+ A
A -
خلص الاجتماع رفيع المستوى للتحضير لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي المعني بمتابعة تمويل التنمية لعام 2018 إلى التأكيد على دور دولة قطر الريادي في تنفيذ الأهداف الإنمائية الدولية حيث توائم الدولة بين الأولويات الوطنية وأجندة التنمية المستدامة 2030 مع الاشارة إلى الدور الكبير لاستراتيجية التعاون الدولي في تعزيز علاقات قطر الدولية وحماية مكتسباتها خلال الحصار وتجنب آثاره.
وفي التفاصيل فقد أكد سعادة الدكتور أحمد بن محمد المريخي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أن استمرار الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سيؤدي إلى تأخر كبير في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، بفعل توجه التمويل إلى جهود إعادة الإعمار على حساب مشاريع التنمية الأخرى.
جاء ذلك في كلمة ألقاها أمس، خلال جلسة ضمن أعمال الاجتماع رفيع المستوى للتحضير لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي المعني بمتابعة تمويل التنمية لعام 2018، تناولت «دور مؤسسات تمويل التنمية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة- حالة التمويل الإسلامي»، وأثار من خلالها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، التحديات والقضايا والحلول التي يمكن أن تسهم في تهيئة الأرضية الملائمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما عن طريق الربط بين السياق الإنمائي والإنساني وتفعيل النماذج والصيغ المالية غير التقليدية في هذا السبيل.
وأكد سعادة الدكتور المريخي، على أهمية التقارب بين العمل الإنساني والتنموي منذ اللحظات الأولى لحدوث الأزمات، ووضع الحلول المبتكرة التي تربط بين الإنساني والإنمائي، مشيرا في هذا السياق إلى أن تمكين المجتمعات المحلية من الاستجابة للتحديات الإنسانية والتنموية وبالأخص في مجتمعات ذات الهشاشة العالية والأزمات الممتدة، سيكون له بالغ الأثر في تحقيق الفاعلية المنشودة سعيا لتحقيق التنمية المستدامة، داعيا إلى التركيز على بناء القدرات المحلية في ظل تناقص الموارد المالية التقليدية، والاستفادة من الموارد المالية غير التقليدية الموجودة في العديد من المجتمعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووضعها في إطار تحقيق التنمية المستدامة، والتي من بينها التمويل الإسلامي الاجتماعي، والزكاة، والأوقاف.
ولفت إلى أن تحقيق الأهداف المذكورة يتطلب من صناع السياسات في المنطقة إفساح المجال لتقنين وتنظيم الصيغ والنماذج ضمن الفضاء العام المساعد، بما يخدم تحقيق التوجهات والأهداف الوطنية، وتمكين الأطر والنظم من تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفتح الحوار مع مؤسسات الاقتصاد الإسلامي الاجتماعي لتوجيه قدراتها في خدمة الصالح العام.
يشار إلى أن الجلسة التي ترأسها السيد الكساندر تريبلكوف، مدير مكتب تمويل التنمية بإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، وأدارها السيد مايكل أونيل، المدير المساعد، ومدير مكتب العلاقات الخارجية والدعوة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»UNDP»، شارك فيها كل من الدكتور حبيب أحمد، أستاذ كرسي الشارقة للدراسات الشرعية والتمويل الإسلامي، في جامعة ديرام بالمملكة المتحدة، والسيد نيدزاد أيانوفيتش، كبير أخصائي الشراكة في بنك التنمية الإسلامي، والسيدة فارميدا بي، رئيس التمويل الإسلامي في شركة نورتون روز فلبرايت القانونية الشهيرة، والسيد ماركوليشتفوس، شريك في ديلوات العالمية للاستشارات.
الأهداف الإنمائية
ومن جانبه أكد سعادة السفير طارق بن علي فرج الأنصاري، مدير إدارة التعاون الدولي بوزارة الخارجية، أن دولة قطر تولي اهتماما بالغا لتنفيذ الأهداف الإنمائية الدولية، وأنها تركز في هذا السياق على المواءمة بين الأولويات الوطنية وأجندة التنمية المستدامة 2030، التي سعت رؤية قطر الوطنية 2030 لبلورتها من حيث ركائزها الأربع الأساسية وهي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والبيئية.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سعادة السفير الأنصاري امس، أمام الحلقة النقاشية الخاصة بالمياه والطاقة ضمن الهدفين الإنمائيين السادس والسابع حول ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة وضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة.
وعقدت هذه الحلقة النقاشية ضمن الجلسة الخاصة لمناقشة تطبيق الأهداف الإنمائية ومراجعتها من حيث التقدم المحرز والتحديات، وذلك في إطار فعاليات الاجتماع رفيع المستوى للتحضير لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي المعني بمتابعة تمويل التنمية المنعقد بالدوحة حاليا.
وشدد مدير إدارة التعاون الدولي بوزارة الخارجية في كلمته على أن دولة قطر تولي الهدفين الإنمائيين المذكورين حول الطاقة والمياه أهمية في النطاق الوطني، حيث قدمت رؤيتها الوطنية إطارا لوضع الاستراتيجيات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية بتحويل قطر بحلول عام 2030 إلى دولة متقدمة، قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل.
وأوضح أن هذا العام شهد انطلاق المرحلة الثانية من رؤية قطر الوطنية للتنمية الشاملة، مشيرا إلى أن استراتيجية التنمية الوطنية الثانية للفترة 2017 - 2022 حرصت على وضع أهداف قابلة للقياس، عن طريق البرامج والمشاريع والمبادرات التي تقوم بها ثمانية فرق وطنية في شتى مجالات الأهداف الإنمائية، مبينا أن العديد من هذه الفرق حرصت على مواءمة الهدفين السادس والسابع من أهداف التنمية المستدامة، وذلك من حيث أهداف الاستراتيجية والنتائج الوسيطة التي يتم قياسها بشكل دوري.
ونوه في هذا الصدد إلى أن قطاع الموارد الطبيعية على سبيل المثال، يحرص على إنشاء الإدارة المتكاملة للماء والكهرباء بنهاية عام 2018، لتحقيق موارد طاقة مستدامة ومتنوعة في دولة قطر، بالإضافة إلى تحسين كفاءة استخدام المياه في القطاع المنزلي والصناعي والإنشائي، لتحقيق موارد مياه مستدامة ومتنوعة في البلاد، والعديد من الأهداف والبرامج الأخرى التي تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
ولفت سعادته إلى أن الأمن المائي يعد تحديا كبيرا لدولة قطر، مشيرا في هذا الخصوص إلى تضاعف النمو السكاني بالدولة ثلاث مرات بين عامي 2004 و2014، ما زاد الطلب على المياه بنسبة 10 بالمائة سنويا، في حين يستهلك الفرد من سكان قطر 675 لترا يوميا من المياه، أي ما يعادل ضعف متوسط الاستهلاك في الاتحاد الأوروبي.
وقال إن لدولة قطر مبادرات عديدة لمواجهة مثل هذه التحديات، ومن ذلك على سبيل المثال إطلاق المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء «كهرماء» عام 2012 برنامجا لترشيد المياه والكهرباء والحفاظ عليهما مع خطط للحد من استهلاك المياه في البلاد بنسبة 35 بالمائة في غضون خمس سنوات.
كما تم إطلاق الاستراتيجية البحثية للأمن المائي بهدف تقليل استهلاك الطاقة وتحلية المياه بنسبة 40 في المائة، وزيادة جودة المياه وإعادة استخدامها بنسبة 30 بالمائة، فضلا القيام بمبادرات شراكة مع كيانات دولية ودول ذات أهداف ومصالح بحثية مشتركة مع دولة قطر.
التعاون الدولي
ونوه سعادة السفير طارق بن علي فرج الأنصاري، مدير إدارة التعاون الدولي بوزارة الخارجية بأن تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي وبيئي مستدام وشامل يتطلب حشد الوسائل اللازمة وتعزيز تعاون دولي فعال من خلال شراكة حقيقية كما حددها الهدف الإنمائي السابع عشر، وهي شراكة عالمية تستند إلى روح التضامن العالمي وإشراك الحكومات ومنظمات المجتمع المدني وأفراد المجتمع في هذا المسعى، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.
وقال إنه التزاما من دولة قطر المستمر بدعم الجهود الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تم تعزيز نطاق التعاون الدولي لاستراتيجية التنمية الوطنية الثانية، حيث أصبح التعاون الدولي لأول مرة من القطاعات الثمانية الأساسية ضمن الاستراتيجية لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030.. وقال إنه من هذا المنطلق واتساقا مع غايات أهداف التنمية المستدامة 2030، تبلورت هذه الاستراتيجية لتعزز دور التعاون الدولي لضمان مواءمة فعالة بين رؤية قطر الوطنية وأهداف التنمية المستدامة.
وأوضح أن دولة قطر ورغم أنها من دول الجنوب، تقوم طوعا بمساعدات إنمائية للبلدان الصديقة لأجل إقامة مشروعات تنموية فاقت 0.7 بالمائة، ولا تقل عنها المساعدات الإغاثية التي تقدمها الدولة في حالات الكوارث الطبيعية أو من صنع البشر، في شكل مساعدات حكومية وأخرى عبر منظمات المجتمع المدني، موضحا أن هذه المساعدات تشمل مجال البنية التحتية ومنها إقامة محطات توليد الطاقة والمياه سواء في الدول الصديقة النامية ذات الدخل المنخفض أو تلك التي تمر بصراعات أو نزاعات.
ولفت في سياق ذي صلة، إلى مشاركة دولة قطر على سبيل المثال في مؤتمر المياه العالمي الذي نظمته جمهورية طاجيكستان بالتعاون مع الأمم المتحدة العام الماضي والذي ركز على سبل توفير المياه النظيفة والصرف الصحي لكافة الدول.
من ناحية أخرى ذكر سعادة السفير الأنصاري في تصريح للصحفيين بعد الحلقة النقاشية أن دولة قطر قد استفادت كثيرا من الدروس والنجاحات التي حققتها المرحلة الأولى من استراتيجيتها الوطنية للفترة من 2011 - 2016، لتبدأ المرحلة الثانية عام 2017 إلى عام 2022، ومن ثم تستمر هذه المراحل حتى 2030 لتحقيق التنمية المستدامة بشكل راق جدا في البلاد.
وقال إن لدى الدولة ثماني استراتيجيات قطاعية تقوم بتنفيذ الاستراتيجية المؤدية للرؤية الوطنية، مشيرا في سياق متصل إلى استراتيجية التعاون الدولي التي بدأت عام 2016، وتقودها وزارة الخارجية من خلال الفريق الوطني المعني بالتعاون الدولي لجلب الخبرة وتحقيق المعايير الدولية للأهداف الإنمائية الـ 17 للأمم المتحدة، والتأكد في الوقت نفسه من أن خطط دولة قطر الوطنية تتماشى معها، بل وتتعداها.
وقال إن من أهداف استراتيجية التعاون الدولي كذلك إفادة جميع الوزارات ومن ضمنها وزارة التخطيط التنموي والإحصاء التي تشرف على الخطة الوطنية من خلال جلب المعايير العالمية والأممية لمسيرة التنمية في البلاد.
وأشار إلى الدور الكبير لاستراتيجية التعاون الدولي في تعزيز علاقات قطر الدولية وحماية مكتسباتها خلال الحصار وتجنب آثاره، مؤكدا أن استراتيجية التعاون الدولي عملية مستمرة وسقف التطلعات في إطارها لا يعرف التوقف، من حيث التعاطي مع التحديات الناشئة والجديدة والمتغيرات السياسية الدولية، لحماية المكتسبات الوطنية، كما أنه لا يمكن تحقيق تنمية داخلية من غير سياسة تعاون دولي واضحة تتعاطى مع التحديات ومع العالم الخارجي وتضمن مصالح دولة قطر.
copy short url   نسخ
20/11/2017
2012