+ A
A -
الدوحة- الوطن
بعد عام من الحصار- والذي من بين أهم أسبابه كما ادعت دول الحصار اتهام دولة قطر بتمويل ودعم الإرهاب- استطاعت الدبلوماسية القطرية أن تدحض الاتهام بل استطاعت أن تغيِّر وجهات نظر أعضاء في دول الحصار من موقف الاتهام إلى موقف التأييد والدعم للاقتراحات القطرية التي تعرض على الاجتماعات الإقليمية والدولية الخاصة بمكافحة هذه الآفة، كما وضعت العالم أمام الصورة الحقيقية لدور دولة قطر في مختلف المؤسسات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه ومناهضة التطرف العنيف. وأعلنت دولة قطر، ومن فوق جميع المنابر الدولية، موقفها وإجراءاتها ودورها في مكافحة هذه الظاهرة، وبينت ذلك بالوثائق والأدلة وأفضل الممارسات ومن خلال أفكار ومرئيات بناءة لمساندة المجتمع الدولي على الفهم الصحيح لهذه الظاهرة وكيفية معالجتها.
وقال سعادة الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني، المبعوث الخاص لسعادة وزير الخارجية لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، إنه، وبتوجيهات من سعادة الوزير، عملنا على أن نقدم الصورة الحقيقية حول دور قطر في مكافحة الإرهاب لجميع المنظمات والمؤسسات والهيئات العالمية الدولية المختصة.
وأشار إلى الأجواء التي سادت اجتماع «مركز استهداف تمويل الإرهاب»، الذي عُقد في الكويت مؤخرا بحضور جميع دول مجلس التعاون وأميركا، ووصفها بأنها كانت «أجواء إيجابية جدا وبناءة»، فقد كان هناك تفاهم بين جميع المشاركين في الاجتماع، «وقد وجدنا دعما من دول مجلس التعاون جميعا للموقف القطري، وللاقتراحات القطرية الخاصة بمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، كما كانت هناك قناعة أمام جميع الأعضاء بأننا أمام تحدٍ كبير، وهو مناهضة الإرهاب وحماية دولنا ودول العالم من آثار هذه الآفة».
الدكتور القحطاني كشف في حوار أجراه الزميل سمير البرغوثي لمجلة الدبلوماسي التي تصدر عن وزارة الخارجية ونشرته على موقعها الإلكتروني دور الدبلوماسية القطرية في التعامل مع الدول الأخرى في مكافحة الإرهاب.
• سعادة الدكتور.. هناك حصار وقطع علاقات من قِبَل جيران دولة قطر، فهل مازلتم تنسقون مع دول الحصار في مجال تبادل المعلومات وأنشطة تمويل الإرهاب؟
- رغم الحصار وقطع العلاقات مع دولة قطر من قِبَل جيرانها، إلا أن قطر لم ولن تتوانى في تقديم معلومات تتعلق بتهديدات محتملة ضد بعض دول الحصار، أو بأنشطة متعلقة بتمويل وتأييد تلك التنظيمات المتطرفة، إيماناً منها بأهمية التعاون في هذا الشأن، حيث قامت دولة قطر بتمرير معلومات لأجهزة أمنية خارجية تتضمن حركات وأسماء أشخاص منتمين لتنظيمات إرهابية يحتمل وجودهم في دول الحصار، وذلك للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، ومنع أي تهديدات تطال تلك الدول، وذلك تنفيذًا للالتزامات الإقليمية والدولية لتعزيز السلم والأمن الإقليميين.
التحالف ضد «داعش»
تشارك دولة قطر في التحالف الدولي ضد «داعش».. فما الدور الذي تقوم به في التحالف؟ وما موقعها الاستراتيجي في المكافحة؟
- نعم.. تشارك دولة قطر مع دول التحالف الدولي في محاربة تنظيم داعش، الذي أُنشئ في سبتمبر من عام 2014م، ويتكون من 75 عضواً. وتحرص دولة قطر، مع باقي الدول الأعضاء، على محاربة تنظيم داعش على جميع الجبهات، وتفكيك خلاياه ومكافحة طموحاته العالمية.
وتستضيف دولة قطر قاعدة العديد، أكثر القواعد الأميركية نشاطاً وفعالية في المنطقة، حيث يتم من خلالها إطلاق ضربات ضد أهداف وقواعد إرهابية.
وتلتزم دولة قطر مع باقي الدول الأعضاء بمكافحة تمويل داعش وتجفيف منابع تمويله وتفكيك البنية الاقتصادية للتنظيم، لمنع تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب وعبورهم الحدود، وتدعم وضع قواعد اجتماعية لضمان التعايش السلمي، والديمقراطية، وتكافؤ الفرص، والاندماج السياسي.
المنتدى العالمي
هنالك المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب (GCTF).. ما أهمية هذا المنتدى؟ وما دور قطر فيه؟
- دولة قطر عضو فعّال في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب(GCTF)، وهو منتدى مكون من 29 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وقد أنشئ في عام 2011 بهدف الحد من تأثير الإرهاب والتطرف العنيف على البشر حول العالم، عن طريق منع ومحاربة ومحاكمة الإرهابيين ومكافحة التحريض على الإرهاب والتجنيد له، ويركز المنتدى على أربعة مجالات هي: مكافحة التطرف العنيف، العدالة الجنائية وسيادة القانون، المقاتلون الإرهابيون الأجانب (FTF)، وبناء القدرات.
ويطور المنتدى الممارسات الجيدة والأدوات اللازمة لصنّاع السياسات وممارسيها لتقوية القدرات الضرورية على مكافحة الإرهاب، وتطوير الخطط والاستراتيجيات الوطنية، بالإضافة إلى الوحدات التدريبية.
وتلتقي دولة قطر مع نظرائها في المنتدى، وبشكل منتظم وفعّال، لمشاركة المعلومات والخبرات والاستراتيجيات والأدوات والممارسات الجيدة في مكافحة الإرهاب، كما أن دولة قطر تعكف حالياً على طرح مزيد من المبادرات المهمة من خلال المنتدى، وذلك بالشراكة مع الدول الشقيقة والصديقة في المنتدى.
صندوق دعم صمود المجتمعات
هناك صندوق دعم صمود المجتمعات ضد التطرف العنيف (GCERF).. ما دور هذا الصندوق؟ وماذا قدمت قطر له؟
- تعتبر دولة قطر أحد الأعضاء المؤسسين وعضوا فعالا وداعما أساسيا للصندوق العالمي لدعم صمود المجتمعات (GCERF)، علاوةً على أنها الدولة الخليجية والعربية الوحيدة المساهمة في الصندوق، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وهولندا وفرنسا.
ويُقدر إجمالي دعم دولة قطر للصندوق بمبلغ 5 ملايين دولار أميركي اعتباراً من 2015 لتمويل مشاريع خاصة بمكافحة التطرف العنيف وبناء مجتمعات مسالمة.
وقد تأسس الصندوق، ومقره في جنيف، ليكون أول مبادرة عالمية لدعم صمود المجتمعات ضد الأجندات المتطرفة العنيفة، حيث يعمل من خلال الربط بين الأمن والتنمية، ويلتزم بالعمل بالشراكة والتشاور مع الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لدعم الاستراتيجيات الوطنية لمعالجة العوامل المحلية للتطرف العنيف.
ويعمل الصندوق حالياً بشكل فعّال في كل من مالي، وكينيا، ونيجيريا، وبنغلاديش، وكوسوفو، وميانمار ويجري العمل حاليا على إدراج تونس والصومال وأفغانستان لتكون من ضمن الدول المستفيدة من هذا الصندوق.
الجدير بالذكر أن دولة قطر كان لها الدور الكبير في قرارات مجلس إدارة الصندوق، وفي اقتراح إدراج معظم هذه الدول كدول مستفيدة من الصندوق، وقد استضافت الدوحة اجتماع مجلس إدارة الصندوق السابع خلال الفترة من 5-6 ديسمبر 2017م، وتدرس قطر حالياً إمكانية مضاعفة مساهماتها في الصندوق لتصبح أكبر دولة مساهمة فيه.
مركز استهداف التمويل
ما أهداف مركز استهداف تمويل الإرهاب (TFTC)؟
- وقَّعت دولة قطر مذكرة تفاهم خاصة بإنشاء مركز استهداف تمويل الإرهاب (TFTC)، الذي يضم جميع دول مجلس التعاون، والولايات المتحدة الأميركية، وقد شاركت في الاجتماع التحضيري الأول للمركز في مارس 2018م بالكويت، ودار النقاش في الاجتماع بشكل بنّاء، وفي حوار تفاعلي وإيجابي، وساهمت دولة قطر بشكل ملحوظ ومُقدر من قِبَل جميع الدول الأعضاء، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، في إنجاح هذا الاجتماع.
كما شاركت دولة قطر في الاجتماع الثاني الذي عقد في الكويت خلال الفترة 9-10 مايو 2018م وكان اجتماعا إيجابيا وبناء حيث كان محور الاجتماع مناقشة المقترحات التي تقدمت بها دولة قطر لإنجاز أعمال هذا المركز.
ويهدف المركز إلى تحديد وتتبّع وتبادل المعلومات المتعلقة بالشبكات المالية الإرهابية، وتنسيق الإجراءات المشتركة المعطلة للإرهاب، واتخاذ الإجراءات المناسبة من خلال تصنيف الأفراد والكيانات الممولة للأنشطة الإرهابية، والإعلان عنها وفرض الجزاءات بحقها، إلى جانب تقديم الدعم لدول المنطقة التي تحتاج إلى المساعدة في بناء القدرات لمواجهة تهديدات تمويل الإرهاب.
التشريعات القطرية
وماذا عن الإجراءات والتشريعات الوطنية التي تؤسس لمكافحة الإرهاب؟
- دولة قطر من أولى الدول الداعمة لانطلاق استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب عام 2005م بركائزها الأربع، المتعلقة بمحاربة الظروف المؤدية للإرهاب والتطرف العنيف، وتعزيز إجراءات مكافحة الإرهاب، وبناء قدرات الدول وتقويتها في سبيل مكافحة الإرهاب، واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي في سياق مكافحة الإرهاب.
إن حكومة دولة قطر ملتزمة بتنفيذ أحكام قانونها الداخلي وأحكام السلطة القضائية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى وجه الخصوص قرارا مجلس الأمن 1267 (1999)، و1373 (2001).
وقد أنشأت دولة قطر اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واللجنة الوطنية لحظر الأسلحة، وصادقت على البروتوكولات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، ووقَّعت شراكات مع عدد من الدول الصديقة لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى إنشاء هيئة تنظيم الأعمال الخيرية.
وقد أكد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني- حفظه الله- على دور قطر في مكافحة الإرهاب بقوله «إن دولة قطر تكافح الإرهاب بلا هوادة، ودون حلول وسط، وثمة اعتراف دولي بدور قطر في هذا المِضمار».
ومن الشواهد أيضا على دور قطر الفاعل في مواجهة الإرهاب، موقف رئيس الولايات المتحدة الأميركية خلال لقاء سمو الأمير- حفظه الله- مع فخامته في واشنطن، حيث أكد أن دولة قطر تحارب الإرهاب وتكافح تمويله، وأنها حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية في هذا الشأن.
وقد قامت دولة قطر بإصدار قانون مكافحة الإرهاب وتعديل أحكامه بما يتوافق مع القوانين الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله، وكان آخرها المرسوم بقانون رقم (11) لعام 2017م بتعديل بعض أحكام القانون رقم (3) لسنة 2004م بشأن مكافحة الإرهاب، حيث تضمن هذا القانون بعض البنود المتعلقة بإجراءات الإعلان عن قوائم وطنية للإرهابيين أو المشتبه بهم.
القائمة الوطنيـة
أصدرت دولة قطر قائمة وطنية بأسماء وكيانات تتعامل مع الإرهاب فما مضمون وأهداف هذه القائمة؟
- قامت دولة قطر باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المنتمين والمتعاطفين مع التنظيمات الإرهابية وفقاً للقرارات الدولية، حيث عملت على تطبيقها وتطبيق كل قرار متعلق بتجميد الأرصدة وحظر السفر والقبض على من ثبتت تهمهم، وباقي الإجراءات الدولية ضد تنظيم الدولة في العراق والشام (داعش)، وتنظيم القاعدة، وما يرتبط بهما من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات.
وفي 21 مارس 2018م، أعلنت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في دولة قطر نشر القائمة الوطنية للتصنيفات الإرهابية، واشتملت على تصنيف وإدراج 20 شخصاً و8 كيانات، وذلك عملاً بالمرسوم بقانون رقم (11) لسنة 2017م بتعديل بعض أحكام القانون رقم (3) لسنة 2004م بشأن مكافحة الإرهاب، والذي بموجبه تم وضع قائمتين، تُسمّى الأولى (قائمة الإرهابيين) والثانية (قائمة الكيانات الإرهابية)، ونص القانون صراحةً على أن يُدرِج النائب العام على القائمتين المشار إليهما كل شخص أو كيان صدر ضده حكم قضائي نهائي يسبغ عليه الوصف الجنائي المنصوص عليه في المادة (1) من هذا القانون، وكل شخص أو كيان يصدر بإدراجه على قوائم الأشخاص والكيانات الإرهابية قرار من مجلس الأمن، عملاً بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أو إذا توفرت معلومات أمنية أو استخباراتية موثقة على القيام بأعمال إرهابية أو أعمال مرتبطة بها أو التهديد بارتكابها أو التخطيط أو السعي لارتكابها أو الترويج لها أو التحريض عليها، أو تدريب الأفراد أو تسهيل سفرهم إلى دولة أخرى بغرض ارتكاب أعمال إرهابية أو تدبيرها أو الإعداد لها أو المشاركة فيها أو تمويل الإرهاب، أو إذا قام الشخص أو الكيان بعمل إرهابي مسلّح أو غير مسلّح ضد الدولة أو مصالحها في الخارج، وإذا اعترف الشخص أو الكيان، أو تبنى جريمة إرهابية علناً أو هدد بها أو حرض عليها أو روج لها علناً.
المدرجون على القائمة
تناولت مواقع تواصل وصحف ظهور بعض المدرجين في القائمة الوطنية في الصحف، واعتبروا ذلك دعما لهم.. فكيف ترى ذلك؟
- ظهور بعض المدرجين في القوائم الوطنية في بعض الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً (سواءً كان في أفراح أبنائهم أو مسابقات محلية) لا يشكل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن أو القوانين الوطنية ذات الصلة، حيث إن حضورهم في مثل هذه المناسبات أو المشاركة في مسابقات محلية لا يتعارض مع التشريعات الوطنية أو قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
معوقات من دول الحصار
تعقد اجتماعات لمنظمات مختصة في مكافحة الإرهاب في بعض دول الحصار.. فهل تواجه الوفود القطرية معوقات في حضور هذه الاجتماعات؟
- لاحظنا، وبشكل كبير، عرقلة دول الحصار لعمل المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية ودون الإقليمية الفنية المعنية بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال وتمويل الإرهاب والتطرف العنيف، وكان آخرها ما قامت به السلطات البحرينية من منع مشاركة وفد دولة قطر في اجتماع مجموعة العمل الماليMENAFATF (فاتف) في المنامة خلال الفترة 2-7 ديسمبر 2017م. وإننا، إذ نشكر الدول الشقيقة والصديقة على مواقفها من ممارسات دول الحصار، وعرقلتها لعمل هذه المؤسسات، فإن دولة قطر تتطلع إلى تكاتف وتضافر كل الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب وتمويله، ومناهضة التطرف العنيف والوقاية منه، بعيداً عن المناورات السياسية والدعاية الإعلامية، أو الاستغلال السياسي للمؤسسات الفنية المعنية بمكافحة وتمويل الإرهاب والتطرف العنيف، وغسل الأموال.
copy short url   نسخ
17/07/2018
2063