+ A
A -

كتب- محمد حربي
أعلن سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن دولة قطر تقترح عقد مؤتمر دولي حول «الدبلوماسية الوقائية»، وأنها على استعداد لاستضافته، وذلك من منطلق إدراكها لأهمية الدور الحاسم الذي تلعبه الدبلوماسية الوقائية التي تشكل ركيزة أساسية في رؤية الأمين العام للأمم المتحدة، واستشعارا لمسؤوليتها نحو دعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة، وإنجاح مبادراته لتحقيق السلام، وما تضمنته رسالته بمناسبة حلول سنة 2018 التي قرع فيها جرس الخطر جراء غياب السلام وتفاقم التحديات في العالم.. جاء ذلك خلال افتتاح فعاليات اجتماع الدوحة للمشاورات الإقليمية حول استدامة السلام، بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية، إلى جانب منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، حيث يسعى الاجتماع إلى الوصول لفهم مشترك وإجماع سياسي بين الدول والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص بشأن العلاقة بين التنمية المستدامة ومنع النزاعات والوساطة وحفظ السلام وحقوق الإنسان.
وأكد سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، أن المجتمع الدولي يواجه تهديدات وتحديات خطيرة للسلم والأمن الدوليين، وأن هذه التحديات تضع الأمم المتحدة، بصفتها إطاراً جامعا للأمن الجماعي، في اختبار حقيقي لنجاحها في تحقيق السلم في العالم.. موضحا أن السلام لا يعني مجرد عدم وجود الحرب، بل يتخطى هذا المفهوم إلى احترام الشرعية وحقوق الإنسان، ومعالجة التوترات المتزايدة الناجمة عن كل أنواع النزاعات التي لم تتم تسويتها بطريقة عادلة ومتساوية، مشيرا إلى أن السلام لا يتحقق إلا بالعدل والتوازن في إرضاء مصالح مختلف الدول بغضّ النظر عن حجم ثروات تلك الدول أو مساحتها الجغرافية وعندما يختل العدل والتوازن فإنّ النتيجة تكون نشوب نزاعات وعدم استقرار، قائلا: «إن السلام لا يمكن أن يعم البشرية طالما وُجدت الأطماع، وطالما أن الشرعية الدولية لم تتحقق، وطالما قامت العلاقات الدولية على منطق القوة، والتجأت القوة إلى تسييس القانون لتبرير تدخلها». وقال سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، إن حاجة المجتمع الدولي باتت أكثر إلحاحاً لتبنّي منظور أكثر شمولية في التعامل مع قضايا السلم والأمن الدوليين من منطلق وقائي يقوم على معالجة أسباب وجذور النزاعات ويحول دون اندلاعها، آخذاً في الاعتبار العلاقات العضوية بين السلم والأمن والتنمية، موضحا أن دولة قطر اعتمدت، انطلاقاً من إيمانها بأن استدامة السلام هي مسؤولية مشتركة للأسرة الدولية وتستلزم بذل جميع الدول جهوداً لإيجاد حلول عادلة للتحديات التي تواجه تحقيق السلام، سياسةً ترتكز على الوفاء بالالتزامات التي تمليها عليها شراكتها مع الأمم المتحدة لتحقيق أهداف ومقاصد ذلك الميثاق، حيث يتجلى التزامها بتحقيق السلام واستدامته في السياسات والخطوات التي تقوم بها الدولة في إطار التعاون الدولي حيال كافة المسائل المهمة للمجتمع الدولي، لافتا التزام دولة قطر بتنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية 2030، بوصفها خطةً للتنمية والسلام تتوافق مع سياسات قطر في دعم مرتكزات السلام وتعزيز حقوق الإنسان، والتصدي لعدم المساواة، وإعمال الحق في الوصول إلى العدالة، ومكافحة الفساد، وترسيخ القيم الإنسانية النبيلة، ومنها حرية التعبير عن الرأي والحق في المشاركة في صنع القرار.
وأوضح سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، أن العناصر المذكورة تعد من أولويات دولة قطر وركائز سياستها ورؤيتها الوطنية 2030 التي ترتكز على تنمية المواطن القطري وإعلاء قيمة الإنسان كمحور أساسي في استراتيجية الدولة، التي نجحت تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في قطع شوط طويل نحو تحقيق تلك العناصر في كافة المجالات، ومنها حماية حقوق وكرامة كل من يعيش على أرض قطر وتحقيق آمالهم وتطلعاتهم في العيش الكريم، فضلا عن إيجاد مستوى مرتفع للتنمية البشرية انطلاقا من إيمان الدولة الراسخ بأن قضية التنمية البشرية هي قضية ذات أولوية لكونها تصب في الصالح العام، ولكونها شرطا أساسيا لتحقيق السلم والأمن والتسامح. وأشار سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، إلى اعتزاز دولة قطر ببناء مؤسساتها الوطنية التي نجحت في تنفيذ خطط الدولة لتحقيق مجتمع يتسم بالعدالة الشاملة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن قطر أصبحت إحدى أكثر البلدان أمانا في العالم على الرغم من وجودها في منطقة مضطربة، كما تتبوأ مكانة متقدمة بين الدول التي تكرس احترام سيادة القانون وتعمل على تحقيق التنمية المستدامة، وهو أمر تعكسه المؤشرات العالمية للتنمية البشرية، موضحا أن اجتماع الدوحة لبحث استدامة السلام يكتسي أهمية خاصة بالنسبة للمنطقة في هذا الوقت الذي تواجه فيه أزمات وضغوطا كبيرة، «ولعل ما يدعو للأسف والألم لشعوب المنطقة أن منطقتنا تحولت من منطقة سلام وتعايش إلى منطقة مضطربة تغلب عليها أنباء الكوارث والمآسي الإنسانية»، لافتا إلى أن دول المنطقة والمجتمع الدولي لم يقوما بما يكفي لمنع تفاقم تلك الأزمات، على الرغم من الدلائل المبكرة التي كانت تنذر باحتدامها، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى افتقار المنطقة إلى الاستثمار الممنهج في الوقاية، والتقصير في معالجة الدوافع الكامنة للصراعات، ومشددا على أن تحقيق السلام لن يحصل إلا عبر التعاون والتعايش السلمي، وأن التغاضي عن احترام سيادة القانون، وعدم المساءلة عن الطغيان والعدوان كانا من الأسباب الرئيسية لتزايد وتفاقم الأزمات والصراعات والتطرف والإرهاب.
وأضاف سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، أن رؤية دولة قطر في هذا السبيل تعد رؤية شمولية تضع في قمة أولوياتها الوقاية الممنهجة والوساطة وحل النزاعات، حيث تقدم الدولة وفق هذه الرؤية، مساهمات ضخمة في مجال التنمية البشرية لتوفير التعليم والتنمية الاقتصادية في المنطقة، إذ ترى في التعليم أداة رئيسية لبناء السلام ومنع نشوب الصراعات، ما جعلها تلتزم بتعليم سبعة ملايين طفل وتوفير التمكين الاقتصادي لنصف مليون من شباب المنطقة، وتعاونت في هذا الصدد، مع الأمم المتحدة لتعزيز فرص العمل للشباب من خلال بناء القدرات وإطلاق برامج لمنع التطرف العنيف، موضحا أنه استنادا إلى تجربة قطر في حل النزاعات وشراكاتها مع المؤسسات الأممية، فإنها تؤكد أن الوقاية تستلزم وجود مؤسسات مفتوحة وشفافة توفر الأمن والعدالة والتعليم والصحة والبنية التحتية وغيرها من الخدمات الأساسية كأساس للسلام والتقدم، كما أن من متطلبات الحفاظ على السلام مكافحة الفساد، والحوكمة الرشيدة والشفافية والمساءلة.. معربا عن سعادته بما حققته دولة قطر في هذا المجال حتى بات يشار إليها باعتبارها واحدة من بين أفضل الدول في مجال مكافحة الفساد، وأسست في عام 2011 أول مركز إقليمي لسيادة القانون ومكافحة الفساد بالشراكة مع الأمم المتحدة.
وشدد سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، على أن دولة قطر ركزت على الوساطة كأداة رئيسية لتحقيق السلام وحل النزاعات بالسبل السلمية، مما أتاح لها حل العديد من النزاعات في المنطقة، مجددا التأكيد على أهمية أن تحظى الوساطة بأهمية كبرى في إطار الجهود المبذولة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي لتحقيق السلام الذي نصبو إليه ونجتمع في الدوحة من أجله، وذلك نظرا للحاجة الماسة إلى المجتمع الدولي أكثر من أي وقت مضى لمنع النزاعات وتسويتها بالسبل السلمية، والقضاء على أعراض وأسباب ومحركات الصراع، والسعي إلى حلول شاملة له، مشيرا إلى أن اللجوء إلى القمع وتصعيد العنف بدون استراتيجية للسلام، يفاقم من تعقيد الأزمات، وأن المنظمات الإقليمية ينبغي أن تكون في هذه الحالة المنبر الذي يتم فيه بحث طرق بناءة حول كيفية العودة إلى السلام وبحث إجراءات فاعلة لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع، انطلاقا من دورها الذي أكده ميثاق الأمم المتحدة، كما طالب بالإصغاء إلى الشباب بشكل خاص، الذين هم صناع المستقبل، وتقع مشاكلهم في سياق الأزمات الجارية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث دأبوا على المطالبة بالتغيير الذي هو سنة الحياة وأداة التقدم نحو المستقبل الواعد للأجيال القادمة، داعيا إلى إحراز تقدم سريع من أجل منع قوى الفوضى من استغلال هذا التعطش إلى التغيير استغلالا سلبيا، لافتا إلى أن دولة قطر تواصل تقديم المبادرات من أجل دعم الشباب للعمل والانخراط في التنمية الاقتصادية لمجتمعاتهم، مشيدا بالجهود التي تضطلع بها مؤسسة «صلتك» لدعم قضايا الشباب في المنطقة، وإيجاد حلول لمشاكلهم وإبعادهم عن التطرف والعنف.





حريصون على معالجة جذور التطرف والعنف
أكدت سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، أن اجتماع مشاورات الدوحة الإقليمية حول استدامة السلام، يأتي ضمن الجهود التي تبذلها قطر لدعم رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في مساعي الجمعية الهادفة إلى دعم عملية بناء السلام والاستدامة، موضحة أن بعثة قطر لدى الأمم المتحدة أجرت نقاشات مع جهات فاعلة حول إمكانية إنشاء حوار إقليمي حول استدامة السلام، حيث تم الاتفاق إثره على أهمية الحوار الإقليمي من أجل استدامة السلام وتوفير أمثلة ملموسة حول إمكانية تحقيق السلام عبر تسليط الضوء على المقاربات التي نجحت فعلا في هذا السبيل، لتكون مثالا أمام أجندة استدامة السلام.
وقالت سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، إن الحوار الإقليمي يعد فرصة لتطوير الجهود المحلية الهادفة لتحقيق استدامة السلام، من خلال المجتمع الدولي الذي يجدر به أن يروج لوجود حوار مفتوح بين كل الأطراف المختلفة ومنظمات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن منظمات المجتمع المدني أصبحت تلعب دوراً أساسياً في هذا الاتجاه باعتبارها قوة فعالة لضمان تلبية احتياجات المرأة ومصالح الشباب، فضلا عن أطراف أخرى من بينهم القادة الدينيون والاجتماعيون وغيرهم.
وشددت على اهتمام دولة قطر طويل الأمد ببناء السلام واستدامته من خلال النظر للأسباب الجذرية ودعم جهود الوساطة الهادفة لتحقيقه، مضيفة «جهودنا السابقة في هذا الاتجاه باتت ملموسة للجميع، حيث عملنا من أجل جلب السلام والأمن والتنمية وحقوق الإنسان وغيرها».
وأوضحت سعادتها أن قطر تعمل من أجل تطبيق أهداف التنمية المستدامة ومعالجة جذور الأسباب المتعلقة بالتطرف والعنف والاتجار بالبشر، فضلا عن ترويج وتعزيز التعليم والأمن العالمي وحقوق الإنسان، كما تشارك الدولة بشكل نشط في هذا الاتجاه من خلال مجموعة لاستدامة الأمن في نيويورك، بالإضافة إلى جهود الوساطة في العالم التي تقودها كل من تركيا وفنلندا.
وحول الدراسة المتعلقة بتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، دعت سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، إلى بذل جهود أكثر لتعزيز استدامة السلام والمساهمة في تمكين دور المرأة على مستوى مختلف المجتمعات.. مبينة أن قطر ناصرت الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لدعم البرامج المختلفة لبناء القدرات لمنع النزاعات وبناء السلام وتمكين دور المرأة.
وأضافت قائلة: «نحن ندرك بشكل جلي أهمية أن تكون هناك حاجة لتمويل مستدام لهذه الجهود، وقبل أسابيع قمنا بالتمويل والمشاركة في مؤتمر (انديسا)، حيث سلطنا الضوء على هذه المشكلة تماشيا مع القرارات المتعلقة ببناء السلام، وقمنا بتعزيز مقاربة لحل النزاعات ونرغب في دعم القدرات على المستوى الإقليمي»، وأن المشاورات ركزت على محاور من بينها صلة استدامة السلام بجدول التنمية المستدامة لعام 2030، والدور الحيوي للمرأة والشباب، وتكافؤ الفرص والوساطة ومنع النزاعات وصناعة السلام وتمويل عمليات حفظ السلام، فيما يسعى الاجتماع إلى توافق الآراء بشأن ما يعنيه السلام المستدام على الصعيد الإقليمي ويتطلع إلى تقديم توصيات ومقترحات وطنية وإقليمية حول الحفاظ على السلام لتقديمها إلى الاجتماع الرفيع المستوى الذي ستعقده الجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل 2018. كما يهدف حوار الدوحة إلى الوصول لفهم مشترك وإجماع سياسي بين الدول والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص بشأن العلاقة بين التنمية المستدامة ومنع النزاعات والوساطة وحفظ السلام وحقوق الإنسان، ويعتبر حوار الدوحة تتويجا لجهود دولة قطر التي بدأت منذ أشهر للتحضير للاجتماع الرفيع المستوى بشأن بناء السلام واستدامة السلام، الذي سيعقد في شهر أبريل القادم بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، كما أن استضافة حوار الدوحة، هو تأكيد على مصلحة دولة قطر العميقة وطويلة الأمد في بناء السلام وإدامته من خلال معالجة الأسباب الجذرية للنزاع ودعم جهود الوساطة، كما يأتي حوار الدوحة انسجاما مع قرارات الأمم المتحدة حول إعادة هيكلة الأمم المتحدة لبناء السلام.





عمان تؤمن بالحلول السلمية
أكد سعادة السفير خليفة بن علي الحارثي المندوب الدائم لسلطنة عمان لدى الامم المتحدة بنيويورك، على أن السلطنة تؤمن بأهمية الحوار والحلول السياسية، مشيرا إلى أن مشاورات الدوحة الإقليمية حول استدامة السلام، تأتي في إطار النقاش الدائر حول تطوير دور الأمم المتحدة في مسائل السلام أولا، موضحا بأنه توجد هناك في الوقت الحالي جهود كثيرة يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة في مسألة تفعيل منظومة الأمم المتحدة، لاسيما فيما يخص مسائل الأمن والسلم الدوليين.
وقال سعادة السفير خليفة بن علي الحارثي، في تصريحات خاصة لـ الوطن، إن المشاركين في الاجتماع، قد تبادلوا وجهات النظر حول هذه المسألة، بجانب النقاش حول الدور الأساسي الذي تضطلع به الأمم المتحدة، فيما يخص السلام والأمن، وكذلك بالنسبة للمسائل المتعلقة بالتنمية المستدامة، وأيهما يأتي أولا، مشيرا إلى أنه توجد هناك مقولة، حول عدم وجود السلام بدون التنمية، ولا تنمية بدون سلام.
وأوضح سعادة السفير خليفة بن علي الحارثي، أن رؤيته الشخصية، في أن العمل الأساسي للأمم المتحدة،يكمن في الدبلوماسية الوقائية، وحل المشاكل والقضايا الدولية، وأنه متى نجحت الأمم المتحدة في مثل هذه المسائل، فإنه تلقائيا سوف يخدم قضايا التنمية بالعالم.
وأشار سعادة السفير خليفة بن علي الحارثي، إلى أن دبلوماسية الوقاية هي جزء أساسي من عمل الأمم المتحدة، موضحا أن الركيزة في العمل الأممي يستند بالدرجة الأولى الى الدول الأعضاء، ولذلك ينبغي على الأمم المتحدة أن تبادر بنفسها في طرح الحلول، والرؤى من أجل محاولة حلحلة بعض القضايا التي يشهدها العالم في الوقت الراهن.
وأضاف سعادة السفير خليفة بن علي الحارثي، على أنه لابد من وجود دبلوماسية الوساطة، وأن نجاحها يعتمد على تجاوب الدول معها، لافتا إلى أنه ينبغي على الأمم المتحدة أن تسعى دائما من أجل التوسط لحل القضايا.




يشيدون بحــــــــــسن الضيافة
أشاد المشاركون في اجتماع الدوحة للمشاورات الإقليمية حول استدامة السلام، وفي مقدمتهم سعادة السيد ميروسلاف لايتشاك رئيس الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحسن وكرم ضيافة دولة قطر، مؤكدين أن الدوحة متنفس للحريات، وأنهم شعروا بالراحة في التعبير عن آرائهم، بعيدا عن نيويورك، مما جعلهم يتحدثون بصراحة في واحدة من أهم القضايا الشائكة، والتي تؤرق المجتمع الدولي، وتحتاج لمزيد من تضافر الجهود الأممية، من أجل البحث في جذور المشكلة، وتشخيصها بشكل واقعي، ووضع الرؤى اللازمة للعلاج، وتحمل كل طرف دولي مسؤوليته الكاملة في إنقاذ العالم من المخاطر التي باتت تهدده، لا سيما في ظل هذه المرحلة المضطربة، وتفاقم الأزمات العالمية، وإشتعال النزاعات والصراعات في مناطق عديدة، وما تخلفه من كوارث وتداعيات سلبية، تزداد معها معاناة الضحايا والمتضررين، وتتدهور مستويات التنمية، ومن ثم يغيب الأمن والأمان، وتتفشى ظواهر الإرهاب، لاسيما مع إختلال موازين العدالة، وضياع قيم حقوق الإنسان.
ودعا المشاركون إلى أهمية إعادة النظر في أداء المنظومة الأممية بشأن المبادئ التي قامت عليها، وفي مقدمتها التصدي لمسؤولياتها إزاء استدامة السلام، وتفعيل مسألة الدبلوماسية الوقائية، وإنتزاع فتيل الأزمات قبل إشتعالها، وإعطاء مزيد من الاهتمام لبرامج التنمية، بما يرفع من مستويات المجتمعات، ويوفر حياة كريمة للمواطنين، تحول دون نشوب الصراعات والنزاعات، وتعمل على تهيئة مناخ الأمن والاستقرار.
ناقش المشاركون في اجتماع الدوحة للمشاورات الإقليمية حول استدامة السلام، في أولى جلساته اليوم، العديد من المواضيع المتعلقة بأثر الصراعات والحروب الأهلية على الاستقرار وجهود السلام مع التشديد على أهمية إيجاد تسويات سياسية للصراعات وعلاقة التنمية بالسلام المستدام.
وتحدث المشاركون، في هذه الجلسة، عن أهمية إيجاد مقاربات جديدة للسلام في العالم، وذلك من خلال تفادي الصراعات وإيجاد تسويات لها قبل حدوث النزاعات مع التأكيد على أهمية تحقيق الرفاه الاجتماعي للمجتمعات التي تعاني البطالة ونقص الغذاء، مشيرين إلى أن الفقر واحد من الأسباب الرئيسية في انعدام السلام في كثير من المجتمعات. وبينوا أن الصراعات التي يشهدها العالم زادت من معدل الوفيات فيه إلى خمسة أضعاف خلال السنوات الست الأخيرة لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مؤكدين أن انعقاد المشاورات حول استدامة السلام يأتي في توقيت ملائم لإيجاد حل لهذه المستجدات.
وأشار المشاركون في الجلسة إلى أن تفاقم حدة الصراعات لا يظهر من خلال الحروب الأهلية بين مجموعات متمردة فحسب، بل تعدى الأمر إلى انتشار مجموعات من خارج الدول، وبعضها عابرة للحدود، إلى جانب تزايد تدويل النزاعات، بمشاركة أطراف من خارج الدول التي يحدث فيها النزاع، الأمر الذي يعقد جهود إيجاد الحلول لهذه الصراعات والنزاعات.
وأكدوا أن أهمية اجتماع المشاورات تكمن من حيث أنه ينعقد قبيل اجتماع الأمم المتحدة لاستدامة السلام، حيث من شأن اجتماع الدوحة أن يساعد على استنباط الأفكار التي نأمل أن تؤطر المشاورات في نيويورك.
شارك في الجلسة الافتتاحية كل من السيدة سارة كليف مديرة مركز التعاون الدولي في جامعة نيويورك، والسيد سلطان بركات، مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في الدوحة، والسفير جون جوميز، الممثل الدائم للمكسيك بالأمم المتحدة ورئيس مجموعة الأصدقاء حول السلام، والسيد تيجي جنورك جيتو مدير مشارك ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الدكتورة نوليين هيزر، مدير تنفيذي بالأمم المتحدة.





اختيار قطر اعتراف دولي بدورها
وصف الدكتور سلطان بركات مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بمعهد الدوحة للدراسات العليا، اجتماع مشاورات الدوحة الإقليمية حول استدامة السلام، بأنه بمثابة تمهيد لاجتماع الشخصيات العليا الذي ستستضيفه نيويورك في شهر إبريل المقبل، موضحا أن اختيار دولة قطر لانعقاد مثل هذا الحدث الهام، الخاص ببناء وتقوية دعائم السلام في العالم، هو بمثابة اعتراف دولي بدور الدوحة المهم في هذا الموضوع.
وأكد الدكتور سلطان بركات، أن مناخ الدوحة المنفتح، أعطى المشاركين حرية التعبير عن أفكارهم وآرائهم بمنتهى الشفافية، والتعبير عن الآراء، مهما كانت درجة الاختلاف، مشيرا إلى أنه يوجد هناك كثير من الأسس التي ينبغي أن يتم بناء السلام عليها، إلا أن أهمها العدالة، لأنه بدونها لن يكون هناك سلام مستدام، بالاضافة إلى ضرورة أن تكون هناك ترجمة حقيقية لمسألة بناء السلام، في النواحي التنموية بشكل سريع للمستفيدين، بمعنى أنه يجب أن يلمس الناس على أرض الواقع نتائج هذا السلام، الذي تم الوصول إليه، حيث له أهمية خاصة، بالاضافة إلى كل ذلك، فإن عملية بناء السلام لابد وأن تبدأ من القاعدة لرأس الهرم، وليس العكس، إذا ما أردنا له الديمومة والاستمرارية.
وأشار الدكتور سلطان بركات، إلى أهمية إدماج المجتمعات في بناء فكر السلام، وأن تتاح الفرصة لمؤسسات المجتمع المدني للعمل جنبا إلى جنب مع الدور الرسمي والحكومي، لافتا إلى أن المنظومة يشوبها بعض القصور، وعدم قدرتها على التعامل مع النزاع، الذي اختلفت طبيعته منذ الحرب الباردة عن سابقتها، مما يعني أن الأمم المتحدة لم تتطور بالشكل الذي يستطيع التعامل مع هذه النزاعات، وهناك تحديات كثيرة تواجهها.
copy short url   نسخ
19/01/2018
1430