+ A
A -
كتب- د.العروسي العتروس

بات المعلق الآسلندي المجنون «جومي بن» أشهر معلق في العالم ومن أبرز الشخصيات التي تركت بصمتها على اليورو بعد أن دخل في منافسة مفتوحة مع لاعبي المنتخبات الذين بلغ عددهم 575 لاعباً.. الرجل المجنون كتب في واحدة من أشهر تغريداته أنه تلقى مئات الطلبات لإجراء الحوارات التليفزيونية والإذاعية بعد أن انتشر فيديو تعليقه على هدف التأهل الذي أحرزه منتخب بلاده آيسلندا على منتخب النمسا.
المجنون عاد ليترك بصمة جديدة عندما وقف في كابينة التعليق في الربع ساعة الأخيرة من مباراة آيسلندا وإنجلترا، عندما كان منتخب بلاده متقدماً وبدأ يقوم بعمليات الإحماء «لقفل التعليق» ببصمة جديدة انتشرت في العالم بأسره ويسعد الوطن الرياضي بنقلها لقرائه حتى يطلعوا على ما أتى به هذا المجنون لعالم التعليق في مجال الجلد المدور ليسعد جماهير بلاده الذين تابعوا بأسرهم دون أي استثناء الموقعة الكبرى ضد الإنجليز في مدينة نيس الفرنسية..
وفيما يلي ما جاء على لسان المجنون عاكساً ما جال في خاطره وما هز مشاعره الجياشة: «فعلناها، فعلناها، لن نعود إلى الديار، سنبقى هنا.. هل شاهدتم هذا؟ هل رأيتم بأعينكم؟ لا أصدق! إنه حلم! لا توقظوني من هذا الحلم العجيب! افعلوا ما تشاؤون! الإنجليز...آيسلندا تواجه فرنسا في الربع النهائي، فرنسا-آيسلندا! عودوا إلى دياركم أيها الإنجليز! بإمكانكم الرحيل عن اليورو الآن.. اذهبوا أين تشاؤون! إنجلترا 1- آيسلندا 2 النتيجة النهائية هنا في نيس.. ويتواصل الحلم الوردي!!!
آيسلندا جزيرة البراكين
جمهورية آيسلندا هي دولة جزرية أوروبية في شمال المحيط الأطلسي على الحافة وسط الأطلسي.. يبلغ تعداد سكانها 330000 نسمة ومساحتها 103.000 كم2 وعاصمتها ريكيافيك وعملتها الكورونا الآيسلندية. تعرف آيسلندا باسم بلد النار والثلج وذلك لكونها بلد نشط بركانيا يضم ما يزيد عن مائتى بركان، فيما يشكل الجليد أكثر من عشر مساحة البلاد.
وآيسلندا هي أول جمهورية في العالم تنتخب امرأة رئيسة لها وكان ذلك عام 1980 عندما تم انتخاب فيجديس فينبوجادوتير والتي احتفظت بمنصبها مدة ستة عشر عاما.. آيسلندا التي أعلنت جمهورية عام 1944 تعتبر كذلك أول بلد أوروبي يشكل برلماناً، وكان ذلك عام 930.. آيسلندا تعتبر بلداً حديثة، إذ أصبحت مأهولة فقط في القرن التاسع، عندما سكنها شعب الفايكنج القادم من النرويج.. أصبحت آيسلندا جزءاً من النرويج عام 1262، ثم صارت جزءًا من الدنمارك عام 1380 واستمر ذلك حتى نالت استقلالها عام 1918.
ترى آيسلندا الشمس في منتصف الليل، وهذه ظاهرة طبيعية تعرف باسم شمس منتصف الليل، في إشارة لظهور الشمس لمدة 24 ساعة يومياً في المناطق القطبية.. تشهد آيسلندا بسبب قربها من الدائرة القطبية الشمالية ليالي شتاء وصيف طويلة.
قانون لحماية سلالة الجياد الآيسلندية
تشتهر آيسلندا بتربية سلالة الحصان الآيسلندي التي نشأت من تزاوج أفراس قزمة جلبها المستوطنون الإسكندنافيون معهم في القرنين التاسع والعاشر الميلادي، لذا فقد ورد ذكرها الأدب وسجلات التاريخ الآيسلندي.. أنشأت أول جمعية لتلك الخيول في آيسلندا في سنة 1904 م، واليوم هناك 19 منظمة في بلدان مختلفة تنظم وترعى هذه السلالة.و يمنع القانون الآيسلندي استيراد الخيول، وكذلك إعادة استيراد الخيول التي سبق تصديرها، للحفاظ على الخيول الآيسلندية من الأمراض ومن اضمحلال السلالة.
واتضح أن الحصان الآيسلندي يمكنه أن يتحمل الظروف المناخية القاسية والبرودة الشديدة في هذه الجزيرة البركانية.. وُيستخدم في العديد من الأعمال، منها الركوب وسباقات الفروسية والاستعراضات بالإضافة إلى جر العربات.. وهناك ألوان كثيرة للحصان الآيسلندي مثل الكستنائي والبني المحمر والرمادي والأسود.. كما قد توجد بقع أو خطوط بيضاء فوق جسمه، وغالباً يكون عرفه وذيله بلون أشقر..
ويتميز هذا الحصان بجسمه القصير والممتلئ والقوي ورأسه الكبير نسبياً وعرفه الكثيف الشعر، وعنقه المقوس قليلاً وصدره العميق وظهره المستقيم وفخذيه العضليين وسيقانه القصيرة وحوافره الصلبة والجميلة الشكل. وتتم تغذيته بكميات كبيرة من سمك الرنجة الذي يكثر وجوده في بحار آيسلندا.. ويبلغ ارتفاع الحصان الآيسلندي حتى ملتقى الكتفين، 130 سنتيمتراً.
فاكهة اليورو
لكل بطولة فاكهتها الجميلة واللذيذة والحلوة وفاكهة اليورو منتخب آيسلندا الذي حضر للكرة الأولى ليسجل حضوراً بين كبار القارة العجوز.
قبل أيام قليلة لم يكن يعرف العالم والأوروبيون عن آيسلندا سوى مسيرة منتخب اليد وتربيتهم للجياد الآسلندية الأصيلة ولم يكن أي من المتابعين لليورو ولشؤونه ولشؤون المراهنات أن منتخب هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه 330 ألف نسمة سيقهر الإنجليز الذين اكتشفوا اللعبة الشعبية الأولى على وجه اليابسة وسيقهر النمساويين والبرتغاليين والمجريين قبلهم ليتأهل كثاني منتخبات مجموعته للدور الثاني لليورو.
هل من مفاجأة؟
عندما ننظر إلى ما أتاه منتخب آيسلندا ولا نعرف عنه شيئاُ فإننا نتبنى نظرية المفاجأة ولكننا عندما نتعرف على هذا المنتخب المغمور الذي لا يتحدث عنه الإعلام العالمي، فإننا نلقى بتلك النظرية عبر المحيطات ونذهب إلى أن ما أتاه من انتصارات مدوية أمر طبيعي ومنطقي. ففي التصفيات المؤهلة لليورو صال هذا المنتخب وجال في مجموعته، حيث خسر مرتين وتعادل مرتين وفاز في 6 مباريات.
من الكارثة إلى المعجزة
خطف منتخب آيسلندا الأضواء في اليورو من ألمانيا بطل العالم وإسبانيا حامل اللقب وفرنسا البلد المضيف وأجهز على الجميع إعلامياً ليس بمعلقه المجنون فحسب وإنما بفوزه التاريخي على الإنجليز الذي اعتبره النقاد والمحللون معجزة من معجزات كرة القدم باعتباره أكبر كارثة كروية أطاحت بالإنجليز وأكبر إهانة لهم خلال الستين سنة الأخيرة، خاصة أن الفوز جاء باللعب والنتيجة والأسلوب والإقناع.
وعندما نعلم أن إنجلترا لديها من اللاعبين المسجلين في كرة القدم 5 أضعاف عدد سكان آيسلندا، فإن الأمر فعلاً يخرج من حاجز المنطق ويداعب المعجزات.
وعندما نعلم أن الظروف المناخية لا تخدم اللعبة في آيسلندا من حيث النور الطبيعي والثلوج وشدة البرد وهو ما أدى بسلطات الإشراف لتطوير اللعبة بتشييد الصالات العملاقة للتدريبات والمباريات وفي سنوات قليلة أصبحت كرة القدم تنافس كرة اليد في الشهرة وعدد الممارسين، إلا أنه إلى حد الآن لا يوجد دور قوي لديهم وهو ما دفع باللاعبين البارزين للاحتراف خارج البلد واللعب في الدنمارك والنرويج والسويد وانجلترا وفرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية وهناك تعلموا فنون الكرة.
الجدير بالذكر أن آيسلندا تعيش على ما يبدو عصرها الذهبي بتواصل الاحتفالات فيها.. فبعد الاحتفال بانتخاب رئيس جديد في نهاية الأسبوع الماضي،تواصلت الاحتفالات بالفوز في المباريات ويتواصل الحلم الوردي الذي تحدث عنه المعلق المجنون ويتواصل حضور الرئيس الجديد في المباريات ومعه عشر سكان البلد الذين تحولوا إلى المدن الفرنسية لتشجيع المنتخب المجنون.
أكبر نسبة فاعلية هجومية باليورو
حقق منتخب آيسلندا أكبر نسبة فاعلية هجومية باليورو، حيث أحرز 4 أهداف من 18 تصويبة قبل المباراة الأخيرة أمام انجلترا وفي المباراة أحرز هدفين اثنين من أول محاولتين هجوميتين وهذا يكشف مدى خطورة الاستراتيجية الهجومية المتبعة للفريق الذي يعتمد على مبدأ الجودة النوعية بالتركيز على الكيف وليس على الكم.
وللمقارنة نفيد بان المنتخب الانجليزي قبل مباراته الأخيرة أمام آيسلندا احرز 3 أهداف فقط من 65 تصويبة وبحساب المباراة فإن انجلترا صوبت على مرمى منافسيها 82 مرة مقابل 26 تصويبة على مرماها ومع ذلك لم تسجل إلا 4 أهداف وتلقت نفس العدد من الأهداف وهذا يعني أن الإنجليز صوبوا 3 مرات أكثر من مما صوبت الفرق التي قابلوها وخلاصة القول إن الإنجليز سجلوا 4 أهداف من 82 تصويبة.
أكبر عدد من الهدافين
من المفارقات التي تكشف لنا المزيد من الأضواء على منتخب آيسلندا ولاعبيه أن المدرب بدأ مبارياته الأربعة باليورو بنفس التشكيلة وأن حارس المرمى هانس هانردسون هو أكثر اللاعبين لمساً للكرة في مباريات الدور الأول برصيد 130 مرة وهو أيضا أفضل حارس بالبطولة من حيث عدد التدخلات الجريئة والحاسمة وفي رصيده 23 تدخلا متقدماً عن كيرالي حارس المجر برصيد 17 تدخلا، كما أن الأهداف الستة التي أحرزها الفريق سجلها 6 لاعبين مختلفين وهم بيارناسون وجويلي سيجوردسون وبونهاردسون وتراوستاسون وراجنا سيجوردسون وسيغثوردسون.
copy short url   نسخ
30/06/2016
1312