+ A
A -
ترجمة- محمد سيد
تتلاحق الأحداث داخل البيت الأبيض في ظل وجود الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، الذي صدرت منذ توليه الرئاسة في عام 2017 نحو 3 كتب مهمة تتناول بالنقد والتقريع، مسيرة الرجل المثيرة للجدل بداية من حملته الانتخابية التي مازالت تشكل أزمة إلى الآن وحتى الفترة الحالية، التي أثار فيها كتاب جديد جدلاً واسعاً داخل الأروقة المغلقة، أكده وأشعل النار معه مقال كاتبه غير معروف في صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية- مشيرا إلى أنه أحد مسؤولي إدارة ترامب- لدرجة جعلت الرئيس يطالب بالكشف عنه وتقديمه للتحقيق.
وسبق وأن أثار الكتاب الأول وهو «نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض» للمؤلف الأميركي مايكل وولف، والذي صدر في 5 يناير 2018، الإدارة الأميركية بتفاصيله الكاشفة عن تخبط ترامب اعتماداً على ما قاله مساعده السابق ستيف بانون، والذي اعتبر ترامب غير قادر على العمل في منصبه لافتقاده الخبرة، كما وصفه بالجبان.
أما الكتاب الثاني الذي كان عنوانه صادماً وهو «المعتوه: مشاهدة من بيت ترامب الأبيض»، فقد كان مذكرات من تأليف مستشارة البيت الأبيض السابقة أوماروزا مانيغو نيومان، والتي أوضحت تفاصيل وأسرار رئاسة دونالد ترامب وشخصيته الحقيقية، واصفة إياه بالـ«عنصري».
الكتاب الثالث وهو «الخوف: ترامب في البيت الأبيض» (FEAR: TRUMP IN THE WHITE HOUSE) هو كتاب واقعي للمؤلف والصحفي الأميركي الشهير بوب وودورد. ويوضح الكتاب بصورة نقدية لاذعة تفاصيل وأسرار رئاسة الرئيس الأميركي استنادا على مئات المقابلات والتحقيقات مع أعضاء إدارة ترامب. ويعد الكتاب ضربة أخرى لترامب نظراً لأنه صادر عن الكاتب الصحفي بوب ووودورد، ومفجر فضيحة ووترغيت التي أطاحت بالرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون من منصبه.
وبعد نشر العديد من الصحف الأميركية مقتطفات من الكتاب، علق ترامب بتغريدة على حسابه على تويتر أنكر خلالها التعليقات التي نسبها وودورد إليه كما اتهمه بأنه عميل لمصلحة الحزب الديمقراطي، واصفاً الكتاب بالخيالي.
وفي مقتطفات كتاب بوب ووودورد، التي حصلت عليها صحيفة «بيزنيس إنسايدر»الأميركية، كتب ووودورد عن التخبط في اختيارات ترامب لوزرائه، ذاكراً أن عملية اختيار وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين كانت مثالاً للعشوائية، حيث قال إنه وبعد بضع دقائق من اجتماعه مع ترامب، تسربت أخبار اختيار منوشين لوزارة الخزانة إلى وسائل الإعلام. وصرّح جاريد كوشنر، ابن زوج ترامب، بأن منوشين سرب الأخبار لتفادي أي تبديل من ترامب.
ويقول كتاب ووودورد إن البيت الأبيض يعاني من الفوضى والخلل الوظيفي، ويصور معظمه على أنه ناجم عن ترامب. قصة أخرى تفصّل سرقة وثائق من مكتب ترامب لمنعه من سحب الولايات المتحدة من الصفقات التجارية الكبرى.
وتفيد التقارير التي كشفها الكتاب أن إيفانكا ترامب وستيف بانون اشتبكا حول البروتوكول الصحيح للبيت الأبيض، وقالت له «لست موظفة.. أنا الابنة الأولى».
وفي الشأن الخارجي، بحسب ما ورد في الكتاب فقد أخبر ترامب مقربيه أنه يريد اغتيال الرئيس السوري بشار الأسد بعد هجومه بالأسلحة الكيميائية على السوريين في العام الماضي، هذا مع تطرق الكتاب لنقطة هامة، وهي عدم قدرة ترامب على قيادة الجيش بشكل صحيح.
وختمت «بيزنس إنسايدر» بأنه ومما صدر من مقتطفات عن الكتاب فإنه لا يحتوي على معلومات كثيره، لكن جوهر ما يكشفه ووودورد هو أن العديد من الذين يعملون مع ترامب صاروا يعتقدون أنه غير مناسب لمنصب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يعني اتفاقا بين وجهتي نظر من يعملون مع ترامب ومن يعملون على معارضته.
وتطرقت صحيفة «شيكاغو صن تايمز» الأميركية، إلى بعدٍ آخر أثاره كتاب «الخوف» وهو علاقة ترامب المتوترة مع الصحافة، حيث يريد ترامب من الكونغرس إعادة كتابة قوانين منع التشهير رداً على هجوم الصحافة الضاري، ما قد يزيد الهجوم عليه ولا يعمل على الحد منه.
ومع الضجة التي أحدثها الكتاب الذي صادف موعد نشره الرسمي، ذكرى 11 سبتمبر، وتفجيرات أبراج مركز التجارة العالمي قبل 17 سنة، يظهر أن أميركا على موعد متجدد مع المعارك السياسية الحامية التي قد تخرج ترامب من معادلة الحكم، وفق ما ذكر مقال كاتبه مجهول في صحيفة «النيويورك تايمز».
وقالت مجلة «فاريتي» الأميركية، إن ترامب طالب المدعي العام جيف سيسيز أن يكشف عمن كتب مقالة غير موقعة باسم نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، وقال إنهم يبحثون في إمكانية العمل ضد الصحيفة نفسها، وهو الأمر الذي قد يزيد من اشتعال الأمور، في ظل انتقاد الصحافة الأميركية الحاد لدونالد ترامب.
وقال ترامب للصحفيين «أود أن أقول إن جيف يجب أن يحقق في هوية صاحب تلك المقالة لأنني أعتقد حقا أنه أمن قومي».
ويقول الخبراء القانونيون إن محاولة وزارة العدل تعقب مصدر الرأي يمكن أن يؤدي إلى مواجهة أول تعديل. لقد قام ترامب في الماضي بتهديد قانوني ضد الناشرين والصحف، بما في ذلك صحيفة «التايمز»، لكنه لم يتابع أي إجراء.
وقالت تيريزا هاوس المتخصصة في القانون والإعلام: «لقد كانت صحيفة نيويورك تايمز في هذه المعركة من قبل، وقد اتخذت مواقف لحماية العلاقة مع المصدر». وأضافت: على الرغم من أن ولاية نيويورك لديها قانون قوي لحماية الصحفيين من الكشف عن مصادرهم، إلا أنه لا يوجد مثل هذا القانون على المستوى الاتحادي.
وقال جيمس داو، محرر الرأي في صحيفة «ديليكا بودكاست» اليومية: «لا يوجد شيء في المقال يلفت انتباهنا إلى أنه ذو صلة بالأمن القومي أو يقوضه».
ووفق مجلة فورين بوليسي الأميركية الشهيرة، فقد أكد مقال صحيفة «نيويورك تايمز» بعنوان «أنا جزء من المقاومة داخل إدارة ترامب»، شطحات ترامب وكيف يجهد تابعوه للتصدي له.
وتساءلت المجلة، عن إمكانية عزل ترامب؟.. ويقول في ذلك جميس ثيربر، أستاذ شؤون الحكومات ودراسات الرئاسية في الجامعة الأميركية، «لا توجد سابقة لهذا في تاريخ الولايات المتحدة».
ولفتت المجلة إلى المادة الخامس والعشرين من الدستور الأميركي، والتي تسمح لأعضاء من الإدارة كمجموعة إبلاغ الكونغرس في حال اعتقدوا أن الرئيس لم يعد قادرا على أداء مهامه.
وقال ثيربر، إنه يعتقد أنه لن يتم استخدام التعديل 25 ضد ترامب، وأضاف «لن يكون لهذا تأثير كبير على ترامب، ولكنه سيزيد من تقويض الثقة في رئاسته هنا في الولايات المتحدة وفي العالم أجمع».
وأشار ساباتو، إلى أن الطبيعة المعقدة لتلك العملية التي تتطلب إرسال إشعار إلى الكونغرس توضح لماذا تعتبر الحكومة الرئيس غير مناسب للرئاسة، كما يتطلب تصويتا بالثلثين في الكونغرس بمجلسيه لعزل الرئيس واستبداله بنائبه.
وقال التقرير المطول في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، لقد كانت إحدى السمات الأكثر إثارة للدهشة في الحملة الرئاسية الأميركية لعام 2016 هي المعارضة من الحزبين لتولي دونالد ترامب. وقد عارضه الديمقراطيون لأسباب حزبية واضحة، لكن العداء تجاه ترامب كان أكثر شدة من الجانب الجمهوري. ووقع عشرات من خبراء السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري، خطابات مفتوحة شجبت فيها ترشيحه، وأحد الخطابات التي أعلن فيها أنه «غير مناسب تمامًا للحكم».
وقالت المجلة الأميركية إن الصراع بين ترامب ومؤسسة السياسة الخارجية (المعروف بـ BLOB) استمر منذ فوزه في الانتخابات وتولى منصبه في يناير 2017، ولذا لجأ ترامب لتعيينات أولية من خارج دائرة الانتقاد (على سبيل المثال، ستيف بانون، مايكل فلين، وخبير الإرهاب ذو الطابع الذاتي سيباستيان غوركا)، مما اضطر وزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير الخارجية السابق ريكس تيليرسون، ومستشار الأمن القومي إتش آر ماكماستر، والاقتصادي المستشار غاري كوهن للعمل الإضافي لاحتواء أسوأ غرائز ترامب. وفي النهاية، شعر ترامب بالإحباط وأطاح ببعض منهم، لكن وصول شخصيات مثل جون بولتون ومايك بومبيو وغيرهم لم يوقف الحرب الداخلية.
ورأت فورين بوليسي أن كتاب ووودورد ومقال النيويورك تايمز يتطابق مع كل ما نعرفه عن مهنة ترامب قبل أن يدخل السياسة، وأنه كان رجل أعمال فوضويا يعاني من الإفلاس المتكرر، وكان أفضل في خداع الناس أكثر من إنجاز الأمور، وكان كذابًا موهوبًا.
وعن كاتب مقال صحيفة «نيويورك تايمز» غير المعروفة شخصيته، رأت المجلة أنه بعيداً عن عزل ترامب، فإن المقال جهد مبدئي لتحذير الأميركيين من أن المشكلة أكبر مما يعتقدون، وأن إمكانية الإطاحة بترامب من الحكم سرها ليس ضجة الكتاب والمقال وإنما عند المحقق الخاص المكلف من وزارة العدل «روبرت مولر» عن تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية.
لكن ووفق ما ذكرت صحيفة «شيكاغو صن تايمز»، فمن غير المرجح أن يؤدي المقال إلى التحقيق مع ترامب أمام الكونغرس بهدف عزله، ولكن لا أحد يعتبر هذا المقال مؤشرا جيدا. فرغم أن المقال وكتاب ووودورد أحدثا اضطرابا في البيت الأبيض، حيث تساءل ترامب ما إذا كان يمكن اعتبار المقال «خيانة» وطالب بالكشف عن كاتبه، إلا أن مساعدي ترامب المقربين سارعوا إلى نجدته.
ونبهت صحيفة «شيكاغو صن تايمز» إلى أن ما أتى في المقال يعد تمرداً على ترامب، لكنها لفتت إلى أنه إذا اعتقدنا أن الناس أخطأت أو أصابت بانتخاب ترامب، فإن ترامب لايزال الرئيس الشرعي للولايات المتحدة الذي تم اختياره وفقًا لقواعد الدستور. وإذا اعتقد عدد كافٍ من أعضاء مجلس وزرائه ونائب الرئيس أنه يجب عزل ترامب لأنه غير قادر عقليًا على أداء واجباته، فيمكنهم التمسك بالتعديل الخامس والعشرين– لكن الصحيفة لا ترى إمكانية حدوث ذلك، مما يمنع السقوط إلى بند الخرف أو بعض العوائق المادية الأخرى التي تحول دون أن يستكمل فترة ولايته، وختمت الصحيفة بقولها: إن السبيل الوحيد لإنهاء هذه الرئاسة هو انتخاب شخص آخر في عام 2020.
copy short url   نسخ
11/09/2018
4047