+ A
A -
وضعت دول الحصار منذ الوهلة الأولى خطة ممنهجة للنيل من الاقتصاد القطري وعملتها، حيث لجأت إلى شن حرب على الريال لإضعافه والتشكيك في قدرته على الصمود في مواجهة تداعيات الحصار، ولكنها لم تفلح في ذلك بفضل القدرات العالية التي تتمتع بها قطر، واليقضة لمصرف قطر المركزي الذي يراقب الأسواق عن كثب الى جانب وزارة المالية أيضاً.وركزت دول الحصار على إنهاك الريال عبر زيادة الضغوط على البنوك وتهديداتها بسحب الودائع، بالإضافة إلى التضييق التجاري على الشركات القطرية التي تتعامل في مجال الاستيراد والتصدير، إلا أن تلك المؤامرات تم إحباطها من خلال التحركات القطرية على الصعيدين الاستثماري والتجاري والدور الكبير الذي لعبه مصرف قطر المركزي من جانب وجهاز قطر للاستثمار من جانب آخر.

وأجمع الخبراء على أنه رغم التراجع الحاد فى أسعار النفط من جانب وضغوط الحصار من جانب آخر، إلا أن الريال شهد استقراراً في مقابل الدولار، مؤكدين أن إجراءات قطر فيما يتعلق بضبط الاستيراد زادت من قوة الريال القطري وحصنته، الأمر الذي لعب دوراً كبيراً في الحفاظ على معدلات النمو وإعطاء دفعة جديدة للاقتصاد.
وأضافوا أن عدم رضوخ قطر لمطالبهم وإظهار قوتها الاقتصادية أجبرهم على اللجوء إلى الممارسات غير المشروعة وتوجيه أسلحتهم نحو العملة القطرية، لإضعافها وإلحاق الضرر الاقصادي بالاقتصاد القطري والشعب، مشيرين إلى أن التحركات السريعة لقطر تجارياً واستثمارياً، رجحت كفتها في حرب العملات التي شنتها دول الحصار.
الدكتور رجب الإسماعيل الأستاذ بكلية الإدارة والاقتصاد بجامعة قطر أكد أنه أصبح واضحاً للقاصي والداني أن دول الحصار لم تترك أي جريمة اقتصادية ضد قطر وشعبها، إلا وارتكبتها، بدءاً من إغلاق المنافذ البرية والجوية، ومروراً بالتعدي على استثمارات القطريين في دول الرباعية وحتى حرب العملة التي شنتها والتي تم الكشف عن تفاصيلها مؤخرا، لافتاً إلى أنه فور حدوث الأزمة تخيلت دول الحصار أن قطر ستهتز نتيجة عنصر المفاجأة، إلا أن المرونة التي اتبعتها قطر في سياستها حالت دون ذلك.
‎وتابع: إن قوة الريال القطري أظهرت مدى استقرار الدولة إضافة إلى قوانين الاستثمار الجاذبة لكبرى الشركات الأجنبية، والتحسن الكبير في أداء المؤسسات المصرفية والمالية، خلال السنوات الأخيرة وقدرتها العالية على مجابهة أي أخطار مالية، مشيراً إلى أن تلك القوة ظهرت في عدم رضوخ الريال القطري للضغوط التي مارستها عليه مصارف دول الحصار، حيث اتبعت قطر خططاً بديلة لمواجهة قطع المجال البري والجوي والبحري وقطع التعاملات وما تبع ذلك من إجراءات حافظت على الاستقرار في سعر العملة من جانب ومنع أي تأثر للمواطنين والمقيمين داخل قطر من جانب آخر.
ولفت الإسماعيل إلى أن المحور الأهم الذي نجحت قطر في التركيز عليه لمنع أي تأثير على الريال يتمثل في القطاع التجاري، خاصة الواردات، في ظل الحصار، حيث نجحت قطر على مدار الشهرين الماضيين وبعد ساعات من فرض الصار في توفير مختلف المواد الغذائية والمستلزمات اليومية بشكل كامل، كما تعاقدت مع موردين جدد، مستفيدة من الخدمات والإمكانيات الكبيرة لميناء حمد الدولي.
وجاءت الوثائق التي أعلن موقع «إنترسبت» الاستقصائي لتكشف مدى المؤامرة التي حاكتها تلك الدول على قطر، حيث إن الوثائق التي تم تسريبها من بريد سفير الإمارات بالولايات المتحدة يوسف العتيبة أثبتت عزم بلاده شن هجوم على النظام المالي في قطر ومحاولة سرقة استضافتها كأس العالم 2022.
ووفق الموقع، فإن الحرب الاقتصادية ضد قطر شملت هجوما على العملة الوطنية (الريال القطري) باستخدام أساليب للتلاعب بـ«السندات» والمشتقات المالية، وزيادة ديون قطر عبر التحكم في منحنى العائدات وتقرير مستقبلها.
وأكد وزير المالية علي شريف العمادي أنه يجري التأكد، مما ورد في تسريبات السفير الإماراتي في الولايات المتحدة بشأن محاولات إضعاف الريال القطري، وسحب تنظيم كأس العالم من قطر.
وأكد الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني، مدير مكتب الاتصال الحكومي أن منظمة مالية دولية مملوكة جزئياً من مستثمرين إماراتيين، أُعطيت توجيهات بوقف التداول بالريال القطري في أوروبا وآسيا، مضيفاً: «إذا تبيّن أن هذه الحرب المالية صحيحة، فإنها مشينة وخطيرة، ليس فقط للاقتصاد القطري، بل للاقتصاد الدولي».
وأشار إلى أن أجهزة الدولة تجري تحقيقاً، تتعاون فيه مع الجهات المعنيّة بإنفاذ القانون في النطاقات القضائية المعنيّة.
الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، أكد أن الاحتياطيات الكبيرة التي تتمتع بها قطر جنبتها حدوث أي تأثير في عملتها، خلال فترات زيادة الطلب على العملة، يضاف إلى ذلك الأصول السائلة الخارجية المملوكة للحكومة، مما ساعد الاقتصاد القطري والعملة على تجاوز من الأزمة بنجاح.
وأضاف الولي أنّ ربط العملة القطرية بالدولار يعدُّ أحد أبرز مقومات استقرار العملة القطرية، فبالرغم من أن الضغط على الريال غير مسبوق نتيجة الإجراءات التعسفية التي اتخذتها دول الحصار لتقويض قطر، إلا أنه بقي صامداً في وجهها، مشيراً إلى أن السياسة الناجحة التي اتبعها البنك المركزي القطري والمرونة في أسواق الصرف حصنت الريال من أي تأثيرات.
وأكد أن صمود العملة يعد انعكاسا طبيعيا لثقة سوق الصرف الدولية في العملة القطرية المحمية بمراكز نقد أجنبية سخية، كوّنتها قطر على مدار العقود الماضية، بفضل فوائضها المالية واستثماراتها الضخمة التي يديرها صندوق قطر السيادي، مشيراً إلى أن حرب العملات باتت إحدى الوسائل الخبيثة التي تتبعها دول بعينها لتحقيق أهداف غير مشروعة.
وفي تقريرها عن الوضع الاقتصادي في قطر في وقت سابق قالت وكالة «رويترز» إن قطر تمتلك إمكانيات كبيرة للدفاع عن عملتها لسنوات، وأن أي أحاديث عن وجود آثار سلبية للحصار على العملة القطرية أمر مستبعد تماماً.
وفي سياق متصل أكد الخبير الاقتصادي بشير الكحلوت أن النظام المالي في الدولة عكس مدى قوة الاقتصاد وأنشطته المختلفة، مما يساعده في مقاومة أي تغييرات اقتصادية على صعيد النظام العالمي من جانب والصعيد الداخلي خاصة العملة من جانب آخر، مشيراً إلى أن تلك القوة ظهرت بشكل كبير خلال العامين الماضيين بشكل عام منذ بدء الانخفاضات في أسعار النفط، وعقب فور الحصار على وجه الخصوص حيث ظل الاقتصاد القطري والريال صامدين.
وأضاف الكحلوت أن التحرك نحو تقوية الريال القطري أمام العملات الأخرى مثل الجنيه الإسترليني واليورو والذي بدأته قطر منذ إطلاقها رؤية 2030 عام 2008، ساعد قطر في جلب الاستثمارات الأجنبية من الدول التي تتعامل بهذه العملات، وحمى الريال من أي مؤامرات عليه، لافتاً إلى أن إصرار الحكومة على ربط الريال بالدولار أثبت صحته على مدار الفترة الماضية.
وأشاد الكحلوت بالتشريعات النقدية التي اتبعتها قطر، والتي كانت فعالة في تعزيز السياسة المالية الحكومية خلال التحديات التي واجهتنا منذ فرض الحصار، موضحاً أن المستهلك في قطر لم يشعر بوطأة الحصار، وذلك في ظل الإجراءات التي اتبعتها قطر في هذا الصدد وفتح آفاق استيرادية جديدة.
ولفت إلى أن قوة الريال ساهمت بشكل كبير في استقرار معدلات التضخم، والحفاظ على ثبات الأسعار، وذلك رغم ارتفاع فاتورة الاستيراد من الخارج، بسبب الحصار وغلق الإمارات والسعدية والبحرين للمنافذ الربية والجوية أمام الشحنات الواردة إلى قطر.
وقال الكحلوت إن تجاوز النفط للسعر المعتمد في الموازنة العامة للدولة بأكثر من 16 دولارًا للبرميل، أو بما نسبته 37 %، يعتبر تطورًا إيجابيًا، ويدعم الاقتصاد القطري، ويزيد من قدرته على مواجهة تحديات الحصار، مشيراً إلى أنه في حين أن تلك الخطوة توفر فائضاً للموازنة العامة، فإنها تزيد أيضاً من قدرة الحكومة على تبني المزيد من المشاريع الإنمائية في موازنتها العامة لعام 2018، فإنه يزيد من مناعة الجهاز المصرفي القطري، ويعزز من استقرار سعر صرف الريال القطري في مواجهة الضغوطات الخارجية.
copy short url   نسخ
20/11/2017
4555