+ A
A -
كتب – محمد أبوحجر
أكد قانونيون وأكاديميون أنه على الجهات الحكومية الحذر من الشهادات الجامعية المزورة التي انتشرت خلال الفترة الأخيرة ويتم اكتشافها بصورة متكررة، مطالبين بضرورة مراجعة الشهادات التي يتقدم بها الوافدون للتأكد من مصداقيتها وخاصة مع وجود جهات كثيرة أصبحت تبيع شهادات جامعية مقابل آلاف الدولارات.
وأوضحوا خلال استطلاع رأي لـ الوطن أن القانون القطري يتصدى لمرتكبي التزوير والتقليد والتزييف، لكونه يؤثر سلباً على العمل العام، ويضر بالأداء المهني، ويجلب موظفين غير أكفاء، ليسوا على درجة مناسبة لسوق العمل.
وأشاروا إلى أن العديد من المقيمين يلجؤون للتزوير لتغيير المسميات المهنية، بهدف الحصول على رواتب كبيرة لا يستحقونها، والبحث عن وظائف ذات دخل عالٍ، لافتين إلى أن هؤلاء المزورين يضرون الاقتصاد الوطني من خلال عدم قدرتهم على افادة الأداء المهني والعمل العام، حيث إن تطور الدولة والنمو يتطلبان أفراداً وموظفين على درجة كبيرة ومؤهلة في التعليم، ولديهم مهارات لا تتوافر سوى في حاملي الدرجات العلمية.
وأكدوا أن أصحاب الشهادات الجامعية المزورة يعملون في مواقع مشاريع المقاولات والتشييد والبناء والطب وكلها مهن هامة في الدولة وأن عدم امتلاكهم لمقومات العمل في تلك المواقع يسبب مخاطر وأضرارا.
إعلانات لبيع الشهادات
الوطن بدورها اكتشفت قيام العديد من الصفحات المجهولة بعرض شهادات جامعية أردنية ومصرية دون اشتراط الدراسة على حملة الثانوية العامة وكذلك شهادات للماجستير والدكتوراه مقابل مبلغ مالي يصل إلى 5 آلاف دولار.
الحبس لمزوري الشهادات
وتنظر الدوائر الجنائية في المحكمة الابتدائية العديد من قضايا تزوير الشهادات الجامعية والدراسات العليا التي تم اكتشافها من الأجهزة الحكومية المختلفة أو من لجنة التصديقات، التي يتقدم بها أصحابها إلى جهات حكومية لتصديقها أو تجديدها، سواء للحصول على وظائف، أو تعديل أوضاع مهنية قائمة للحصول على رواتب عالية.
حيث عاقبت محكمة الجنايات شابا بالحبس لمدة سنة واحدة بعد اكتشافه تزوير شهادته الجامعية، ومصادرة المحرر المزور.
وقضت محكمة الجنايات بحبس شاب عاما وإبعاده عن البلاد عقب تنفيذ الحكم لقيامه بتزوير شهادته الجامعية للحصول على وظيفة بإحدى الجهات الحكومية.
وتبدأ أحداث الواقعة بقيام المتهم بتزوير شهادة بكالوريا فنية لتقديمها لإحدى المؤسسات العاملة بالدولة للحصول على وظيفة، تدر عليه دخلا أكبر مما يتحصل عليه ووضعا اجتماعيا أفضل مما هو فيه.
وحين اتجه الشاب إلى الموظف الموكل باستلام الأوراق الخاصة به لاحظ اختلافا في وظيفته الموجودة في جواز سفره وشهادة تخرجه مما جعله يدقق النظر في الأوراق المقدمة من قبله، وبالتأكد من الأختام الموجودة على الشهادة من الأمام والخلف لاحظ أن هذه الأختام باهتة وغير متطابقة لما لديه من شهادات سابقة لموظفين آخرين فشعر بأنه أمام عملية تزوير وأن شهادة التخرج المقدمة على أنها «أصل» ما هي إلا صورة ضوئية بالألوان لإيهام المستلم بأنها أصل وليست صورة..
تم عمل التحريات اللازمة وجمع الاستدلالات عن المشتبه به والتي أفادت بأن وظيفته غير مطابقة لما عليه جواز السفر وأنه دخل الدوحة بفيزا حرة مقابل مبلغ من المال، وبتحويل الملف إلى النيابة العامة أمرت بتحويل المستندات المشتبه في تزويرها إلى لجنة خبراء لكتابة تقرير بشأنها وبالفعل تبين من خلال التقرير وما تم جمعه من استدلالات وتحقيقات أن الشاب استطاع الحصول على صورة ضوئية ملونة للشهادة المطلوبة لجهة العمل التي أراد التوظف فيها، موثقة من السفارة القطرية وسفارة بلده وعليها صورة أختام تم التأكيد عليها بأقلام من نفس الألوان ليضفي عليها طابع الصحة، أما البيانات المكتوبة داخل الفراغات الموجودة بالأختام فتمت كتابتها بقلم جاف بخط اليد.
وفي نفس السياق أدين شاب اخر بتزوير شهادة جامعية صادرة من عاصمة عربية، حيث كشف الواقعة قسم التصديقات بوزارة الخارجية حيث أحال شاباً إلى إدارة البحث الجنائي بعد ان تبين للموظف أنّ ختم الشهادة مزور.
كما عاقبت محكمة الجنايات شاباً بالحبس لمدة 3 سنوات لارتكابه جريمة تزوير شهادة جامعية، مع الأمر بمصادرة المحرر المزور على تقليد البصمة والعلامات وتوقيعات المختصين على شهادة صادرة من جامعة آسيوية.
وقد ثبت بتقرير المختبر الجنائي أنّ الخاتم المنسوب لسفارة قطرية بالخارج مقلد، ولم يؤخذ من خاتم صحيح.
الحبس من عام لـ«3» أعوام
وأكد المحامي والخبير القانوني حمد الكبيسي أن المحاكم تنظر عدداً من قضايا تزوير الشهادات الجامعية بعد اكتشاف عدد من الجهات لشهادات مزورة تم تقديمها لها.
وأوضح أن الشهادات المزورة لجامعات حكومية توضع تحت بند تزوير في محرر رسمي لذلك تكون القضية جناية ويكون الحكم فيها بالحبس من 3 لـ10 أعوام ولكن عند تزوير شهادات لجامعات غير معتمدة تحول لقضية جنحة ويكون الحكم فيها بالحبس من عام لـ3 أعوام.
ولفت الكبيسي إلى أن المادة 204 من قانون العقوبات في فصل الجرائم المتعلقة بالثقة العامة تفيد بأن تزوير المحرر يعني تغيير الحقيقة تغييراً من شأنه إحداث ضرر، وبنية استعماله كمحرر صحيح، والتغيير يتضمن كتابة أرقام أو علامات أو ختم مزور، واصطناع محرر وتقليده، وتغيير الحقيقة في محرر حال تحريره فيما أعد لإثباته.
وتابع: تنص المادة 210 من قانون العقوبات على أنه يعاقب بالعقوبة المقررة لجريمة التزوير، كل من استعمل محرراً مزوراً مع علمه بتزويره، ويعاقب بالحبس لمدة لا تجاوز سنة، كل من استعمل محرراً صحيحاً باسم شخص آخر أو انتفع به بغير حق.
وأكد أن المزورين الذين يقدمون على شراء هذه الشهادات يبحثون عن وجاهة اجتماعية أو تعيين في وظيفة ما، مؤكدا أن هذه الشهادات تأتي غالباً من جهات وهمية على الإنترنت وتكون شهادات لجامعات غير معترف بها عالميا.
وطالب الكبيسي جهات العمل بقطر التي تقدم لها شهادات علمية بعرضها علي لجنة معادلة الشهادات العلمية بوزارة التعليم والتعليم العالي التي تقوم بدورها بالتأكد من مصدرها ومدى صحتها، لافتا إلى ضرورة التنسيق بين الجهات المعنية بالدولة لمواجهة مثل هذه السلوكيات الخاطئة.
وتحدث عن خطورة ترويج الشهادات المزورة وبيعها لأشخاص يعملون في مجالات ذات اتصال مباشر بالمجتمع مثل الطب والهندسة والتكنولوجيا، مشيرا إلى أن أي شخص غير مؤهل في مثل هذه المجالات سوف يتسبب في أخطاء كبيرة.
الإضرار بالمجتمع
من جانبه يقول الباحث القانوني محمد الشمري إن من يقوم بمثل تلك الأعمال هم بعض الوافدين الذين يحلمون بالثراء السريع دون امتلاكهم لمقومات فيلجؤون لتزوير شهادات جامعية وشرائها من اماكن مجهولة للعمل في قطاعات هامة وحساسة مثل الصحة والمقاولات والتشييد وغيرها من الأعمال.
وطالب بوجود جهة تقوم بتقييم وفحص الشهادات والتأكد من الجامعات التي تخرجوا فيها حتى يتم التصريح لهم بالعمل بعد ذلك، موضحا أن تزوير الشهادات العلمية والجامعية موجودة بين الوافدين وأن بعض الجهات الحكومية اكتشفت بالفعل شهادات مزورة وبدأت جهات اخرى بفحص شهادات موظفيها.
وأشار الشمري إلى أن هؤلاء الأشخاص ليسوا جديرين بأن يعملوا في دولتنا ويعيشوا بها لأنهم يتحايلون على مؤسساتها للحصول علي حقوق وامتيازات ليسوا جديرين بها.
وأوضح ان المؤهل العلمي مطلوب في جميع مناحي الحياة غير أن هذا المؤهل بمستوياته المختلفة يجب أن يكون بعرق وجهد ومن مؤسسات علمية معترف بها دوليا، مؤكدا أن صاحب الشهادة المضروبة يرتكب جريمة، أولاً في حق نفسه حينما يسلب حقاً ليس له، وثانيا في حق المجتمع، حينما يمنع صاحب الحق والذي لديه شهادة من الحصول على حقه العلمي والأدبي والوظيفي أيضا في المؤسسات المختلفة.
جامعات وهمية
ومن جانبها قالت الدكتور بتول خليفة الخبيرة الأكاديمية والأستاذة بجامعة قطر إن ظاهرة التلاعب وتزوير الشهادات ظاهرة علمية واجتماعية خطيرة بحاجة إلى وضع حلول مناسبة لها، تمنع ضعاف النفوس من استغلالها من خلال تشديد الرقابة على الشهادات التي يحصل عليها الوافدون أسوة بمعادلة الشهادات التي تتم للقطريين الدارسين بالخارج.
وأضافت: وجود مثل تلك الظواهر أمر خطير على المجتمع لأن صاحب الشهادة المزورة أو المشتراة من جامعات غير معترف بها يضرون بالمجتمع ويسلبون حقوق غيرهم.
وأشارت إلى ضرورة تشديد العقوبات عليهم، لأنه هناك بالفعل إعلانات لبيع شهادات جامعية من جامعات وهمية ليس لها مقر سوى الشبكة العنكبوتية، مؤكدة أن كل الجهات الحكومية لابد أن تقوم بتشكيل لجنة للتأكد من صحة الشهادات التي تقدم لها وتقوم بمراسلة السفارات للتحقق من صحة الشهادات.
copy short url   نسخ
19/09/2018
9021