+ A
A -
كتب- أكرم الفرجابي
عندما ينتهي شهر رمضان المبارك، يشعر المسلم بالحزن لفراق هذا الشهر الكريم الذي تكثر فيه الطاعات والاعمال الصالحة، لذلك تتوق نفسه للاستمرار في هذه الأعمال، خاصةً الصيام الذي اختص الله تعالى بجزاء صاحبه.
لهذا جاءت الشريعة الإسلامية، لتمنح المسلم فرصة الحصول، على مزيد من الجزاء الصالح، في صيام ستة أيام من شهر شوال، يعوض بها ما شاب صومه في رمضان من خلل أو نقص، ويزيد بها تقربه إلى الله سبحانه وتعالى، الأمر الذي يؤكد أن الشهر الفضيل قد انتهى بالفعل ولكن لم تنته مواسم الطاعات.
تزكية النفس
بدايةً يقول د. محمد بن راشد المري، الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر: لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس، ومن أجل هذه التزكية شُرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بُعده عن التزكية، مبيناً أن صيام الستة من شوال بعد رمضان، فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان، لافتاً إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أرشد أمته إلى فضل الست من شوال، وحثهم بأسلوب يرغِّب في صيام هذه الأيام، بقوله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)، وقال الإمام النووي – رحمه الله –: قال العلماء:
(وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين)، ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً.
وأوضح د. المري إن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها، مشيراً إلى إن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، كما سبق ذكره، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر.
وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب.
موسم الطاعات
من جانبه يقول فضيلة الشيخ الدكتور محمد حسن بن المريخي الداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: ودعنا الشهر الفضيل قبل أيام قليلة كواحد من أهم مواسم العمل والطاعات فاز فيه من فاز برضا الله عز وجل وخسر فيه من خسر لكن لابد أن يعي الجميع، الفائز والخاسر، أنه إذا كان شهر رمضان قد انتهى فإن زمن الطاعات والعمل من اجل رضا الله تعالى والفوز بالجنة لم ينته والرسول صلى الله عليه وسلم حثنا على إتباع صيام شهر رمضان بصيام ستة من شوال حيث قال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان وأتبعه بستة أيام من شوال كان كصيام الدهر».
فضل عظيم
من ناحيته يقول فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله السادة، الداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن النبي صلي الله عليه وسلم حثنا على صيام ستة أيام من شهر شوال، حيث كان النبي يحرص على أن يصومهم متتابعين أحياناً ومتفرقين أحياناً أخرى، وقد اتفق الفقهاء على أن صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستحبّة وفيها فضل عظيم، ولقد جاءت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بصيام ستة أيام من شوال للتأكيد على سماحة ووسطية الدين الإسلامي، وحرص الشارع الحكيم على تعويض المسلم ما فاته أو اقترفه في أي من أيام صيامه في شهر رمضان، فمن رحمة الله تعالى بالمسلمين أنه وضع لهم مع كل فريضة نافلة تعوض ما يكون قد شاب أداء تلك الفريضة خلل أثناء تأديتها.
مواصلة الصيام
من جهته يوضح الداعية هلال سعيد مبروك، أن الحكمة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم بصيام ستة أيام من شوال هو التأكيد للمسلمين أنه في مواصلة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة وبركاته يجدها من يصوم تلك الأيام ففي صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل المسلم بها أجر صيام الدهر كله كما أن صيام الستة أيام من شوال مثلها في ذلك كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل المسلم بذلك ما حصل في الفرض من خللٍ ونقص فإن الفرائض تُكمل أو تُجبر بالنوافل يوم القيامة كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك».
copy short url   نسخ
22/06/2018
4105