+ A
A -
الدوحة- الوطن
أكد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع، أن دولة قطر ظلت لسنوات في الخط الأمامي لمعركة مكافحة التطرف العنيف والإرهاب، وأنها لم تدخر جهداً في محاربة هذا الشر من خلال تسخير إمكاناتها المادية والتقنية ومواردها اللوجستية في سبيل منع التطرف العنيف وقطع تمويل الإرهابيين.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها سعادته أمس في المعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية لحوار شينغرلا بجمهورية سنغافورة.
وقال سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع، في مفتتح كلمته،: إنه لشرف وسرور كبير لنا أن نتواجد هنا معكم، إنني من المتابعين للمعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية وأشكر منظمي هذا الحدث الراقي والذي يمنحنا على مدى ثلاثة أيام فرصة فريدة للالتقاء ومناقشة القضايا التي تهمنا، كما أود أن أعبر عن امتناني العميق لحكومة سنغافورة على استقبالهم الحار وضيافتهم الكريمة.
وأضاف سعادته: لقد بدأ حوار شينغرلا كمؤتمر بارز للأمن الإقليمي، يخلق أرضية صلبة تمكن صانعي القرار الجيواستراتيجي والأمني والدفاعي من التقارب ومشاركة الأفكار وتبادل الرؤى حول أهم التحديات الأمنية التي تواجه منطقة آسيا والمحيط الهادئ وما هو أبعد من ذلك. أعتقد أن الكلمة الجوهرية لرئيس الوزراء مودي قد حددت الإطار الذي جرت ضمنه محادثاتنا خلال اليومين الماضيين عبر تحديد التحديات والفرص الأمنية التي تواجهها هذه المنطقة وبقية العالم.
وتابع سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية بقوله: عندما تحدثت في ما مضى مع زملائي حول حوار شينغرلا، أكد كثير منهم أن هذا المؤتمر مثل لهم فرصة عظيمة للتعلم. وبانخراطي شخصياً في هذا المؤتمر فقد أصبحت مطلعاً على ثراء الأفكار والحلول المبدعة لتحديات اليوم والتي طورها المشاركون ومنظمو هذا الحدث الرائع.
وقال سعادته: إنني أشعر بالحماس بشكل خاص للانخراط في جلسة اليوم التي تدور حول موضوع الإرهاب ومكافحة الإرهاب. لقد كانت دولة قطر في الخط الأمامي في هذه المعركة لسنوات عديدة ونحن، لسوء الحظ، قد عانينا بشكل مباشر من الأهوال والرعب اللذين ينتجان عن الهجمات الإرهابية، فعادة بعد مثل هذه الأحداث الرهيبة، يسيطر الغضب والخوف، إننا نسعى لمعاقبة أولئك الذين أخطؤوا في حقنا بطريقة سريعة وقوية. ونبتكر استراتيجيات تتعامل مع النتائج الفورية للهجمات، وغالباً ما نبحث في استراتيجيات وقائية حيوية يمكن أن تساعد في تجنب مثل هذه الكوارث.
وأوضح سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع أن مخططات الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية تتطور باستمرار في مسعاهم لنشر الخوف والدمار، وقد بحثوا في طرق لعبور الحدود دون أن يتم اكتشافهم، وتجنيد صغار السن ومن يمكن التأثير عليهم، وتجاوز القوانين المالية لتهريب الأموال ضمن جهودهم لخدمة أفعالهم الشريرة. إن الاعتداء القاتل الأخير في مدينة لييج هو مثال يثير الأسى عن العنف المستمر الذي يهدد الأمن والأمان لنا جميعاً.
وأضاف سعادته قائلاً: إن سرطان الإرهاب، إذا ترك دون معالجة، فسيستمر في التكاثر والانتشار في جسم العالم، مدمراً كل خلية سليمة في طريقه، إن منطقتي، الشرق الأوسط، مثل هذه المنطقة، قد أصابتها هذه الظاهرة الخبيثة منذ عقود. هذه الظاهرة نتج عنها تراجع النمو الاقتصادي، وتعرقل التقدم الاجتماعي والسياسي وتدهور سياسات التطوير في الكثير من مناطق العالم.
وأشار سعادته إلى أننا نواجه اليوم أشكالاً عديدة لهذا الشر. أعداؤنا لم يعد لهم وجه، ولم نعد نعرف أسماءهم. فهم يختبئون بجبن خلف شاشات الكمبيوتر ويختبئون في الجبال والصحاري لينشروا أجندات الكراهية ويخططوا لعملهم العنيف التالي، وكما يتطورون، فيجب علينا نحن أن نتطور، ويجب أن نرى أبعد من المنظور لنحدد أسباب ودوافع هذا الشر، ويجب علينا أن نتصرف الآن ليس فقط لتقوية حدودنا، بل لتقوية عقولنا وعقول شبابنا.. إننا بحاجة لتبني سياسات شمولية وإصلاحات اقتصادية لبناء مستقبل أفضل لأبنائنا، مستقبل يملؤه الأمل، أمل بحياة أفضل، من النمو والسلام والأمن.
وأوضح أن دولة قطر قد انضمت لأصدقائها وحلفائها في المعركة الدولية ضد الإرهاب، وينبع ذلك من قناعتنا بأن الإرهاب، مهما كان شكله وأينما ضرب، فإن له تأثيراً ضاراً علينا جميعاً؛ فنحن جميعاً عرضة لهذا الشر ولذلك علينا جميعاً العمل بتناغم لاجتثاثه من الوجود.
كما أن قطر تظل أيضاً عضواً ناشطاً في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وتساهم بشكل كبير في القتال لتفكيك وتدمير هذا التنظيم.
وقال: لعقود عدة، كنا قد حددنا أن سبباً ما أو غيره هو الدافع للإرهاب، وقمنا بتوجيه طاقاتنا بشكل أحادي للقيام بما اعتقدنا أنه سيكون العلاج من هذا الشر، إلا أنه، وعبر جلسات نقاش مثل هذه، والتعلم من الأحداث الأخيرة، فقد أدركنا أنه لا يوجد ما يسمى بسبب واحد لهذه الظاهرة؛ حيث يساهم عدد كبير من العوامل في خلق هذا العدو، فالشعور بالنبذ، والصعوبات الاقتصادية، والفروقات الاجتماعية والإقصاء السياسي قد أثبتت جميعها أنها دوافع تُستغل لتجنيد الإرهابيين وزيادة الهجمات الإرهابية، ولهذا السبب فإننا نحث المجتمع الدولي منذ فترة طويلة على مواجهة هذه المخاوف بشكل جماعي.
وأضاف سعادته: لقد ضمت قطر جهودها مع دول مثل سويسرا، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، وغيرها وذلك بهدف إنشاء صندوق عالمي للتدخل والمرونة المجتمعية، وهو صندوق مخصص لتوفير مبادرات على مستوى المجتمعات المحلية ويركز على تعزيز المرونة ضد برامج العنف المتطرف عبر التعاون مع الحكومات، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص لدعم الاستراتيجيات الوطنية الهادفة لمعالجة أسباب التطرف العنيف، وهذا الصندوق نشط الآن في دول مثل ميانمار، ومالي، وبنغلاديش.
وقال سعادة الدكتور العطية: قطر، أيها السيدات والسادة، قد نقلت المعركة ضد التطرف من ساحة الحرب إلى داخل غرفة الصف؛ فعبر منظمات مثل «التعليم فوق الجميع» و«علّم طفلاً»، قد تمكنّا من توفير التعليم الأساسي لأكثر من 10 ملايين طفل خارج المدارس حول العالم. تقوية أطفالنا وتسليحهم بالأدوات الضرورية للتعامل مع عالم مضطرب ولا يمكن التنبؤ به، سيساعد في حمايتهم من الوقوع فريسة للجماعات والأيديولوجيات المتطرفة.
إضافة لما سبق، فقد وقع صندوق قطر للتنمية مؤخراً مذكرة تفاهم مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بقيمة 50 مليون دولار، خصصت لضمان حصول أبناء اللاجئين الفلسطينيين على التعليم في الضفة الغربية وغزة والأردن وسوريا ولبنان.
وكقادة في القتال الدولي ضد الإرهاب، فإن علينا العمل دون كلل لتعزيز وتطبيق حكم القانون والحفاظ على قيم حقوق الإنسان والحرية التي نتشاركها جميعاً؛ فهذه القيم الجوهرية توحدنا في وجه كل أعدائنا وتضمن انتصارنا على أولئك الذين يرغبون في حرفنا عن مسارنا وعزلنا.
لقد انحازت دولة قطر بفخر وبإصرار لمبادئ السلام العادل، والتعاون الدولي وحقوق الإنسان، وقد كنا سباقين لدعم المحرومين والمضطهدين وعملنا مع شركائنا الدوليين وبالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني لتوفير الإغاثة المادية والإنسانية أينما دعت إليها الحاجة.
وعلى الرغم من كل ذلك، ومنذ سنة، استيقظت دولة قطر وشعبها ليجدوا أنفسهم ضحية حصار غير عادل وغير قانوني؛ فخلال أول أيام أكثر شهورنا قداسة، شهر رمضان، تم حرماننا من مصادر الطعام والدواء وتركنا لنواجه مصيرنا، وقد كشف هذا الخرق الصارخ للقانون الدولي، بما في ذلك مبادئ عدم التدخل وحل النزاعات بالطرق السلمية، والالتزام بحماية واحترام حقوق الإنسان والحفاظ على الكرامة الإنسانية إضافة إلى معاهدة شيكاغو ومؤتمر الأمم المتحدة لقانون البحار، عن شراسة الإجراءات المتخذة ضد دولة قطر. فقد استمرت دول الحصار بتسخير كل الوسائل المتاحة لها: سياسيين وشعراء ورجال دين وممثلين ومغنيين وكتّاباً كلهم تم تجييشهم في الهجوم على دولة قطر، ولم يتوقفوا عند هذا الحد؛ فقد أصدرت دول الحصار قرارات بمنع مواطنيها من التعبير عن أي نوع من التعاطف تجاه قطر، وحددت عقوبات بالحبس مدداً تتراوح من 3 إلى 5 سنوات وغرامات مالية تصل إلى 150 ألف دولار، وكان الهدف من هذه العراقيل إضعاف موقفنا الاقتصادي واختراق نسيجنا الاجتماعي.
إلا أنه وبمرونة لا مثيل لها أظهرها الشعب القطري وبحكمة قيادة صاحب السمو الأمير، فقد تمكنّا من مواجهة هذه العاصفة وخرجنا منها أقوى من قبل؛ ففي العام منذ فرض الحصار، تضاعف إنتاجنا من المنتجات المحلية– بما في ذلك الدواء والغذاء- أضعافاً كثيرة، لقد بنينا على علاقاتنا الثنائية ودخلنا في شراكات جديدة وواعدة للنمو والتطور نحو رؤيتنا الوطنية للتطور والرخاء الاجتماعي، ونحن اليوم أقوى مما كنا عليه منذ عام. ونحن نقترب من إكمال الذكرى الأولى للحصار، عام من المرونة والقوة، عام من الحسم والشجاعة، فإن علينا أن نتقدم بالشكر إلى الدول وقفت معنا ضد هذا الاعتداء ومع سيادة القانون ومبادئ القانون الدولي، تلك الدول التي حددت أهمية التمسك بقوة القانون عوضاً عن فرض قانون القوة.
معاً نحن أقوى، باستغلال مثل هذه الفرصة، بحيث نجتمع معاً لتبادل المعلومات الاستخباراتية والخبرات، فيمكننا بناء غد أكثر أماناً لنا جميعاً.. مرة أخرى، أشكركم وأتطلع لمناقشات مثمرة معكم.
copy short url   نسخ
04/06/2018
2953