+ A
A -
جمال الهواري

تأتي رياح مقاومة غزة بما لا تشتهي سفن نتانياهو وحلفائه المعلنين وما أكثرهم والمختبئين خلف السُتُر وما ألأمهم.. يومًا بعد يوم والمرة تلو الأخرى تثبت غزة أنها كلمة السر وما أوضحها ومركز ثقل القضية الفلسطينية -حاليًا- رغم صغر مساحة القطاع -360 كم مربع- والمحاصر منذ النصف الأول من عام 2006 .

عقب فوز حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في يناير من العام نفسه بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني وسط استياء واضح من أطراف غربية وعربية داخلية وخارجية تناصب الحركة العداء وبعض تلك الأطراف تصنفها حركة إرهابية ولكل طرف أسبابه التي قد تختلف لكنها تلتقي في الرغبة الجامحة لتغييب الحركة بشقيها السياسي والعسكري من المشهد الفلسطيني وإخراجها من معادلة الصراع العربي- الصهيوني، أو على الأقل تحييدها حتى يكمل الكيان الصهيوني ابتلاع الضفة الغربية ومخطط تهويد القدس ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية وإفراغها من أهدافها الشرعية ومضمونها الحقيقي والفعلي في ما بات يعرف بصفقة القرن.
جاءت العملية الأمنية الفاشلة يوم الأحد الماضي والتي قامت بها قوة أمنية خاصة تابعة لجيش الاحتلال تسللت شرق مدينة خان يونس في قطاع غزة لكنها اصطدمت بيقظة عناصر كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) ونتج عنها اشتباك بالنيران أسفر عن ارتقاء 7 شهداء من الجانب الفلسطيني من بينهم القيادي بكتائب القسام «نور بركة» ومقتل ضابط إسرائيلي رفيع برتبة مقدم (قائد كتيبة جولاني) وجرح آخر من نفس الوحدة وانسحاب باقي القوة تحت غطاء نيراني كثيف جوي ومدفعي من الجانب الصهيوني مما يوضح أن الهدف من تسلل تلك القوة أكبر من محاولة تجسس أو اختطاف حتى وإن كان هذان الاحتمالان من ضمن المهمة لكن من المؤكد - حسب المعطيات وما تنم عنه تصريحات قادة الكيان الصهيوني- أنها كانت مجرد خطوة في خطة لم ينكشف مضمونها بعد، خاصة أن المجموعة كانت تحمل معها العديد من الأجهزة والأدوات الإلكترونية ذات الخاصية العسكرية ومديح رئيس وزراء الكيان نتانياهو المبالغ للضابط القتيل والخدمات التي قدمها للكيان الصهيوني ولن يكشف عنها حاليًا لدواعٍ أمنية حسب تصريحاته، وقطع زيارته إلى فرنسا وعودته سريعًا عقب تصاعد الأحداث عقب فشل العملية وتعرض العديد من المناطق داخل الأراضي المحتلة للمئات من الصواريخ المختلفة المدى والتي انطلقت من القطاع ونتج عنها خسائر مادية مباشرة وسقوط جرحي من مواطني الكيان ونزول الكثير من سكان المناطق المتاخمة والقريبة من مدى صواريخ المقاومة الفلسطينية إلى الملاجئ.
وبالعودة لما تكشف حتى الآن فإن العملية يبدو أن لها شقين أولهما استخباراتي لجمع المعلومات وربما زرع بعض الأجهزة لتساعد على هذا تمهيدًا لخطوات أخرى لاحقة مع عدم إغفال جزئية جنود الكيان الأسرى لدى المقاومة والشق الثاني قد يكون اختطاف القائد القسامي «نور بركة» وليس اغتياله مع الوضع في الاعتبار كونه المسؤول عن قطاع الأنفاق جنوب قطاع غزة -حسب التسريبات- مما يجعله بمثابة كنز معلومات ثمين قد يساعد الكيان الصهيوني على فك شفرة شبكات الأنفاق المعقدة التي شيدتها المقاومة الفلسطينية على مدار سنوات وباتت تشكل هاجسًا ورعبًا للكيان الصهيوني حيث لا يعلم فعليًا رغم كل الإمكانيات الجبارة التي يمتلكها عسكريًا واستخباراتيًا وتقنيًا عدد ومسارات ومدى تلك الأنفاق داخل قطاع غزة وفي الأراضي المحتلة خلف حدود القطاع مما جعلها بمثابة عامل ردع حالي ومستقبلي حال نشوب أي مواجهة عسكرية على نطاق واسع بين الطرفين وهو أمر بديهي حدث وسيحدث وما اتفاقات الهدنة المتكررة إلا فترات هدوء مؤقت يرتب كل طرف أوراقه حسب ما استجد من معطيات على ساحة الصراع وما نتج عن الجولة السابقة للتهدئة وترتيب الأوراق السياسية والخطط العسكرية تبعًا لتلك النتائج.
copy short url   نسخ
15/11/2018
1322