+ A
A -
ملأتني الشكوك بعدما سمعت رواية علي عبدالله صالح عن حادثة المدمرة كول لكني لم أستوعب الأمر في ذلك الوقت، حتى بدأت الصحف الأميركية تنشر تفصيلات ألقت بكثير من علامات الاستفهام حول الحادث وترتيباته، لاسيما وأن علي عبدالله صالح لم يتعامل بجدية على الإطلاق في القبض على المتهمين بارتكاب الحادث، فقد تم تحديد قائد مدبري الهجوم وهو عبدالرحيم الناشري الذي كان قائدا لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية آنذاك، ونشرت «واشنطن بوست» تقريرا نقلت عن مسؤول يمني بارز لم تذكر اسمه أن الناشري أقام عدة أشهر في تعز بعد الحادث في رعاية حكومية يمنية رفيعة لكن الضغوط علي صالح جعلته يطلب من الناشري مغادرة اليمن فقبض في الإمارات في نوفمبر 2002 وسلم للولايات المتحدة التي نقلته إلى جوانتامو وتعرض لتعذيب شديد على مدى سنوات مما جعله يعترف في العام 2007 أي بعد خمس سنوات أنه هو العقل المدبر لتفجير المدمرة كول وفي 7 نوفمبر 2011 كان أول معتقل في جوانتامو يتم تحويله للمحاكمة العسكرية.
أما باقي المتهمين وعلى رأسهم جمال البدوي المتهم بالمساعدة في التخطيط للهجوم والإشراف على تنفيذه فقد صدر عليه حكم بالإعدام في العام 2004 وخفف بعد ذلك للسجن 15 عاماً بينما حكم على أربعة آخرين بالسجن بين خمس وعشر سنوات لكن 23 من تنظيم القاعدة وعلى رأسهم المتهمين في تفجير المدمرة كول تمكنوا من الهروب من السجن عبر نفق في فبراير 2006.
تقارير كثيرة نشرت عن العلاقة التي ربطت علي عبدالله صالح بالقاعدة وأنه استخدمها ثم انقلب عليها حيث سمح له حادث المدمرة كول بتوطيد علاقته المباشرة بالأميركان والحصول على المساعدات المباشرة والامتيازات منهم وغضهم الطرف عن كل ما ارتكبه من جرائم بحق شعبه بعد ذلك، في نفس الوقت فتح الأجواء اليمنية للطائرات بدون طيار الأميركية لتقوم بضرباتها في أي وقت وفي أي مكان منتهكة سيادة وأجواء اليمن.
وكما تحالف علي عبدالله صالح مع القاعدة لتحقيق أهدافه ثم انقلب عليهم، تحالف مع الإخوان المسلمين في اليمن ثم انقلب عليهم وأذكر في حوار لي معه سألته عن تقلبه في العلاقة مع حزب التجمع اليمني للإصلاح وكيف أنه كان يمتدحهم وأشركهم معه في الحكومة ثم انقلب عليهم وأخذ يوجه لهم الاتهامات «لقد كانوا ورقة استخدمتها ثم انتهيت منها» هكذا باختصار فلسف علي عبدالله صالح تحالفاته وانقلاباته مع القاعدة والإخوان والحوثيين والأميركان والسعوديين والإيرانيين رجل يعمل لذاته ومصالحه وشخصه ولم يعمل أبدا لصالح بلده أو شعبه، رغم أنه أتيحت له فرصة تاريخية لم تتح لغيره لبناء اليمن التي حكمها ما يقرب من أربعين عاماً، فالشعب اليمني من اكثر شعوب العالم نجاحاً في التجارة والأمانة والعمل ومن شاء فلينظر لليمنيين في أنحاء العالم من الولايات المتحدة وحتى آخر الدنيا يجدهم مميزين بجالياتهم ونجاحاتهم وإبداعاتهم، حولهم المخلوع إلى شعب كسول غارق في مجالس القات ودمر خلال أربعين عاما كل نجاحاتهم وفي النهاية أشعل حرباً ضروساً دمرت تاريخ اليمن وحاضرها ومستقبلها فدفع في النهاية ثمن ما قام به.
copy short url   نسخ
07/12/2017
1074