+ A
A -
ن الأمور الملحة بالنسبة لبيئة واقتصادات القارة الإفريقية أن تتضمن حزمة الطاقة المتنوعة لها تلك المسماة بالطاقة الخضراء، بينما تدفع المختصة في مجال الطاقة النظيفة شارلوت أوبين إلى أن الطريقة المثلى لإفريقيا للتحول من الطاقات الأحفورية تتمثل في إدراكها أن الوقود الأحفوري لايزال يلعب دوراً محورياً في مستقبل الطاقة بهذه القارة.. وبالنسبة لمعظم أنحاء القارة فإن التحول إلى الطاقة النظيفة يعتبر ضرورة بيئية لا مناص منها. ويشكل الوقود الأحفوري 70 بالمائة من حزمة الطاقات المتنوعة مما يجعل التحديات كبيرة، غير أن التحول يعتبر مسألة ملحة اقتصادياً.
وتمثل الدعومات للنفط 1.5 من إجمالي الناتج المحلي للقارة سنويا أي ما يعادل 50 مليار دولار. ويشكل الرقم ما يكفي من المال لتوفير الطاقة الشمسية إلى 300 مليون من السكان. وإذا تسنى لإفريقيا إعادة توازن وضعها في مجال الطاقة، والتحول بعيدا وبصورة تدريجية عن الطاقة الهيدروكربونية، فإن الأموال الهائلة المخصصة للدعم يمكن أن تتولد عنها فوائد بيئية واقتصادية.
وتقول أوبن في مقال لها بموقع (بروجكت سنديكيت): إنه لا مصدري النفط ولا مستورديه سيبقون في الوقت الراهن بمنأي عن الإضطرابات التي تعتري سوق النفط، فعندما هوت أسعار النفظ بصورة مريعة في 2015 تمكن مستوردوه في القارة الإفريقية من انفاق أموال أقل على النفط، بينما عانت الدول المصدرة صعوبات مالية، وعندما عاودت الأسعار الارتفاع تحولت الأوضاع، حيث تزايدت عائدات المصدرين، بينما جاهدت الدول المستوردة للإبقاء على مستويات الاستهلاك.
وهذا النمط غير مطلوب، ويبدو أن إدخال الطاقة النظيفة في نظام الطاقة الوطني لا يعمل فقط على تحسين الإمكانات المحلية بل يحرر تصدير الطاقة الأحفورية، ويمكن من استثمار العائدات في المجالات المتعددة للطاقة النظيفة. ومثل هذا التحول الذي يستلزم التعاون مع القطاع النفطي من شأنه تعزيز التطور الاقتصادي الاجتماعي.
ولعل من أبرز الثمار إزاء ذلك كهربة مساحات هائلة وفقاً لنظام التوزيع الحالي، وهي مناطق ظلت تقبع تحت الظلام. وفي الراهن فإن 30 بالمائة فقط من القارة الإفريقية تحظى بتيار كهربائي منتظم، ولكن مع توفر عشرة (تيرا وات) من الطاقة الشمسية فإن ذلك سيزيد بصورة هائلة أعداد المستفيدين. ووفقاً لبعض التقديرات فإن الطاقة المولدة من الشمس يمكن أن ترتفع بحلول العام 2030 من 15 إلى 30 (غيغا واط).
وليس هناك في الوقت الراهن خطط لاستبعاد الوقود الأحفوري في المدى المنظور، ومع ذلك فإن خلطة طاقوية ملموسة تتضمن زيادة الطاقة الشمسية ستشكل نقلة اقتصادية كبيرة لإفريقيا وخاصة في المناطق التي تحتل فيها الزراعة دورا رائدا. ومن شأن كهربة المناطق الزراعية تقديم مزايا لا غنى لنقل وتخزين المنتجات الزراعية وتحسين الأمن الغذائي وزيادة دخول المزارعين. وفي سبيل إعادة التوازن للطاقة الإفريقية المختلطة يمكن لدول القارة الحصول على مزايا تتفوق بها على الدول المتطورة.. وقد باتت الطاقة النظيفة هي الخيار الأمثل لإفريقيا مع الغياب النسبي للاستثمارات التقليدية.
وعلى الرغم من أنه يتعين على كل دولة موازنة احتياجاتها من الطاقة فإن الاعتماد على الطاقات المتجددة وبالذات الشمسية هي الاستراتيجية المثلى لتعزيز النمو الاقتصادي السريع في كل أنحاء القارة.
copy short url   نسخ
19/01/2018
2544