+ A
A -
بيروت – نورما أبو زيد
بعد جولة من العنف طالت بعض مناطق بيروت الشرقية، بسبب المعارك الدستورية والكلامية بين رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، وصهره وزير الخارجية جبران باسيل من جهة، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري من جهة أخرى، دخلت البلاد مرحلة استراحة المحارب، دون أن يعني ذلك أنّ الأزمة المتعددة الوجوه بين الرئيس عون وبري وجدت حلولاً لها.
أزمة مرسوم الضباط التي شكّلت أوّل معركة معلنة بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي، لم تُغلق بل عُلّقت، وسببها ليس الكيمياء المفقودة بين الرجلين فقط، بل التنافس على الصلاحيات في ظلّ ضبابية دستور «الطائف».
الأزمة الثانية، تمثّلت بدعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أبناء الطائفة الشيعية الذين يعيشون في أبيدجان، إلى مقاطعة مؤتمر الطاقة الاغترابية، الذي تنظّمه وزارة الخارجية اللبنانية هناك، الأمر الذي اعتبره وزير الخارجية هجوماً مباشراً على العهد. لم تُغلق هذه الأزمة بدورها، وإنّما عُلّقت، ولكن تعليقها استدعى أزمة ثالثة بين الطرفين. والأزمة الثالثة، التي تلت أزمة المرسوم، ومقاطعة مؤتمر أبيدجان، تمثّلت بتسريب لقاء بين رئيس «التيار الوطني الحرّ» وزير الخارجية جبران باسيل، ومنتسبين إلى حزبه، وصف فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بـ «البلطجي»، وقال إنّ الحلّ في البلد يكون بكسر رأسه.
التسجيل المسرّب أوصل لبنان إلى حافة الهاوية، بعد استنفار بري لمناصريه، وتنظيمهم مظاهرات شعبية رافضة التعرّض لزعيمهم، إضافة إلى إحراق إطارات ومحاولة اقتحام بعض مراكز «التيار الوطني الحرّ»، ما استدعى وقفة مقابلة من مناصري الرئيس عون، واستنفاراً طائفياً بين المسيحيين والشيعة. طالب جمهور بري باسيل بالاعتذار، ولكن الأخير رفض، الأمر الذي أوصل الاحتقان إلى ذروته، ولكن استدراك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لخطورة ما يجري، منع البلاد من الانزلاق نحو منعطفات خطيرة، إذ وجّه عون رسالة علنية إلى الشعب اللبناني ركّزت على أهمية التسامح بين أبناء الوطن الواحد. برّدت الرسالة الرئاسية الأجواء إلى حدّ معيّن، ولكن بقيت الأزمة معلّقة ولم تغلق تماماً كما حصل في الأزمتين السابقتين. طوى لبنان صفحة الخلاف بين الرئيس عون ونبيه بري، ولكن الكتاب بقي مفتوحاً، ويتحضّر لصفحات أخرى جديدة، وقد نجحت أزمة الخلاف على الغاز بين لبنان وإسرائيل في صرف الأنظار بعض الشيء عن المشاكل القائمة بين رئيس البلاد ورئيس المجلس النيابي. فقد حتّم التهديد الإسرائيلي لنفط لبنان، وقف الاشتباك المعلن، وأخذ كلّ من الرئيس عون وبري استراحة محارب.
ليس بعيداً عن حرب عون – بري المعلنة، نشأت حرب غير معلنة بين «التيار الوطني الحرّ» و»حزب الله»، على خلفية تفضيل الأخير لنصفه الشيعي (بري) على الرئيس عون الذي شكّل ظهيراً لـ «المقاومة» منذ «اعتداء تموز» في العام 2006.
فعوض أن يلعب «حزب الله» دور الوسيط بين حليفيه رئيس الجمهورية، ورئيس المجلس النيابي لتخفيف حدّة الاشتباك بينهما، وقف طرفاً إلى جانب بري، في الأزمتين الأولى والثالثة، بينما لم يعلّق على الأزمة الثانية.
copy short url   نسخ
05/02/2018
1136