+ A
A -
الدوحة-قنا- أكد سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني مدير مكتب الاتصال الحكومي مجددا، امس، أن الحصار الجائر المفروض على دولة قطر تم بناؤه على بيانات صحفية مزيفة، بما في ذلك اختراق لوكالة الأنباء القطرية، حيث نسبت تصريحات كاذبة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «لم يدل بها أبدا».
وقال سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني، في مقابلة مع صحيفة «إل باييس» الإسبانية، «إن الذين فبركوا هذه التصريحات نشروها عمدا بعد منتصف الليل في الساعة 12:15 صباحا، حتى لا يكون هناك وقت للرد قبل وقت متأخر من فترة الصباح».. مضيفا أن دولة قطر، رغم ذلك، أحبطت خطتهم ونشرت بيانا من مكتب الاتصال الحكومي في حدود الساعة 1:00 صباحا، يوضح أن وكالة الأنباء تعرضت لاختراق من أجل نشر بيان صحفي مزيف.
وشدد سعادته على أن الهدف من وراء هذا الحصار واضح للغاية، وهو قمع استقلالية السياسة الخارجية لدولة قطر.. لافتا إلى أن دول الحصار تريد سلب قطر استقلاليتها وسيادتها وإغلاق وسائل الإعلام الحرة والسبب وراء ذلك هو وجود اختلافات في الرأي، إلا أن تصريحات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى كانت أبلغ رد عليهم، حين قال مؤخرا «ليس هناك شيء أكثر أهمية من كرامتنا وسيادتنا واستقلاليتنا».
وأشار إلى انه قبل اندلاع الأزمة بعدة أيام، كانت دولة قطر حاضرة في الرياض للمشاركة في اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي، ولم تشر أي من دول الحصار آنذاك لأي قضية محل خلاف مع دولة قطر.
وبسؤاله عما إذا كانت حملة الأخبار المزيفة والمدبرة مازالت قائمة ضد دولة قطر، قال سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني «نعم، مازالت قائمة» لقد اختاروا أداة طالما كانت تستخدم في هذا الجزء من العالم، ولكن ليس بمثل هذا التركيز في دول مجلس التعاون الخليجي. إنهم يستخدمون جيوشا على موقع «تويتر» ومواقع إلكترونية يديرونها لنشر أخبار مزيفة، وهناك شبكات مثل «العربية» و«سكاي نيوز العربية» أصبحت مثل الوزارات أكثر منها منافذ إعلامية». وأضاف «ان الهدف من هذه القنوات أن تصبح أداة لدفع وسائل الإعلام الغربية إلى تناول ونشر هذه الأخبار المزيفة، والمشكلة مع استراتيجيتهم هذه هي أنهم لا يأخذون في حسبانهم حالة الوعي العام وتنوع مصادر الأخبار المتاحة اليوم في جميع أنحاء العالم».
وفيما يتعلق بمطلب إغلاق شبكة الجزيرة من قبل دول الحصار، نوه مدير مكتب الاتصال الحكومي بأن قناة الجزيرة، كما قال حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى في أحدث حوار له، سيتم الاعتراف بفضلها دوما حتى لو بعد 50 أو 60 أو 70 عاما من الآن، لأنها أوجدت فكرة جديدة عن حرية التعبير في هذا الجزء من العالم، وجعلت الصوت العربي ينبع من العالم العربي ومن الشعب العربي نفسه.
وأشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يطلبون فيها إغلاق قناة الجزيرة ولا يعتقد أنها ستكون الأخيرة.. معتبرا أن دول الحصار «يحرجون أنفسهم ومجلس التعاون الخليجي بمثل هذه المطالب، وغيرها من المطالب الطفولية».
وأكد مجددا أن هذه الأزمة برمتها هي بسبب اختلافات في الرأي، موضحا أنه على الرغم من تشارك الجميع نفس الثقافة والعادات والتقاليد والدين، إلا أن دولة قطر كان لها رأي يختلف مع آراء ووجهات نظر دول الحصار في مواضيع عديدة، منها على سبيل المثال ثورات الربيع العربي ومواضيع إقليمية مختلفة أخرى.
وقال سعادته إن دولة قطر «لا تؤمن بالعنف، ولا تعتقد أنه حل لأي شيء، وهذا هو سبب مساندتنا للشعوب ومطالبهم خلال ثورات الربيع العربي، وكل ما كانوا يطلبونه ببساطة هو التمتع بالكرامة والاحترام والحقوق».. وأضاف «أعتقد أنه الآن، في القرن الـ 21، لا يمكنك التعامل مع هذه المطالب والأمور أو التصدي لها عبر استخدام العنف أو اعتقال الناس، ولذا فقد دعمنا الشعوب.. ولكن يبدو أن دول الحصار دعمت الطرف الآخر، وهو أمر ليس بمشكلة لنا، فنحن لا نملي اختياراتنا على الآخرين، لقد اخترنا ان نكون دولة ذات مبدأ تحترم القانون الدولي، ونعتقد أن المنطقة يمكنها أن تصل لأقصى إمكاناتها من خلال الاستثمار في الشعوب والسماح لهم برسم وتشكيل بلدانهم».
وفيما يتعلق بانضمام مصر إلى دول الحصار، قال سعادة مدير مكتب الاتصال الحكومي «نحن لطالما دعمنا الشعب المصري، ونحن لا ندعم أفرادا، وقطعا نحن لا ندعم أحزابا سياسية، البعض يقول إننا دعمنا الإخوان المسلمين، لكننا لم ندعم أبدا الاخوان المسلمين، نحن دعمنا الشعب المصري بينما كان الإخوان المسلمون في الحكومة، ودعمنا الشعب المصري قبل أن يكونوا في الحكومة، وأيضا بعد رحيلهم من الحكومة».
وأضاف «سأعطيك مثالا، لقد أرسلنا خمس شحنات من الغاز لمصر بدون مقابل، آخر شحنة منها وصلت قبل نهاية عام 2016، لذا فإن هم قالوا إن لدينا مشكلة مع مصر، نحن نقول لا ليست لنا مشكلة معها».. مشيرا إلى أن التساؤل بشأن سبب انضمام مصر لهذا الحصار يجب أن يوجه لمصر وليس لدولة قطر.
ونوه بأن هناك مجتمعا كبيرا جدا من المواطنين المصريين في دولة قطر، يصل تعداده لنحو 200 ألف مواطن، وهم يعاملون بنفس المعاملة التي يعامل بها جميع المغتربين الآخرين في قطر، ويتمتعون بنفس الاحترام والكرامة مثلهم مثل أي شخص آخر يعيش في دولة قطر.
وفيما يتعلق بأوضاع العمال المغتربين في قطر، قال سعادته إن دولة قطر قامت بتطوير العديد من قوانين الحماية للعمال الأجانب في السنوات الثلاث الماضية، وأنها انصتت للانتقادات وسارعت في خطى تغيير القوانين.
وأشار إلى انه في عام 2008، أطلق سمو الأمير برنامجا يدعى «رؤية 2030» يتضمن جانبا اجتماعيا وهو توفير معيار أفضل وأعلى من الحياة لكل من المواطنين والمغتربين وكل من يعيشون في دولة قطر، وضمان الحفاظ على حقوقهم وكرامتهم واحترامهم.
وأضاف إن من فوائد حصول قطر على شرف تنظيم كأس العالم 2022 هو تسريع عجلة التغيير، وهو أمر إيجابي بذلت ومازالت تبذل من أجله جهودا هائلة، حتى أصبح لدى دولة قطر اليوم نظام متطور للغاية ومازال السعي جاريا لمزيد من التطوير للأفضل. كما نوه سعادته بأن دولة قطر فتحت أبوابها للوكالات والمنظمات غير الحكومية التي تتمتع بالخبرات في هذه المجالات، وأن التفاعل معهم ساعد كثيرا في تطوير القوانين والإجراءات القطرية.. موجها الشكر لهم.
وردا على حملة دول الحصار الموجهة ضد تنظيم كأس العالم 2022، قال سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني إن دول الحصار أطلقت تصريحات في الأسابيع الأخيرة تدعو الدوحة للتخلي عن تنظيم كأس العالم في مقابل إنهاء الحصار.. مشيرا سعادته إلى أن الأزمة نشبت بناء على تصريحات مفبركة، ثم تطورت لتركز على اتهامات باطلة بدعم الإرهاب، قبل أن يتضح أنها تتمحور حول تنظيم كأس العالم.
وأضاف سعادته إن قطر عملت بجد من أجل استضافة كأس العالم، حيث إن الحلم لم يأت بين ليلة وضحاها، بل بدأ العمل عليه منذ عام 1999.. لافتا إلى أن قطر قامت منذ ذلك الحين بتنظيم بطولات صغيرة، ولكنها قامت أيضا باستضافة دورة الألعاب الآسيوية عام 2006.
وشدد سعادته على أن كأس العالم 2022 هو ملك للمنطقة بأسرها وليس لقطر فحسب، فهو الأول على الإطلاق في المنطقة العربية، كما شدد على أن استضافة دولة متعددة الثقافات وتتسم بالتسامح والانفتاح لهذا الحدث الكبير، يعد أمر إيجابيا ليس بالنسبة لها فحسب، بل بالنسبة لعالم الرياضة أجمع.
وعما إذا كان وضع المرأة المتقدم في قطر يشعر جيرانها بعدم الراحة، أفاد مدير مكتب الاتصال الحكومي بأن قطر تتحرك بشكل أسرع من دول الحصار في هذا الشأن، وأضاف أن دول الحصار تفضل أن تعلن تغييرات أشبه بدعاية العلاقات العامة، بدلا من التركيز على عمل تغييرات ذات معنى وجدوى في هذا السياق.
وقال سعادته إن قطر، على الجانب الآخر، تفضل التركيز على التغييرات الحقيقية التي تجعل من حياة المواطن والمقيم أفضل.. لافتا إلى أن النساء في قطر يحتللن العديد من المناصب الحكومية المرموقة، فضلا عن النجاحات التي تحققها الكثير من النساء في القطاع الخاص أو المجال الأكاديمي وقطاع الصحة.
كما سلط سعادته الضوء على نموذجين مضيئين للمرأة القطرية في شخص سعادة وزيرة الصحة الدكتورة حنان الكواري، التي أمضت حياتها العملية كلها في مجال الصحة. وخص سعادته بالذكر أيضا شقيقته التي عبر عن فخره بها، سعادة الشيخة علياء احمد بن سيف آل ثاني مندوب دولة قطر لدى الأمم المتحدة في نيويورك، حيث عملت سعادتها بمجال السياسة الدولية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة طوال مسيرتها المهنية.
وعن دور التعليم في مواجهة التطرف، أكد سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني أن مكافحة الإرهاب والتطرف لن تتم إلا بالتعليم. وأضاف أن قطر تركز على هذا المجال في العديد من المناطق التي تعاني من أزمات مثل سوريا.
وأبرز سعادته دور مندوبة قطر لدى الأمم المتحدة ووزارة الخارجية في دعم المشاريع التي تمنح الشباب فرصة التحصيل العلمي..مضيفا أن دولة قطر ركزت على التعليم في العقود الثلاثة الأخيرة، منذ أن بدأت في محاولة تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط في التسعينيات. ونوه بأن سمو أمير البلاد المفدى وسمو الأمير الوالد قاما بإنشاء العديد من المعاهد والكيانات التعليمية، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص على الاهتمام بمجال التعليم.
وأوضح أن الدوحة تضم العديد من المدارس المتنوعة سواء كانت عربية أو فرنسية أو إسبانية أو هندية وغيرها كثير.. مشيرا إلى أن هذا التنوع الدراسي من ناحية المدارس والمناهج الدراسية يوضح مدى تنوع وانفتاح المجتمع القطري.
وفيما يتعلق باتهامات دعم الإرهاب، أكد سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني أن دولة قطر «لا تدعم الإرهاب من قريب ولا من بعيد».. مشيرا إلى أن دول الحصار تحاول خلق حالة من الجدل بتوجيه تلك الاتهامات لقطر، ولكن دولة قطر تتعامل مع هذه الاتهامات بمعايير مبنية على أسس أخلاقية، ولا تتعامل مع دول الحصار بنفس الأسلوب، على الرغم من قدرتها على ذلك.
وأضاف سعادته أن قطر اختارت ألا تقوم بنفس الأفعال التي تقوم بها دول الحصار، لأنها دولة تسير وفق مبادئ ولا يمكنها أن تنزلق لنفس المستوى الذي وصلت إليه دول الحصار.
وأشار سعادته إلى أن شعوب هذه الدول ترتبط مع الشعب القطري بعلاقات أسرية، ولم يحدث في تاريخ دول مجلس التعاون أنه تم الخلط عمدا بين الخلافات السياسية والنسيج المجتمعي لدول المجلس، وهو ما تسبب في جرح سيستغرق سنوات وربما عقود حتى يلتئم.
ومن جهة أخرى، أكد سعادة مدير مكتب الاتصال الحكومي أن دولة قطر تتمتع بالمرونة الاقتصادية اللازمة للبحث عن مصادر أخرى لاستيراد البضائع، حيث بلغت نسبة شحن البضائع بريا قبل شهر يونيو الماضي نحو 90%، ولكن تم تشجيع القطاع الخاص للبحث عن موردين جدد، ولدى دولة قطر العلاقات الثنائية المتينة التي تمكنها من ذلك.. مضيفا أن هذا الوضع، رغم ذلك، سيكون له تأثير قوي على المدى الطويل على دول مجلس التعاون والمنطقة بشكل عام.
واستنكر سعادته الأخبار المزيفة التي تبثها دول الحصار حول معاناة الاقتصاد القطري، مشيرا إلى أنهم «لم يذكروا أو ربما لا يفهمون طريقة عمل الاقتصاد القطري». ونوه بأن دولة قطر كانت زبونا لشركاتهم وكانت تشترى بضائعهم، وبالتالي فالخاسر هو شركاتهم التي فقدت زبونا هاما.. موضحا أن هناك اتفاقا بين دول الخليج لشراء البضائع فيما بينها لتشجيع القطاع الخاص، وفي حال تغير ذلك فإن دول الحصار تضر باقتصاداتها وبقطاعها الخاص.
وفيما يخص الوضع في اليمن، أكد سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني أن دولة قطر قلقة بشأن الوضع الإنساني في اليمن.. مشيرا إلى أنه على الجميع القلق بشأن تداعي الوضع الصحي والغذائي في البلاد.
وقال سعادته إن دولة قطر غادرت التحالف خلال الأسابيع الأولى من الأزمة بناء على طلب التحالف نفسه.. مشيرا إلى أن المشاركة القطرية في الأزمة اليمنية كانت وحسبما أوضح سعادة وزير الدولة لشؤون الدفاع في حوار قبل عدة أشهر «كانت في الجانب السعودي من الحدود لدعم الهدف الرئيسي من العملية».. موضحا أن المشاركة القطرية جاءت بناء على طلب من مجلس التعاون ونظرا للتهديدات التي يفرضها الحوثيون على دول مجلس التعاون.
واختتم سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني، مدير مكتب الاتصال الحكومي، حديثه بالتأكيد على أن دولة قطر تؤمن بأن الحوار السياسي والوساطة هما السبيل الوحيد لحل الاختلافات في الآراء، وليس العدوان.. مشيرا إلى أن هذا هو رأي دولة قطر منذ اليوم الأول لنشوب الأزمة، ومضيفا «أن الحوار هو السبيل الوحيد أيضا لتحقيق تقدم إيجابي يخدم مصالح شعوب دول مجلس التعاون الخليجي ككل ويحقق الاستقرار في المنطقة».
copy short url   نسخ
06/11/2017
1682