+ A
A -
على الرغم من أن لقاء القمة المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي «كيم جونغ أون»، والذي وصف بـ«لقاء القرن» لم يحدد زمانه ومكانه بدقة حتى لحظة كتابة هذه السطور، فإن مجرد الإعلان عنه، من بعد تهديدات وتهديدات مضادة وحرب كلامية طويلة استخدمت فيها أوصاف غير مسبوقة في عالم الدبلوماسية، قوبل بترحيب كبير من قبل كوريا الجنوبية والصين وروسيا الاتحادية وبعض القادة الأوروبيين ورئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. وحدها اليابان كان رد فعلها مختلفاً.. إذ بدا رئيس وزرائها «شينزو آبي» متحفظاً إزاء الحدث.. فهو لئن أعرب في بيان متلفز عن تقديره الكبير: «لهذا التغيير من جانب كوريا الشمالية، لإجراء محادثات عمادها مبدأ نزع الأسلحة النووية»، فإنه من جانب آخر أكد أن بلاده ستستمر في ممارسة أقصى ضغط ممكن إلى حين اتخاذ بيونغ يانغ تدابير ملموسة في اتجاه تصفية سلاحها النووي.. وهذا تقريباً نفس ما أكده الرئيس الأميركي ترامب في تغريدة له حينما كتب: «تم إحراز تقدم كبير لكن العقوبات ستبقى إلى حين التوصل إلى اتفاق».. عدا عن ذلك أخبر آبي شعبه أنه سوف يتوجه في أبريل (الجاري) إلى واشنطن لإجراء محادثات مع الرئيس ترامب قبل اجتماع الأخير بنظيره الكوري الشمالي.
والحقيقة أن آبي تجاوز كل أسلافه لجهة عدد زياراته للبيت الأبيض منذ أن وصل إلى السلطة في ديسمبر 2012، غير أن زيارته المرتقبة هذا الشهر لها أهمية خاصة في ظل مخاوف طوكيو من احتمال أن تتساهل واشنطن مع بيونغيانغ في عدد من الملفات خلال قمة القرن، أو احتمال عقدها صفقة سلام مع بيونغيانغ لا تأخذ في الاعتبار بقدر كافٍ المصالح اليابانية العليا، خصوصا أن كوريا الجنوبية تدفع باتجاه انعقاد قمة القرن، التي هي عرابها، بكل قوة دون النظر إلى تحفظات أي طرف إقليمي ذي علاقة كاليابان.
وتذكرنا مخاوف طوكيو هذه بما اجتاح اليابان عشية الإعلان عن لقاء القمة الأول بين الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون والزعيم الصيني الأحمر ماو تسي تونغ في فبراير 1972.. إذ خافت طوكيو وقتها أن يقدم حلفاؤها الأميركيون على خطوات تطبيعية مع الصين الشيوعية معطوفة على انفتاح سياسي واقتصادي وبشكل يهدد مصالحها أو يقلل من مكانتها في الاستراتيجيات الأميركية الخاصة بشرق آسيا والمحيط الهادئ.
ومع ملاحظة الاختلاف الكبير بين سياسات ترامب الاندفاعية نحو حلفاء بلاده التاريخيين وبين سياسات سلفه باراك أوباما المتخاذلة إزاءهم، ربما استعاد آبي، وهو يتوجه اليوم مجدداً إلى الولايات المتحدة، ما شعر به في زيارته الأولى كرئيس لحكومة بلاده في فبراير 2012 حينما وجد نفسه تائهاً بين موقفين من الإدارة الأوبامية حيال قضية جزر سينكاكو اليابانية التي تطالب بها الصين.. وكان الموقف الأول هو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بقولها: «نحن نعارض أي نوع من الإجراءات الأحادية التي من شأنها أن تسعى إلى تقويض الإدارة اليابانية على جزرسينكاكو».. لكن هذا الموقف المشجع لليابانيين تلاه بعد وقت قصير موقف آخر ومن كلينتون نفسها أمام نظيرها الياباني كيشيدا فوميو، حينما قالت: «لقد كررت القول لوزير الخارجية كيشيدا، كما قلت لأصدقائنا الصينيين، أننا نريد أن نرى حلاً سلمياً لهذه القضية العالقة بين الصين واليابان».
نعم، يسعى آبي، من وراء زيارته الجديدة لواشنطن، إلى الحصول على تطمينات من ترامب حول عدم تقديم تنازلات لنظام بيونغيانغ من شأنها أن تضر باليابان.. كما سيطلب من مضيفيه الأميركيين أن يدرجوا في محادثاتهم مع الكوريين الشماليين قضية استرداد مواطنين يابانيين اختطفهم نظام بيونغيانغ في الماضي.
بقلم : د. عبدالله المدني
copy short url   نسخ
22/04/2018
2228