+ A
A -
مدريد- الوطن- زينب بومديان
في تناولها لتبعات إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، طرحت الصحف الدولية الصادرة باللغة الإسبانية سؤالا «ماذا بعد قرار ترامب؟»، وفتحت المجال للسياسيين والدبلوماسيين الإسبان للإجابة عن السؤال بتحليل مختلف زوايا القرار وتوقعاتهم لما سوف يؤدي إليه إقليمياً ودولياً.
اللوبي اليهودي
وأورد موقع راديو «تليتيكا» الكوستاريكي، الصادر باللغة الإسبانية، بعنوان «تأثير اللوبي المؤيد لإسرائيل والإنجيلية في قرار ترامب بالاعتراف (برأس المال) في القدس»، أنه منذ أكثر من ثمانية شهور يقع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تحت وقع أقوى جماعة ضغط في بلاده والتي من تهدف إلى تفكيك الاتفاق النووي مع إيران واتخاذ السفارة الأميركية في القدس «عاصمة أبدية للشعب اليهودي»، وقد قال ترامب في خطاب ألقاه في مارس 2016، عندما أكون رئيسا ستنتهي معاملة الإسرائيلي كمواطن من الدرجة الثانية، وقد نفذ وعده، وهذا القرار يفترض منعطفا في ما يتعلق بالسياسة الخارجية التي تتبعها واشنطن بعد أكثر من نصف قرن، وبالنسبة لبعضها يؤكد وزن المجموعات المؤيدة لإسرائيل على أكبر قوة في العالم.
وأضاف الموقع، أن، ستيفن والت، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة هارفارد، ومؤلف الكتاب المثير للجدل «اللوبي الإسرائيلي والسياسة خارج الولايات المتحدة»، قال لموقع «بي بي سي» البريطاني، إن قرار ترامب تجاه القدس يعد علامة على استمرار نفوذ اللوبي الإسرائيلي في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط»، مضيفا أن الجماعات التي تدافع عن المصالح اليهودية أو الصهيونية في الولايات المتحدة الأميركية يعود وجودهم إلى القرن التاسع عشر داخل الإدارة الأميركية، وتحت ضغطهم طورت واشنطن علاقة وثيقة مع إسرائيل بعد إنشاء الدولة في عام 1948، لدرجة أنها أصبحت واحدة من وجهات المساعدة الخارجية الرئيسية حتى الآن، وفي العام الماضي، وقعت إدارة أوباما على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار إلى إسرائيل لعقد من الزمان، وهو الأكبر من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة، وبالنظر إلى التباينات الكبيرة بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حول قضايا مثل الاتفاق مع إيران، فإن هذه الحزمة كانت أيضا رمزا للتحالف الثنائي بغض النظر عمن يحكم، ووراء هذه العلاقة الثنائية العشرات من المنظمات الخاصة تعمل، في كثير من الأحيان في تكتم، وأهمها منظمة «إيباك» التي تعتبر واحدة من أكثر المؤثرين في السياسة الخارجية الأميركية وصاحبة أكبر قدر من الموارد المالية التي تسخرها لدعم الكونغرس لإسرائيل، والجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب وإيجاد حل «الدولتين» لتشمل دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ومن الركيزة الأخرى للوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، التي تعرف نفسها بأنها الأكبر في البلاد مع 3.8 مليون عضو، هي مجموعة الإنجيلية المسيحيين المتحدين لإسرائيل، وكشف مؤسسها القس، جون هاجي، أنه عقد جلسات استماع في البيت الأبيض مع ترامب ونائب الرئيس مايك بينس لحثهما على نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ومع ذلك، هناك من يعتقدون أن تأثير الجماعات المؤيدة لإسرائيل مبالغ فيه في الخطة التي أعلنها ترامب.
وضع مضطرب
أما صحيفة «ذي أوبسيرفر» الأوروغويانية الصادرة باللغة الإسبانية، فنشرت تحت عنوان «لماذا أثار قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للقدس جدلاً كبيراً»، أن قرار ترامب سوف يثير السخط في الكثير من الدول، وسوف واجه القرار بموجة غضب أكبر خارج أميركا سوف تؤدي إلى تهديد المصالح الأميركية، وتجديد دعوات المقاطعة الاقتصادية وهي ضربة قوية لا يمكن للمجتمع الأميركي التسامح فيها، ومع وضع ترامب السياسي المضطرب في الأصل داخل بلاده، ربما يكون قراره هذا ذريعة قوية في يد المعارضة الأميركية لزعزعة استقرار حكم ترامب، لا سيما وأن قرار ترامب لا قيمة له من الناحبة الأممية والقانونية، وصدوره في هذا الوقت تحديدا هو من أجل إرضاء اللوبي اليهودي الذي دعمه في انتخاباته ظنا منه أن القوى العربية منشغلة في الصراعات الطاحنة في الشرق الأوسط، وأنهم بقيادة السعودية باتوا أضعف من ذي قبل بسبب الخلافات فيما بينهم، وأنه سيكون قادرا الآن تحديدا على تمرير القرار وكسب جميع الأوراق في يده وضمان حكم مستقر هذه الفترة ولفترة أخرى قادمة يظن أنها حسمت مبكرا لصالحه.
نتائج القرار
أما صحيفة «بياجبينا 12» الأرجنتينية الصادرة بالإسبانية، فنشرت بعنوان «النتائج الأولى لقرار ترامب: إسرائيل تقصف قطاع غزة بالصواريخ»، أن النتائج الأولى لقرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هي خروج الاحتجاجات في جميع المدن الفلسطينية، وقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الرد بعنف على المحتجين، وقصفت مدينة غزة وأسقطت عددا من القتلى والجرحى، وهذه لم تكن النتائج فقط، بل خرجت الاحتجاجات في عدد من المدن العربية والإسلامية، وأصدرت دول إسلامية بيانات احتجاجية شديدة اللهجة، وهدد الرئيس التركي بسحب اعترافه بدولة إسرائيل، وطالب الرئيس الإيراني من الدول العربية والإسلامية بالأمر نفسه، وقد تنفذه عدد من الدول بالفعل تحت ضغط شعوبها المحتجة، وهذا يعني العودة إلى بداية مشوار مفاوضات السلام الذي قطع خلال العقود الأربعة الماضية، وهذا أمر خطير ويعني مزيدا من القلق والتوتر والحروب في الشرق الأوسط، والقلق وانعدام الاستقرار في المنطقة، وهذا أمر سوف تدفع ثمنه إسرائيل قبل أي أحد.
نتائج محتملة
وذكر موقع هيئة الإذاعة البريطانية الصادر باللغة الإسبانية «بي بي سي – موندو»، تحت عنوان «لماذا تنقسم القدس إلى غربي وشرقي.. ولماذا لم يعلن ترامب ذلك في اعترافه بالمدينة عاصمة لإسرائيل؟»، أن المجتمع الدولي أدان قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وبذلك عزل قرار ترامب الولايات المتحدة من أكثر القضايا حساسية في واحدة من أكثر المناطق اضطرابا في العالم، وهناك ثلاث نتائج محتملة لهذا القرار «العشوائي»، أما أن يتراجع ترامب أمام الغضب الدولي، أو يستمر في المواجهة وبالتالي ستتخذ الولايات المتحدة موقعا بعيدا عن موقع القيادة في منطقة الشرق الأوسط، أو مرور القرار وفرض الأمر الواقع بعد كثير من السجال والجدال بين الأطراف المعنية، وهذا على الأرجح ما سعى له ترامب ويريده أن يحدث هو وشركاؤه الإسرائيليون.
مصير مجهول
أما موقع تليفزيون «أونوتف» المكسيكي، الصادر باللغة الإسبانية، فنشر بعنوان «ترامب فعل ما تجنبه كلينتون وبوش وأوباما بشأن القدس»، أن ترامب يقود بلاده إلى مصير تجنبه «بيل كلينتون، وجورج دبليو بوش، وباراك أوباما»، بوضع أميركا في مواجهة الكتلة العربية والإسلامية الغاضبة، بشكل صريح ومباشر عن ذي قبل، بالإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، فهو بذلك وضع بلاده في موقع العدو المحتل، وهذا الأمر بالتأكيد سوف يكلف الإدارة الأميركية الكثير جدا في المستقبل، فالمصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي كبيرة، وبهذا القرار قد قامر ترامب بهذه المصالح، ومن الأرجح أنه سوف يخسر، فالقدس مدينة إسلامية تعني الكثير للمسلمين ولا يمكن المساومة بشأنها، وأي محاولة في هذا الطريق محكومة بالفشل، وترامب بهذا القرار حتما يقود بلاده نحو الفشل، وهذا الأمر مثار بشدة داخل الدوائر العليا في الإدارة الأميركية، وترامب لن يكون قادرا على ردود أفعال هؤلاء لو حدث أي مساس بالمصالح الأميركية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
copy short url   نسخ
11/12/2017
3428