+ A
A -
باريس- الوطن- خديجة بركاس

اتفق مشايخ وأئمة إسلاميون في فرنسا مع توصيات البيان الختامي لمؤتمر «حوار الأديان» الثالث عشر الذي أقيم في الدوحة الثلاثاء الماضي واختتم أعماله، الأربعاء، مؤكدين على أن المجتمع الدولي بات مطالبا بالإسراع لإيجاد حلول عاجلة للقضايا الخاصة بانتهاك حقوق الإنسان التي أصبحت تهدد الكثير من دول العالم وتهدد الاستقرار العالمي، كما أثنوا على تركيز مؤتمر الدوحة والمتداخلين فيه الممثلين لجميع الأديان السماوية على أهمية الإنسان كونه مركز اهتمام التشريعات السماوية الواردة في الأديان الثلاثة، وأن حقوقه وحاجاته هي أولى الأهداف التي يجب على المجتمع الدولي التكاتف من أجل حمايتها والتصدي لكافة أشكال الانتهاكات التي قد يتعرض لها، لضمان أمن وسلامة العالم.
وقال الشيخ، محمد الخلوفي، إمام مسجد «نور الحق» بباريس، لـ «الوطن»، إن توصيات مؤتمر الدوحة لحوار الأديان الثالث عشر تعد بمثابة وصفة العلاج لجميع المشاكل التي يمر بها العالم الآن، بدءا من أزمة مسلمي الروهينغا وفلسطين واليمن والأقليات الدينية في أغلب دول إفريقيا وشمال شرق آسيا، وحتى في دول الغرب، والعمل بهذه التوصيات من أجل تفعيل القيم الدينية السماوية لتعزيز القوانين على المستوى العالمي والمستوى الداخلي بالنسبة للدول، والإسراع لإيجاد حلول للقضايا التي تهدد الأمن والاستقرار العالمي وعلى رأسها قضايا الأقليات الدينية، واللاجئين، واغاثة ضحايا النزاعات والحروب، والمجاعات والفقر، وأيضا إلزام الدول باحترام سيادة الجيران، وإلغاء الحصار الجائر المفروض على قطر منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وأضاف الخلوفي، أن توصيات مؤتمر الدوحة لحقوق الإنسان قد ركزت على الاهتمام بالإنسان كونه مركز اهتمام التشريعات والقيم في كل الأديان السماوية، وأن حقوقه وضمان سلامته وحقه في الحياة الكريمة من أولى الأولويات الواجب حمايتها، مهما كان جنسه ولونه وديانته وجنسيته، وهذه التوصيات هي الضمان الحقيقي لسلام العالم، إلى جانب التوصية الداعية لتعزيز القوانين الدولية المنوط بها حماية حقوق الإنسان، وإيقاف الانتهاكات لتك الحقوق، مع ضرورة إيجاد آليات دولية فاعلة لضمان حرية المعتقد، وممارسة الشعائر الدينية، وكذلك ضرورة احترام المقدسات والرموز الدينية، مع مواجهة فكرية راشدة لظاهرة التعصب وازدراء الأديان والتطرف والإرهاب، وهذه التوصيات هي الوصفة الدوائية المضمونة لعلاج تشوهات المجتمعات وتمزق العالم.
مساندة الإنسان
وأضاف الشيخ رفعت الريان، إمام مسجد «نور الرحمن» بمرسيليا، أن المنخرطين في مؤتمر الدوحة لحوار الأديان، قد تناولوا أزمات الشعوب بشكل دقيق ينم عن وعي حقيقي بالداء، فخرجت توصيات الاجتماع الختامي للمؤتمر كوصفة دواء مثالية، وأبرزها الدعوة لمساندة الأفراد والجماعات الذين يتعرضون للاضطهاد والتضامن معهم ضد الممارسات التي من شأنها انتهاك حقوقهم، سواء من جانب دول محتلة أو أشخاص متشددين، وسواء بسبب النزاعات والحروب أو هجمات التطهير العرقي المسعورة، مع دعوة الدول الحاضنة لأقليات دينية وعرقية أو اللاجئين، لاتباع سبل متطورة للتوعية لحقوق الأقليات سواء في مناهجها التعليمية أو من خلال وسائل الإعلام ودور العبادة، لوقف كافة صور الاضطهاد والانتهاكات لحقوق الآخرين، بالمخالفة لجميع الأديان السماوية، والقوانين وقواعد الإنسانية، كما يجب على المجتمع الدولي تلبية دعوة مؤتمر الدوحة بضرورة توفير الحماية الحقيقية للطفل والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يتعرضون لانتهاكات بسبب الحروب والنزاعات، لا سيما في ظل تزايد أعداد هؤلاء المستضعفين يوما بعد يوم، وهو الأمر الذي ركز عليه جميع المشاركين في مؤتمر الدوحة لحوار الأديان تقريباً، ما يعني أن جميع الأنظمة حول العالم تعي الأزمة الحقيقية التي نعيشها الآن، وأن الحوار والتسامح وحماية حقوق الإنسان هي المخرج الوحيد والعلاج الأمثل لها.
العنف حرام
وأشار، الشيخ عبد الراشد بلزعير، إمام مسجد «الإيمان» بمدينة نيس الفرنسية، إلى أن الأديان السماوية الثلاثة حرمت العنف ضد الإنسان، ووضعت منهجا واضحا للتعايش مبنيا على التسامح وقبول الآخر، وقد اتفقت التشريعات الدولية على نفس المبادئ التي أقرتها الكتب السماوية، وقد أوضح ممثلو الأديان السماوية المشاركون في مؤتمر الدوحة لحوار الأديان جوهر هذه النصوص، ما يعني أننا لسنا في حاجة إلى جهود أخرى لسن قوانين أو تفسير التشريعات الإلهية، إنما ينقصنا الرقابة الحقيقية، والوفاء بالنصوص التشريعية والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، واتخاذ إجراءات حقيقية لمعاقبة المخالفين لها، وأيضا التكاتف على المستوى الدولي من أجل توحيد الرؤى والعمل المشترك لدعم حقوق الإنسان والتصدي لانتهاكاتها، وتوحيد الجهود بين جميع المؤسسات الحقوقية والدينية والإعلامية والقضائية، للعمل على حماية الإنسان والتوعية بحقوقه في شتى أنحاء الأرض، وتركيز مؤتمر الدوحة لحوار الأديان على هذه النقاط أمر في غاية الأهمية، ونعتبرها نقطة انطلاق للمزيد من العمل من أجل ضمان حقوق الإنسان والدفاع عنها، متمنين أن تستمر هذه الجهود الرامية لتعزيز حقوق الإنسان والدفاع عنها وإنهاء كافة صور الانتهاك في العالم، وأن تدرك دول الحصار القيمة الحقيقية للتعاون والتآخي بين الجيران، وأن يمتثلوا لدعاوى الجلوس على طاولة الحوار، وحل الخلافات بالهدوء حفاظا على روابط الدم وحقوق الجوار.
copy short url   نسخ
23/02/2018
4090