+ A
A -
كتب- محمد حربي
أعلن سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن دولة قطر تقترح عقد مؤتمر دولي حول «الدبلوماسية الوقائية»، وأنها على استعداد لاستضافته، وذلك من منطلق إدراكها لأهمية الدور الحاسم الذي تلعبه الدبلوماسية الوقائية التي تشكل ركيزة أساسية في رؤية الأمين العام للأمم المتحدة، واستشعارا لمسؤوليتها نحو دعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة، وإنجاح مبادراته لتحقيق السلام، وما تضمنته رسالته بمناسبة حلول سنة 2018 التي قرع فيها جرس الخطر جراء غياب السلام وتفاقم التحديات في العالم.. جاء ذلك خلال افتتاح فعاليات اجتماع الدوحة للمشاورات الإقليمية حول استدامة السلام، بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية، إلى جانب منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، حيث يسعى الاجتماع إلى الوصول لفهم مشترك وإجماع سياسي بين الدول والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص بشأن العلاقة بين التنمية المستدامة ومنع النزاعات والوساطة وحفظ السلام وحقوق الإنسان.
وأكد سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، أن المجتمع الدولي يواجه تهديدات وتحديات خطيرة للسلم والأمن الدوليين، وأن هذه التحديات تضع الأمم المتحدة، بصفتها إطاراً جامعا للأمن الجماعي، في اختبار حقيقي لنجاحها في تحقيق السلم في العالم.. موضحا أن السلام لا يعني مجرد عدم وجود الحرب، بل يتخطى هذا المفهوم إلى احترام الشرعية وحقوق الإنسان، ومعالجة التوترات المتزايدة الناجمة عن كل أنواع النزاعات التي لم تتم تسويتها بطريقة عادلة ومتساوية، مشيرا إلى أن السلام لا يتحقق إلا بالعدل والتوازن في إرضاء مصالح مختلف الدول بغضّ النظر عن حجم ثروات تلك الدول أو مساحتها الجغرافية وعندما يختل العدل والتوازن فإنّ النتيجة تكون نشوب نزاعات وعدم استقرار، قائلا: «إن السلام لا يمكن أن يعم البشرية طالما وُجدت الأطماع، وطالما أن الشرعية الدولية لم تتحقق، وطالما قامت العلاقات الدولية على منطق القوة، والتجأت القوة إلى تسييس القانون لتبرير تدخلها». وقال سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، إن حاجة المجتمع الدولي باتت أكثر إلحاحاً لتبنّي منظور أكثر شمولية في التعامل مع قضايا السلم والأمن الدوليين من منطلق وقائي يقوم على معالجة أسباب وجذور النزاعات ويحول دون اندلاعها، آخذاً في الاعتبار العلاقات العضوية بين السلم والأمن والتنمية، موضحا أن دولة قطر اعتمدت، انطلاقاً من إيمانها بأن استدامة السلام هي مسؤولية مشتركة للأسرة الدولية وتستلزم بذل جميع الدول جهوداً لإيجاد حلول عادلة للتحديات التي تواجه تحقيق السلام، سياسةً ترتكز على الوفاء بالالتزامات التي تمليها عليها شراكتها مع الأمم المتحدة لتحقيق أهداف ومقاصد ذلك الميثاق، حيث يتجلى التزامها بتحقيق السلام واستدامته في السياسات والخطوات التي تقوم بها الدولة في إطار التعاون الدولي حيال كافة المسائل المهمة للمجتمع الدولي، لافتا التزام دولة قطر بتنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية 2030، بوصفها خطةً للتنمية والسلام تتوافق مع سياسات قطر في دعم مرتكزات السلام وتعزيز حقوق الإنسان، والتصدي لعدم المساواة، وإعمال الحق في الوصول إلى العدالة، ومكافحة الفساد، وترسيخ القيم الإنسانية النبيلة، ومنها حرية التعبير عن الرأي والحق في المشاركة في صنع القرار.
وأوضح سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، أن العناصر المذكورة تعد من أولويات دولة قطر وركائز سياستها ورؤيتها الوطنية 2030 التي ترتكز على تنمية المواطن القطري وإعلاء قيمة الإنسان كمحور أساسي في استراتيجية الدولة، التي نجحت تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في قطع شوط طويل نحو تحقيق تلك العناصر في كافة المجالات، ومنها حماية حقوق وكرامة كل من يعيش على أرض قطر وتحقيق آمالهم وتطلعاتهم في العيش الكريم، فضلا عن إيجاد مستوى مرتفع للتنمية البشرية انطلاقا من إيمان الدولة الراسخ بأن قضية التنمية البشرية هي قضية ذات أولوية لكونها تصب في الصالح العام، ولكونها شرطا أساسيا لتحقيق السلم والأمن والتسامح. وأشار سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، إلى اعتزاز دولة قطر ببناء مؤسساتها الوطنية التي نجحت في تنفيذ خطط الدولة لتحقيق مجتمع يتسم بالعدالة الشاملة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن قطر أصبحت إحدى أكثر البلدان أمانا في العالم على الرغم من وجودها في منطقة مضطربة، كما تتبوأ مكانة متقدمة بين الدول التي تكرس احترام سيادة القانون وتعمل على تحقيق التنمية المستدامة، وهو أمر تعكسه المؤشرات العالمية للتنمية البشرية، موضحا أن اجتماع الدوحة لبحث استدامة السلام يكتسي أهمية خاصة بالنسبة للمنطقة في هذا الوقت الذي تواجه فيه أزمات وضغوطا كبيرة، «ولعل ما يدعو للأسف والألم لشعوب المنطقة أن منطقتنا تحولت من منطقة سلام وتعايش إلى منطقة مضطربة تغلب عليها أنباء الكوارث والمآسي الإنسانية»، لافتا إلى أن دول المنطقة والمجتمع الدولي لم يقوما بما يكفي لمنع تفاقم تلك الأزمات، على الرغم من الدلائل المبكرة التي كانت تنذر باحتدامها، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى افتقار المنطقة إلى الاستثمار الممنهج في الوقاية، والتقصير في معالجة الدوافع الكامنة للصراعات، ومشددا على أن تحقيق السلام لن يحصل إلا عبر التعاون والتعايش السلمي، وأن التغاضي عن احترام سيادة القانون، وعدم المساءلة عن الطغيان والعدوان كانا من الأسباب الرئيسية لتزايد وتفاقم الأزمات والصراعات والتطرف والإرهاب.
وأضاف سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، أن رؤية دولة قطر في هذا السبيل تعد رؤية شمولية تضع في قمة أولوياتها الوقاية الممنهجة والوساطة وحل النزاعات، حيث تقدم الدولة وفق هذه الرؤية، مساهمات ضخمة في مجال التنمية البشرية لتوفير التعليم والتنمية الاقتصادية في المنطقة، إذ ترى في التعليم أداة رئيسية لبناء السلام ومنع نشوب الصراعات، ما جعلها تلتزم بتعليم سبعة ملايين طفل وتوفير التمكين الاقتصادي لنصف مليون من شباب المنطقة، وتعاونت في هذا الصدد، مع الأمم المتحدة لتعزيز فرص العمل للشباب من خلال بناء القدرات وإطلاق برامج لمنع التطرف العنيف، موضحا أنه استنادا إلى تجربة قطر في حل النزاعات وشراكاتها مع المؤسسات الأممية، فإنها تؤكد أن الوقاية تستلزم وجود مؤسسات مفتوحة وشفافة توفر الأمن والعدالة والتعليم والصحة والبنية التحتية وغيرها من الخدمات الأساسية كأساس للسلام والتقدم، كما أن من متطلبات الحفاظ على السلام مكافحة الفساد، والحوكمة الرشيدة والشفافية والمساءلة.. معربا عن سعادته بما حققته دولة قطر في هذا المجال حتى بات يشار إليها باعتبارها واحدة من بين أفضل الدول في مجال مكافحة الفساد، وأسست في عام 2011 أول مركز إقليمي لسيادة القانون ومكافحة الفساد بالشراكة مع الأمم المتحدة.
وشدد سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي، على أن دولة قطر ركزت على الوساطة كأداة رئيسية لتحقيق السلام وحل النزاعات بالسبل السلمية، مما أتاح لها حل العديد من النزاعات في المنطقة، مجددا التأكيد على أهمية أن تحظى الوساطة بأهمية كبرى في إطار الجهود المبذولة على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي لتحقيق السلام الذي نصبو إليه ونجتمع في الدوحة من أجله، وذلك نظرا للحاجة الماسة إلى المجتمع الدولي أكثر من أي وقت مضى لمنع النزاعات وتسويتها بالسبل السلمية، والقضاء على أعراض وأسباب ومحركات الصراع، والسعي إلى حلول شاملة له، مشيرا إلى أن اللجوء إلى القمع وتصعيد العنف بدون استراتيجية للسلام، يفاقم من تعقيد الأزمات، وأن المنظمات الإقليمية ينبغي أن تكون في هذه الحالة المنبر الذي يتم فيه بحث طرق بناءة حول كيفية العودة إلى السلام وبحث إجراءات فاعلة لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع، انطلاقا من دورها الذي أكده ميثاق الأمم المتحدة، كما طالب بالإصغاء إلى الشباب بشكل خاص، الذين هم صناع المستقبل، وتقع مشاكلهم في سياق الأزمات الجارية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث دأبوا على المطالبة بالتغيير الذي هو سنة الحياة وأداة التقدم نحو المستقبل الواعد للأجيال القادمة، داعيا إلى إحراز تقدم سريع من أجل منع قوى الفوضى من استغلال هذا التعطش إلى التغيير استغلالا سلبيا، لافتا إلى أن دولة قطر تواصل تقديم المبادرات من أجل دعم الشباب للعمل والانخراط في التنمية الاقتصادية لمجتمعاتهم، مشيدا بالجهود التي تضطلع بها مؤسسة «صلتك» لدعم قضايا الشباب في المنطقة، وإيجاد حلول لمشاكلهم وإبعادهم عن التطرف والعنف.
copy short url   نسخ
19/01/2018
3727