+ A
A -
منذ أن أقر البرلمان الفرنسي قانون مكافحة الإرهاب، منتصف شهر أكتوبر، تفاقم الجدل حوله لما تسببها التداعيات التمييزية لهذا القانون ضد بعض الفئات في المجتمع الفرنسي كالمسلمين، فضلًا عن المساس بالحريات وحقوق الإنسان في فرنسا، الأمر الذي تسبب في زيادة المعارضة من قِبل اليسار والمنظمات الحقوقية التي اعتبرت هذا القانون بمثابة بداية لإطلاق يد الدولة على حساب الحريات، فيما يراه البعض الآخر ضرورة ملحة؛ لمواجهة الأخطار الإرهابية المحتملة، لاسيما عقب سلسلة العمليات الإرهابية التي تعرضت لها البلاد خلال العامين الماضيين، مما حدا برأس السلطة آنذاك، أن يفرض حالة الطوارئ التي استمرت حتى إقرار هذا القانون.
وقال منونتيه أندريه، مدير مؤسسة «ليبيرت لاجيستيس» لحقوق الإنسان بباريس لـ الوطن، أن النواب الفرنسيون قد صادقوا على مشروع هذا القانون بأغلبية ساحقة 415 صوتا مقابل 127، في حين امتنع 19 نائبا، وذلك عقب مداولات مكثفة في البرلمان على مدى أسابيع، حتى يجعل عدة إجراءات فرضت بعد اعتداءات باريس وضمنها قوانين الطوارئ الدائمة، إذ شهدت فرنسا سلسلة اعتداءات منذ 2015 نفذها متطرفون إسلاميون خلفت أكثر من 230 قتيلًا، وبالرغم من أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد أعلن في خطاب مهم حول الأمن أن النص التسوية الذي توصل إليه البرلمانيون يفترض أن يتيح للسلطات مكافحة الإرهاب من دون «التخلي عن قيمنا ومبادئنا»، إلاّ أن هذه التطمينات لم تلقَ ترحيبًا من قِبل البعض لاسيما بعض القانونيين الذين يرون أن هذا القانون غير فعال ويضيق على الحريات؛ نظرًا لأنه يحتوي على بعض الأحكام المعمول بها في حالة الطوارئ، وعلى وجه الخصوص الإجراءات المتعلقة بعمليات التفتيش، وفرض الإقامة الجبرية على المشتبه بهم، ومراقبة الأفراد الذين يشكلون تهديدا للأمن، كما تزيد بموجب هذا القانون السلطة الإدارية على حساب سلطة القضاء.
وأضاف أندريه، أنه بحسب النص الذي تم إقراره فإن تدابير المراقبة والإشراف المتعلقة بالأفراد أو زيارات السكن والمضبوطات ستكون تجريبية وينتهي العمل بها بحلول 31 ديسمبر 2020، وهو ما يذكّر بسلطات الشرطة الاستثنائية في فرنسا بفترة الطوارئ التي عاشتها البلاد في خمسينات القرن الماضي أثناء حرب الجزائر، تلك الفترة التي كانت أسوأ في تاريخ فرنسا من ناحية تقييد الحريات وظهور التمييز بشكل كبير للغاية، وكانت الأمم المتحدة متمثلة في مقررها التابع لها ميشال فورست، قد حذر من أن القوانين التي تناقشها الجمعية العامة الفرنسية قد تذهب إلى فرض حالة طوارئ دائمة من خلال منح رجال الشرطة سلطات خاصة دون الرجوع إلى مراقبة القضاة والنظام القضائي، بالإضافة إلى أنه يعتمد على تعريف واسع للإرهاب على نحو يؤدي إلى بث أجواء خوف من شأنها إباحة استخدام سلطات الطوارئ بطرق اعتباطية.
وأشار شارل تورنيه، أستاذ القانون بجامعة «باريس»، إلى أنه بالرغم من أن الأصوات الرافضة لهذا القانون تزداد يومًا عن الآخر في فرنسا، إلا أن استطلاع للرأي أجري مؤخرًا، أظهر أن 57 % من الفرنسيين، يدعمون القانون الجديد، على الرغم من أن 62 % منهم، يرون أن من شأنه التأثير سلبا على الحريات في بلادهم.
ويمثل الرأي المرحب بهذا القانون بعض المراقبين الفرنسيين، الذين برروا ذلك بأن الرئيس ماكرون الذي انتخب إثر معركة حادة ضد زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان يسعى لإيجاد سبيل لتخليص البلاد من حالة الطوارئ الراهنة، وهذه القوانين تروم لإخراج البلاد من حالة الطوارئ دون أن يؤدي ذلك إلى إضعاف الموقف الفرنسي القانوني في مسألة مكافحة الإرهاب.
copy short url   نسخ
18/11/2017
3727