+ A
A -
بدت الذكرى الـ17 لهجمات 11 سبتمبر الأميركية، هذا العام مختلفة عن سابقاتها، تزامناً مع طرح كتاب جديد عن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وما يجري داخلها.. «الخوف» هو عنوان كتاب بوب وودورد الجديد، وهو الكاتب الذي يعد من أهم الكتاب الصحفيين في أميركا وربما في العالم، ويعود ذلك إلى دوره في الكشف عن فضيحة «ووترغيت» (1972) التي أطاحت الرئيس ريتشارد نيكسون من البيت الأبيض. وللرئيس ترامب علاقة شائكة بأحداث 11 سبتمبر التي وقعت على بعد كيلومترات عدة فقط من مقرّ سكنه وعمله في الجادة الخامسة داخل منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك.. وبدأت هذه العلاقة بعد ساعات عدة من انهيار برجي مركز التجارة العالمي بقلب منطقة وول ستريت.. إذ أجرت محطة تليفزيون «دبليو دبليو أو آر» المحلية بمدينة نيويورك، حواراً مع رجل العقارات الشهير بالمدينة دونالد ترامب لسؤاله عن الحادثة، وما يعنيه وصول الإرهاب إلى قلب الولايات المتحدة، ولتبعات هذه الحادثة على عالم المال والأعمال.. علق ترامب قائلاً: إن «هذه الحادثة سقط معها وانهار أطول مبنى في المدينة، مركز التجارة العالمي، والذي هو في الوقت نفسه أطول مبنى في منطقة وول ستريت مركز القطاع المالي الأهم في نيويورك والعالم».. وذكر أنه «الآن يملك أطول مبنى في منطقة وول ستريت، وهو البناية رقم 40 في شارع وول ستريت ذاته والذي يشمل 72 طابقاً، لقد كان المبنى ثاني أطول المباني في وول ستريت، الآن أصبح هو المبنى الأطول».. ولم يعر ترامب اهتماماً لأرواح الضحايا أو العملية الإرهابية ذاتها، وتأثيرها في مختلف أنماط الحياة داخل مدينة نيويورك، فقط ما اهتم به هو مكسبه الشخصي.
وبعد مرور 14 عاماً على أحداث 11 سبتمبر، استدعى ترامب الحادثة الإرهابية الكبرى داخل الأراضي الأميركية، عام 2015، ليستغلها انتخابياً بطريقة غريبة.. ففي خضم الحملة الانتخابية الرئاسية لانتخابات 2016، والتي أتت به رئيساً للولايات المتحدة، سأل جورج ستيفانابولس، أحد أهم مقدمي البرامج الاختبارية في محطة «آي بي سي»، المرشح ترامب عما ذكره في تجمع انتخابي حضره آلاف الأنصار بخصوص هجمات 11 سبتمبر، وادعائه سعادة وابتهاج الآلاف من العرب الأميركيين بهذه الهجمات، وجاء نص الحوار كما يلي:
ستيفانابولس: «لقد أثرت دهشة الكثيرين بما قلته ليلة أمس بخصوص هجمات 11 سبتمبر، هل تعلم أن الشرطة أكدت أن هذه الأشياء لم تحدث، وأنها ليست إلا إشاعات، هل كنت تقصد شيئاً آخر في حديثك؟».
ترامب: «لقد شاهدت سقوط برجي التجارة العالمي، وشاهدت أيضاً في مدينة جيرسي آلاف الأشخاص يبتهجون لسقوط البرجين، الآلاف كانوا مبتهجين لما يجري».
ستيفانابولس: «هل أنت متأكد؟».
ترامب: «هذا حدث بالفعل، لقد شاهدتهم، لقد شاهدتهم على شاشات التليفزيون».
ستيفانابولس: «كيف والشرطة تنفي حدوث هذه الأشياء؟».
ترامب: «كان هناك الكثيرون ممن يرقصون فرحاً في الجانب الآخر من نيوجيرسي، حيث تقطن جالية كبيرة من السكان العرب.. كانوا سعداء بسقوط البرجين، قد يكون ما أقوله غير لائق سياسياً ومن غير المناسب الحديث عن هذا الموضوع، لكن هم كانوا سعداء لسقوط البرجين، وهذا ليس شيئاً جيداً».
وعلى الرغم من تكذيب الشرطة رسمياً إدعاء ترامب، وإضافة إلى فشله في عرض أشرطة أو لقطات تليفزيونية تدعم ادعاءاته، إلا أن الملايين من أنصاره آمنوا بما قال من افتراءات ضد الأميركيين من أصول عربية وإسلامية.. ولم يتردد ترامب في استغلال ملايين الناخبين الأميركيين وتصديقهم ما يقوله من أجل حصد المزيد من الأصوات.. وخلال حملته الانتخابية، تعهّد ترامب بالنظر جدياً في موضوع إغلاق بعض المساجد وتشديد الرقابة على بعضها الآخر.. كما قطع عهداً باستصدار بطاقات هوية خاصة بالمسلمين.. وتحدث ترامب كذلك عن إنشاء قاعدة بيانات فيدرالية لتعقب وتتبع ومراقبة المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة، ناهيك بالطبع بأكثر وعوده خطورة والمتمثل في منع المسلمين من دخول البلاد.. وبالفعل، نجح ترامب في إصدار مرسوم رئاسي تنفيذي يحظر دخول مواطني ست دول إسلامية هي: سوريا وأفغانستان وإيران واليمن وليبيا والصومال.
في خطابه الأسبوعي المسجل والذي يبث أسبوعياً للأمة الأميركية، أكد ترامب في 28 يوليو الماضي أن «هجمات 11 سبتمبر قام بها أجانب ممن استغلوا ثغرات في قوانين الهجرة الأميركية المتساهلة، وقاموا بقتل ما يقرب من ثلاثة آلاف مواطن بريء.. وعقب الهجمات قام الكونغرس بخلق جهاز جديد عُهد إليه بتطبيق قوانين الهجرة والمعروف باسم (وحدة تطبيق قوانين الهجرة) أو (آيس)».. ثم أضاف أنه «خلال 2017، قامت وحدة آيس بالقبض على 170 ألفاً من المهاجرين المتهمين في جرائم خطيرة وكبيرة داخل الولايات المتحدة، إلا أن قادة الحزب الديمقراطي يطالبون بإلغاء آيس وحلّها، أي أنهم يريدون حدوداً مفتوحة ويريدون عدداً أكبر من الجرائم».. ولا يتورع ترامب عن استدعاء حادثة 11 سبتمبر لكسب بعض النقاط السياسية ضد خصومه الجمهوريين، أو لإشعال حماس قاعدته الانتخابية على أساس تخويفهم من مسارات مشابهة لما واجهته بلادهم في 11 سبتمبر.
copy short url   نسخ
12/09/2018
1410