+ A
A -
النتائج المتولدة من سياسة ترامب بإعلان الحرب التجارية بقصد حماية الاقتصاد الأميركي وتوفير فرص العمل لمئات آلاف الأميركيين في الولايات المتحدة يبدو أنها سلاح ذو حدين، ففي الوقت الذي تؤدي مثل هذه السياسة إلى استفادة بعض القطاعات الصناعية في الولايات المتحدة، فان قطاعات صناعية وزراعية أخرى يلحق بها الضرر الكبير لأنها تفقد القدرة على المنافسة في الخارج وبالتالي فإن رفع رسوم في الدول الأخرى انتقاماً من رفع الرسوم الأميركية على سلعها، يؤدي إلى تراجع القدرة التنافسية للسلع الأميركية في الخارج واستطرادا تقليص مبيعاتها في الأسواق العالمية مما يؤدي إلى تراجع الإنتاج والاضطرار إلى تسريح الكثير من العاملين في هذه القطاعات.
هذا على الصعيد العمالة، لكن هناك خسارة أخرى تكمن في تراجع معدلات النمو وهي المشكلة الأساسية التي يعاني منها الاقتصاد الأميركي الذي تراجعت حصته من الناتج العالمي بنسب كبيرة نتيجة المنافسة الاقتصادية التي تواجه السلع الأميركية في الأسواق العالمية وبالتالي تراجع الطلب على هذه السلع لصالح السلع المنتجة في دول صاعدة اقتصاديا مثل الصين والهند وروسيا وجنوب إفريقيا والبرازيل.. الخ.
إن ذلك يؤشر إلى أن أميركا دخلت في أزمة بنيوية لا مخرج منها إلا إذا تعاملت معها من منطلق واقعي يرتكز إلى التسليم باستحالة عودة الاقتصاد الأميركي إلى ما كان عليه من معدلات نمو عالمية قياسية لان الزمن الذي كان فيه الاقتصاد الأميركي يهيمن على الأسواق ويحتكرها قد ولى، وما يحصل اليوم في دول إفريقية من تنافس بين الصين وأميركا لهو مؤشر قوي على ذلك، خاصة وان الصين تقدم لدول افريقية مشاريع تنموية مقابل حصول شركاتها على عقود للاستثمار فيها، على عكس أميركا التي تقوم شركاتها بعمليات استثمار ونهب لثروات هذه الدول، من دون أن تسهم في المساعدة على إقامة مشاريع تنموية تفيد هذه الدول وهو ما يجعل الدول الإفريقية تعزز علاقاتها مع الصين التي لا تتدخل في شؤون الدول على خلاف الولايات المتحدة التي تتدخل من أجل تغيير الحكام الذين لا يدينون بالولاء لسياساتها وتوجهاتها الاقتصادية اللييرالية.
بقلم : حسين عطوي
copy short url   نسخ
22/04/2018
1696