+ A
A -
الغوطة الشرقية ربما هي مختبر للقتل! جرب فيها بشار الأسد السلاح الكيماوي والغازات السامة عام 2013. وكانت الحصيلة مئات القتلى والمصابين بتشوهات وبعطل دائم، بالتزامن مع الحصار المستمر منذ خمس سنوات. والآن يجرب بالاشتراك مع ولي نعمته فلاديمير بوتين صواريخ الراجمات الروسية والقنابل الفوسفورية، وبطبيعة الحال البراميل المتفجرة! والحصيلة المؤقتة تجاوزت الخمسمائة قتيل.
القتل تحول في الغوطة، وفي الحرب السورية عامة، إلى احتراف. إلى عمل روتيني يمارس بوتيرة يومية، ان لم نقل على مدار الساعة. الغوطة باتت أشبه بمسلخ! لم يعد هناك من حدود للإجرام! الناس يتخبطون في دمائهم أشلاء في الشوارع، يئنون تحت الأنقاض ومصيرهم مجهول. يستصرخون الضمير العربي والعالمي! والحصار مستمر منذ 2013، والقتلى والضحايا ايضا محاصرون! لا هدنة ولا سماح لدخول أي نوع من الاغاثة أو الاسعافات. القصف مستمر منذ أكثر من أسبوع وبوتيرة تصل إلى خمسين غارة في اليوم. يتناوب عليه طيران النظام السوري وطيران سلاح الجو الروسي، وأحيانا يقومون بالقصف معا من أجل دقة التصويب! وترتكب المجزرة تلو الأخرى، في كفربطنا ودوما وبيت سوى وحرستا وسقيا وغيرها من بلدات الغوطة الشرقية.
منظمة «أطباء بلا حدود» وثقت تدمير ثلاثة عشر مستشفى وعيادة خلال ثلاثة أيام فقط. البراميل المتفجرة ترمى عشوائيا على المباني السكنية، والراجمات تقصف وتوجه صواريخها في كل الاتجاهات.
الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غويتيريس اتهم قبل أيام النظام السوري بقتل 100 شخص. البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة تفيد ان المنازل في الغوطة الشرقية من دون طعام أو مياه أو كهرباء، و80 بالمائة من سكان حرستا يعيشون تحت الارض!
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الوسيط «المعتدل جدا»، تكلم عن «حاجة ملحة» لوقف اطلاق النار ومنع ما وصفه ب»القصف المروع» للغوطة الشرقية.
أوقفوا المجزرة! نداء وجهته المستشارة الالمانية انجيلا ميركل: «ما نراه من أحدات مروعة في سوريا على أيدي نظام لا يقاتل الإرهابيين بل شعبه ويقتل الاطفال ويدمر المستشفيات... انها مذبحة يجب إدانتها ووقفها»! انه نداء يطلقه مسؤول أوروبي كبير ولا صوت لأي مسؤول عربي! حصيلة القتلى حتى اليوم تجاوزت 500 قتيل، من بينهم 75 طفلا و50 سيدة، والجرحى قاربوا 2000 وهناك المئات تحت الانقاض! فيما «المرصد السوري لحقوق الانسان» يؤكد سقوط 400 مدني لغاية يوم الخميس الماضي.
حتى السلاح الكيميائي لم يتمكن من تركيع الغوطة. فالمجزرة الأولى حصلت في 21 أغسطس 2013 وراح ضحيتها المئات من سكان المنطقة بسبب استنشاقهم لغازات سامة ناتجة عن استعمال لغاز الاعصاب. الهجوم حصل أمام أعين بعثة المفتشين الدوليين التي كانت قد وصلت قبل ثلاثة أيام إلى دمشق. هدد يومها الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما بقصف آلة حرب النظام وحدد ساعة الصفر. ثم تراجع في اللحظة الأخيرة جراء وساطة روسية تقوم على تسليم بشار سلاحه الكيماوي. فهل فعل؟
انها مذبحة بالصوت والصورة. لون الدم هو اللون الغالب! وهي بالتأكيد ليست المذبحة الأولى في مسلسل الحرب السورية، وعلى طريق جلجلة الشعب السوري المعذب. وهي على الأرجح لن تكون الأخيرة، ولكنها الأفظع! القتل البربري والمجازر الجماعية والتهجير والفرز الديموغرافي هي السلاح الأفتك والأنجع للنظام في كل مرة يضطر إلى إعادة الامساك بالأرض. انها حرب الابادة التي بات يتقنها النظام جيدا.
كل الانجازات التي حققها «الدب الروسي» خلال سنتين ونصف السنة تقريبا من تدخله العسكري لم تمكنه من تطويع ارادة الشعب السوري واعادة فرض هيمنة بشار الأسد على السلطة. وكل المؤتمرات والاتفاقيات والمناورات من استانة وسوتشي، إلى مهزلة «المناطق الآمنة» والغوطة الشرقية هي واحدة منها، لم تسمح لـ «القيصر الروسي» بفرض الحل السياسي الذي يريد. فيصبح القتل المنهجي والترويع هما الوسيلة الوحيدة لنظامين يمارسانه كل على طريقته بوسائل ونسب متفاوتة.
الجميع يتفرج على المجزرة... وحروب الابادة مستمرة بشكل دوري ومنهجي!
copy short url   نسخ
27/02/2018
1353