+ A
A -
الدوحة- قنا- تأتي الزيارة الرسمية التي يقوم بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، للمملكة المتحدة امتداداً لعلاقات الصداقة والتحالف التاريخية العريقة التي تربط بين البلدين الصديقين منذ عشرات السنين، كما تأتي انسجاماً مع حرص دولة قطر على تعزيز وتطوير علاقاتها مع مختلف دول العالم، خصوصاً الدول الكبرى وذات الوزن والتأثير على الصعيد الدولي.
وقد تعززت العلاقات الثنائية بين الدوحة ولندن، وازدادت رسوخاً عبر السنين، منذ بدايات استكشاف النفط والغاز في منطقة الخليج العربي، حيث ساهمت الشركات البريطانية بدور أساسي ومحوري في تطوير صناعة النفط والغاز في دولة قطر والمنطقة، واتسعت هذه العلاقات لتشمل التعاون الثنائي في كافة المجالات، خاصة السياسية والاقتصادية والتجارية والدفاعية والثقافية والتعليمية، حيث درست أجيال من القطريين في المملكة المتحدة من ساندهيرست إلى ويلز..
ومما لا شك فيه أن زيارة سمو أمير البلاد المفدى للمملكة المتحدة، والتي تأتي تلبية لدعوة من دولة السيدة تيريزا ماي، رئيسة الوزراء، ستتركز على المجالات الاستراتيجية الثنائية، بما يوطد العلاقات المتينة بين الدولتين والشعبين الصديقين، ويحقق المصالح المشتركة بينهما في المرحلة المقبلة، كما ستتطرق مباحثات الطرفين إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث تتوافق رؤى الدولتين تجاه العديد من القضايا والملفات الراهنة.
وستتيح هذه الزيارة الميمونة الفرصة لفتح آفاق أرحب للاستثمارات المتبادلة على المستويين الحكومي والخاص، علماً بأن المملكة المتحدة كانت- ولا تزال- الوجهة المفضلة للاستثمارات القطرية في مختلف المجالات، خاصة قطاع العقارات.
وكان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، قد التقى مع دولة السيدة تيريزا ماي، رئيسة وزراء المملكة المتحدة، في لندن خلال زيارته الرسمية لبريطانيا في الخامس عشر من سبتمبر من عام 2016، كما التقى سموه، حفظه الله، بمقر الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، مع دولة السيدة تيريزا ماي، وذلك على هامش انعقاد الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.. وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية وسبل تطوير التعاون بين البلدين في شتى المجالات، إضافة إلى تبادل وجهات النظر بشأن مختلف التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة الأزمة الخليجية ومستجداتها والجهود الدولية الداعمة لوساطة دولة الكويت الشقيقة لحل الأزمة بالحوار الدبلوماسي.
وتتميز العلاقات القطرية-البريطانية بخصوصية تاريخية تضفي عليها ثقلاً وتفرداً ينعكس على كافة مجالات التعاون بين البلدين، وترتبط الدولتان بالعديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات مختلفة، كما أن الزيارات المتبادلة بين الدولتين متواصلة على أعلى المستويات وعلى المستوى الوزاري والوفود المتخصصة، حيث تحرص قيادتنا الرشيدة على تحويل دولة قطر إلى مركز عالمي للصناعات القائمة على المعرفة والابتكار، وبناء اقتصاد مستدام قادر على تحقيق معدلات نمو عالية في المستقبل وتوسيع شراكتنا في مجالات التعليم والصحة والرياضة والأمن، وهي مجالات تعتبر المملكة المتحدة رائدة عالمية فيها.
وفي مارس من العام الماضي، عقدت دولة قطر والمملكة المتحدة في لندن الاجتماع الرابع للحوار الاستراتيجي القطري- البريطاني «شراكة»، الذي يمثل إحدى أهم آليات تطوير العلاقات الثنائية بين الدولتين كونه المعني بمتابعة القرارات والملفات والمشاريع، ودعم المسار الثنائي، واستكشاف فرص التعاون بما يحقق مصلحة البلدين.
وتعد دولة قطر من أهم المستثمرين في المملكة المتحدة، حيث استثمرت أكثر من 40 مليار جنيه استرليني في أنحاء المملكة، وتخطط لاستثمار 5 مليارات جنيه استرليني في الاقتصاد البريطاني خلال السنوات القليلة المقبلة من خلال صناديق الاستثمار وغيرها من الكيانات الاقتصادية القطرية..
وستتركز هذه الاستثمارات في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والقطاع العقاري وغيرها من القطاعات.
وقد تلقت علاقات التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين دعماً قوياً ودفعةً للأمام من خلال انعقاد منتدى قطر والمملكة المتحدة للأعمال والاستثمار في لندن وبيرمنجهام في مارس من العام الماضي، والذي أكد قوة القطاع المالي والمصرفي القطري، وشكل فرصة ثمينة للشركات البريطانية للتعرف على أهم فرص الاستثمارات المتوفرة في العديد من القطاعات في دولة قطر.
ويعد المنتدى نافذة جديدة للعلاقات القطرية-البريطانية في شقها الاقتصادي وفرصة لضخ مزيد من الاستثمارات القطرية في بريطانيا وبشكل خاص في مدينة بيرمنجهام.
وقد تم اختيار بيرمنجهام لفعاليات المنتدى، لأنها ثاني أكبر مدينة بريطانية بعد لندن ويسكنها أكثر من 5 ملايين نسمة، كما أنها تقدم فرصاً استثمارية واعدة، ومن المتوقع ربطها بشبكة قطارات سريعة مع لندن.. وقد تم إعداد برنامج مصاحب مع فعاليات المنتدى لاستقبال المستثمرين وعمل زيارات ميدانية للمشاريع ذات الفرص الاستثمارية الكبيرة والوقوف على أرض الواقع وتقديم الشرح الكامل لهم.. كما نظمت لقاءات لرجال الأعمال القطريين مع مجتمع الأعمال المحلي في بيرمنجهام.
وجذب المنتدى استثمارات ضخمة خاصة في ظل وجود رغبة كبيرة جداً من الجانب القطري للاستثمار في بيرمنجهام والاستفادة من الفرص المتاحة بها.. وتعد قطر أحد الشركاء الرئيسيين لبريطانيا في مجال الطاقة، حيث تزود بريطانيا بنحو 30 بالمائة من حاجتها من الغاز الطبيعي، وتعتبر المملكة المتحدة الشريك التجاري السادس لدولة قطر.
ويزيد عدد الشركات البريطانية في دولة قطر على 79 شركة تعمل في مجال النفط والغاز والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات بإجمالي رأس مال بلغ 8.1 مليار ريال، بينما بلغ عدد الشركات القطرية البريطانية برأس مال مشترك والعاملة في دولة قطر حوالي 672 شركة وتعمل في مجالات الاستشارات الهندسية والمقاولات وتكنولوجيا المعلومات والتجارة والخدمات.
وتعول بريطانيا على أهمية دولة قطر الاستراتيجية والاقتصادية وتحرص على الاستفادة الكاملة من فرص الاستثمار في مختلف القطاعات عبر تجارة حرة ونزيهة، بما يعود بالنفع على البلدين، وفق ركائز متينة ممتدة لعدة سنوات.. كما تثمن بريطانيا توجه قطر للاستثمار في بريطانيا- خامس أكبر قوة اقتصادية في العالم- ومواصلة هذا التوجه في الفترة القادمة التي ينتظر أن تشهد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتسعى المملكة المتحدة لضخ المزيد من الاستثمارات البريطانية في مشاريع كأس العالم 2022 خاصة في مجالات أمن الملاعب لكأس العالم والأمن السيبراني «أمن المعلومات»، حيث تعتبر قطر ثالت أكبر سوق للصادرات البريطانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبلغت قيمة صادرات المملكة المتحدة إلى قطر عام 2016 نحو 2.38 مليار جنيه استرليني بارتفاع 21.7 % على 2014، بينما بلغت الصادرات القطرية للمملكة المتحدة في 2015 نحو 2.566 مليار جنيه استرليني بارتفاع 20.4 % على 2014.
وعلى الصعيد الثقافي والتعليمي، تظل بريطانيا إحدى الوجهات الرئيسية لدى الطلبة القطريين لاستكمال تعليمهم بالخارج، حيث تشهد أعدادهم تزايداً مستمراً، وسجلت في عام 2014-2015 ارتفاعاً في نسبة الطلاب القطريين الذين توجهوا إلى بريطانيا للدراسة بلغت 20.4 %، فيما تضاعف عدد الطلاب القطريين في بريطانيا منذ عام 2010، حيث إن أربعاً من أصل أفضل ست جامعات في العالم هي بريطانية.
ويمثل اتفاق الشراكة الجديدة الموقع بين البلدين عام 2010 محطة مهمة في تاريخ العلاقات القطرية-البريطانية وبموجبه تم الاتفاق على أن تكثف الدولتان من حواراتهما العالية المستوى بالبدء بعقد جلسات تشاور منتظمة على المستوى الوزاري حول القضايا الإقليمية.. فضلاً عن تأكيد التزامهما المشترك بالتنمية الدولية والذي يتم تعزيزه من خلال فتح حوار مكثف بين الوزراء المعنيين وتقوية التعاون بين قطر والمملكة المتحدة في قطاعات التعليم والرياضة والثقافة.
كذلك دشن اتفاق الشراكة التاريخي مرحلة جديدة من العلاقات الاستراتيجية بين قطر وبريطانيا على صعيد السياسة الخارجية والتعاون الأمني والعسكري في منطقة الخليج وأكد التزامهما بحل النزاعات العالمية بالطرق السلمية.
copy short url   نسخ
23/07/2018
2425