+ A
A -
الدوحة-قنا- قبل يوم واحد من احتفال الأسرة الدولية بيوم الأغذية العالمي، وفي الوقت الذي تتفاقم فيه تحديات توفير الطعام للأعداد المتزايدة لسكان العالم، تستضيف الدوحة اليوم الأحد، أعمال المؤتمر التأسيسي للتحالف العالمي للأراضي الجافة، بمشاركة 25 وفدا يمثلون دولا من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء ووسط وشرق القارة الآسيوية، وأميركا الجنوبية، وعددا من المنظمات الدولية.
وسيشهد المؤتمر ميلاد منظمة التحالف العالمي للأراضي الجافة بعد توقيع المعاهدة التأسيسية لها، وإطلاقها كمنظمة دولية مختصة بالأمن الغذائي للدول ذات الأراضي الجافة، على أن تتخذ من الدوحة مقرا لها.
ومبادرة التحالف العالمي للأراضي الجافة، هي مبادرة طرحها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله» في الخطاب الذي ألقاه سموه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الثامنة والستين عام 2013، وكانت مسودة المعاهدة التأسيسية للتحالف العالمي للأراضي الجافة، قد تم عرضها على الدول الداعمة لمبادرة إنشاء التحالف خلال المؤتمر الوزاري الذي احتضنته مدينة «مراكش» بالمملكة المغربية نهاية شهر مايو 2015، وتمت مراجعتها من طرف الدول المشاركة.
وتأتي مبادرة التحالف العالمي للأراضي الجافة لتكمل جهود المجتمع الدولي الساعية لضمان الأمن الغذائي لقرابة ثلاثة مليارات نسمة في أكثر من خمسين دولة عبر العالم، وتكتسب المبادرة أهمية كبرى في ظل الزيادة المتصاعدة في عدد سكان العالم، والذي سيصل إلى 9 مليارات إنسان بحلول عام 2050، وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة في الكرة الأرضية بشكل متواصل، وكذلك استمرار ظاهرة التغير المناخي الأمر الذي يزيد من صعوبة تلبية الاحتياجات الغذائية المطلوبة.
وقد نبهت الدراسات الدولية إلى ضرورة زيادة إنتاج الغذاء العالمي بنسبة 70 % بحلول عام 2050، وقالت إن الدول ذات الأراضي الجافة ستكون أكثر عرضة للأزمات الغذائية، وستواجه موجات كثيفة وقاسية من الجفاف والتصحر والفقر والجوع.
ويهدف التحالف العالمي للأراضي الجافة، إلى وضع الحلول المستدامة لمشاكل الأمن الغذائي الشائعة، وتبادل المساعدة في أوقات الشدة، من أجل تحقيق الأمن والسلم الدوليين، إضافة إلى تأسيس تعاون واسع مع الشركاء محليا وإقليميا ودوليا من أجل إيجاد الحلول ونشرها وتنفيذها لمواجهة التحديات الخاصة بالزراعة والمياه والطاقة في بلدان الأراضي الجافة، وكذلك فتح الباب أمام شراكات بين القطاعين العام والخاص، لتمويل وتنفيذ البرامج والمشاريع الخاصة بالدول الأعضاء في شتى المجالات ذات الصلة بالأمن الغذائي.
ومن المنتظر أن تعتمد منظمة التحالف العالمي للأراضي الجافة، أسلوبا جديدا يقوم على المعالجة المتكاملة لكافة أبعاد الأمن الغذائي في الدول ذات الأراضي الجافة، وعلى الشراكة القوية بين القطاعين العام والخاص، وعلى استحداث آلية مبتكرة للتمويل، تخفف الأعباء على موازنات الدول الأعضاء، في ما يتعلق بتمويل برامج ومشاريع الأمن الغذائي.
وستشمل برامج المنظمة الجديدة ومشاريعها لصالح الدول الأعضاء المساعدة في تحسين السياسات الزراعية، واستخدام أحدث تقنيات الزراعة والري والبذور والأسمدة والإنذار المبكر بالكوارث الطبيعية والتغير المناخي، فضلا عن التضامن الفعال في حالات الطوارئ والأزمات، ومواجهة تقلبات أسعار الغذاء في الأسواق العالمية.
ويعتبر الأمن الغذائي تحدياً متنامياً بالنسبة لأغلبية الدول ذات الأراضي الجافة، ومن المؤكد أن الموضوع له أبعاد واسعة النطاق وعميقة التأثير، وإذا لم يتم توحيد الجهود لمعالجة قضية الأمن الغذائي في الأراضي الجافة، فلن يتم تحقيق الاستدامة والتنمية في هذه المناطق والأهم من ذلك، سوف يتزعزع الاستقرار السياسي إقليمياً وعالمياً.
وتشكل الأراضي الجافة 40% من مساحة الكرة الأرضية ويسكنها ما يقارب 3 مليارات نسمة، يعتمد ثلثهم مباشرةً على الزراعة لتأمين معيشتهم، ويعتبر الأمن الغذائي في الأراضي الجافة الشغل الشاغل لسكان المناطق الريفية الفقيرة الذين يواجهون أنظمة بيئية هشة، نظراً لمشاكل ندرة المياه، ومشاكل تدهور التربة، ودرجات الحرارة الشديدة، وموجات الجفاف، والفيضانات، والفقر، والهجرة، والأسواق غير المتقدمة، والحوكمة الضعيفة وقلة الاستثمار الزراعي، وتنتج الأراضي الجافة أقل من احتياجات سكانها الذين يعتمدون عليها لتأمين غذائهم.
ونتيجةً لتراجع الإنتاج الزراعي، يزداد الاعتماد على الواردات الغذائية وترتفع أسعار الغذاء مما يعرض الفئات الفقيرة التي تسكن في الدول ذات الأراضي الجافة إلى مخاطر انعدام الأمن الغذائي، لذلك، فإن هذه الأراضي بحاجة ملحة إلى استراتيجيات متكاملة ومستدامة للزراعة، واستخدام المياه، وواردات واحتياطي المواد الغذائية. ولابد أن ترتكز هذه الاستراتيجيات على الأبحاث التكنولوجية والعلمية المبتكرة والاستثمارات التي تستهدف التنمية.
ويعيش حوالي 70 % من الفقراء أو الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية، ويعتمد معظمهم على الزراعة لتوفير الإمدادات الغذائية، ولا شك أن تحسين مستوى الأمن الغذائي والتغذية في بلدان الأراضي الجافة سيسهم في تقليص بقعة الفقر وتعزيز التنمية الزراعية المستدامة، ففي الدول النامية وخصوصاً الأراضي الجافة، العلاقة بين الفقر وانعدام الأمن الغذائي واضحة للعيان، إذ أن معظم الفئات الفقيرة إما تعاني نقص التغذية أو انعدام الأمن الغذائي، كما تنفق الأسر ذات الدخل المنخفض نسبةً كبيرة من مدخولها لشراء المواد الغذائية وتتأثر بتقلبات أسعار الغذاء وندرة المواد الغذائية في فترات الصراع والاضطراب السياسي والكوارث الطبيعية.
ويُعتبر نقص التغذية عائقاً في وجه النمو الاقتصادي، كما يصعب الوصول إلى موارد الطاقة الحديثة في الأراضي الجافة، إذ أن أقل من 20% من السكان يحصلون على الكهرباء ويعتبرُ النقص في الكهرباء عائقاً أساسياً لتطوير الزراعة والإنتاج الحيواني، والأمن الغذائي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وتنوع سبل العيش.
ومن المتوقع أن يتراجع إنتاج المواد الغذائية بنسبة 12% خلال 25 عاماً قادمة، وسترتفع أسعار الغذاء بنسبة 30% عالمياً، ويهدد تدهور التربة القدرة على توفير الغذاء لسكان العالم الذين تزداد أعدادهم عاما بعد آخر، ومن المتوقع ارتفاع الطلب على الغذاء بنسبة 50% بحلول العام 2030 مقارنةً بالمعدلات الحالية، وتتطلب تلبية هذه الاحتياجات زيادة عدد الأراضي الصالحة للزراعة من 175 إلى 220 مليون هكتار.
ويتواجد 950 مليون هكتار من الأراضي المالحة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، وتشكل بذلك نسبة 33% من الأراضي القابلة للزراعة في العالم، وتشير الأرقام بوضوح إلى المخاطر التي يواجهها كوكب الأرض حيث تضم الأراضي الجافة 50% من الثروة الحيوانية عالمياً، وتمثل 44% من الأراضي الصالحة للزراعة وتضم 46% من احتياطي الكربون العالمي.
وتعتبر التحديات التي تواجه الأراضي الجافة جزءاً من أجندة عدد من المبادرات التي تعنى بقضايا الأمن الغذائي والاستدامة والجوع والفقر، وتقوم مؤسسات مختلفة حول العالم ببحوث قيمة وتنفيذ برامج تنموية مطلوبة في الأراضي الجافة، وتلقى هذه الجهود الدعم الكافي من الدول ذات الأراضي الجافة.
ولهذا فلن يكون التحالف العالمي للأراضي الجافة تكراراً للجهود السابقة، لكنه سيعمل من خلال التعاون مع الشركاء محلياً وإقليمياً ودولياً من أجل إيجاد الحلول ونشرها وتنفيذها لمواجهة التحديات الخاصة بالزراعة والمياه والطاقة في بلدان الأراضي الجافة، وسيسعى لتطبيق الابتكارات التكنولوجية بسرعة، وسيساعد الدول التي تواجه تحديات الأراضي الجافة على التعاون من أجل تحديد السياسات الفعالة في مجال الأمن الغذائي.
وسيكون الهدف النهائي لهذه الجهود هو المساهمة في جعل بلدان الأراضي الجافة آمنة غذائياً، مما يؤدي إلى مزيد من الاستقرار والسلم في العالم أجمع.
copy short url   نسخ
15/10/2017
2428