+ A
A -
الخرطوم- لبنى الشيخ
عاد سعر الدولار في السودان بالسوق الموازية (السوداء) للصعود مسجلا 21 جنيها سودانيا، بعد الاضطراب الذي شهدته أسواق العملات الأجنبية خلال الأسبوع الماضي، عقب صدور القرار الأميركي برفع العقوبات الاقتصادية على السودان، الأمر الذي علق عليه كثيرون بأن يكون له دور في خفض سعر العملة الخضراء مقابل الجنيه.
وأحدث قرار رفع العقوبات الأميركية عن السودان الذي صدر في السابع من أكتوبر الجاري، ارتباكا في أسواق العملات، ولكن تجار العملة أحجموا عن البيع والشراء، وشهدت معه الأسواق ندرة في المعروض وقلة في الطلب، أدى إلى تراجع سعر الدولار ما بين 17 لـ 18 جنيها، ولكن على عكس ما كان متوقعا عاد الدولار للارتفاع بوتيرة متسارعة.
وفقد الجنيه السوداني أكثر من 60 % من قيمته بعد انفصال الجنوب في العام 2011، وفقدان السودان حوالي 70 % من عائدات النفط التي تقدر بملايين الدولارات سنويا.
وبارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، ترتفع أسعار العملات الأجنبية والعربية الأخرى، وتعزو الحكومة هذا الارتفاع إلى المضاربات التي يجريها التجار والمتعاملون في السوق السوداء.
الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز الفكي قال إن تجار العملة في السوق الحرة يتحكمون في سعر العملات، وذلك لعدم وجود احتياطيات من العملات الأجنبية في خزينة البنك المركزي تمكنه من التدخل في سوق العملة لإحداث التوازن الذي يتطلبه الاستقرار الاقتصادي.
وأضاف الفكي أن البنك المركزي يكون احتياطياته من العملات الأجنبية من عائدات الصادرات والتحويلات المالية للسودانيين العاملين بالخارج، اضافة إلى القروض والمنح والهبات، مشيرا إلى أنه إذا تحسنت الصادرات رغم الضعف الذي يعاني منه قطاع التصدير بصفة عامة في البلاد، ودخلت التحويلات الخارجية في النظام المصرفي، فإن البنك المركزي يستطيع أن يؤثر على سعر العملات في السوق الموازية.
ومن جانبه قال البروفيسور عثمان البدري أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية في حديث لــ الوطن، إنه عقب إلغاء العقوبات الاقتصادية عن السودان شهدت أسعار العملات في السوق الموازية اضطرابا ظاهرا، ولكن استقرار الأسعار نتيجة لذلك لم يحدث لأنه يستدعي إقرار الدولة سياسات اقتصادية جديدة.
ودعا البدري إلى إزالة كل العقبات التي تقف في طريق انسياب عمليات التحويلات المالية بين السودان ودول العالم، ويقول في السابق كانت تتم هذه المعاملات بطرق ملتوية عبر وسيط أو دولة ثالثة، مشيرا إلى أن إلغاء العقوبات يساعد في فتح باب المنح والمساعدات التنموية والتعاملات المباشرة مع مؤسسات التمويل الدولية وكذلك مؤسسات التمويل العربية والإفريقية.
وشدد على ضرورة اتخاذ سياسات نقدية ومالية وتجارية واستثمارية تحفز النمو الايجابي في الإنتاج، بالإضافة إلى تصنيع المواد الخام التي كانت تصدر إلى الخارج بقيم متدنية، مقابل استيراد سلع غالية الثمن، الأمر الذى أدى إلى اتساع عجز الميزان التجاري وقلل حصيلة البلاد من العملات الأجنبية وبالتالي أدى إلى ضعف القيمة التبادلية للجنيه السوداني.
وأشار البدري إلى أن تقليل الواردات ورفع مستوى الصادرات المصنعة وإيقاف صادرات الخام مع تعديل قانون الاستثمار، يشترط إدخال قيمة المشروعات بالعملة الأجنبية إلى خزينة البنك المركزي وتوريد حصيلة الصادرات للبنك المركزي بلا استثناءات وبكامل الشفافية. ومن جانبه أكد الخبير الاقتصادي الفاتح محجوب أن سوق العملة في السودان يعاني من اضطراب شديد بعد استقرار استمر (10) سنوات نتيجة للعائدات الكبيرة التي كان يدرها النفط لخزينة الدولة، لافتا إلى أنه في الحقبة البترولية تحول الاقتصادي السوداني، الى اقتصاد استهلاكي، أدى إلى إهمال قطاعات الإنتاج نتيجة لاعتماد الدولة على البترول كمصدر دخل رئيسي.
وقال محجوب إن ذهاب معظم النفط لدولة جنوب السودان، أحدث فجوة ضخمة بين الصادرات والواردات أدت إلى زيادة الطلب على الدولار، بأكبر من العرض، وهو ما أدى إلى انهيار متسارع للجنيه السوداني مقابل الدولار فارتفع سعر الدولار من جنيهين الي واحد وعشرين جنيها سودانيا.
وأشار الخبير الاقتصادي محجوب إلى أن قرار رفع العقوبات الاقتصادية على السودان، أدى إلى تخوف التجار من تدفق أموال ضخمة من الخارج، لذلك توقفوا عن الشراء فانخفض سعر الدولار الى 17 جنيها، وتابع: ولكن عندما تبين ان هذا التخوف غير صحيح سرعان ما عاد السعر الى 21 جنيها وهو قابل للارتفاع ما لم تتدفق اموال من الخارج في شكل قروض او منح أو تقدم الحكومة على اتخاذ سياسات اقتصادية انكماشية فتحد من الانفاق وتقلل من الاستيراد فعندها يعود التوازن لسوق العملة وتستقر اسعار الجنيه السوداني مقابل الدولار.
copy short url   نسخ
24/11/2017
2792