهديه ومتابعيه كما هو الحال في الخارج، ليجد الجنرال نفسه في مهب الريح وتنهال عليه عاصفة من الأسئلة التي لم يختبرها من قبل حول عدد من قام النظام العسكري بتصفيتهم في مجزرة رابعة وما تلاها وعن أرقام المعتقلين المرعبة والمتزايدة خلف القضبان من معارضي العسكر، ليتصبب عرقًا وهو من كانت لا تفارقه الضحكات والقهقهة في معظم لقاءاته واستعراض سيطرته على تابعيه من خلال توجيه الأسئلة لهم وإحراجهم ليظهر بصورة الملم بكل شيء وأي شيء مهما كان مجاله وتخصصه فهو الموسوعة الذي لا تخفى عليه خافية، لينقلب الوضع ويجد نفسه محاصرًا أمام إعلامي محترف أعد العدة
وطاقم البرنامج جيدًا لانتزاع الإجابات من ضيفهم الثقيل بجرائمه وطغيانه والدماء التي تقطر من يديه وليس بخبراته وكفاءته.
وفي احترافية قل نظيرها ردت القناة في تقارير البرنامج على أكاذيب السيسي عبر إبراز وتأكيد وتوثيق زيف ادعاءاته بأنه يحارب المتطرفين الإسلاميين فأشارت لاعتقاله لشخصيات من كافة التيارات السياسية وفي مقدمتهم الرئيس المنتخب محمد مرسي وفضح كذبه حول عدم وجود معتقلين سياسيين في مصر، واستضاف البرنامج محمد سلطان المعتقل السابق والذي سرد بالتفصيل وحشية النظام في التعامل مع المعارضين والمعتقلين، وأندرو ميلر مسؤول الأمن القومي الأميركي السابق الذي وصف حكومة السيسي بأنها أكبر حكومية قمعية في التاريخ المصري الحديث وأن استراتيجية السيسي لن تحد من الإرهاب بل ستدفع بالمزيد من المصريين للتطرف ونسف أكذوبته التي يرددها وإعلامه وتوابعه بأن جماعة الإخوان المسلمين تنتهج الإرهاب والعنف والتطرف بل وصفها بالاعتدال وأنها أكبر فصيل سياسي معارض.
نعم كانت 13دقيقة مدة الحوار المذاعة مع السيسي لكنها بمثابة توثيق لجرائم الجنرال الانقلابي وفضحته أمام المشاهد الأميركي والغربي، 13 دقيقة أغرقته في عرقه وكشفت وجهه القبيح أمام العالم، 13 دقيقة قلبت السحر على الساحر لتجد من كان يعد العدة ويمني نفسه بالظهور على الساحة العالمية كقائد مؤثر في المنطقة قد تحول إلى متهم ضعيف الحجة في ما يشبه المحاكمة المدعومة بالأدلة فقد كان المذيع يسأل والسيسي يجيب والمشاهد المصورة والضيوف يكذبونه ويوثقون جرائمه، 60 دقيقة لكنها كانت أكثر من كافية لتجعل السيسي يفكر ألف مرة قبل أن يقوم بمقابلة مماثلة مرة أخرى فقد لقنته CBS الدرس أن الإعلام ليس كله CBC وليس كل مقدمي البرامج أحمد موسى، وأن الشعب المصري الحقيقي هو سليمان خاطر ومن هم أمثاله وليس السيسي وأزلامه.
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
11/01/2019
352