+ A
A -
«في إطار تحسين أداء وإصلاح الأجهزة الأمنية».. في فضاء هذه العبارة الفضفاضة؛ قررت السلطة الفلسطينيّة، إحالة آلاف الموظّفين العسكريين العاملين في الأجهزة الأمنيّة التي تتبع لها في قطاع غزّة، إلى التقاعد المُبكّر، دون إشعار الموظّفين أو تنبيههم للمعايير التي تمت إحالتهم لقانون التقاعد المُبكّر بناءً عليها.
ما يُقارب سبعة آلاف موظّف عسكري، برتب مختلفة، بدؤوا فعليّاً في تصويب أوضاعهم الإداريّة والماليّة في هيئة التقاعد الفلسطينيّة فرع قطاع غزّة. ووفق إفادات البعض منهم، فإنّه تمّ إحالتهم للتقاعد دون أي إشعار من السلطة، على أن يتم صرف ما مجموعه 70 في المائة من مُجمل الراتب الأساسي لكل مُتقاعد، بما يشمل العلاوات والرتب الخاصة بهم.
هيئة التقاعد -التأمين والمعاشات- في قطاع غزّة اكتظّت بمئات الموظّفين العسكريين الذين سارعوا إلى إجراء معاملات التقاعد الخاصة بهم بعد إحالتهم للتقاعد، حتّى يتسنّى لهم تلقّى رواتبهم كمُتقاعدين، خاصة وأن عددا كبيرا منهم مُلتزم بمعاملات بنكيّة كالقروض والمُرابحات، ويعتبر راتب السلطة هو الراتب الوحيد الذي يُعيل هذه الأُسر.
رئيس هيئة التقاعد، ماجد الحلو، أكّد في تصريحات سابقة أدلى بها في 25 أكتوبر الماضي، أنّه سيتم إحالة حوالي سبعة آلاف موظّف عسكري من قطاع غزّة والضفّة الغربيّة إلى التقاعد المُبكّر. لكن الأسماء التي نُشرت مؤخراً للمُحالين إلى التقاعد تُشير إلى إحالة سبعة آلاف موظّف فقط من قطاع غزّة، ليكون للقطاع نصيب الأسد من القانون الجديد. وأشار «الحلو» إلى أنه ستكون هناك مجموعات أخرى من الذين ستتم إحالتهم إلى التقاعد، مبرزاً أن عملية التقاعد تتم وفق معايير عدة، بينها السن والرتبة والرغبة، إضافة إلى دور رؤساء الأجهزة الأمنية بهذا الخصوص، مشيراً إلى أنه سيتم صرف 70 في المائة لهم من المعاش مع العلاوات الخاصة.
هذه ليست المرّة الأولى التي تُقرّر فيها السلطة الفلسطينيّة إحالة عدد من موظّفيها العسكريين في القطاع إلى التقاعد المُبكّر. في مارس الماضي؛ صادق الرئيس عبّاس، على إقرار قانون التقاعد المُبكّر للموظّفين العسكريين، على أن يتم تطبيق القانون بدءاً من راتب شهر يونيو الماضي. في حين لم يعرض الرئيس القانون الجديد على المجلس التشريعي «المُعطّل»، ولم يتم التصويت عليه.
وكانت حكومة التوافق الوطني قد أحالت في الرابع من شهر يوليو الماضي أكثر من 6 آلاف موظف لديها في قطاع غزة إلى التقاعد المبكر.
وقال الناطق باسم الحكومة، آنذاك، يوسف المحمود، إنه جرت إحالة 6145 موظفاً في القطاع المدني في قطاع غزة إلى التقاعد المبكر، مشيراً إلى أنهم سيتقاضون ما بين 50 و70 في المائة من رواتبهم الأصلية.منذ يونيو الماضي، بدأت السلطة الفلسطينيّة فعليّاً إحالة عدد من الموظّفين التابعين لمؤسّستها في قطاع غزّة إلى التقاعد المُبكّر، وبلغ إجمالي المُحالين للتقاعد حتّى الآن قُرابة 14 ألف موظّف عسكري ومدني، سبعة منهم قبل المُصالحة، وسبعة آخرون بعد، وهو ما أثار حفيظة الموظّفين المُتقاعدين، خصوصاً أن بعض القرارات اتُّخذت عقب اتفاق المصالحة في القاهرة مؤخراً بين فتح وحماس.
قيادي محسوب على ما يُعرف بـ«التيّار الإصلاحي في حركة فتح»، قال لـ الوطن إنّ الرئيس محمود عبّاس اعتمد في إحالته آلاف الموظّفين في غزّة للتقاعد على انتماءاتهم السياسيّة، وقام بفصل عدد كبير ممن يُناصرون القيادي محمد دحلان، وإحالة غيرهم إلى التقاعد، في محاولة لـ«غربلة» السلطة من أنصار دحلان.
أضاف طالباً عدم نشر اسمه: «غالبيّة الذين قام أبومازن بإحالتهم للتقاعد لا تنطبق عليهم شروط قانون التقاعد الفلسطيني، ولم يتم إشعارهم بذلك، كما أن المجلس التشريعي الفلسطيني لم يُصادق على القانون الذي سنّه عبّاس مارس الماضي، ولم يُعرض أصلاً على التشريعي؛ لذا كل هذه الخطوات غير قانونيّة وتُعكّر جو المصالحة الوطنيّة».
وفق المصدر ذاته، فإنّ مئات المُحالين إلى التقاعد، من الذين تحسبهم السلطة على ما يُعرف بتيار محمد دحلان، القيادي الذي تم فصله عام 2011 من الحركة، في حين أن غالبية الآخرين ينتمون إلى حركة فتح وبعض فصائل منظمة التحرير. وعقّب سفيان أبوزايدة، المحسوب على تيار دحلان، على ذلك قائلاً: إنه لم يفاجأ من تنفيذ القرار في ظل أجواء المصالحة، مشيراً إلى أن هذا القرار اتُّخذ منذ سنوات وتم الإعداد له بعناية.
ويعمل حوالي 65 ألف موظّف عسكري في الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة في شقّي الوطن، الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، 32 ألفا منهم في الضفّة الغربيّة، فيما يعمل حوالي 33 ألفا في قطاع غزّة، إضافة إلى 25 ألف موظّف مدني في القطاع. ويعرب موظّفو قطاع غزّة عن رفضهم لهذا القانون الذي اعتبروه «مُجحفا»، لاسيّما وأن القرار يستهدف موظّفي قطاع غزّة بالدرجة الأولى دوناً عن موظّفي الضفّة الغربيّة.
الموظّف العسكري في جهاز الأمن الوقائي، «أشرف ج»، أكّد لـ الوطن أنّ الرئيس عباس يتبنّى توجّهاً للتضييق على موظّفي قطاع غزّة، ومحاصرتهم في رواتبهم، مشدداً على أنّ قانون التقاعد المبكر يتنافى مع لوائح وقوانين التعيين في السلطة الفلسطينيّة.
copy short url   نسخ
18/11/2017
4539