+ A
A -
كتب- محمد حربي
أكد سعادة السفير منير غنام، سفير دولة فلسطين لدى الدوحة، أن دولة قطر وكما عهدها الفلسطينيون دائما، تظل صاحبة مبدأ ثابت، ومواقفها النبيلة المعهودة الداعمة والمشرفة الدائمة والمستمرة والثابتة، تجاه القضية الفلسطينية، وأن الدبلوماسية القطرية تؤمن بعدالة قضية فلسطين، وتدعم الشعب الفلسطيني، وحقه في التحرر، وأن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله، قد أكد على أن القدس في قلبه وقلب كل قطري، كما هي في قلوب العرب والمسلمين جميعا، وأن القطريين سوف يظلون دوما على العهد يساندون هذه الحقوق المشروعة.
وقال سعادة السفير منير غنام، في حوار خاص لـ الوطن إنه خلال تشرفه بمقابلة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى،حفظه الله، قد استمع لتأكيد حضرة صاحب السمو على ثبات الموقف القطري الحاسم، الذي يعارض هذه الفكرة بشدة وحزم، والتحذير من خطورة ومغبة مثل هذه الخطوات، التي تعرض السلم العالمي للخطر، موضحا أن موضوع نقل السفارة الأميركية من تل أبيب للقدس الشرقية، بما يعني اعترافيا أميركيا بها عاصمة للكيان الإسرائيلي، من شأنه أن تكون له تداعياته الكارثية والخطيرة، وقد يفقد أميركا مصداقيتها، وينقلها من معادلة الوسيط النزيه إلى الانحياز بل وربما تحولت إلى جزء من المعتدي، لافتا إلى أن ردود الأفعال العربية والإسلامية، تؤازرها أصوات العالم الحر، قد عبرت بشدة عن عدم إمكانية الصمت على ما يحدث.. جاء ذلك في حوار خاص لـ الوطن.. هذا نصه:
مخالفة الأدبيات
* بداية، نود التوقف معكم عند قرار الرئيسي الأميركي، دونالد ترامب، بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، فيما يعني الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي.. كيف تنظرون لهذه الخطوة؟
- بالتأكيد هذا يمثل تطورا خطيرا على المستوى الإقليمي والدولي، بل وسيشكل خطرا على كل الجهود، والتحركات السلمية الساعية إلى حل الصراع العربي الإسرائيلي، حلا سلميا، حسب قرارات الشرعية الدولية، لأن حدوث مثل هذه الخطوة، هو بمثابة مخالفة لأدبيات السياسة الأميركية ذاتها، والتي لازالت وبحسب أدبيات وزارة الخارجية الأميركية، تعتبر أن كافة المناطق، التي تم احتلالها في عام 1967، هي مناطق محتلة، وبما في ذلك منطقة القدس الشرقية، ويؤكدون دائما على أن وضعية القدس، لايمكن أن يتم حسمها إلا عن طريق طاولة التفاوض والحوار بين الطرفين، وإن كان هذا لم يحدث الآن، نظرا لكون هذه المفاوضات معطلة في الوقت الراهن، بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي، واستمراريته في سياسة فرض الوقائع على الأرض، التي بدورها تتناقض مع قرارات الشرعية الدولية، لاسيما عبر خطة ممنهجة في الاستيلاء على الأراضي، وبناء مزيد من المستوطنات، والسير في إجراءات تهويد القدس، وكلها مخالفة للشرعية، وكذلك لقرارات مجلس الأمن الدولي، وأيضا لمبادرة السلام العربية، إن لم يكن نسفا لكافة الجهود الدولية، المبذولة من أجل إيجاد حل سلمي للصراع العربي الفلسطيني.
ناقوس الخطر
ماذا يمكن أن يترتب على هذه الخطوة؟
- كما يتابع الجميع فإن قادة العالمين العربي، والإسلامي، بل وقادة العالم الحر جميعا، بمن فيها العديد من الأوروبيون، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، كلهم دقوا ناقوس الخطر، وحذروا من اتخاذ مثل هذه الخطوة، والتي من شأنها أن يترتب عليها خلق حالة شديدة الفوضى في الإقليم، وربما ستضع السلم الإقليمي والدولي على المحك، وتهدد بنسفه وتدميره، والولايات المتحدة الأميركية باعتبارها القوى العظمى الرئيسية في العالم، هي المسؤولة الأولى، والمنوط بها مهمة الحفاظ على السلم العالمي، ومثل هذه الخطوة، من شأنها أن تناقض حتى المسؤولية الأخلاقية، التي تتحملها دولة عظمى.
ما المطلوب من الرئيس الأميركي الآن؟
- على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن يستمع إلى نصائح الكثيرين، ممن يعتبرون من أصدقاء وحلفاء أميركا، الذين يقدمون النصائح، بعدم الإقدام على اتخاذ مثل هذه الخطوة، ذات الخطورة الشديدة، ولعل العالم تابع عبر كافة الوسائل السمعية والبصرية، وشاشات الفضائيات ردود الأفعال التي صدرت عن الشارع العربي، وعبرت عنه تصريحات القيادات والمسؤولين العرب، على أعلى المستويات، وأن الدور الأميركي الذي يعتبر نفسه راعيا لعملية السلام في الشرق الأوسط، بالإقدام على هذه الخطوة، سيفقد تلك الصفة، بل سيتحول إلى طرف في الصراع جنبا إلى جنب مع الطرف المعتدى، ولذلك فإن الفلسطينيين يأملون أن يتخذ الجانب الأميركي موقفا ينسجم مع الشرعية الدولية، من أجل الإبقاء ولو على بصيص أمل، من عملية السلام، للوصول إلى حل عادل وشامل، عبر الطرق السلمية، للصراع العربي الإسرائيلي، لأن الإقليم ليس بمقدوره أن يتحمل مزيدا من الصراعات، وإشعال فتيل أزمات جديدة، وهنا ينبغي على المجتمع الدولي، ألا يطول صمته، ولا يلتفت إلى ما يعد آخر حالة استعمار في القرن الحادي والعشرين، وعلى وجه الأرض تقريبا، وحان الوقت، من أجل أن يكون هناك تحرك أممي، لوضع حد لهذا الوضع غير المنطقي، واللامقبول.
ضغوط اللوبيات
هل هناك من دلالة لتوقيت إثارة قضية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس الشرقية؟ لماذا الآن بالتحديد؟
- من الأهمية لفت الأنظار إلى أن مثل هذه القضية تثار بشكل سنوي داخل أروقة الكونغرس الأميركي، وفي كل عام يكون هناك قرار بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس الشرقية، تحت ضغط وتأثير من اللوبي اليهودي وأصحاب مصالح الضغط الصهيوبية، إلا أن رئيس أميركا، بما يخوله له الدستور من صلاحيات، يرفض التصديق، أو الموافقة على تنفيذ مثل هذه الخطوة، وذلك تقديرا منه لما قد يترتب على ذلك من مخاطر على عملية السلام، وكافة الجهود المبذولة لانتزاع فتيل الأزمات، والبحث عن حلول لها عبر الطرق السلمية، وكان ينبغي على الرئيس الحالي دونالد ترامب، أن يسير على نفس هذه السياسة، باعتبارها هي الأسلوب الحكيم، لو كانت النوايا حقيقية في التوجه نحو الحل السلمي، خاصة أن ترامب ذاته، مرارا وتكرارا عندما يلتقي الرئيس محمود عباس أبو مازن يمتدحه، ويعلن له عن رغبة البيت الأبيض في المشاركة بصناعة السلام مع السلطة الفلسطينية سويا، ويكون الرد الفلسطيني له، بأن السلطة مستعدة للسير في هذا الطريق، لبناء سلام حقيقي، ولكن بشرط أن يقوم على أسس من الشرعية والقوانين الدولية.
ماذا يعني نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس الشرقية؟
- هو تغيير شامل، وكامل في استراتيجية الولايات المتحدة الأميركية، تجاه المنطقة والإقليم، وعملية السلام برمتها، وكذلك إنهاء كافة الجهود السياسية، وإلغاء جميع المبادرات التي تمت، بل كل الاتفاقيات والمعاهدات التي تم التوقيع عليها من قبل، سواء التي كان طرفاها الجانبين الفلسطيني والأميركي، أو تلك التي جرت بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بمعنى نسف أي جهود بذلت، أو ما كانت ستبذل من أجل عملية السلام، وهذا الكلام يمثل خطورة شديدة على الأمن الإقليمي، وسيخلق فوضى عارمة، لن تقتصر على المنطقة، بل ستصيب العالم بأسره، وهنا تكمن درجة الخطورة.
ما الأوراق التي بيد الجانب الفلسطيني؟
- الفلسطينيون أصحاب حقوق مشروعة، ولن يتنازلوا عنها، والجانب الفلسطيني يطالب بحقوقه بناء على قرارات الشرعية الدولية، ومجلس الأمن، بل وعلى الأدبيات التي انطلقت منها كافة محاولات إيجاد حل سلمي للصراع العربي الفلسطيني، بما فيها المحالاوت الأميركية، التي تعتبر نفسها راعية لعملية السلام، وتقدم نفسها على أنها وسيط نزيه، وبالتالي فإن مثل هذه الخطوة، ستناقض الدور الذي من المفترض أن تلعبه أميركا، وتتحول من الوساطة، إلى الانحياز، بل وطرف في الصراع بجانب الطرف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، الذين هم أصحاب حق ثابت.
الحالة العربية
إلى أي مدى أثرت الحالة العربية الراهنة على ما نحن فيه الآن؟
- بالتأكيد، إن حالة التشتت والفوضى التي تعم الإقليم، وكذلك استفحال الأزمات والنزاعات العربية – العربية، المحتدمة، من شأنها أن تنعكس سلبا، وتضعف الموقف العربي، الذي كان ينبغي عليه أن يكون مساندا، وبقوة للموقف الفلسطيني، باعتبار أن قضية القدس، هي عربية إسلامية، بل ذات بعد إنساني، مما يعني أن استفحال هذه الأمور الخلافية البينية، تجعل الجانب الإسرائيلي يتجرأ على أن يمارس كل الضغوط على الجانب الأميركي لاتخاذ مثل هذه الخطوة، ضاربا عرض الحائط بكافة الاعتبارات الأخرى، سواء ما تعلق منها بقرارات الشرعية الدولية، أو مجلس الأمن الدولي، وبالجهود ومبادرات السلام التي قدمها العرب، والاتفاقيات الموقعة.
هل سعى الجانب الفلسطيني للدعوة لاجتماع عاجل للجامعة العربية.
- بالفعل تمت الدعوة لاجتماع للجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين ويتم حاليا تدارس دعوة لاجتماع عربي طارئ على مستوى الملوك والأمراء والقادة والرؤساء، لأنه لا بد أن تضطلع الدول العربية على أعلى مستوياتها بدورها الذي ينبغي أن يكون في مواجهة هذا الوضع.
كيف تنظرون إلى ردود الفعل؟
-مما لاشك فيه أن مواقف وردود فعل الدول العربية، والإسلامية، ومنها الموقف التركي المشرف، وأيضا الإندونيسي، ودول إفريقية مسلمة، كانت واضحة وقوية رافضة للخطوة الأميركية، مما يجعلها سندا قويا لموقف العرب، الذي أجمع على معارضة ما تقوم به أميركا، والتحذير من مدى خطورته، ونحن فخورون بهذه اللحمة العربية الإسلامية، وبمؤازرة الدول المحبة للسلام، من أجل وضع حد لحالة الشطط التي لا تخدم السلم العالمي.
استراتيجية فلسطينية
ما استراتيجية السلطة الفلسطينية بالتعاون مع بعثاتها الدبلوماسية الخارجية في التحرك على الصعيد الخارجي لمواجهة هذه الخطوة، منذ أن أفصحت عنها الإدارة الأميركية الجديدة؟
- الدبلوماسية الفلسطينية، تمارس دورا نشيطا على مختلف المستويات وكافة الأصعدة، سواء عن طريق الاتصالات مع مختلف الكتل السياسية والبرلمانات العالمية، والحكومات، والأنظمة الممثلة دولة فلسطين لديها، لشرح القضية، كشف تداعياتها، وإبراز خطورتها، وتحشيد المواقف في مواجهة هذه الخطوة، وأثمر ذلك مساندة مشرفة لتعضيد ومؤازرة الموقف الفلسطيني، في تمسكه برفضه لهذا القرار الأميركي.
ماذا عن الخيارات المطروحة أمام السلطة الوطنية الفلسطينية، لاسيما في ظل تعطل المسار السياسي؟
- نعم المسار السياسي معطل من الأساس، والفلسطينيون يمارسون المقاومة بكافة أشكالها وصورها وأنواعها، ضد العدوان الإسرائيلي، مع أن الفلسطينيين مازالوا حتى هذه اللحظة يجنحون لخيار السلم عبر الحوار والمفاوضات، بشرط حصولهم على حقوقهم المشروعة، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وبدعم من المجتمع الدولي، وأن الفلسطيني لا ييأس من هذا الأمر، رغم أنه يدرك جيدا صعوبة الظروف، ولديه ثقة في نصر الله وعدم خذلانه، لكن المهم الأخذ بعين الاعتبار، أن مثل هذه الخطوة الأميركية، تجعل كل الخيارات مفتوحة.
البيت الفلسطيني
ما أهمية لم شمل البيت الفلسطيني أمام مثل هذه التحديات في الوقت الراهن؟
- لا شك أن عملية المصالحة الوطنية الفلسطينية، التي تجرى بأسلوب وطيد، ومتواصل، وتتقدم بشكل جيد، تساعد الجانب الفلسطيني على أن يبدو أكثر تماسكا، وأكثر قوة في مواجهة مثل هذه الخطوات، وأن الفلسطينيين يوقنون بأن حقهم ثابت، ولن يتنازلوا عنه، قبلت به أميركا أو لم تقبل به، لأنها وغيرها من الدول مطالبة بأن تتصرف وفقا لمواقفها الأخلاقية، التي ستجعلها تؤيد الموقف الحق، الذي هو حق فلسطيني خالص، لم يمن به عليه أحد، خصوصا في مقابل ما تم تقديمه من تنازلات، ثمنا لعملية السلام، والتي كانت أداة لتقليص حق الفلسطينيين إلى 20 % من حقوقهم التاريخية، في مقابل تحقيق السلم، ولذلك كان من العدالة أن ينصف المجتمع الدولي شعب فلسطين بما تقرره الشرعية الدولية، وما تقره قرارات مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكافة المبادرات السياسية الأخرى، الرامية لسلام عادل بالإقليم.
ماذا عن موقف حماس الآن؟
- السلطة الفلسطينية، وكافة الفصائل، توحدت، وأصبحت جسدا واحدا، وحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، على وجه التحديد عادت لتصبح جزءا من السلطة، لأن حكومة الوفاق الوطني الحالية قد تم تشكيلها عام 2014 بتوافق بين السلطة وحماس، وكافة الفصائل الفلسطينية الأخرى، وأن عملية التوحيد التي تجرى بشكل طيب في هذه الآونة الأخيرة، سوف تصل في مرحلة من المراحل إلى حكومة توافق وطني، تشارك فيها كافة القوى السياسية، بما فيها حماس.
copy short url   نسخ
07/12/2017
3732