+ A
A -
حوار- محمد الجعبري
من الوسائل الحديثة التي تستخدمها أحدث النظم التعليمية في العالم، استخدام الفن في التعليم، حيث ان الفن من الهوايات المحببة لطلاب المدارس، كما أن الكثير من الأخصائيين النفسيين دائماً ما يوصون بالعمل على تعزيز هواية الرسم عند طلاب المدارس، والتي تعمل على كسر حاجز الملل لدى الطلاب على مدار اليوم الدراسي.
حيث تتمتع الكوادر القطرية العاملة في مهنة التدريس بالعديد من المواهب التي تستخدم أحدث أساليب واستراتيجيات التدريس في عملها التعليمي، ومن هذه الكوادر القطرية الأستاذ خالد حسن الراشد معلم الفنون ومادة الرسم بمدرسة جاسم بن حمد الثانوية.
حيث يعمل المعلم والفنان خالد الراشد على تعليم الطلاب مادة الرسم والعديد من الفنون في صومعته الفنية التي يقبع بها خلال يومه الدراسي، ويزوره العديد من الطلاب الذين لهم ميول ومواهب فنية لتنمية هذه المهارة والموهبة تحت إشراف الراشد، والتي وحسب كلامه تلقى رواجا وقبولا كبيرا من قبل طلاب المدرسة بجميع صفوف المدرسة.
وأضاف الأستاذ خالد الراشد أن استخدام الفن في العملية التعليمية يعتبر من أحدث استراتيجيات التدريس في كبريات الجامعات الأوروبية، هذا بخلاف العمل على إخراج كوادر فنية وطنية تمتلك المهارة والدراسة للعمل في هذا المجال المتشعب والذي يرتبط بالعديد من المجالات العلمية والأدبية، خاصة مع توسع دولة قطر في الفنون من إنشاء متاحف ومعرض الفنون والرسم، كما أن مادة الفنون هي المادة الرئيسية في علوم التصميمات والهندسة.
تخرج الراشد من كلية التربية الفنية بجامعة قطر دفعة 2001، حيث يعمل منذ تخرجه بتدريس مادة الفنون بمدارس الدولة، حيث عمل في البداية في مدرسة خليفة الابتدائية ثم اليرموك والإمام الشافعي ثم مدرسة جاسم بن حمد الثانوية، مشيراً إلى أن الموهبة لديه منذ الصغر ثم صقلها بالدراسة بجامعة قطر وحصوله على دورات في العديد من المعاهد الفنية بدولة قطر.. وإلى نص الحوار:
كيف بدأت في الرسم والدخول في مجال الفن؟
منذ نعومة أظافري وأنا لديّ مواهب فنية عديدة، حيث لاحظت الأسرة هذه الموهبة المبكرة، وحصلت على تشجيع الأسرة ودعمها في هذا المجال، كما استكملت دراستي بكلية التربية الفنية بجامعة قطر قبل توقفها لفترة، وتخرجت من الجامعة لأتجه إلى العمل في مجال التدريس بمدارس الدولة، والاستمرار في الرسم وعمل العديد من المعارض التي لاقت قبولا ونجاحا منقطع النظير بدولة قطر وتشجيعا من الجمهور الذي وجدته متذوقا للفن، حيث يحظى القطريون بحاسة فنية عالية قلما توجد في العديد من الشعوب المحيطة.
هل الرسم دراسة أم موهبة؟
الرسم موهبة منذ الأساس ولابد من دعمها بالدراسة والعمل على صقل الموهبة بدراسة أنواع الفنون والمدارس العالمية في هذا المجال، كذلك بالممارسة لأن الممارسة تعمل على تصحيح الأخطاء والارتقاء في ممارسة الفن حتى الوصول إلى الاحترافية، ودولة قطر تزخر بالعديد من الرواد في هذا المجال، كما أنشأت الدولة معاهد وجامعات لتدريس هذا الفن الذي ساهم في رسم صورة الدولة الحضارية التي نعيشها الفترة الحالية، بدعم قيادتنا الرشيدة، التي أدركت تأثير الفن على وجه الدولة الحضاري وبناء الأمم.
هل يوجد مادة للرسم في المرحلة الثانوية؟
كان يتم تدريس مادة الفنون والرسم ضمن المناهج الدراسية بجميع المراحل الدراسية، ولكن تم إلغاؤها لفترة من الزمن، ثم العودة إلى إقرارها مرة أخرى ولكن بمراحل التعليم الأولى.
ونحن نعمل في المدرسة كفريق دعم لباقي المواد الدراسية في رسم لوحات توضيحية وبعض الرسومات الهندسية وهي من الوسائل المساعدة في عملية التعلم، والتي تساعد الطلاب على عملية الفهم والإدراك، فبدون رسومات لن يستطيع الطالب استيعاب المواد الدراسية التي تحتاج إلى صور، ورسومات من مواد الأحياء والجغرافيا في رسومات الخرائط، والمعادلات الكيميائية وجداول المواد الذرية بمادة الكيمياء وغيرها من المواد الدراسية.
كما نساعد الطلاب في عملية البحث العملي، حيث نقوم ببناء المجسمات الخاصة باختراعات الطلاب وأبحاثهم العلمية، وقد شارك العديد من الطلاب بالكثير من المجسمات والرسومات التي تم بناؤها في قسم الفنون، في مسابقات محلية كثيرة كمسابقة وجه وجهتك والبيرق والحياة الهندسة التي تنظمها جامعة قطر، وغيرها المقامة داخل الدولة.
وكيف تصف قرار وزارة التعليم بعودة مادة الفنون مرة أخرى؟
كان قرارا في غاية التميز ويصب في صالح العملية التعليمية ويعمل على دعم عملية التعلم بالمدارس وتنمية المواهب الفنية، التي تزخر بها مدارسنا في جميع المراحل التعليمية، فالفنون من المواد التي تدخل في جميع التخصصات بالجامعات العالمية، من تصميمات هندسية وتصميم الأجهزة والإختراعات العلمية.
وبدأت عملية عودة الفنون في المرحلة الابتدائية والإعدادية وتعمل الوزارة حالياً على عودتها للمرحلة الثانوية حيث أنهم في طور وضع المعايير والمنهج المحدث، وسيتم تخصيص حصص دراسية لها، كما سيكون لها تقييم ودرجات تحسب ضمن التقييم الكلي للطلاب.
هل لمادة الفنون والرسم أثر إيجابي على الطلاب؟
أظهرت العديد من الدراسات أن الفنون وممارستها تعمل على تهذيب النفس البشرية وترتقي بها، وقد لاحظنا أن الطلاب الذين لديهم فرط حركة وما يعرف بالمشاغبين، عند توجيههم لممارسة هوايات الفنون في الرسم أو لعب الرياضة البدنية تتحسن أخلاقهم ويستقيم سلوكهم، هذا بخلاف أن الفنون تعمل على رفع المستوى الأكاديمي للطلاب وتحسن ذكاءهم واستيعابهم في الدراسة خاصة المواد العلمية، كما أن تخصيص حصة للرسم وسط اليوم الدراسي يعمل على كسر روتين وملل اليوم الدراسي، ويعطي فرصة للمخ للاستراحة وممارسة هوايته التي يبدع فيها، ويجعله قادرا على استيعاب المواد الدراسية بعد هذه الحصة.
مما لا شك فيه أن الرسم من الفنون الراقية التي تعمل على تهذيب النفس وتربية الأطفال، كما أنها تنمي المواهب، فالكثير من طلابنا لديه العديد من مواهب الرسم والنحت وغيرها من الفنون، هذا بخلاف استخدام الفنون في التربية والمحافظة على البيئة، فظهر في الآونة الأخيرة أعمال فنية تستخدم النفايات والعمل على إعادة تدويرها للتوعية بمخاطر الاستخدام السيئ لبعض المواد وأضرارها على البيئة.
كيف يستخدم الفن في تنمية المشاعر الوطنية؟
مما لا شك فيه أن الفن والرسم يعملان على دعم المشاعر الوطنية لدى الطلاب، وذلك من خلال رسم البيئة القطرية، سواء المناظر الخلابة لشواطئ قطر كذلك رسم القفاري والصحاري المترامية الأطراف التي تزخر بها البيئة القطرية، ومن أهم الأشياء التي يتم رصدها في البيئة القطرية الحيوانات البرية سواء الغزلان أو الصقور أو الطيور، فالبيئة القطرية زاخرة وعامرة بالعديد من اللوحات الفنية الطبيعية التي تنمي مشاعر حب الوطن لدى الطلاب الذين لديهم موهبة الفن.
وقد لاقت لوحة فنية رسمتها لحيوان المها العربي الموجود في دولة قطر، إعجاب وزارة الخارجية وموجودة حالياً في العديد من السفارات القطرية بالعديد من الدول الخارجية.
كما أن اللوحات الفنية التي ترصد الحياة القديمة في دولة قطر والحروب القديمة التي قادها الأجداد لترسيخ الدولة وإقامة حدودها، تعمل على ترسيخ حب الوطن لدى النشء الجديد، وهذا يقوم على تخيلات الفنانين بناء على قراءة التاريخ القطري، مما يجعله يبدع في رسم الوحات الجميلة التي ترصد تاريخ قطر، كما يتم تعميم تلك الرسومات في كتب التاريخ والتي تعزز الموضوعات التاريخية.
كما أن إقامة العديد من المتاحف الفية بالدولة مثل متحف الفن الإسلامى ومتحف دولة قطر، يعتبر من الأشياء الملهمة للفنانين والشباب المبدع في الدولة، ويعمل على زيادة مشاعر حب الوطن لدى الشباب والفتيات.
هل يوجد معارض فنية شاركت في تنظيمها الفترة الأخيرة؟
شاركت في العديد من المعارض الفنية سواء داخل قطر وخارجها، ولاقت اللوحات الفنية التي أعرضها عن المجتمع القطري والبيئة القطرية إعجاب العديد من الزوار.
هل يوجد طلاب قطريون لديهم مواهب فنية في المدرسة؟
يوجد العديد من الطلاب القطريين لديهم مواهب الفن والرسم، ونقوم بالعمل على دعم هذه الموهبة وتنميتها في المدرسة، وأتوقع أن هؤلاء الطلاب سيكونون لبنة وعنصرا أساسيا في تكوين البنية التحتية للفن القطري الحديث، ونأمل أن يكون هؤلاء الطلاب بذرة جديدة لتكوين مجتمع الفنانين القطريين.
حيث نبدأ بتعليمهم أساسيات الفن ثم العمل بالقلم الرصاص ثم الألوان المائية والوصول إلى مرحلة اللوحات الزيتية وهي من مراحل الفنان المتقدمة.
كيف نعمل على تبني تلك المواهب وبناء خبراتهم؟
أولاً من خلال إحياء مادة الفنون والرسم في المدارس، وإعطائها حقها من الاهتمام، كذلك لابد أن تأخذ مادة الرسم نصيبها من اهتمام المسؤولين في وزارة التعليم من خلال توفير الحصص الدراسية وعمل المراسم في المدارس، كما نطالب جامعة قطر بإعادة افتتاح أقسام الفنون في كلية التربية وإنشاء كلية للفنون الجميلة تعمل على دعم مواهب الطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم العليا في الرسم والنحت وغيرها من الفنون الحديثة والمعاصرة.
هل ممارستك للتدريس جاءت من خلال الدراسة أم رغبة؟
أعتقد أن معلم الفنون يجمع بين هوايتين جميلتين وهما الفن والتدريس، الذي أستطيع أن أصفه من أجمل المهن الموجودة على مر التاريخ، فالمعلم فنان في مهنته، لديه أدواته التي يستخدمها في لوحاته بالحصة المدرسية، فالمعلم الفنان الذي يستطيع أن يجذب جميع حواس الطلاب واستخدامها في عملية التعلم ليخرج بعد ذلك لوحته الجميلة وهم طلابا متعلمين وعناصر مفيدة لمجتمعهم.
فالفنان يفرح ويبلغ منتهى السعادة عندما ينتهي من عمله الفني تخرج لوحته الفنية في أبهى حللها، كذلك المعلم يبلغ منتهى سعادته عندما يخرج جيلا جديدا من الشباب المتعلم والمثقف والواعي بأهمية العلم ويكون مفيدا لوطنه ومجتمعه، فكل شخص هو فنان في مهنته.
هل ترى أن المعلم حصل على مكانته في المجتمع؟
وظيفة المعلم هي العمل على تطوير عناصر المجتمع وإخراج جميع الكوادر الوطنية لبناء الدولة الحديثة سواء المهندس والطبيب والعالم والصحفي، فالمعلم له مكانته الكبيرة في المجتمع، والمجتمع غير المدرك لأهمية المعلم هو مجتمع غير قابل للتطوير ولا يستطيع بناء حضارة، فدولة قطر من أولى الدول التي تعطي المعلم مكانته وحقه سواء المادي أو المعنوي.
copy short url   نسخ
18/10/2018
3453