+ A
A -
باريس- الوطن - خديجة بركاس




أصبحت الأزمة الليبية تمثل نقطة مفصلية بالنسبة لأوروبا بسبب ضغوط تدفق المهاجرين إلى سواحل أوروبا ما أوجد أزمة حادة بين دول الاتحاد الأوروبي تهدد الكيان الاتحادي بالكامل، ومع تزايد التوترات والصراعات المسلحة تعالت الاصوات المطالبة بسرعة حل الأزمة الليبية عن طريق التدخل السريع المبني على استراتيجية ناجعة من جانب أوروبا لوضع حد للصراعات المسلحة وطموحات قوات اللواء المتقاعد المدعوم من أبوظبي خليفة حفتر الطامح في السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، بالاضافة إلى فرض المسار الديمقراطي الذي رسمته الأطراف الليبية الأربعة في الصخيرات وباريس، كسبيل وحيد لحل الأزمة وانهاء الصراع وبدء بناء الدولة الليبية المتماسكة بالسبل الديمقراطية التي تضمن مشاركة الجميع في بناء مستقبل البلاد وليس فرض أجندة خارجية تمليها أبوظبي على أعوانها في ليبيا.
وقال بير رولان عضو المكتب السياسي لحزب الجمهوريون الفرنسي لـ «الوطن»، إن الأوضاع في ليبيا تزداد تعقيدا رغم الجهود الدولية لحلها، فالمواجهات الدامية المندلعة منذ 17 أغسطس الماضي في طرابلس بين اللواء السابع مشاة «بمدينة ترهونة» وميليشيات طرابلس، والتي ادت لمقتل العشرات وفرار آلاف الأسر من العاصمة الليبية طرابلس، تؤكد أن الأزمة في ليبيا تحتاج إلى أدوات جديدة لحلها تضمن توسيع قاعدة الحوار بين الأطراف الليبية وبحث سبل المشاركة السياسية للجميع بشكل متساوٍ، مع العمل على غلق التمويل الخارجي للميليشيات المسلحة وخاصة ميليشيات حفتر المدعومة من أبوظبي، فالأمر أصبح لا يحتمل الحلول القديمة والمساعي المتباطئة التي تدور داخل دائرة، فتنتهي إلى حيث بدأت وتبدأ من حيث انتهت طوال سبعة أعوام تقريبا دون تحقيق أي نتيجة تذكر.
وأضاف رولان: يجب على الأمم المتحدة بحث آلية ناجعة لضبط مسألة انتشار السلاح بين الميليشيات الصغيرة المتفرقة بمساعدة الأطراف الليبية الأربعة الحاكمة «رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، ورئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر» مع مواجهة الأزمات والمشكلات الاقتصادية بشكل واضح، بما يفكك توترات العملية السياسية التي تعد الأزمة الاقتصادية أهم أسبابها، وأيضا وضع حد لطموحات خليفة حفتر لكسب أرضية في العاصمة طرابلس بعد أن سيطر على مناطق عديدة في شرق ليبيا بما فيها مدينة بنغازي بدعم اماراتي واضح ومعروف للجميع، وهذه هي المشكلة الأكبر، كون حفتر وداعميه يظنون أن التدخل العسكري واستخدام القوة سوف يمكنهم من السيطرة على ليبيا، وهذا الأمر ثبت أنه «وهم» وغير مجدٍ، وأدى إلى تدهور الأوضاع أكثر فأكثر، وعلى الجميع الآن وخاصة حفتر وأعوانه ادراك أن الحسم العسكري للصراع أمر مستحيل، وسبيلهم الوحيد هو سلك المسار الديمقراطي، الذي رسمه اتفاق الصخيرات عام 2015، ومفاوضات باريس مايو الماضي المستمد والمكمل لاتفاق الصخيرات، والمدعوم من مجلس الأمن والمجتمع الدولي، لأن القبائل الليبية خلال السنوات السبع الماضية منذ سقوط القذافي دعمت نفسها بالسلاح وأصبحت كل قبيلة تملك ميليشيا صغيرة، وهذه الميليشيات تتحالف وتتصارع مع بعضها البعض بشكل عشوائي وخطير، ومن ثم فإن مواجهة حفتر لهذا الوضع عسكريا تعد بمثابة «النفخ في النار» يأججها ولا يطفئها، والحل الوحيد هو التفاوض والحوار السياسي واتباع المسار الديمقراطي كخطوة أولى يتبعها ترتيب الدولة ونزع السلاح وتكوين جيش موحد بعيدا عن القبليات والعصبيات والتمويل الخارجي.
وأشار صوماويل تورنيه الدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية الفرنسية، إلى أن الأزمة الليبية «مسؤولية أممية» والتقاعس تجاهها أدى إلى تفاقم الأزمات في أوروبا نفسها بسبب مشكلة اللاجئين «أم الأزمات في الاتحاد الأوروبي»، لذلك فإن الدول الاوروبية الوسيطة عليها التنسيق بشكل جيد مع الأمم المتحدة والبرلمان الاوروبي والاتحاد الاوروبي لوضع استراتيجية واضحة للتعامل مع تعقيدات الوضع الليبي وعلى رأسها أزمة الميليشيات المسلحة والتمويل الخارجي لقوات حفتر، وعدم الارتكان لوعود جامعة الدول العربية التي باتت مسيسة وتعمل لصالح أطراف هي السبب الرئيسي في الأزمة الليبية مثل الإمارات وحلفائها، وهذا الأمر سيكون محور نقاشات خلال الجلسات العاملة للبرلمان الأوروبي الاسبوع الجاري في ستراسبورغ، بحسب تأكيدات رئيس البرلمان الأوروبي آخر الأسبوع الماضي، كون أزمة ليبيا ادت لتفاقم الأوضاع الانسانية في هذا البلد وأدت إلى تدفق المهاجرين إلى سواحل اوروبا بشكل غير مسبوق، وهو ما يهدد الاتحاد الاوروبي بالكامل، وتحرك فرنسا وايطاليا وألمانيا واسبانيا تحديدا يجب أن يكون مرتبطا بمفهوم الأمن القومي لأوروبا وتحذير الدول المؤججة للأزمة الليبية من التمادي في عبثها، خاصة أبوظبي، لأن حل هذه الأزمة بات في غاية الأهمة لليبيين ولشمال أفريقيا وأوروبا أيضا، والحوار السياسي والحل السلمي هو السبيل الوحيد لحل هذه الأزمة، ولا سبيل آخر.
copy short url   نسخ
10/09/2018
1047