+ A
A -
اختتمت، أمس، فعاليات النسخة السادسة من مؤتمر يوروموني قطر 2017، التي استضافتها الدوحة ليومين تم خلالهما مناقشة رؤى وآراء الخبراء الاقتصاديين حول التنمية المالية في دولة قطر، إضافة إلى مناقشة تحولات المشهد الاقتصادي في المنطقة، ومدى تأثير الديناميات السياسية المتغيرة على دولة قطر في المدى البعيد، فضلاً عن تشجيع المزيد من التنوع الاقتصادي وبناء روابط وشراكات اقتصادية جديدة.
وعقدت نسخة العام الحالي من المؤتمر، الذي يشارك مصرف قطر المركزي في استضافته، تحت عنوان «الابتكار الرقمي: المستقبل المالي»، وشهدت مشاركة عدد من المسؤولين من دولة قطر، ومصرفيين كبار وقادة قطاع الأعمال، بهدف دراسة التحديات الناشئة التي تواجه المؤسسات ضمن سعيها لتحقيق التنمية في دول المنطقة، فضلاً عن الفرص التي يتيحها المناخ الحالي وشهدت أيضاً النسخة السادسة من يوروموني قطر 2017، حضور أكثر من 600 شخصية من كبار المسؤولين المحليين والدوليين.

وقال سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، في كلمة ألقاها أمس، إن ما يمتلكه مصرف قطر المركزي من موجودات أجنبية لا يمثل سوى نسبة ضئيلة للغاية من الموجودات الأجنبية لدى دولة قطر، ومع ذلك فإن ما يمتلكه المصرف من احتياطيات دولية وسيولة بالعملات الأجنبية يشكل نحو ثمانية أضعاف النقد المصدر، والذي ينص قانون المصرف على ألا تقل هذه النسبة عن 100% فقط من النقد المصدر.. مشيراً إلى أن ما يمتلكه المصرف من احتياطيات دولية وسيولة بالعملات الأجنبية يمثل أكثر من ضعفي القاعدة النقدية، والتي تتكون من النقد المصدر مضافاً إليه جميع ودائع البنوك المحلية لدى المصرف بما فيها أرصدة الاحتياطي الإلزامي والتي يستحيل عمليا أن يتم سحبها بالكامل، مما يوضح إن كفاية تلك الاحتياطيات المتوافرة لدى المصرف تعتبر أكثر من كافية، سواء لأغراض الدفاع عن سعر صرف الريال القطري أو لأغراض السياسة النقدية.
ولفت سعادته إلى تحقيق إجمالي موجودات البنوك التجارية العاملة بدولة قطر خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2017 نمواً قدره 12.8% مقارنة بعام 2016 وعلى صعيد تجميع المدخرات؛ فقد زادت ودائع العملاء لدى البنوك التجارية خلال نفس الفترة بأكثر من 17.5% مقارنةً بعام 2016 وكذلك زادت التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك التجارية لعملائها خلال نفس الفترة بنحو 13% مقارنة بمثيلتها الخاصة بعام 2016 وفي المقابل ارتفعت نسبة كفاية رأس المال لدى البنوك العاملة بدولة قطر في نهاية سبتمبر 2017م لتصل إلى أكثر من 15.4% مقارنةً بنحو 14.8% في نهاية سبتمبر 2016.
وبلغت نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض والتسهيلات الائتمانية نحو 1.5%، مما يعكس مدى جودة الموجودات لدى البنوك التجارية العاملة بالدولة في نهاية سبتمبر 2017. فيما سجل صافي الربح خلال نفس الفترة من عام 2017م إلى متوسط حقوق المساهمين نحو 14.5%، كما بلغ صافي الربح إلى إجمالي الموجودات نحو 1.6% وارتفعت نسبة تغطية السيولة لدى البنوك الوطنية في نهاية سبتمبر 2017 لتصل إلى أكثر من 141% مقارنةً بنحو 122% في سبتمبر 2016، كما ارتفعت بالنسبة لإجمالي البنوك العاملة بدولة قطر خلال نفس الفترة لتصل إلى نحو 143% مقارنةً مع نحو 134% في سبتمبر 2016.
وشدد سعادته على أن استضافة دولة قطر لهذا المؤتمر وللعام السادس على التوالي، وعلى الرغم من الحصار الجائر المفروض عليها من بعض دول الجوار، يعكس مدى اهتمام دولة قطر ودعمها لمثل هذه اللقاءات والمنتديات العالمية التي تتناول بالبحث في مختلف التطورات الاقتصادية العالمية والقطاع المالي بصفة خاصة، بهدف تقديم رؤية لمستقبل هذا القطاع وتساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية وآمل أن تساهم مناقشاتكم في هذا المؤتمر في إيجاد الحلول التي تعزز دور القطاع المالي وتساعد في زيادة النمو الاقتصادي.
وأضاف سعادته قائلاً: «لقد واجه الاقتصاد العالمي عدداً من التحديات خلال العقد الماضي تمثلت في عدد من الأزمات العالمية والإقليمية كان لها تداعيات كبيرة على مختلف الاقتصادات، وهو الأمر الذي دعا صناع القرار والمختصين والخبراء حول العالم إلى الإسراع في إيجاد أفضل الحلول والمعالجات للتقليل من آثار تلك الأزمات وقد كان لتلك المجهودات الأثر الكبير في تجاوز التحديات ووضع النمو الاقتصادي في مساره الصحيح والمحافظة على مستويات التضخم المنخفضة، والخروج من دائرة التسيير النقدي، ويظهر ذلك جلياً في التقارير والإحصاءات التي صدرت مؤخراً بشأن تطورات الاقتصاد العالمي، والتي تؤكد نجاح الإجراءات والسياسات التي تم الأخذ بها خاصة في الدول المتقدمة، وعلى مستوى المنظمات والمؤسسات المالية الدولية».
وتابع: «أما على المستوى المحلي فقد ظل الاقتصاد القطري قوياً رغم كل العقبات والتحديات، ورغم الحصار الجائر المفروض على الدولة من بعض دول الجوار، وبفضل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، حفظه الله، وبدعم الدولة لجميع القطاعات، فقد تم التغلب تماماً على آثار ذلك الحصار الجائر؛ حيث قامت الدولة بدعم القطاع الخاص لتمكينه من القيام بدوره، خاصة في مجال الاكتفاء الذاتي من السلع والمواد التموينية والاعتماد على الذات في تقديم مختلف الخدمات، كما تركزت الجهود من أجل دعم المنتجات الوطنية، ونجحت سياسات الدولة في إعداد بنية تحتية قوية تمثلت في الموانئ والمطارات والأسواق والمناطق الاقتصادية الحرة وتقديم كافة التسهيلات للشركات الصغيرة والمتوسطة للنهوض بدورها في التنمية الاقتصادية ولعل أهم الدروس المستفادة من الحصار الجائر المفروض على الدولة هو الاعتماد على الذات من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من السلع والمنتجات وتوطين الخدمات».
اقتصاد قوي
وشدد سعادته على أن الاقتصاد القطري ظل قوياً وظلت مستويات التضخم مستقرة، كما أن جميع المشاريع الخاصة بالبنية التحتية من طرق وجسور وملاعب وغيرها يجري تنفيذها وفقاً للخطة المرسومة وسيتم الانتهاء منها في الموعد المحدد، كما أن الموازنة الجديدة للدولة للعام المقبل 2018 تدعم التنوع الاقتصادي وهناك أيضاً زيادة في الإنفاق الحكومي على جميع المشاريع والخدمات.. متابعاً: «لقد شهد القطاع المالي في دولة قطر تطوراً كبيراً خلال السنوات الماضية وقد تمثل ذلك في توحيد الجهات الرقابية والإشراقية على هذا القطاع تحت مظلة مصرف قطر المركزي، وتم إصدار قانون جديد ينظم عمل المصرف، كم تمت إعادة الهيكلة الإدارية للمصرف، وفقاً لأفضل المعايير الدولية وذلك من أجل الارتقاء بالعمل وتقديم الخدمات بجودة عالية فيما تعمل الجهات الرقابية والإشراقية في الدولة بتنسيق تام ووفقاً للتشريعات المنظمة للعمل، وقد تم إنجاز الخطة الاستراتيجية للقطاع المالي في الدولة 2011-2016، ويجرى العمل حالياً لإطلاق الاستراتيجية الثانية 2017-2022 خلال الأسبوع المقبل والتي تقوم على عدد من الركائز الأساسية على رأسها الاهتمام بالكادر البشري وتأهيله وتدريبه باعتباره الاستثمار الأساسي لأي تقدم وتطور، وكذلك الاهتمام بالتكنولوجيا المالية التي تمثل تحدياً للبنوك والمصارف وكافة المؤسسات المالية لما لها من أهمية قصوى في المعاملات المصرفية والمالية وما يحيط بها من مخاطر، كما تهتم الاستراتيجية بموضوع الشمول المالي وضرورة نشر الوعي بين الجمهور».
واختتم سعادته قائلاً: «إن جميع البنوك والمؤسسات المالية العاملة في دولة قطر ملتزمة بتطبيق جميع المعايير المحاسبية وخاصة المعيار رقم 9 بالإضافة إلى تطبيقات بازل مما يعكس مدى الالتزام بهذه التعليمات الدولية».
اليوم الختامي
من ناحية أخرى وخلال فعاليات المؤتمر، أمس، أكد خبراء محليون ودوليون خلال الجلسات التي عقدت باليوم الختامي، أن التقنيات الناشئة، مثل ظهور تقنية «بلوك تشين» BLOCKCHAIN وزيادة الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، سيكون لها أثر تحولي على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، كما ناقشوا أيضاً الطرق المثلى لاستثمار رأس المال والأسهم الخاصة، وركزوا خلال الجلسات على دور التقنيات المالية الجديدة والمخاطر المترتبة على استخدامها والفرص التي يمكن أن توفرها لاقتصاد دولة قطر.
وتطرق متحدثون بالجلسات أيضاً إلى تحديات استثمار رأس المال في الأسواق باهظة الثمن، حيث أكدوا ضرورة أن يتم النظر إلى ما هو أبعد من عام 2022، الزمن المقرر أن تستضيف فيه دولة قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم.. مشيرين إلى أن التركيز على البنية التحتية سيقل وستسعى دولة قطر بوتيرة متسارعة للوصول نحو هدفها المتمثل في أن تصبح اقتصاداً قائماً على المعرفة، وأن تتحول لاعتماد أسلوب حياة وصناعات قائمة على التكنولوجيا.
وأكد المتحدثون أهمية التواصل مع صناع السياسات للدعوة إلى اعتماد تشريعات واضحة في ما يتعلق باستخدام الحلول والتقنيات المالية الجديدة.
وفي استطلاع للرأي تم إجراؤه خلال المؤتمر، رأى 61 في المائة من الحاضرين أن التكنولوجيا المالية ستتسبب في إحداث تحولات كبيرة على الخدمات المالية التقليدية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وأن إدارة هذه التحولات واستثمارها في نهاية المطاف للنهوض بالقطاع المالي في قطر، سيتطلب تقييماً دقيقاً للمخاطر، وفقاً لما ذكره الضيوف المشاركون في الجلسة.
من جانبها، أكدت فيكتوريا بيهن، مديرة مؤتمرات يوروموني في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن نسخة العام الحالي من يوروموني قطر، كانت حدثاً بارزاً للغاية، وتم من خلالها طرح آراء ومقترحات مهمة والتطرق إلى الإجراءات التي اتخذتها دولة قطر خلال الأشهر الستة الماضية، كما تمت الإشارة إلى فرص التنمية المتاحة أمام قطر للمستقبل.
جدير بالذكر أنه من المقرر أن تعقد النسخة المقبلة من مؤتمر يوروموني قطر في عام 2018، وكان المؤتمر قد شهد انعقاد جلسة صباحية ركزت على موضوع الأمن السيبراني ودور التكنولوجيا في التشريعات.
copy short url   نسخ
07/12/2017
2859