+ A
A -
الدوحة - الوطن
اختُتمت أعمال ندوة «المسيحيون العرب في المشرق العربي الكبير: عوامل البقاء والهجرة والتهجير» التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وقد التأمت جلسات الندوة يومَي السبت والأحد (21-22 أكتوبر 2017).
وشارك في الندوة مجموعة من الباحثين العرب والمختصين في موضوع العرب المسيحيين،. وناقشت جلسات اليوم الختامي محاور أكاديمية حول الواقع التاريخي والاجتماعي للمسيحيين في المشرق العربي الكبير، والأسباب الاقتصادية والسياسية لهجرتهم إلى الدول الأخرى.
المسألة المسيحية في العراق بعد سقوط الموصل
تطرّق الباحث يحيى الكبيسي في الجلسة الاكاديمية الأولى من أعمال اليوم الثاني من الندوة إلى ديموغرافيا المسيحية في العراق بين الواقع والتسييس، حيث كانت الأقليات الطائفية الأكثر استهدافًا في عملية التهجير القسري، إذ اضطر المسيحيون على اختلاف طوائفهم إلى النزوح والهجرة غير مرة نتيجة استهدافهم بوصفهم أقليات دينية من جهة، أو استخدامهم كأوراق سياسية في الصراع بين الجماعات الطائفية الرئيسيّة في العراق.
فقد بلغ عدد المسيحيين في العراق على اختلاف طوائفهم في إحصاء عام 1947 ما يقارب 149 ألف نسمة، وارتفع في عام 1957 إلى أكثر من 206 آلاف، وارتفع هذا الرقم في عام 1977 إلى 256 ألف نسمة بنسبة نمو تقريبية تقدر بـ 2.14 %. في المائة. وبالاستناد إلى نسبة النمو أعلاه المذكورة، فإنّ التوقعات لأعداد العراقيين المسيحيين في عام 2003 تضعهم في حدود 600 ألف نسمة، ويبين هذا الرقم إذا ما تمت مقارنته بأعداد العراقيين المسيحيين في الوقت الراهن عن وجود هجرة عارمة للعراقيين المسيحيين نحو الخارج.
في مستهل الجلسة الثانية، أكد حبيب افرام، رئيس الرابطة السريانية في لبنان، في مداخلته على أنّ المسيحية مشرقية بالأساس وليست غربية، ولا يجب بحسب رأيه يجب ألّا يكون لها مشاريع وهمية تتعلق بالأساس باستبدال الوطن بالهجرة.
وبذلك وجب على المسيحيين العرب أن يدافعوا عن وجودهم ، بوصفهم من صلب تكوين الشرق وجزء وجزءًا من تاريخه ومستقبله، وعليهم أن يرفضوا معالجة القضية المسيحية بمنطق الأقلية والأكثرية، فالمسيحيون بحسب رأيه مواطنون قبل كل شيء.
كما ركز افرام على المسؤولية العربية والإسلامية، حيث دعا إلى توفير حلول جذرية من المفكرين والمثقفين العرب إلى ضرورة إيجاد حلول للتصدي إلى موجة الأصوليات الإلغائية التكفيرية التي تريد إنشاء دول دينية.
كما حمّل أفرام الغرب مسؤولية الوجود المسيحي من خلال زعزعة بنى الدول العربية وعن احتلال فلسطين مما أدى إلى تهجير المسيحيين والمسلمين. وقد أكد أنّ الغرب ليس لديه ما يقدمه إلى مسيحيي الشرق الذين لا يمثلون حاجة استراتيجية له بالنسبة إليه.
وفي الجلسة الأخيرة، تساءل عبد الله حنا عن أسباب هجرة مسيحيي سوريا داخليًا وخارجيًا، وقام بقراءة في دوافعها الاقتصادية. فقد أسهمت ساهمت التطورات الاقتصادية – الاجتماعية والفكرية الجارية في سوريا بعد الاستقلال في عملية دمج السكان بعضهم ببعض، وبدأت تتوضّح معالم مظاهر الدولة الحديثة، التي أقامها الانتداب الفرنسي تتوضّح معالمها وأخذت تساهم في ظهور دولة وطنية مركزية عاصمتها دمشق. وعاش المسيحيون في ظل الدولة الوطنية في منتصف القرن العشرين حالةً من السلم والامن والأمان. ولكن الظواهر السلبية، التي ظهرت في العقدين الأخيرين من القرن العشرين مع انحسار مرحلة النهوض الوطني، أدت إلى انبعاث المشاعر العشائرية والطائفية والمذهبية، وأصبحت هي المهيمنة في مستهل القرن الحادي والعشرين، مما قاد إلى اهتزاز مواقع المسيحيين وبدْء ظهور تراجع دورهم السابق.
ولاحظ الباحث أنّ نسبة هجرة سكان الأرياف المسيحيين إلى المدن أعلى من نسبة هجرة المسلمين. ويعود السبب، بحسب رأيه، إلى أنّ المسيحي المهاجر إلى المدن والمقيم في الأحياء المسيحية تختفي عنده عقدة الأقلية، التي كان يعاني منها في قريته، وتتراجع عنده عقدة الخوف من الإسلام وما يسمعه من المتقدمين في السن من دفع الجزية والطَّورقة وغيرها من المظاهر، التي زالت، ولكنها لا تزال مختزنة في الذاكرة الجمعية.
أما مداخلة سمير سعيفان فقد ركزت على تأثير مناخات الصراع في سوريا منذ مارس 2011 في هجرة المسيحيين السوريين، حيث ساهمت استراتيجيات النظام ضد الانتفاضة ومن بينها تخويف الأقليات، ومنهم المسيحيون، من الانتفاضة لدفعهم بعيدًا عنها، بالإضافةً إلى تأثير تأسلم الانتفاضة وخلق الريبة بل والخوف من المعارضة في أوساط المسيحيين، فضلًا عن دور المجموعات الجهادية وخاصة «داعش»، في زيادة خوف المسيحيين.
ومع استمرار الصراع، كانت قناعات المسيحيين تتسع كل يوم بأنّ سوريا لن تعود كما كانت. أدور وقامت برامج استقبال اللاجئين السوريين في الدول الأوروبية وكندا وأوستراليا وأستراليا بدور مهم في تشجيع المسيحيين على الهجرة. وركز الباحث سعيفان على دراسة حالة مشخصة لهجرة مسيحيين من «مدينة السقيلبية» وهي مدينة مسيحية أرثوذكسية في منطقة الغاب، وتقع على خط تلاقي مناطق السنة مع مناطق العلويين.
وتناول متري الراهب وفي ختام الجلسة الأخيرة من أعمال اليوم الثاني، في ورقته البحثية موجات الهجرة الفلسطينية المسيحية الرئيسة في النصف الأول من القرن العشرين وبالتحديد الهجرة الى دول أميركا اللاتينية بداية القرن العشرين،؛ إذ يمثّل الجيل الرابع من هؤلاء اليوم قرابة نصف مليون لاتيني أميركي من أصول مسيحية فلسطينية.
كما رأى الباحث في نكبة فلسطين عام1948 عام 1948 نكبة مسيحية بكل المعايير،. وركّز وتناول الراهب في القسم الثاني من مداخلته على واقع هجرة المسيحيين من فلسطين في السنين العشر الأخيرة من خلال تحليل نتائج الأبحاث والدراسات التي قامت بها مجموعة «ديار».
copy short url   نسخ
23/10/2017
1856