+ A
A -
كتب – محمد حمدان
حلت دولة قطر في المرتبة الأولى عربياً والـ38 عالمياً في قائمة البلدان الأكثر انفتاحا على ممارسة الأعمال في العالم وذلك في مسح أعدته شركة «بي إيه في» التابعة لوكالة «دبليو بي بي»، بالتعاون مع كلية وارتن بجامعة بنسلفانيا وشركة الإعلام الأميركية «يو إس نيوز آند ورلد ريبورت» وجاءت البحرين في المرتبة الثانية عربياً والـ47 عالمياً بفارق كبير عن قطر في القائمة فيما شغلت الإمارات المرتبة الـ67 عالميا والسادسة عربيا وجاءت السعودية في المرتبة الـ11 عربيا والـ78 عالميا في ذيل القائمة ذاتها.
وتعتمد القائمة ذاتها على حزمة معايير أبرزها: درجة البيروقراطية، وتكاليف التصنيع، ومستوى الفساد، والبيئة الضريبية المواتية، والممارسات الحكومية الشفافة كما يرتكز التصنيف إلى مسح يشمل 21 ألف شخص حول العالم بينهم صناع قرار في مجــال الأعمـــال.
ويؤكد اقتصاديون لـ الوطن الاقتصادي أن دولة قطر تجني حالياً ثمار تطوير تشريعاتها الاقتصادية وهي الإجراءات التي تسارعت وتيرتها في أعقاب الحصار حيث واجهت قطر الحصار بتعزيز بيئة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار وتطوير تشريعاتها الاقتصادية حيث تتعاون وزارة الاقتصاد والتجارة مع البنك الدولي لإعداد خطة لتحسين مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال التي سوف تنعكس على تحسين ترتيب الدولة في التقارير الدولية المتعلقة ببيئة الأعمال، وتنمية قطاع الأعمال وجذب مزيد من الاستثمارات الداخلية والخارجية، والإسراع بمعدلات نمو الاقتصاد الوطني تحقيقاً لرؤية قطر الوطنية 2030.
وقد أدخلت الدولة تعديلات على قانون المناطق الحرة، بموجب مرسوم القانون رقم (21) لسنة 2017 الذي قضى بتعديل بعض أحكام القانون رقم (34) لسنة 2005 بشأن المناطق الحرة الاستثمارية، وقد تضمنت التعديلات الجديدة عدم وجود قيود على جنسية رأس المال وحرية اختيار الشكل القانوني للمشروع، وكذلك حرية تحديد أسعار المنتجات ونسبة الأرباح، بالإضافة إلى إعفاء الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج والصادرات والواردات من الضرائب وغيرها من الرسوم، كما تمنح المشروعات القائمة بالمناطق الحرة العديد من الضمانات من أبرزها عدم تقييد ملكيتها، ومنح حوافز ومزايا خاصة للمشروعات التي تعمل على زيادة نسبة المكون المحلي في منتجاتها والمشروعات التي تستثمر في مجالات الخدمات اللوجيستية أو الاتصالات.
كما اعتمدت الدولة في مطلع يناير الماضي قانون تنظيم الاستثمار الأجنبي، وهو قانون جديد يتيح للمستثمر الأجنبي العمل بنسبة 100 % في غالبية قطاعات الاقتصاد بعدما كانت هذه النسبة لا تزيد على 49 %، بهدف استقطاب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، مما يساعد على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية ويدفع بعجلة التنمية الاقتصادية للبلاد، كما يسهم القانون الجديد في رفع مؤشر الثقة والأمان الاستثماري في الدولة، والارتكاز على قوة الإنفاق الحكومي في توطين الاستثمارات الأجنبية، وزيادة العوائد الضريبة، إلى جانب حماية المستثمر الأجنبي والمحلي من مخاطر الاتفاقيات الجانبية، وكذلك الحد من عمليات التستر التجاري، ورفع مستوى قطر في المؤشرات الاقتصادية العالمية كمؤشر سهولة الأعمال.
يأتي ذلك بالتوازي مع قرارات أخرى جعلت قطر الدولة الأكثر انفتاحا اقتصاديا في المنطقة ولعل أبرز هذه القرارات إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرات الدخول وهو ما أفضى لزيادة التدفقات السياحية الواردة إلى قطر فضلاً عن التسهيلات الأخرى المتمثلة في منح تأشيرات الترانزيت المجانية لمدة 96 ساعة لجميع الجنسيات، وطلب وإصدار تأشيرات إلكترونية لجميع الجنسيات، وإعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول إلى قطر. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما امتد ليشمل توجه قطاع كبير من الشركات المدرجة لرفع سقف ملكية الأجانب إلى 49 %، بدلا من 25 %، وهو ما أدى إلى تحقيق مكاسب قياسية في البورصة القطرية من خلال حدوث تداولات مليارية في جلسة نهاية الأسبوع الماضي، كما ساعد على تدفق وجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية كما يتوقع إقرار قانون يسمح بتملك الأجانب للعقارات قريباً، وهو ما يتوقع أن يعزز مكانة قطر وجاذبيتها الاستثمارية على مستوى المنطقة والعالم ككل.
وفي التفاصيل قال رجل الأعمال خالد الكواري، إن دولة قطر حققت تقدما ملموسا على صعيد التشريعات والقوانين الجاذبة للاستثمار على المستويين المحلى والإقليمي، مشيراً إلى أن قطر توسعت في الانفتاح الاقتصادي وتعزيز بيئة الأعمال وتطوير مناخ الاستثمار من خلال إصدار تشريعات اقتصادية محفزة ومرنة وقوية وهو ما ساهم في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية بل شجع الأجانب على الدخول في مشروعات استثمارية وشراكات اقتصادية، وهو ما يؤكد فعالية القواينن والخطوات التي اتخذتها الدولة.
واعتبر الكواري أن الشراكة بين قطر والبنك الدولي ستؤدي لتحسين تصنيف قطر في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال وتعزيز تطوير بيئة الاستثمار محليا.
وأشار إلى أن فتح باب الاستثمار الأجنبي بنسبة 100% في غالبية القطاعات الاقتصادية سيؤدي إلى توسع كبير في دخول رأس المال الأجنبي مما يجعل السوق يترقب توسعا كبيرا في الشركات العالمية في كافة القطاعات خاصة أن دولة قطر تمضي في استكمال مشروعاتها على قدم وساق للاستعداد لاستضافة كأس العالم المقرر في 2022، وهو ما يتيح فرص استثمارية جيدة.
وأوضح أن قطر استطاعت أن تتغلب على الحصار بإصدار المزيد من التشريعات والقوانين الاقتصادية الجاذبة والمحفزة للاستثمار، مشيراً إلى أنه كلما أصدرت الدولة مزيداً من القوانين المرنة تبدد مفعول وأثر الحصار.
قوانين محفزة
من جانبه، قال رجل الأعمال عبدالهادي الشهواني، إن قطر تشهد نقلة نوعية في مجال تطوير مناخها الاستثماري حيث اتخذت حزمة إجراءات عززت بيئة الأعمال ولذلك تصدرت عربياً ووفرت التمويل للراغبين في بدء مشروعات استثمارية جديدة أو التوسع في مشروعاتهم الاستثمارية القائمة، مشيراً إلى أن الحصار حفز على تطوير ومراجعة التشريعات الاقتصادية وإنجاز الكثير من المشروعات كما ساهم في تحقيق الاستقلال الاقتصادي وعزز من وتيرة إنتاج الغذاء محلياً، وزاد من الاستثمارات الوطنية في مختلف المجالات وكذلك فإن تعزيز مناخ الاستثمار سيؤدي إلى ارتفاع وتيرة تدفقات الاستثمارات الأجنبية الواردة.
وأوضح أن الاقتصاد القطري نجح بفعل النتائج التي ترتبت على تهيئة المناخ الاستثماري من النمو بشكل سريع وكسر الحصار في أسرع وقت ممكن، متوقعاً تدفق مزيد من الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى قطر نتيجة السماح للأجانب بالاستثمار بنسبة 100% في جميع القطاعات وكذلك رفع نسبة التملك بالبورصة القطرية في أسهم الشركات المدرجة بنسبة تصل إلى 49% وهو ما انعكس فعلياً على زيادة نسبة السيولة خلال جلسات الأسبوع الماضى بمعدل قياسي غير مسبوق.
تكامل فريد
وفي ذات السياق اعتبر رئيس اتحاد المهندسين العرب أحمد جاسم الجولو، أن التشريعات الاقتصادية الجديدة في كافة المجالات أتاحت فرص مغرية للمستثمرين في الداخل والخارج، مشيراً إلى أن هناك زيادة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى قطر بعد الحصار ويرجع ذلك في الأساس إلى تحسن البيئة التشغيلية والقوانين والبيئة الاستثمارية الجاذبة إضافة إلى تنوع الفرص الاستثمارية في الدولة كما أن قطر في ظل النهضة العمرانية التي تشهدها باتت وجهة مفضلة لرجال الأعمال والمستثمرين، مشيراً إلى أن الدولة وبفضل الاستعدادت الجارية لمونديال 2030، والإنفاق الضخم على البنية التحتية ولدت فرصا استثمارية مغرية وأصبحت محط أنظار المستثمرين في جميع أنحاء العالم.
وأضاف أن الفرص المتاحة بالإضافة إلى القوانين والتشريعات الاقتصادية الجاذبة شكلت تكاملا فريدا في البيئة الاقتصادية والاستثمارية القطرية وهو ما حفز القطاع الخاص المحلي على التوسع والتنوع في كافة المشروعات الاستثمارية من جهة إضافة إلى جذب رؤوس أموال أجنبية جديدة للسوق القطري من جهة أخرى، وتوقع حدوث نقلة أكبر في المستقبل من خلال انسياب رؤوس الأموال الأجنبية وتدفقها في مختلف القطاعات الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الاقتصاد القطري ويساعد على تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية الثانية 2018 – 2022 والذي بدوره يعزز تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
copy short url   نسخ
18/03/2018
3823