+ A
A -
صدر حديثاً للكاتب المسرحي والزميل الإعلامي سعود علي الشمري كتاب جديد وهو عبارة عن نصي مسرحيتي «عابر سبيل»، و«وطن»، وهما العملان اللذان قدما على خشبات العديد من المسارح داخل الدولة وخارجها، وجاء الإصدار الجديد باللغتين العربية والإنجليزية، حيث عمد المؤلف إلى ترجمة نصوصه للغة الإنجليزية وعنون كتابه.. من المسرح القطري «عابر سبيل، وطن»، والكتاب من ترجمة عبدالودود العمراني، وهو من القطع الصغير ويقع في 100 صفحة تقريبا ويتوسط الكتاب كفاصل بين النصوص العربية والانجليزية مجموعة من صور عروض المسرحيات التي تم عرضها في محافل عدة، حيث تم تقديم نص عابر سبيل للمرة الأولى لصالح فرقة قطر المسرحية عام 2009 وكانت من إخراج الفنان ناصر عبدالرضا، وبطولة كل من الفنانين عبدالله أحمد وفيصل رشيد وأشرف العوضي، وشاركت فرقة قطر أيضاً بهذا النص في مهرجان المسرح الحر الدولي بالأردن عام 2010 وكذلك بمهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة 2010، أما نص مسرحية «وطن» فقد شارك في مهرجان الدوحة المسرحي عام 2013 ونال عنه الكاتب جائزة أفضل نص مسرحي، وحصل بطل ومخرج العرض الفنان جاسم الأنصاري على جائزة أفضل ممثل، وشارك في التمثيل الفنان أحمد عبدالله أحمد والإعلامية نورا حسن.
وتتبع مسرحية «عابر سبيل» أسلوب البحث العميق في موقف الإنسان من لا عقلانية الواقع وتناقضاته المقيتة، وتستمد المسرحية موضوعها من التجارب المعاصرة من حروب وخراب شاهدناه في الآونة الأخيرة، وذكرنا بما شاهده العالم من قبل، إبان الحرب العالمية، وهو ما ولد حينها نوعاً جديدًا من المسرح سمي بمسرح اللامعقول، حيث شعر الإنسان في ذلك الوقت بعبثية الحياة التي برغم حبه لها وتمسكه بها إلا أنه قضى عليها بنفسه، وهو الشيء الذي بدأ يرمي بظلاله من جديد على عصرنا الحالي حتى أصبح يخيم على منطقتنا العربية، ويحكي النص حول رجلين عانا من مرار الحرب سوياً فربطت الصداقة بينهما بعدما وجدا أنهما في مركب واحدة وهو الأمر الذي جعلهما يحتفظان بصداقتهما حتى بعد انتهاء الحرب، وعودتهما منها سالمين إلا من ضميرهما الذي بات يؤنبهما، بل أصبح شبحاً يخيم على حياتهما فيتهرب أحدهما منه، بينما يلقاه الآخر بصدر رحب ويرمي نفسه بين أحضانه، ويأتي إليهما عجوز ليكشف غطاءهما، فتسقط الأقنعة، ويرى كل منهما الآخر على حقيقته، ومع ذلك لا يفترقان.
أما مسرحية «وطن» فينطلق خلالها المؤلف ليعبر عن وجودية الإنسان الحالي وبحثه الشغوف عن ماهيته التي أصبحت ضائعة وتائهة في هذا العالم، وتدور أحداث النص حول رجلين يقومان على حراسة مكان ما بالصحراء، يحاول أحدهما أن يشجع زميله الذي هو بالأساس رئيسه المباشر في العمل على صيد غزال من الصحراء، لكنه لا يُوافقه في بداية الأمر، ويتجاذبان أطراف الحديث، فالمساعد لا يشغله إلا صيد الغزلان والبحث عن وجبة طعام في قلب الصحراء القاسية الخالية من أيّ مسليات، بينما قائده واجم وعابس الوجه لديه ما يشغله، فدائمًا سارح ويرفض كل أفكار زميله، ولكن الأوّل لم ييأس ويحاول معه مرارًا وتكرارًا حتى يقنعه بصيد غزال واحد فقط وأثناء الطعام أغراه بشرب كأس من النبيذ ويقضيان ليلهما بين السهر والسمر، ثم سرعان ما يتبدل حالهما ويصير الأول هو العاقل الحكيم والثاني هو المتهور العدواني، خاصة بعد أن يشعر باللاجدوى بعد أن فقد حبيبته ظبية، ويحاول النص التحكم في الواقع، والتحرر من الخضوع لقيمه المنهارة، والتخطي لكل أشكال الغربة المحيطة بأركان الحياة، بحيث تقترن عملية التحكم باستبصار لا تهاون فيه للحقائق الجوهرية، مزيلاً للزيف والأقنعة التي باتت تحيط بالبشر وتجعلهم يجهلون حتى أنفسهم.
copy short url   نسخ
23/10/2018
1936