+ A
A -
كتب- محمد الجعبري
تعتبر مكتبة قطر الوطنية منارة علمية ونقلة كبيرة في عالم المعرفة والمعلومات في الشرق الأوسط، حيث إنها من أكبر المكتبات العالمية الحديثة التي تعتمد على استخدام التكنولوجيا في البحث وعلم الأرشفة الحديث، هذا بخلاف أنها تضم مجموعة كبيرة من الكتب والدوريات في جميع العلوم والمعرفة الإنسانية والأدب وكتب التراث العربي والإسلامي الفريدة، حيث تتعدى هذه الكتب مليون كتاب بالإضافة إلى المجموعة التراثية، والمجموعات الخاصة للأطفال واليافعين.
وتقوم مكتبة قطر الوطنية – عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع – بفتح أبوابها غدا الثلاثاء للجمهور، وذلك بعد مرور خمس سنوات على تدشينها، حيث سيصبح بإمكان كل أفراد المجتمع في قطر زيارة المبنى الجديد للمكتبة الذي يحتوي على أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا في عالم المعلومات والمكتبات، والاطلاع على ما يحويه من ذخائر الآداب والعلوم.
شراكات دولية
ومن منطلق أهميتها كأحد المراجع الثقافية والمعرفية الكبيرة، تلقت مكتبة قطر الوطنية دعوة للانضمام إلى الأعضاء الداعمين الرسميين في اتحاد المكتبات الرقمية، وهو كيان عالمي يضم تحت لوائه 185 مؤسسة يجمع بينها الالتزام ببناء المكتبات الرقمية، وتحسين إدارتها، وتطوير ممارساتها المهنية ومعاييرها التقنية.
وتأتي هذه الدعوة تقديرًا لجهود مكتبة قطر الوطنية المستمرة والتزامها الدائم برقمنة التراث والثقافة العربية من أجل حمايتهما والحفاظ عليهما. كما ستتمكن المكتبة، بفضل هذه العضوية، من العمل جنبًا إلى جنب مع كبرى المكتبات العالمية، والتعاون معها، لتبادل أفضل الممارسات، وتنفيذ استراتيجيات المكتبة المبتكرة، وترسيخ ثقافة المكتبة على المستوى المحلي في قطر.
وقد أطلقت مكتبة قطر الوطنية، بالشراكة مع المكتبة البريطانية، مكتبة قطر الرقمية، وهي بوابة إلكترونية تتيح لكافة المهتمين حول العالم إمكانية الاطلاع المفتوح والمجاني على مجموعة ضخمة من المواد الأرشيفية التاريخية والمخطوطات المحفوظة في مجموعة المكتبة البريطانية وتتعلق بتاريخ دولة قطر والمنطقة والعالم العربي بأسره.
كتب التراث
وتضم المكتبة مجموعة متميزة من الكتب، يأتي على رأسها المجموعة التراثية والتي تشمل كتباً ومجلات بلغات أوروبية عدة ومواد مطبوعة باللغة العربية يعود تاريخها إلى بدايات دخول الطباعة إلى العالم العربي وتشمل هذه المواد كتباً ودوريات ومجلات وصُحفا. كما تضم المجموعة خرائط ومُجَسَّمَات للكرة الأرضية وأدوات ومُعدات خاصة بالرحالة ومجموعة من الصور القديمة للمنطقة وشعوبها.
الجدير بالذكر أن المجموعة التراثية تحتوي على ترجمات لاتينية لبعض الكتب العربية القديمة ويعود تاريخ هذه الكتب المترجمة إلى القرن الخامس عشر الميلادي حينما بدأت الطباعة بالظهور في أوروبا، وتعتبر هذه الكتب من ضمن أندر وأثمن المواد في المجموعة.
تكنولوجيا المعرفة
وسوف يواكب افتتاح المكتبة الوطنية توفير مجموعة متنوعة من الكتب باللغتين العربية والإنجليزية، تضم أكثر الكتب مبيعاً والروايات الكلاسيكية وكتباً غير روائية. كما ستوفر المكتبة أيضاً كتباً إلكترونية وأقراصاً مدمجة (CD) وأقراص الفيديو الرقمي (DVD) وكتباً سمعية ومجلات ودوريات وغير ذلك الكثير.
وفي ما تتيح خدماتها ومرافقها الحديثة لاستخدام المجتمع من مختلف الفئات، تتطلع مكتبة قطر الوطنية للانضمام إلى مصاف أرقى المؤسسات العالمية في مجالات التعلُم والبحوث والثقافة، وأداء دور ريادي في الحفاظ على تراث قطر والمنطقة، والمساهمة في دعم التنمية البشرية من خلال التشجيع على الاستكشاف والابتكار، بما يتفق مع رؤية قطر الوطنية 2030 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
تصميم عالمي
جدير بالذكر أن المبنى المتطور، الذي صممه المعماري الهولندي رم كولهاس في قلب المدينة التعليمية، تبلغ مساحته 45 ألف متر مربع واستغرق تشييده خمس سنوات من التخطيط والتنفيذ، وهو أول مبنى جديد يتم افتتاحه لمكتبة وطنية في أي مكان بالعالم خلال الألفية الجديدة. وكانت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، قد أعلنت عن تدشين مشروع المبنى في أكتوبر 2012.
دعم الأبحاث الأكاديمية
وتعمل مكتبة قطر الوطنية على أن تكون مركزا معرفيا متكاملا يساهم في تقديم جميع الخدمات للعملية البحثية الأكاديمية والمجتمع المعرفي، حيث استضافت مكتبة قطر الوطنية، بالمشاركة مع دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، أعضاء مؤسسة قطر، ورشة تدريبية ركزت على اتجاه الإتاحة الحرة للأبحاث والدراسات الأكاديمية، والحق في استخدام وإعادة استخدام هذه النتائج حسب الحاجة، وتتيح دوريات الإتاحة الحرة نشر الأبحاث والدراسات الأكاديمية على الإنترنت دون أي قيود مالية أو فنية، وتمكن زوارها من تنزيل الأبحاث والدراسات مجانًا ونسخها واستخدامها لأغراضهم الخاصة. وقد تضمنت الورشة التدريبية، التي شارك فيها العديد من الباحثين وأمناء المكتبات والعلماء والأكاديميين والطلاب الجامعيين، محاضرتين عمليتين، كانت الأولى بعنوان «استكشاف عالم الإتاحة الحرة»، وقدمت للمشاركين سُبل تطبيق الإتاحة الحرة في أعمالهم اليومية، ونبذة عن أدواتها الأساسية. أما المحاضرة العملية الثانية، التي قدمها الدكتور الوليد الخاجة، محرر أول في دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، تحت عنوان «النشر في مواقع الإتاحة الحرة»، فسلطت الضوء على الخيارات المختلفة لنشر الأبحاث في مواقع ودوريات الإتاحة الحرة، بالإضافة إلى وسائل الدعم والتمويل المتاحة في دولة قطر لنشر الأبحاث في دوريات ومواقع الإتاحة الحرة.
يأتي ذلك من منطلق حرص مكتبة قطر الوطنية على دعم الإتاحة الحرة للمعرفة والأبحاث، وقد أنشأت صندوقًا لتمويلها من أجل نشر البحوث والدراسات التي يقوم بها العلماء والباحثون في قطر في دوريات متميزة للإتاحة الحرة. وتتضمن المجموعة الضخمة من المصادر وقواعد البيانات الإلكترونية في مكتبة قطر الوطنية دوريات مرموقة للإتاحة الحرة، مثل دي أو إيه جي DOAJ وبي إل أو إس PLOS وبيوميد سنترال BIOMED CENTRAL..
مركز الرقمنة
وفي إطار حرصها على رقمنة المواد التراثية والتاريخية، أنشأت مكتبة قطر الوطنية مركز الرقمنة، الذي يتكون من مختبر واستوديو مجهزين بأحدث المعدات والآلات المتطورة في مجال الرقمنة. ويسعى هذا المركز إلى رقمنة كل مواد المجموعة التراثية وإتاحتها ونشرها عبر البوابة الإلكترونية لمكتبة قطر الرقمية. وتشمل المواد المُرقمنة الكتب النادرة والصور الفوتوغرافية القديمة والخرائط التاريخية والمخطوطات، وغير ذلك الكثير.
ومن أهم أقسام المبنى التي يتوقع أن تحظى بإقبال هائل من فئات المجتمع، مكتبة الأطفال، التي وضعت في قسم منفصل في المكتبة يضم أكثر من 150 ألف كتاب باللغة العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية ولغات أخرى عديدة. ولا تقتصر خدمات مكتبة الأطفال على الكتب فحسب، بل تنظم أيضًا برامج وورشًا لمهارات التعليم المبكر لمساعدة أولياء الأمور على صقل مهارات القراءة لدى صغارهم منذ نعومة أظفارهم، كما يوجد بالمكتبة العديد من الدمى التعليمية ومواد الفنون والأعمال اليدوية، وبرامج متطورة للتعلم التفاعلي، والأهم من كل ذلك دعم ورعاية فريق متميز من أمناء المكتبة المؤهلين.
قسم للأطفال
ولم تنس المكتبة اهتمامات الناشئة واليافعين من سن 13 إلى 18 عامًا، فخصصت لهم مجموعة اليافعين التي تحتوي على أكثر من 30 ألف كتاب ومجلة وقصة مصورة، بالإضافة إلى الحواسيب وأدوات التعلم التفاعلية، ومنطقة للفعاليات مُصمّمة خصيصًا لهم، كما تضم مجوعة اليافعين مئات الكتب والمراجع التعليمية، سواء لمرحلة الثانوية أو الدراسة الجامعية.
تضم المكتبة العديد من أماكن الاطلاع والدراسة الفردية والجماعية، ومختبرين لأجهزة الحاسب، ومركزا لمهارات الكتابة، كما توفر لعشاق الموسيقى والإنتاج الصوتي والمرئي محطة الإبداع التي تحتوي على مجموعة كبيرة من المعدات المتطورة مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد وآلات العزف الموسيقي، بالإضافة إلى معدات إنتاج وتحرير الوسائط الصوتية والمرئية.
مبنى المكتبة مجهز بالكامل لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة، وبه العديد من الابتكارات الهندسية والتكنولوجية الفريدة، مثل نظام الفرز الآلي للكتب، وثلاثة خطوط من نظام ناقل الأفراد، والعديد من شاشات الوسائط التفاعلية، ومحطات استعارة الكتب وإرجاعها تلقائيًا، مما يسهل استعارة الكتب على الزائرين من أعضاء المكتبة.
بعد افتتاح أبواب المكتبة، سيصبح بمقدور الأعضاء الحاليين المشتركين في المصادر الإلكترونية الحصول على بطاقات العضوية التي تمكنهم من الاستعارة واستخدام العديد من مرافق المكتبة، أما الذين لم يسجلوا أنفسهم بعد كأعضاء في المكتبة، فيمكنهم التسجيل والحصول على بطاقة العضوية باتباع إرشادات التسجيل على موقع المكتبة أو زيارة المكتبة وتقديم بطاقات الهوية القطرية للموظفين المعنيين.
copy short url   نسخ
06/11/2017
14054