+ A
A -
تحليل- العروسي العتروس
لم يكن نهائي كأس الأمير لموسم 2017-2018 محط اهتمام الرأي العام الرياضي بسبب أغلى الكؤوس فحسب وإنما كانت تحيط به اهتمامات عديدة أخرى لعل أبرزها الثلاثية التي شغلت المهتمين بالكرة القطرية واحتمالات أن يحققها هذا الجيل الرائع من اللاعبين الذي يكتسب من الخبرة العالية والقدرات الفردية ما لم يتوفر لأي فريق في سابق المواسم بالكرة القطرية، كما كانت المباراة النهائية مطالبة بتقديم إجابة مباشرة لأحباء كرة القدم القطرية لمعرفة أن كان الدحيل سينهي الموسم دون خسارة أم أنه سينهيها بخسارة أمام الريان في ختام الموسم كما خسر المباراة الأولى بالموسم أمام السد في مباراة السوبر الافتتاحية للموسم.. تلك هي أهم التساؤلات التي سبقت المباراة النهائية لكأس الأمير 2018 والتي جاء واقع المواجهة ليجيب عنها كلها بأن الدحيل أكد هيمنته على الكرة القطرية بلقب ثالث يضاف إلى الألقاب الفردية التي حصل عليها الفريق في جوائز الاتحاد القطري لكرة القدم قبل 48 ساعة.
بحث مدربا الفريقين عن جني الفائدة من عامل الاستقرار عند صياغة التشكيلتين للحفاظ على آليات الأداء والسلاسة في الإنجاز وتأمين سلاسته بحيث قدم كل منهما نفس التشكيلة التي حقق بها أفضل نتائج في المباريات الأخيرة وتحديدا في مباراتي الدور قبل النهائي لبطولة كأس الأمير وهي المباراة الأخيرة التي لعبها الريان.. فيما لعب الدحيل مباراة بدوري أبطال آسيا غسل فيها العين الإماراتي برباعية جديدة بعد أن سبق له أن غسله بالغسيل الجاف في مدينة العين بمباراة الذهاب.
وتجدر الإشارة إلى أن مدرب الدحيل كان قد منح بعض لاعبي الفريق فرصة الراحة استعدادا لهذه المواجهة، ويمكن القول إن الفريقين حضرا للمباراة بأفضل ما لديهما من لاعبين إذا ما استثنينا غياب المساكني عن تشكيلة الدحيل وعبدالرزاق حمد الله عن تشكيلة الريان بسبب الإصابة.
وما من شك فإن مشاركة الفريقين في المباراة بأفضل ما لديهما من لاعبين يعتبر عنصرا مهما في تحديد مستوى الأداء العام للعب، كما أن عامل الاستقرار يمنح سلاسة في الأداء وهذا العامل يخدم مصلحة الدحيل أكثر مما يخدم مصلحة الريان الذي رحل عنه في نهاية الموسم الماضي 8 لاعبين واستقبل بدلا منهم 8 لاعبين آخرين مما يعني أن المدرب لاودروب قام بإعادة بناء الفريق في حين أن تشكيلة الدحيل تنعم باستقرار لا مثيل عنه في فرقنا منذ 6 سنوات وتحديد منذ قدومه من الدرجة الثانية إلى دوري الكبار.
التشكيلة الذهبية للفريقين
أول ما يتبادر للأذهان عندما نلقي نظرة أولية على بطاقة المباراة فإن المدربين قدما تشكيلتيهما الذهبيتين ولعبا بطريقة اللعب الأساسية ذلك أن الدخيل لعب بطريقة 4-2-3-1 بحيث تكون خط الدفاع من مراد ناجي وسلطان البريك على الجانبين كظهيرين ومحمد موسى ولوكاس منديس في قلب الدفاع وتكون خط الوسط من لاعبي الارتكاز كريم بوضياف ولويز مارتن سيارا، وتكون خط الوسط الهجومي من 3 لاعبين هم إسماعيل محمد والمعز علي من الجانبين ونام تاي هي بينهما وتحديدا خلف المهاجم يوسف العربي الذي سيقود خط الهجوم.
ومن جانبه، لعب الريان بطريقة 4-3-2-1 حيث مثل خط الدفاع محمد علاء ومحمد جمعة على الجانبين كظهيرين وأحمد ياسر وجمزالو فييرا في قلب الدفاع، وتكون خط الوسط من 3 لاعبي ارتكاز هم: دانيال جومو وأحمد السيد عبدالمقصود ومانيو جين كوه، وفي خط الوسط الهجومي نجد اللاعبين محسن متولي ورودريجو تباتا فيما قاد خط الهجوم سبيستيان سوريا.
ويتضح مما سبق أن الفريقين لعبا بأربعة مدافعين ومهاجم واحد، فيما استخدم الريان3 لاعبي ارتكاز مقابل لاعبين اثنين في تشكيلة الدحيل، وفي خط الوسط الهجومي لعب الدحيل بثلاثة لاعبين مقابل لاعبين في تشكيلة الريان مما يدفعنا للقول إنه من الناحية النظرية بأن الدحيل يراهن على اللعب الهجومي كاستراتيجية لعب أساسية أكثر من الريان.
مواجهات في كل الخطوط وعلى كل الجبهات
لم تكن المباراة مواجهة بين الفريقين ولا بين المدربين فحسب وإنما اشتملت على عدة مواجهات ثنائية في الصورة الخلفية لمسرح أحداث المباراة الذي طغى عليه الجانب الاحتفالي إلى جانب الصراع على الصعود على منصة التتويج
وشهدت المباراة عدة مواجهات ثانوية أثرت المواجهة الرئيسية المعلنة والرسمية بين الفريقين، ومنها مواجهة كانت على الورق وقبل المباراة بين خبرة الريان التاريخية في بطولات الكأس وبين قدرة الدحيل على حسم المباريات الحاسمة والمصيرية لمصلحته وهذه ميزة أثبتها الفريق في المواسم السابقة وفي هذا الموسم على مستوى الدوري حين حسم مواجهاته المباشرة على المركز الأول بينه وبين السد والريان من جهة وعلى مستوى دوري أبطال آسيا حين قهر جميع منافسيه وفاز عليهم بالأداء والنتيجة، كما نجد مواجهة بين مدربي الفريقين مايكل لاودروب الذي يطمع في الفوز بالكأس بعد أن خسرها أمام السد في الموسم الماضي في الوقت القاتل ويسعى لقيادة فريقه لتتويج مستحق هذا الموسم بعد الخروج من الدوري وكأس قطر ومسابقة دوري أبطال آسيا بلا شيء، وجمال بلماضي الذي يسعى لقيادة فريقه لتحقيق ثلاثية يوازي بها ما حققه الريان قبل موسمين مع مدربه الأسطوري جورج فوساتي. ولم تنته مواجهات هذا النهائي عند ذلك الحد وبل امتدت إلى مواجهة مثيرة بين حارسي المرمى كلود أمين لوكومت حامي عرين الدحيل وعمر باري حامي عرين الريان، ولكن المواجهة الكبرى كانت بالتأكيد في وسط الملعب مسرحا لها بين لاعبي الوسط مفاتيح اللعب في الفريقين ودارت بشكل رئيسي حول مهندس الريان رودرجو تباتا ونام تاي هي فنان الدحيل بيد أن مواجهات البساط الأخضر كشفت عن مواجهات قاسية جدا بين تباتا ولويس مارتن وسبيستيان سوريا ومحمد موسى وأحمد ياسر ويوسف العربي وكريم بوضياف ودانيال جومو وإسماعيل محمد ومحمد جمعة العلوي والمعز على ومحمد علاء ونام تاي هي وأحمد السيد عبدالمقصود. وإذا ذهبنا لأبعد من ذلك نقول إن المباراة شهدت مواجهة بين لاودروب مدرب الدحيل السابق وعبدالرحمن الجاسم حكم المباراة وجميع اللاعبين وكانت مواجهة طيبة.
استراتيجية اللعب المفتوح
رفع الفريقان ورقة اللعب الهجومي المفتوح وهذه كانت استراتيجية اللعب التي قدما بها للمباراة وحرصا على المبادرة بالتقدم للهجوم عبر تأمين الاستحواذ على الكرة وامتلاكه لأطول فترة ممكنة وكان الدحيل هو المبادر بالتقدم للهجوم في حين أن الريان اتبع المناورة التكتيكية بتأمين خطوطه الدفاعية وتغطية المساحات في منتصف ملعبه مع التقدم للهجوم بالهجمات المرتدة والهجمات المنظمة السريعة بعدد قليل من اللاعبين بمجرد استخلاص الكرة من حوزة لاعبي الدحيل.
إيقاع سريع وأداء راقٍ
أوفت المباراة بوعودها وجاء الأداء سريع الإيقاع وكانت الغلبة على مستوى الاستحواذ على الكرة لصالح الدحيل بنسبة 57 بالمائة في الشوط الأول مع هدف جميل من نجم المباراة كريم بوضياف في نهاية النصف ساعة الأول من زمن الشوط الأول إضافة إلى كرة على القائم وعدة هجمات رد عليها الريان بعدد لا بأس به من الهجمات التي تمحورت في الأساس حول سوريا وتباتا في حين شارك في اللعب الهجومي جميع لاعبي الدحيل تقريبا باستثناء حارس المرمى طبعا فيما لم يشارك بعض لاعبي الريان في خطي الدفاع والوسط في اللعب الهجومي للفريق.
تطور تكتيكي لصالح لاودروب
كان من الواضح أن الموقعة الكبرى في المواجهة دارت في منطقة وسط الملعب وذهبت لصالح لاعبي الدحيل على الرغم من أن الريان لعب بثلاثة لاعبي ارتكاز في تلك المنطقة إلا أن مدرب الريان لاودروب لعب في الشوط الثاني بورقة تكتيكية وضع بها حدا لتفوق الدحيل وتقدمه وذلك عندما غير مركز محسن متولى للعب في الجهة اليمنى بدلا من اليسرى، كما أجرى تبديلا هجوميا في الدقيقة 65 بضم المهاجم مولو بدلا من لاعب الوسط عبدالمقصود بعد 4 دقائق جاء هدف التعادل لصالح الريان.
متاعب تكتيكية في الدحيل
كل ذلك يعني أن فريق الدحيل لم يجد الحلول التكتيكية مع التعديلات التكتيكية للمدرب لاودروب وبالتالي وقع في فترة فراغ تكتيكي كلفته هدف التعادل والأكثر من ذلك أن محسن متولي الذي غير مكانه في الملعب هو الذي صنع الهدف بكرة عرضية من الجهة اليمنى. ومع تقدم زمن اللعب وتغير مكان لعب سوريا مع دخول مولو تواصلت متاعب الدحيل التكتيكية وكثرت المشاورات بين مدرب الدحيل ومساعده وتحول التفوق الهجومي لصالح الريان وأهدر تباتا هدف التقدم وبعده أهدر سوريا هدفا آخر في الدقيقة 77 وهو ما يبرر استبدال البريك بزميله خالد مفتاح في الدقيقة 80 لوضع حد لتوغلات متولي من تلك الجهة في إجراء قيل عنه إنه متأخر بعض الشيء.
نام تاي هي يقلب الموازين
انقلبت الموازين من جديد لصالح الدحيل قبل نهاية زمن المباراة بعشر دقائق بمجهود فردي من نام تاي هي الذي قاد هجمة سريعة توجت بهدف تقدم وهنا تبرز القيمة الفنية لقدرات لاعبي الدحيل الذين يتدخلون في الوقت المناسب لمساعدة الفريق على حل مشكلاته أثناء اللعب وترجيح كفته.
copy short url   نسخ
21/05/2018
14106