+ A
A -
واشنطن –«العربي الجديد» - بعد حوالي سنتين من شغور المنصب، فجأة تعيّن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سفيراً لها في الرياض، هو جون أبي زيد، تبع ذلك صدور لائحة اتهام عن المدعي العام السعودي في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ضد مجموعة من الصف الثاني من المسؤولين الأمنيين السعوديين.
في الوقت نفسه ترافقت مطالبة مسؤول في البيت الأبيض، لذوي الثقل في المنطقة (ضمناً السعودية) بالتحرك نحو نسج علاقة مباشرة «حان وقتها» مع إسرائيل، مع إشارات وتلميحات عن عزم ترامب على الكشف عن «صفقة القرن» في غضون أيام أو أسابيع قليلة. واكب ذلك من الجانب الإسرائيلي انسحاب وزير الأمن أفيغدور ليبرمان من حكومة بنيامين نتانياهو، بما يمهد لانتخابات مبكرة.
لأول وهلة يبدو هذا التزامن صدفة، لكن ظروف وتقاطع هذه التطورات والإشارات، تشي بوجود ترابط في ما بينها، فإدارة ترامب بتعيين السفير بدت عازمة على ترميم العلاقات مع المملكة لتعويم ولي العهد محمد بن سلمان، على أن يقابلها إقدام الرياض على خطوة تاريخية بحجم فتح الطريق لعلاقات مباشرة مع إسرائيل، تثير ما يكفي من الدخان لطمس جريمة قتل جمال خاشقجي، ولتمرير مشروع ما يسمى «صفقة القرن» التي تتوسلها الإدارة كـ«إنجاز خارق» يحول الأنظار وإن مؤقتاً عن أزماتها.
خطوة تعيين السفير لم تكن عادية في هذا الظرف، إذ هناك دول أخرى، مثل تركيا وكوريا الجنوبية، ما زالت بدون سفير أميركي. كان المفترض أن يُترك هذا المنصب شاغراً كتعبير اعتراضي على جريمة خاشقجي، ريثما يتم الكشف عن كامل تفاصيلها ومحاسبة مرتكبيها ومن أمر بها، ناهيك عن تسليم الرفات.
لكن ما حصل، وبهذه السرعة، يعكس اكتفاء الإدارة بلائحة الاتهام ضد منفذي الجريمة، مع ما تنطوي عليه من تجاهل للرأس المدبر ومحاسبته.
بعد يومين من التعيين، دعا جيسون غرينبلات، مساعد جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي، والمشرف على الملف الفلسطيني– الإسرائيلي، إلى إسقاط لاءات قمة الخرطوم الثلاث، والانتقال من مرحلة «ذوبان الجليد» المتبلورة في الاتصالات الخليجية الإسرائيلية الخجولة إلى الجلوس معاً «كما جلس السفيران الإماراتي والإسرائيلي في واشنطن على طاولة واحدة بدون أي شعور بعدم الراحة»، في مؤتمر إحدى المنظمات الصهيونية الأميركية مؤخراً.
وبعدما أفاض في شرح «فضائل» التلاقي المباشر، في مقال نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم»، في عددها الصادر الخميس، كرر الدعوة إلى «الابتعاد عن السياسات القديمة.. لأنه حان وقت التغيير»، معرباً عن عميق ارتياحه لـ«رؤية بعض القادة العرب الذين يتحلون بالجرأة اللازمة لتحقيق هذا التغيير»، كما قال.
دعوته بهذه الصورة لم تكن معزولة عما تسرّب حول قرب ترجمة ترامب لوعده بالإفصاح عن مضمون «صفقة القرن» قبل نهاية السنة. وربط مراقبون بين زيارة غرينبلات، قبل أيام، إلى إسرائيل، وبين هذه التسريبات التي تمهد لمشروع سلطت مقالته الأضواء على أهم جانب فيه.
copy short url   نسخ
17/11/2018
2247