+ A
A -
مدريد- الوطن
طالب سعادة الدكتور علي بن صميخ المري، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الحكومة القطرية بمزيد من التحركات لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعلى مستوى الجمعية العامة، وصولاً إلى مجلس الأمن الدولي لرفع المظالم عن المتضررين من الحصار؛ إلى جانب اللجوء إلى آليات محكمة العدل الدولية؛ بما في ذلك أخذ رأي من محكمة العدل الدولية حول عدم مشروعية الحصار، مشيداً في الوقت ذاته بالخطوات القانونية التي اتخذتها دولة قطر لرفع الغبن عن ضحايا الحصار.
وفي ندوة نقاشية بمقر نادي الصحافة الدولي، في العاصمة الإسبانية مدريد؛ شهدت حضوراً لافتاً لممثلي وسائل الإعلام الإسبانية ومراسلي الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية، وكتاب افتتاحيات، ومقالات رأي، إلى جانب مسؤولين وأعضاء نقابات صحفية إسبانية ودولية؛ قال الدكتور علي بن صميخ المري إنه «وفقاً لتصريحات صادرة عن مسؤولين ومراقبين؛ فإن ما خططت له دول الحصار من تهديد عسكري واستهداف لقلب النظام في قطر، يعكس وجود نية مبيتة للعدوان على قطر، وتهديداً للأمن والسلم الدوليين من قبل دول الحصار.. ونحن نطالب حكومة دولة قطر بالتحرك نحو مجلس الأمن، لأن ذلك يدخل في إطار جرائم العدوان التي يعاقب عليها القانون الدولي».
وأضاف: «إن تلك المخططات لو تمت، كان من شأنها أن تنقلنا من حالة الحصار إلى التدخل العسكري، ويفاقم المآسي الإنسانية، وينقلنا من انتهاكات لحقوق الإنسان إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، دون أدنى اعتبار لمواطني ومقيمي دول مجلس التعاون الخليجي، أو مراعاة للأمن والسلم الدوليين».
وتابع قائلاً: «نحن في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان نرى أن هناك العديد من الخيارات التي يمكن لدولة قطر اتخاذها، من قبيل اللجوء إلى الجمعية العامة لحقوق الإنسان، وأخذ رأي من محكمة العدل الدولية حول عدم مشروعية الحصار؛ إلى جانب اللجوء إلى مجلس الأمن في ظل وجود تهديد للأمن والسلم الدوليين في المنطقة والعالم بأسره، موازاة مع الإصرار على إطالة أمد الحصار وما يترتب عنه من تداعياته إنسانية خطيرة».
حصار جائر
وشدّد سعادة الدكتور علي بن صميخ المري على أن الدول الأربع أقدمت على إجراءات وقرارات تعسفية أحادية الجانب، ومؤثرة على حقوق الإنسان.
وتحدث سعادته عن التداعيات الخطيرة للحصار المفروض على قطر منذ الخامس من يونيو الماضي، مشدّداُ على أن ما تتعرض له قطر هو حصار جائر يتعدى مجرد قطع للعلاقات الدبلوماسية، قائلاً: «من حق أي دولة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دول أخرى، لكن ما أقدمت عليه دول الحصار لم يكن قطعا للعلاقات الدبلوماسية، بل هو إجراءات وعقوبات جماعية تعرض لها المواطنون والمقيمون بدول مجلس التعاون، وحصار غير قانوني ترتب عنه آثار إنسانية خطيرة».
وأضاف: «الخبراء في منظمات حقوق الإنسان الدولية ومجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وسياسيون ومسؤولون في العديد من الدول أكدوا أن ما تتعرض له قطر هو حصار غير قانوني. وهناك توثيق لكل الانتهاكات من قبل منظمة «هيومن رايس ووتش» و«منظمة العفو الدولية» وغيرها من المنظمات الحقوقية الدولية، إلى جانب تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة؛ أجمعوا كلهم مطالبة دول الحصار بمراجعة قراراتها، وعبروا عن إدانتهم القوية ورفضهم استخدام المدنيين والزجّ بهم في الخلافات السياسية».
واستطرد قائلا: «لابد من التأكيد أيضاً؛ أن دول الحصار لم تستجب للنداءات الدولية والحقوقية لوقف الانتهاكات؛ بل أمعنت في شن حملات تشويه ضد المنظمات الحقوقية، لم تسلم منها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان».
شكاوى الحصار
وأكد سعادته أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان استقبلت لحد الآن أكثر من 4 آلاف شكوى منذ الخامس من يونيو الماضي، من ضحايا الحصار الذي مسّ أزيد من 13 ألف مواطن خليجي مقيم في قطر.
ووثّقت آلاف الحالات الإنسانية لمواطنين قطريين وخليجيين ومقيمين بدول مجلس التعاون، انتهكت حقوقهم الإنسانية الأساسية من قبيل الحق في لم شمل الأسر وتمزيق النسيج الاجتماعي الخليجي، والحق في العمل، والحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في التعليم، والعلاج، والتنقل، والملكية، وممارسة الشعائر الدينية.
وحرص الدكتور علي بن صميخ المري على لفت انتباه رجال الإعلام الإسبان ومراسلي وكالات الأنباء العالمية إلى الانتهاكات الحقوقية التي تعرض لها زملاؤهم من الصحفيين القطريين والخليجيين، مشيراً إلى أن 103 صحفيين من دول الحصار الخليجية العاملين في شبكة قنوات الجزيرة ووسائل إعلام وصحف قطرية؛ تقدموا بشكاوى إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، على إثر تهديدات تلقوها من دولهم، في حال لم يغادروا قطر فورا.
ورداّ على سؤال حول الدوافع الحقيقية للقرارات التي استهدفت دولة قطر، أشار الدكتور علي بن صميخ المري إلى أن «دول الحصار قدمت 13 مطلبا، جزءا منها يمسّ بسيادة دولة قطر، ويخالف ميثاق الأمم المتحدة، ومطالب أخرى تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، من قبيل المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة»، لافتاً إلى أن «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان طلبت من الحكومة القطرية عدم الاستجابة لأية مطالب تنتهك المواثيق الدولية. وبدورها، أكدت الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان على منع أي اتفاق يخالف ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات حقوق الإنسان».
وأضاف قائلاً: «منذ بداية الحصار، كان هناك تفاعل دولي كبير للتضامن مع الضحايا، وإجماع دولي على رفض مطلب إغلاق قناة الجزيرة، وقنوات أخرى محسوبة على قطر. وقد عقدنا مؤتمرا دوليا بحضور 230 منظمة دولية، وعلى رأسها الاتحاد الدولي للصحفيين والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وأصدر المشاركون توصيات أدانت بقوة مطلب دول الحصار بإغلاق قناة الجزيرة. كما لمسنا تأييداً قوياً لجهود اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وحثها على مواصلة تحركاتها الدولية».
صمت الآليات الإقليمية
وعن الدور الذي لعبته الآليات الإقليمية لحلّ النزاع ووقف الانتهاكات، قال سعادته: «هناك هيئة لتسوية المنازعات على مستوى مجلس التعاون، ونحن نتساءل لما لم يتم استخدام هذه الآلية لحل الأزمة؟».
وأضاف: «نحن في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تواصلنا مع كافة الآليات الإقليمية لحقوق الإنسان، بما فيها البرلمان العربي، ولم يصلنا أي رد أو تحرك من قبل تلك المنظمات»، متسائلاً: هل معاناة المواطنين والمقيمين بدول الخليج أقل أهمية لديهم، أم لاعتبارات أخرى لم يفصح عنها؟.. ونحن لا نجد أي مبرر أخلاقي أو قانوني أو سياسي لهذا الصمت!».
جانب إنساني
وفي ختام الندوة، أثنى رئيس الجلسة على جهود اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لشرح تداعيات الحصار عبر العديد من العواصم العالمية، مؤكدا أن «أعضاء نادي الصحافة بالعاصمة مدريد يدينون بقوة الحصار على قطر، مثلما يدينون تماما حصار غزة والشعب الفلسطيني، وأي حصار يستهدف الإنسان في العالم».
ومنذ افتتاحه في نوفمبر 1962؛ يستضيف نادي الصحافة الدولية في مدريد أبرز الشخصيات الأجنبية والسفراء ورجال الاقتصاد والسياسيين ونخبة المجتمع، لإلقاء محاضرات، وإقامة مؤتمرات صحفية، ما أكسب نادي الصحافة مكانة دولية بارزة، بوصفه منبراً لأبرز الفاعلين الدوليين.
copy short url   نسخ
21/10/2017
1756