+ A
A -
في ظل أزمة القدس الحالية، ينفتح جرح الأمة النازف أكثر، ويزيد من ألمه، واتساع مداه، تفاقم التخاذل والهوان في زعامات الدول العربية، بشكل أسوأ من أي وقت مضي، فمنذ زمن بعيد أريد لـ«زهرة المدائن» أن تذوي في الوجدان الجمعي، حيث اختفي من ساحات مظاهرات الشوارع العربية، صوت أغنية «وين الملايين.. والدم العربي وين»؟ وذاب السؤال على الشفاه الهاتفة؛ لأن الدم العربي الإسلامي المستباح، النزيف فوق الخرائط الحمر.. خرائط وجعنا العالمي، أجابت بنفسها عن مصير ذلك الدم، وتلك الملايين، ومن هنا سنحت الفرصة- حين استلم المجانين مقود العالم، لتتحول القدس من «مدينة السلام»، إلى مدينة حرب كونية؛ باعتبارها شأناً عالمياً، أو هكذا ينبغي أن يكون.. وأي مجنون، يملك تقرير مصير بوابة السماء، وعاصمة الأديان، ومحراب توحد الرسل- ليلة الإسراء- خلف نبينا إمامهم الخاتم؟
وهنا.. حين خنعت القصور في أغلب دول المشرق العربي، وتمالأت قنوات الإعلام هناك، وأخرست حتى مآذن ومنابر المساجد، وسخرت حناجر خطبائها لجزرة الترغيب، وعصا الترهيب، وخرجت بعض أفاعي النخب العربية المتصهينة من جحورها.. مجاهرة بالتطبيع مع إسرائيل.. في هذا المنعطف.. حافظ بعض شعراء العرب.. هنا.. وهناك.. على بقية أخلاق وشيء من الحرية والنبل.. في زمن عولمة السقوط هذه.. لا سيما في بلدي موريتانيا «بلاد المليون شاعر» التي وجدت بعيدة جدا عن فلسطين مكانياً، ولكنها ظلت قريبة منها وجدانياً، فكأن شعبي كله يقول على لساني:
حُـــبِّي: فلسطينُ.. مَجْـــدِي.. إرْثُ آبـــــائي
أرْضِـي.. سَمَائي.. هَــــوائي.. كُـــلُّ آلائِـي

آمَنْتُ.. بالقدْس.. مِحْــــرابًا.. تَوَحَّــدَ فِـــيــ
ــهِ الرُّسْلُ.. منْ خَلْفِ طــــهَ.. بَلْـسَم الــدَّاءِ
آمَنْتُ.. بالقدْس.. تُعْـــلِـي صَــوْتَ مِـئْـذَنَـةٍ
مَعَ النَّـــــواقِيــس.. أصْـــداءً.. بأصْــــــداءِ
يَدِي.. عَلى عُهْدَةِ الـــفــارُوقِ.. قـــــابضةٌ
لله.. عُهْـدَةُ تَـوْحِـــــــــــيــــدٍ.. وإيخـــــــاءِ!

القدْسُ: أيْقُــونَـــــتِي.. وَشْـمٌ عَـلى كَـــبِدي
أنشودتي.. مِلْءَ إصْبـاحِـي.. وإمْسَــــــائِـي
القدْسُ: قِـبْلتُـنا الأوُلًــــــى.. ومَسْـجدُنــا الـ
أقْصَـــى.. مَحَطَّة مِعْــــراجٍ.. وإسْــــــرَاءِ
يا أخْتَ أمِّ القُــرَى- أمَّ المـَـــدائِن- ضُـمِّـ
ـــي - تَـوْأمَ الحَرَمَيْن - الـحَـــاءَ.. لِلـــبَـاءِ

يـــا مَنْ تَــسَـمَّى بـ «شَعْبِ اللهِ».. مُنْتَحِلاً
لِــتَسْألِ اللهَ.. أرْضًـــا.. خَلْفَ أجْــــــوائي
شَـيِّــــدْ جِــــــدَارَكَ.. خَرِّبْ كُــلَّ مَــأثـرَةٍ
اطمِـسْ- هُنَـالِكَ - أوْصَــــافِي.. وأسْمَائِي
سَتَخْفِقُ الــــرُّوحُ.. خَلفَ السُّـور.. حَائمَةً
هَلْ يَسْجنُ السُّـــــــورُ أرْواحَ الأحِـــبَّــاء؟!

مِنْ هَـذهِ الأرْضِ- قِدْمًـا- طِيـنَـتِي جُبِلَتْ
فَاسْتَوْطَنَ الــرُّوحُ فِيـــــهَا.. مُنْذُ إنْشـائِي
اقْرَأ تَضَـــاريسَـهَا.. فِي جَبْهَتِي.. طُبِعَتْ
سِيمَـا فِلسطينَ- فَوْقَ الوَجْهِ – سِيــمَـائي
فِي كُـلِّ حَبَّةِ رَمْـلٍ.. ألْفُ مَلـــــــــــحَمَةٍ
تَرْوِي.. عَلى مَسْـمَع التَّــاريخ.. أنْـبَـائِي
يَا غاصِبَ الأرْض.. لا أرْضٌ لَدَيْكَ.. فَعُدْ
فِي لعْـنَةِ التّـيهِ.. دُونَ الظلِّ والـــــمَـــاءِ

إنـِّــي تَأبَّـطْتُ أرْضِــي.. أيْــنَـمَا قَـذَفَــتْ
بيَ المَنَـــــــــافِـي.. أنَــــا دَانٍ.. أنَــا نَـاءِ
طَـــــالَ اللجُـوءُ.. وظلَّ العَوْدُ- لِي- حُلُمًا
لا الأرْضُ أرْضِي.. ولا الأهْواءُ أهْوائي
بَيْـتِي.. هُنَـاكَ.. ومِفتَـاحِي مَعِـي.. بِيَـدِي
قَلــــبي.. دَلِـيـلِي.. إذا حَــــارتْ أدِلاَّئــي
سَيُفْتَحُ البَــــابُ.. مَهْــمَا احْتَجــَّ غاصِـبُهُ
إذَا تَـنَـسَّمَ - مِـنِّي- ريــــحَ آبَـــــــــــائي
هُـنَا.. كُرُومِي.. وزَيْتُـونِي.. هُنَا.. لعَـبي
وَخَرْبَشَـاتِــــي.. وأوْراقِـي.. وأشْــــيائي
حَـتَّى الدُّرُوبُ.. إلى خَطْوي.. بها شَغَفٌ
فمِـنْ خُطَى الغُـرَبَــا.. تَـرْتَـجُّ أحْـــيَـائي

هَـذا.. أنَا.. عـائدٌ.. خَطْــوي سَيَكْتَسِحُ الـ
ـجُدرَانَ.. فلْتَجْمَعِي.. يَا أرْضُ.. أجْزائِي
إلامَ نِصْـفِـي سَجــيـنٌ.. رَهْنَ مَـــوْطِـــنِهِ
والنِّصْفُ مِلْءَ المَنَـافِـي؟.. يا لـ بَلْــوَائي!
copy short url   نسخ
21/05/2018
2392