+ A
A -
كتب- أبوبكر محمد


كسر سعر النفط خلال تداولات الأسبوع الماضي حاجز الـ80 دولاراً للبرميل، ورغم أهمية ذلك للاقتصاد القطري وللموازنة، إلا أنه لا يمنع خطة الانطلاق بالقطاعات غير النفطية التي تم وضعها خلال السنوات الأخيرة، والتعجيل في تنفيذها عقب الانهيار الذي شهدته أسعار الذهب الأسود قبل 3 سنوات ونصف السنة.
أكد الخبراء أن قطاعات الاستثمار المختلفة شهدت نمواً كبيراً على مدار الأشهر الأخيرة، رغم التحديات التي فرضها الحصار الجائر على قطر وشعبها، مشيرين إلى أن الإستراتيجيات التي يجري تنفيذها في قطر والتي يتمثل آخرها في إستراتيجية التنمية الوطنية الثانية «2018 - 2022» تمثل محطات مهمة في مسيرة الاقتصاد القطري نحو الخروج من تحت وطأة الغاز والنفط.
الدكتور عبدالرحيم الهور أكد أن السياحة مثلت رافدا مهما في خطة تنويع مصادر الدخل، وفي هذا الصدد نجحت قطر في تحصين قطاعها السياحي من آثار الحصار الذي فرض عليها في يونيو الماضي من قبل «الرباعية»، حيث أسهمت الإجراءات التي اتخذتها في إحداث انتعاشة بأعداد السياح الوافدين مع انطلاق الموسم السياحي في أكتوبر الماضي، واستمراره مع بداية العام الجاري، مضيفا أن الموسم السياحي في قطر حلق بعيدا عن تداعيات الحصار أسوة بالعديد من القطاعات الأخرى.
وأضاف أن قطر حققت المعادلة الصعبة من خلال تنشيط القطاع السياحي وزيادة أعداد السياح وتعويض معدلات السياحة الخليجية من دول الرباعية والتي انقطعت عن قطر منذ فرض الحصار عليها، مشيرا إلى أن شركة الخطوط الجوية وميناء حمد، بالإضافة إلى التسهيلات التي قدمتها قطر لعبت دورا كبيرا في استقطاب السياح وإنجاح الموسم من بداياته، مشيرين إلى أنه من المتوقع أن تصل نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من 3.5 % بنهاية الموسم الحالي.
وتابع: أن الحصار لم يؤثر على تدفق السياحة العالمية إلى قطر، حيث إن التوقعات تشير إلى أن قطر ستستقطب أكثر من 6 ملايين سائح سنويا، تنعكس أعدادهم الكبيرة إيجابا على إجمالي الناتج المحلي، مؤكدا وجود إرادة قطرية لتوظيف السياحة لتصبح أحد عوامل التنمية المستدامة باعتبارها «نفطا لا ينضب».
الخبير الاقتصادي سمير النصيري أكد أن القطاع الزراعي في قطر كان له نصيب كبير من الاهتمام الحكومي لتحقيق التنوع المطلوب، مشيرا إلى أنه لم تعد خطة قطر لتحقيق الاكتفاء الذاتي حلما بعيد المنال بل أصبحت أمرا واقعا في ظل التحركات الجادة والمتسارعة التي اتخذتها الحكومة لتحقيق ذلك عبر تنمية القطاع الصناعي والاستثماري في مختلف الأنشطة.
وتابع: أن قطر تخطت الصعاب التي واجهتها في ما يتعلق بالقطاع الزراعي، وذلك عبر الإستراتيجيات الناجحة بالداخل والخارج، مشيرا إلى أن استثمارات قطر الخارجية في القطاع الزراعي أثبتت نجاحها في دول إفريقيا وفي مقدمتها السودان، كما أن هناك العديد من الفرص التي لاتزال سانحة أمامها في العراق وأيضا في لبنان، مضيفا أن التوجه القطري نحو الزراعة يستهدف في المقام الأول تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير احتياجات الأسواق في ظل الزيادة السكانية المستمرة، إلى جانب تنفيذ خطط التنويع الاقتصادي التي تم إطلاقها قبل سنوات والتي باتت مطلبا مهما للتجاوب مع التغيرات التي طرأت منذ منتصف العام الماضي مع بدء فرض الحصار.
إن زيادة الاستثمارات الزراعية والغذائية أصبحت مطلباً وطنياً في ظل الوضع الحالي.. والدولة من جانبها تسعى إلى ذلك من خلال المبادرات التي تطرحها وزارة الاقتصاد والتجارة للقطاع الخاص وخطت مراحل متطورة فيها.
ولفت إلى أن تطور تقنيات الزراعة يجعل من تحقيق الأمن الغذائي في قطر عملية ممكنة دون أي مشاكل، فالدولة والقطاع الخاص لديهما الإمكانيات المادية والتكنولوجية القادرة على توفير الزراعة وفقاً لأحدث الأساليب العالمية، وهي تجارب موجودة بالفعل في عدد من المزارع القطرية، التي تتبع أحدث الأساليب العالمية في الزراعة والإنتاج والتغليف.
المهندس عمرو جلال الرئيس المؤسس للجمعية العربية لصناعة الكهرباء والطاقة أكد أن قطر تملك صناعة محلية وتسير بشكل قوي في مختلف القطاعات الاستثمارية، مشيرا إلى أن ذلك يأتي في الوقت الذي تسعى فيه قطر لتطوير مشروعاتها الكهربائية الكبرى ومن الممكن تحقيق تطور هائل بها وهي في احتياج مستمر لتطوير الصناعات الكهربائية الكبرى بها.
وأضاف أنه رغم الانطلاقة التي شهدتها أسعار النفط على مدار الأشهر الأخيرة إلا أن العمل لايزال يسير بقوة في قطر على المصادر الأخرى للطاقة، وذلك بالتوازي مع الاهتمام بكافة القطاعات الاستثمارية الأخرى، من صناعة وسياحة وزراعة، مشيرا إلى أن خطة تنويع الاقتصاد في قطر يتم تنفيذها بأسس ثابتة ستظهر نتائجها واضحة للجميع خلال سنوات قليلة جدا، رغم أن الإستراتيجية تستهدف تحقيق ذلك عام 2030.
المحلل الاقتصادي أحمد عقل أكد أن قطر حققت قفزات كبيرة على طريق تنويع الاقتصاد خلال الآونة الأخيرة على الرغم من فرض الحصار الجائر عليها والذي لم يمنعها من تنفيذ مشروعاتها العملاقة والتي دخلت بها فعلياً إلى مرحلة ما بعد النفط، مُستعيضة بالقطاع السياحي والصناعي والعقاري عن الذهب الأسود في إنعاش خزينة الدولة، لافتاً إلى أن قطر استفادت من الحصار الذي أظهر إمكانياتها الاقتصادية الحقيقية سواء بالتحالفات الاستثمارية الضخمة أو العلاقات التجارية المتينة مع كبرى الاقتصادات العالمية.
وأشار إلى أن الصفقات المبرمة في ما يتعلق بالاستيراد أو إقامة مشروعات جديدة جعلت الحصار كأنه لم يكن، كما أن قطر تحركت منذ سنوات لتحقيق نمو مستدام طويل الأمد من خلال جهودها لتنويع الدخل، وهيكلة الملكية والقدرات، وأن تلك التحركات استمرت وشهدت قيمة قطاع غير الهيدروكربون تفوقا على قطاع الهيدروكربون لأول مرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وتابع: أن هناك العديد من القطاعات التنموية التي ساهمت في رفع معدلات الناتج المحلي، وفي مقدمتها قطاع الاستثمار العقاري والقطاع الصناعي، موضحا أنه من المنتظر أن تتراوح الاستثمارات في مختلف المجالات خلال السنوات العشر المقبلة بين 150 مليارا إلى 180 مليار دولار، موجهة أساسا للقطاعات غير النفطية والبنى التحتية، وفقا لما أكدته أحدث التقارير الاقتصادية الصادرة مؤخرا.
وفي تقرير له مؤخرا قال موقع «ذا وورلد فوليو» الاقتصادي العالمي، إنه رغم الحصار الذي تفرضه دول خليجية على قطر، فإن الدولة الغنية بالنفط والغاز واصلت مساعيها للانتقال إلى دولة المستقبل، مؤكدة كل يوم أن مساعي الحصار لا تنال منها، وأنها تعمل على تنفيذ خطتها بأفضل صورة ممكنة.
وأضاف الموقع: أنه لتحقيق هذه الرؤية، عملت قطر على تعزيز ثلاثة مجالات رئيسية: التعليم والابتكار وريادة الأعمال. والشراكات مع المؤسسات التعليمية والشركات الخاصة، وإنشاء حاضنات لمساعدة الشركات الجديدة والناشئة على العمل والاستثمار.
وتابع: أن قطر تسابق الزمن، فهي تعمل على تلافي أي آثار للحصار بالانفتاح والتعاون مع العالم، والدخول في شراكات مع الدول الإقليمية، وتعزيز العمل على دعم اقتصاد لا يعتمد على مصدر واحد بل بدائل متعددة.
copy short url   نسخ
21/05/2018
15924