+ A
A -
كتب– محمد الأندلسي

توقع معهد التمويل الدولى ومقره واشنطن أن تستقطب قطر تدفقات استثمارية أجنبية (تدفقات صافية من المستثمرين غير المقيمين) تبلغ 145 مليار دولار (527.8 مليار ريال) خلال العام 2018 ارتفاعاً من مستوى بلغ 125 مليار دولار (455 مليار ريال) وهو ما يعني زيادة بواقع 20 مليار دولار (72.8 مليار ريال) الأمر الذي يعكس انفتاح شهية المستثمرين الأجانب لضخ استثمارات في السوق القطري رغم الحصار المفروض على دولة قطر منذ الخامس من يونيو 2017 ويؤشر في الوقت نفسه إلى أن قطر تجني حاليا مكاسب تطوير التشريعات الاقتصادية التي باتت أكثر انفتاحا مما ساهم في تسهيل ممارسة انشطة الأعمال وتحفيز استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
وتشير تقديرات معهد التمويل الدولي إلى أن التدفقات الاستثمارية الصادرة من قطر إلى الأسواق العالمية تراجعت إلى 20 مليار دولار في 2018 مقارنة مع 23 مليار دولار في عام 2017 وهو ما يكشف عن تركيز رؤوس الأموال القطرية على السوق المحلي تلبية لاستحقاقات تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي ولمواكبة التوسع الكبير في الإنتاج الصناعي والزراعي عقب الحصار.
وقامت قطر في أعقاب الحصار باتخاذ حزمة من التدابير لتعزيز بيئة الأعمال وزيادة جاذبيتها الاستثمارية وتمثلت هذه الإجراءات في: قيام قطاع واسع من الشركات المدرجة برفع نسبة تملك الأجانب لتصل إلى 49 % مما أفضى لاستقطاب سوق الأسهم القطرية لاستثمارات أجنبية صافية بلغت قيمتها 1.45 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 2018 وحدث ذلك بالتزامن مع تطوير التشريعات الاقتصادية وكان آخر هذه التشريعات التي تم إقرارها هو القانون رقم (14) لسنة 2018 بشأن السجل الاقتصادي الموحد، والذي أصدره حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، مؤخرا، ويُقيّد السجل الاقتصاد الموحد كل من: المنشآت الاقتصادية القطرية وفروعها، وفروع المنشآت غير القطرية التي تزاول أعمالها في الدولة، إضافة إلى المرخص لهم بممارسة المهن الحرة.. ويصدر لكل من يُقيّد بالسجل الاقتصادي الموحد رقم يُسمّى «الرقم الاقتصادي الموحد»، يستخدمه في جميع تعاملاته والأوراق المتعلقة بنشاطـه.
وكذلك أقرت قطر قانون تنظيم الاستثمار الأجنبي الذي يستقطب رؤوس الأموال الأجنبية بنسبة 100 % في جميع الأنشطة والقطاعات الاقتصادية والتجارية إلى جانب إصدار رخصة بناء مخزن تجاري في 72 ساعة فقط (3 أيام) بدلاً من 55 يوماً مع تخفيض عدد الإجراءات المتبعة لتصل إلى 5 إجراءات بدلاً من (10 إجراءات) وقانون تنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي والذي فتح المجال للاستثمار الأجنبي بنسبة تملك 100 % في جميع القطاعات، فضلًا عن التعديلات على قانون المناطق الحرة وإعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول، علاوةً على ترتيبات لتنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها ومشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
من ناحية أخرى تتعزز جاذبية قطر الاستثمارية نتيجة استقرار عملتها الوطنية (الريال) في زمن تذبذب العملات العالمية بفضل قيام مصرف قطر المركزي بتثبيت سعر صرف الريال القطري مقابل الدولار الأميركي عند مستوى 3.64 ريال/ دولار في أسواق الصرف المحلية والخارجية الأمر الذي يزيد فرص استقطاب الاستثمارات الأجنبية الباحثة عن الدول ذات العملات المستقرة ويشير مؤشر المراكز المالية (GFCI) الصادر قبل أيام عن مجموعة «Z/YEN» إلى أن الدوحة قفزت 13 مركزاً دفعة واحدة بقائمة أفضل المراكز المالية في العالم، حيث قفز ترتيبها من المرتبة الـ47 عالمياً في التصنيف السابق إلى المرتبة الـ34 عالمياً في أحدث تصنيف أصدره المؤشر ذاته، الأمر الذي يعكس نمواً كبيراً في جاذبية الدوحة كمركز مالي عالمي رغم الحصار المفروض على دولة قطر في الخامس من يوليو 2017، ويكشف ترتيب الدوحة في القائمة عن تفوقها على 66 مدينة حول العالم بالمؤشر الذي يضم 100 مدينة تمثل أبرز المراكز المالية في العالم. وبحسب المؤشر فإن الدوحة تفوقت على مراكز مالية عدة أبرزها: أمستردام وواشنطن والرياض والمنامة والكويت ودبلن وميونيخ وكوالالمبور وهامبورغ وكاليغاري وادنبره وبانكوك وموناكو وفيينا وساوباولو ومدريد وجوهانسبرغ وميلان وستوكهولم وأوسلو وإسطنبول وريو دي جانيرو وموسكو وهلسنكي ونيودلهي وروما وغيرها من المدن التجارية والمالية الشهيرة.
وفي التفاصيل يقول نائب رئيس غرفة قطر سابقا ورجل الأعمال، عبد العزيز العمادي: «ارتفاع حجم التدفقات الصافية من المستثمرين الأجانب إلى السوق القطري بواقع 20 مليار دولار يمثل تصويتا بالثقة على قوة الاقتصاد القطري وأبرز دليل على تلاشي أثار الحصار الاقتصادية كما يعكس بالوقت نفسه جاذبية الاستثمار في السوق المحلي وبيئة الأعمال المميزة في ظل التشريعات الاقتصادية التي تمنح مزيدا من السهولة والمرونة لممارسة الأعمال، مما حفز رأس المال الأجنبي والمحلي أيضا على ضخ استثمارات بالسوق المحلي بشكل كبير».
جاذبية استثمارية
من جانبه قال رجل الأعمال، فهد الخلف: «التشريعات الاقتصادية المتطورة التي تصدرها الدولة ساهمت بشكل كبير في تعزيز مكانة قطر كوجهة جاذبة للاستثمارات والتدفقات الاجنبية الواردة إلى السوق المحلي، التي بلغت 145 مليار دولار خلال العام الجاري، وهذا يعطي دلالة واضحة على تحسن مناخ الاستثمار، في ظل تكريس حضور قطر في قائمة أهم المراكز التجارية الإقليمية والعالمية، وبالتالي استمرار زيادة التدفقات الاستثمارية الأجنبية إلى قطر».
وأشار الخلف إلى انخفاض قيمة التدفقات الصادرة على أساس سنوي لتصل إلى 20 مليار دولار في العام الجاري وفقا للتقديرات يعتبر بمثابة دليل واضح على زيادة جاذبية الاستثمار المحلي وتفضيل المستثمرين المحليين للاستثمار في السوق القطري.. نتيجة التوسع الكبير في الإنتاج الصناعي والزراعي ولتلبية استحقاقات تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاستقلالية الاقتصادية في ظل ارتفاع شهية المستثمرين للاستثمار بقطاعات الغذاء والزراعة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة فضلاً عن القطاعات الاستثمارية التقليدية الاخرى مثل العقار والخدمات والبورصة.
إشادات عالمية
بدوره، أشاد رجل الأعمال عبد الهادي الشهواني: «تشير جميع الدلائل والتقارير الدولية والإشادات العالمية إلى مدى القوة والمتانة والثقة التي يتمتع بها الاقتصاد القطري مما يؤكد على مدى نجاح السياسة المالية والنقدية التي تتبعها الدولة وقدرتها على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المحلي».
وأشار الشهواني إلى أن جاذبية بيئة الأعمال المحلية تؤكدها الكثير من الهيئات العالمية والتقارير الدولية، مثل استحواذ دولة قطر على المرتبة الثانية عالمياً في قائمة الأدني بالضريبة، وأيضا الثانية عالميا بموشر أثر الضرائب على الحوافز على العمل، والمرتبة الثالثة عالمياً بمؤشر المشتريات الحكومية من منتجات التكنولوجيا المتقدمة، كما أنها جاءت في الترتيب الرابع عالمياً بمؤشر كفاءة الانفاق الحكومي، وتبوأت المركز الخامس عالمياً في توافر رؤوس الأموال للمشاريع، والسادسة عالميا في مؤشر حماية مساهمي الأقلية، والسابعة عالمياً في مؤشر استخدام الإنترنت، والثامنة عالمياً في مؤشر الإنتاجية، والتاسعة عالميا في مؤشر تنظيم الأسواق المالية، وحلت في المركز العاشر عالمياً في مؤشر كفاءة الإطار القانوني لتسوية المنازعات، وذلك بحسب تقرير التنافسية العالمي 2017-2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بسويسرا.
وأضاف الشهواني قائلاً «تتزامن تدفقات الاستثمار الأجنبي للبلاد مع موجة رفع التصنيف الائتماني السيادي للبلاد من قبل وكالات التصنيف الائتماني العالمية مثل موديز وفيتش فضلاً عن تأكيد تصنيف الجدارة الائتمانية من قبل وكالتي ستاندرد آند بورز وكابيتال إنتليجنس.. العالم يثق في الاقتصاد الوطني».
ومؤخراً رفعت وكالة التصنيف الائتماني العالمية «موديز» نظرتها المستقبلية لقطر إلى مستقرة مع تثبيت التصنيف الائتماني للدولة عند مستوى (AA3) مشيرة إلى أن قطر قادرة على مواجهة أيه مخاطر محتملة بفضل احتياطياتها الضخمة وقوتها الاقتصادية بينما رفعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لدولة قطر إلى مستقرة، مؤكدة تصنيف قطر السيادي على المدى الطويل عند درجة «-AA» مرجحة أن تحقق قطر فائضا يوازي 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 بالتزامن مع توقعات بارتفاع الإنفاق الحكومي الرأسمالي على المشاريع التنموية الكبرى.
وفي المقابل أكدت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية S&P التصنيف الائتماني السيادي لدولة قطر بالعملات المحلية والأجنبية على النحو التالي: مستوى (-AA) على المدى الطويل، و(+A-1) على المدى القصير مؤكدة قوة الاقتصاد القطري أمام الحصار ومتوقعة استمرار تحقيقه لمعدلات نمو قياسية وبدورها ثبتت وكالة التصنيف الائتماني العالمية «كابيتال إنتليجنس» تصنيف العملات المحلية والأجنبية طويل الأجل لدولة قطر عند درجة -AA مع تصنيف العملات المحلية والأجنبية على المدى القصير عند +A1 متوقعة تحول موازنة دولة قطر لتحقيق فائض يبلغ 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2018.
copy short url   نسخ
23/09/2018
2378